كيف نعيد فرض قضيتنا على سلم الأولويات

زهير سالم*

على جدول أعمالنا جميعا

كيف نعيد فرض قضيتنا على سلم الأولويات الدولية .. والإقليمية .. والوطنية؟؟؟ وعلى سلم الأولويات الإنسانية والسياسية والقومية ؟؟؟

ومما ورد في أخبار الأمس، على لسان ممثلة المفوضية الأوربية الألمانية" أورسولا فون دير لاين" أن القضية السورية لم تعد على سلم الأولويات ..

انتهى الاعتراف الخطير أو الأخطر ، وقد سبقه قول الأمريكيين إن سورية ليست على جدول أولويات بايدن ..وقومنا يسمعون !!!

والمفوضية الأوربية - للتعريف فقط - هي الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوربي، والمسئولة عن اقتراح التشريعات، وتنفيذ القرارات، وتأييد المعاهدات ،وإدارة أعمال الاتحاد الأوربي اليومية. ولو تصورنا الاتحاد الأوربي في شكل دولة ،  لرأيناها على رأس مثلث متساوي الساقين ، البرلمان الأوربي يمثل ساقا، والمفوضية الأوربية تمثل آخر ..نذكر هذا فقط للتنبيه على أهمية التصريح وخطورته وتداعياته ..!!

 

القضية السورية بكل مشروعيتها وزمانتها ودماء السوريين وآلامهم ومعاناتهم لم تعد أولوية لا عند " بايدن " ولا عند " الاتحاد الأوربي " ولو أردنا أن نسترسل في التقصي ، لقلنا ولا عند دولنا الإقليمية ما عدا ، إيران وإسرائيل "

وإذا تأملنا هذا الحال وتساءلنا ، من المستفيد الأول في تنحي القضية السورية عن سلم الأولويات الدولية سنجد أن المستفيد الأول هو بشار الأسد وداعموه بلا شك .

ولو تساءلنا من المتضرر الأول من هذا التنحي المريب، حتى أنك لتسمع لنشرة أخبار عربية من محطات عربية متهمة تزييفا بدعمها للثورة ، فترى وتسمع ، أن الشأن السوري آخر ما يخطر على بال معد نشرة الأخبار ..!!

تقول الشجرة السورية " ما كتر صحابي لما كان كرمي دبس وما أقلهم لما صار كرمي يبس" فإننا نعلم أن أول المتضررين هم وقود الثورة وحطامها من المعتقلين واللاجئين والأرامل والأيتام ..

وتنحية الثورة السورية عن سلم الأولويات الدولية هو استراتيجية أشد خبثا ، مما يظن البعض. إنه استراتيجية دع الجراح تتعفن ، واترك أصحابها يتساقطون ..بين مقراض الزمن ومقراض الوهن من حيث لا تشعرون !!

يطرح هذا المقال سؤالا عمليا قصيرا : كيف نعيد الثورة السورية والقضية السورية إلى مكانٍ على سلم الأولويات ...ولاحظوا أنني أقول مكان على سلم الأولويات ولا أقول سلم الأولوية ..!! أنا على يقين أن الثورة السورية لم تحتل في أي مرحلة مكانة الأولوية ...وعلى يقين اليوم أنها لا تكاد تكون ذات أولوية عند أحد ..هي سلة عملات احتياطية ، الكل يبادل فيها ، ويقامر بها وعليها ...

كيف نعيد أو نفرض قضيتنا السورية ...أو ثورتنا السورية على الأجندة العالمية والإقليمية والعربية والوطنية حتى ..أكثر السوريين على صفحاتهم مشغولون عن معاناة ذويهم بمعضلات البيضة والدجاجة ..

هو سؤال قصير بسيط ، ولكنه يحتاج للإجابة عليه إلى الكثير من الفسفور العقلي والعلمي والوطني ليرسم بجد خطة استراتيجية متكاملة محيطة   للإجابة عليه...

في فورة انفجار براكين الزوم بأنواع من السوالف والحكايا تتقدم هذه القضية لتكون موضع إثارة وحرث ...

يكذب من يقول للناس إن الجواب على السؤال في جيبي، أو أنه مسطور في وصفة يكتبها طبيب ويصرفها صيدلي ..!! والجواب اليوم أشد تعقيدا

وتنحي القضية السورية عن سلم الأولويات الدولية الرسمية أمر خطير ، وتنحيها عن سلم الأولويات الإقليمية أمر أخطر ، وتنحيها عن سلم الأولويات الشعبية أمر أشد خطورة .. وتنحيها عن سلم أولويات السوريين هو المرض العضال، بل الموت والزؤام ، وأنتم لا تشعرون ..

وكل هؤلاء الذين يشغلون الرأي العام السوري بسفاسف الأمور ، ومستحاثات الثقافة، وموميات الفكر، والذين يترصدون ويتربصون ويدّعون، كل أولئك مسئولون بطريقة أو بأخرى عن تنحي القضية السورية عن سلم أولويات الآخرين كل الآخرين ، البعيد ببعده والقريب بقربه .. ربما سيعيدنا إلى الجادة قليلا أن نعيش ساعة على سبيل التوهم مع المعتقل في زنزانته، ومع المهجر في خيمته ، ومع الطفل الجائع يضاجع جوعه، ومع الثائر في خندقه لا يدري ماذا عن أمر يومه وغده . وويل للشجي من الخلي قالتها العرب في الجاهلية ورددتها في الإسلام ..

كيف نجيب عن هذا السؤال ..

التزامنا بالحديث عن أهدافنا الاستراتيجية الراهنة ...

تمسكنا بالجوامع الموانع ..

اعترافنا بأنفسنا كما نحن من غير ادعاء ولا إقصاء

التمسك بثمرات العقول وكبح جماح العواطف ولاسيما التي تصدر عن غضب أو نقمة ..

الكف عن ممارسة سياسات التضليل والتمويه  ..

عيش الحاضر والتطلع إلى المستقبل والتوقف عن النواح على الماضي ..

فهم أفضل للسياسات الدولية، وحسن التعامل معها . وفقه إن الله يأمركم أن تؤتوا البيوت من أبوابها ..

وحدات تفكير وتخطيط - تخطيط لا تحنيط - جادة تنطلق من رؤية كلية ، تضع البرامج ، وترسم الآفاق ..

فريق وطني تنفيذي ، يكون واثقا متعاونا ، على كل المستويات ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية