التدافع المبعثِر

زهير سالم*

ما يزال جمهور "الواتس الوطني" الذي أُنمى إليه، منخرطا في الواقعة التي تعرض فيها نفر من رجال الائتلاف إلى ما تعرضوا له، يوم الجمعة الفائت، وهم يحاولون الانضمام إلى مظاهرة اعزاز.

بحق لقد كانت عملية الدفع أو التدافع، التي وقعت في ظهر السيد المسلط، كأنها دفعة في ظهر المشهد السوري، فزادته بعثرة على ما هو فيه، من تعددية هي إلى الشرذمة أقرب.

ثلاث نقاط أحب أن أؤكد عليها، وأظن أن فيها بعض جلاء لموقف. يجب ان يجمعنا.

أولا : يجب أن نميز بين الفعل بدلالته السلوكية الأخلاقية، وبين دلالته السياسية. 

كل الذين يرفضون في موقفهم الأصلي "فصل السياسة عن الأخلاق" يجب ان يكونوا في خانة واحدة في موقفهم من الفعل، ببعده الأخلاقي، في موقف هؤلاء المبدئي: كل ما لا يصح أخلاقيا لا يصح سياسيا؛ ويجب ان ينتهي الجدال عند هذه النقطة. لا يمكن اعتبار الفعل اللاأخلاقي عملا سياسيا مقبولا. بأي شكل، على الأقل عند الفريق الذي ننتمي إليه.

 

ثانيا- لا يجوز أن يُعتبر من أقدم على هذه الفعلة المنكرة بحال، ممثلا للشعب السوري. وصفتُه من قبلُ بكونه "مندفعا كنوع من الاعتذار المسبق له، أو مدفوعا" وفي الحالتين فإنه لا يجوز ان يعتبر ممثلا للثورة، ولا أن يعوّل على فعله في شيء. وأن نُجمع كسوريين متفقين على المرجعية الأخلاقية العليا؛ على استنكار الفعلة، ونتوقف عن توليدها، أو البناء عليها في معركة تصفية الحسابات البينية، أو التماس المعاذير لها.

"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" مع الأسف، ولد مشلولا وظل مشلولا، والشلل ليس حالة طارئة عليه. وكل من خرجوا أو أخرجوا منه منذ تشكيله، شهود عليه، ومنهم أكثر من رئيس تعاوروا على رئاسته، وكانوا يوما جزءً من بلواه. 

ليس جميلا في علميّ الأخلاق والسياسة، أنني إذا كنت في أضمومة العقد، فما أجمله وما أكمله، فإذا بعُدت أو أبعدت عنه؛ فقد حل الوبال والخراب. آية جميلة في القرآن الكريم، تحكي حال هؤلاء، وأنا أخاف كثيرا منها.

ومع أنني كشخص في سواد المشهد الوطني أعلنت منذ ٢٠١٤ يأسي من الائتلاف، ودعوت إلى مغادرته، فإنني أتساءل اليوم بكل الصدق والواقعية: ماذا سيكون موقف بشار الاسد، لو انفرط عقد الائتلاف بغير بديل وطني، متقدم؟؟!!

أما وقد جد بالناس الجِد فأذكر بقول العرب، لأن ترد الماء بماء أحزم، وفي رواية لأن ترد الماء بماء أكيس. يعني ان ترد المورد العذب وماؤك القديم في قربتك، خير من أن تريق ما في القربة على أمل.. 

ثم تصبح: لا عنب الشام ولا بلح اليمن.

لا تُشمتوا بشار الاسد فينا. وهذا بالنسبة لنا معيار يجب أن نظل نفيء إليه.

في كلمة معبرة وردت على لسان أحد الأحباب وأعجبتني في دوران الحوارات او الجدالات كتب: نحن لسنا محترفي سياسة، نحن أصحاب مبادئ إسلامية كُتب علينا أن … 

لذا يجب على محترفي السياسة أن يرفقوا بالناس. أن يرفقوا بأصحاب المبادئ ، وأن يخاطبونا على قدر عقولنا.

ما أصعب حال ذلك الذي تقلب به الزمان حتى أنشد متشكيا من حاله:

يوماً يمانٍ إذا لاقيتُ

ذا يمن

وإن لقيتُ معديا فعدنان.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية