فذلكات أسدية .. وخيار الجوع أو المرض

زهير سالم*

أتذكر من ولع بشار الأسد بالفذلكة أنه أول ما ورث السلطة ، وقيل له : متى ستجدد إعلام المزرعة الخشبي ، أجاب : بمقطوعة نثرية جميلة من الغزل بالخشب المرن المطاوع ... وكما يقول أصحاب الأمثال : من يوم يومك يا زبيبة ..

يوم الاثنين / 4 / 5 / وفي ظهور مفاجئ لبشار الأسد أمام الفريق الذي شكله لمتابعة أزمة كورونا ، يدير بشار الأسد ظهره للضجيج الذي يحدثه انشقاق ابن خاله وشريكه التجاري ، والذي يملأ الفضاء السوري ، ليقدم لنا الفذلكة التالية في تحديد استراتيجيته في التعامل مع الوباء ، والتي يقترحها على كل العالم أيضا ، تصديقا لقول عضو مجلس شعبه : إن سورية صغيرة على قيادته ، وإنه يجب أن يقود العالم .

يقول الأسد في الفذلكة المحدثة فيحاصر بشار الأسد السوريين بين خياري الجوع أو المرض ، أو الموت جوعا أو الموت بالوباء ويعلن تأييده المفتوح للخيار الثاني . وإليك مسيرة الفذلكة الأرسطية الجميلة :

نحن بين خيارين : الجوع أو المرض . ومواجهة الجوع حالة يقينية لا شك فيها ، والإصابة بالمرض أمر احتمالي . والجوع حالة مهددة لكل البشر ، ولكن المرض يصيب بعضهم فقط ,هذه ثانية . والثالثة - وكل هذا مستخلص ومنقول - إن نتائج الجوع إذا تمادى - وإذا تمادى هذه من عندي - حتمية ومعروفة ، بينما نتائج المرض ليست كذلك ، فكثير من الذين يمرضون يشفون ، ولكن لا أحد يشفى من الجوع ... ثم يزيدنا من الشعر بيتا ؛ فهناك وسائل كثيرة للوقاية من المرض ، ولكن لا وسائل للوقاية من الجوع ..

وبالتالي وبعد هذه الموازنات الفراغية الباردة يختار بشار الأسد المرض على الجوع ، وأن يفتح المصانع والأسواق والمساجد ، والمعارك أيضا  ..فكلفة المرض أن يموت 10% آخرون من الشعب السوري ، وهذا لا يعني لبشار الأسد الكثير ..

الذي نسيه بشار الأسد  هو أمر صغير جدا ، أن مسئولية الحاكم أن يحمي الناس من الجوع والوباء معا .. لا أن يشرح لهم أيهما أخطر ..

بشار الأسد وأبوه من قبله لا أطعموا السوريين من جوع ، ولا آمنوهم من خوف .. بل أجاعوا وخوّفوا .. وسيظلون يفعلون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية