الدكتور محمود حسين صارم

أدباء الشام

الدكتور محمود حسين صارم

أين أنت أيها الصارم المسلول!

إني ليحزنني –أيها الأخ الصديق الفاضل- أن تكون في أقباء السجون، مع الأحرار الذين غيّبهم هذا النظام المأفون، عن الحياة والأحياء، عن الأهل والأحبة، ليلقوا هناك الألاقي على أيدي العبيد من جلاوزة النظام الخسيس الذي قاد الوطن، شعباً، وأرضاً، وثقافة، وخيرات، قاده إلى الجحيم؛ عندما بادر إلى مصادرة الحريات منذ اليوم الأول لحركته الانقلابية، ثم لحركته التصحيحية، فزجَّ الأحرار في السجون، لينالوا على يديه أشد أنواع التعذيب المنبثق من حقد لئيم قلما تجد له مثيلاً في تاريخنا القديم والحديث..

لقد قتل من قتل.. عشرات الآلاف في سجون تدمر، والمزة، والقلعة، وفي عشرات السجون الأخرى.

قتل المئات في الطرقات والشوارع والمصانع والمدارس والجامعات حتى المرضى قتلهم وهم على أسرّتهم..

حتى النساء والأطفال والشيوخ، قتل منهم الآلاف في مجازر حماة، وجسر الشغور، وحلب، وحمص، ودمشق، ودير الزور واللاذقية، ولم تسلم قرية من قرانا، ولا منزل إلا دخلته المأساة..

وشرّد وطارد مئات الآلاف الذين فروا من الوطن، ناجين بأرواحهم، وكراماتهم، وأعراضهم، وأولادهم..

وها أنتذا –يا صديقي يا أبا معن.. أيها المناضل العنيد- تلقى على أيديهم ما تلقاه في كل مرة اعتقلوك فيها، ونالوا منك، ولكنهم لم ينالوا من كرامتك، ومن عزيمتك، ومن إرادة القتال فيك.. وخسئوا.. فلن ينالوا ما يبغونه منك.

كم كنت أتمنى يا صديقي، لو كنت معنا، تشاركنا فرحة التوحد في (إعلان دمشق) الذي طالما سعيت إليه، وشكلت الكتلة الوطنية من أجل إنقاذ سورية التي أغرقتها المافيات المتسلطة في أوحال التخلف والتمزق، والفقر، والجوع..

ترى.. أين أنت يا صديقي، لتنهض بدورك الكبير في هذا الظرف الدقيق، قبل الضياع؟

سلاماً أيها المناضل الشريف حيث كنت..

سلاماً أيها المحمود الصارم.

وإلى لقاء قريب في ميادين الكفاح من أجل إنقاذ سورية الحضارة، من أنياب الوحوش الكواسر..

إلى لقاء أبا معن.. إلى لقاء...