اقتران الحقّ بالصواب، يثْبِت الحقّ ويحميه، ويعيده إن سلِب!

عبد الله عيسى السلامة

لابدّ للحقّ ، أيّ حقّ ، من صواب ، يصاحبه من بدئه إلى منتهاه.. يثبته أولاً، ويحميه من الضياع والسلب ثانياً ، ويعيده إلى صاحبه ، إذا ضاع أو سلِب ، ثالثاً ! وكل ذلك بطرق سليمة صحيحة ، مكافئة لقيمة الحقّ وأهمّيته . وأنواع الصواب متعددة :

*) صواب يثبت الحق كيلا يضيع ..

 ومن أنواع هذا الصواب :

 توثيق الحقّ ، بالكتابة ، أو الشهود ، أو أيّة وسيلة من وسائل الإثبات ، التي تحفظ الحقّ من الضياع أو الإنكار!

وقد قال الشاعر الجاهلي ، زهير بن أبي سلمى :

فإنّ الحقّ مَـقْطـعـُه ثلاثٌ : يَـمينٌ ، أو نِـفارٌ ، أو جَـلاءُ

أيْ أنّ وسائل إثبات الحقّ ، هي :

حلف اليمين ، أوالمنافرة إلى حكَم يفصل فيه بين المتخاصمين ، أو حجّة واضحة، تبيّن الحقّ ، وتجلوه .. من كتابة ، أو شهود ، أو أيّة بيّنة أخرى !

*) صواب يَحمي الحقّ ، كيلا يسلَب ، أو يهدَر ، أو يموت . وتدخل ، هنا ، الوسائل الصحيحة ، واستعمالها بأساليب صحيحة ، بما يناسب كل ظرف وبيئة وحالة .. فما كل وسيلة ، تصلح لكل ظرف ، ولا كل أسلوب ، يصلح لكل بيئة ، أو حالة !

*) صواب يعيد الحقّ الضائع ، أو المهدور ، إلى صاحبه : وهذا النوع من الصواب متعدّد الجوانب ، نأخذ منها ما يتعلق بالحقوق العامّة ، على مستوى الدول ، والشعوب ، والجماعات الكبرى ، من قبائل وأحزاب .. ونحو ذلك . ونشير إلى أهمّ الجوانب ، في هذا الصدد :

 1) الوسائل والأساليب الصحيحة الملائمة ، لإعادة الحقّ ، بما فيها استخدام سائر أنواع القوّة ، قوّة العقل والمنطق والذكاء ، وقوّة الخلـُق ، وقوّة المال ، وقوّة القوانين المتنوّعة ، وقوّة البشر ، وسائر القوى المادية والمعنوية المعروفة ، الكفيلة بإعادة الحقّ إلى أصحابه ، بما فيها المحلية والدولية !

 2) تحديد الخصم ، ومن يقف معه ويسانده .. وأسباب المساندة ، وأهدافها ، وبواعثها ، وقوّتها في معادلة الصراع !

 3) تحديد ساحة الصراع ، والعوامل المؤثرة فيها ، المؤيّدة لصاحب الحق ، والداعمة لخصمه !

 4) تحديد أفضل الأساليب ، وأنجعها ، لكل ساحة صراع .. واستخدام الأسلوب المناسب لكل ساحة ..! فالصراع في ساحات القضاء ، أسلحته الحجج والأدلّة ، والبيّنات .. والمهارات في إقناع القضاة ، بالحقّ الذي يدافع عنه صاحبه ، أو وكيله ! ولو استَخدم صاحب الحقّ ، قبضةَ يده ، أوخنجرَه ، أو مسدّسه..في الدفاع عن حقّه ، هنا ، لخسر حقّه الأصلي ، وطالبه خصمه بحقّ جديد ، تَرتّبَ عليه ، بسبب خطئه في استعمال الوسيلة غير المناسبة !

 فالتوسّل إلى الحقّ ، بغير الوسيلة التي يمليها الواقع ، وظروفه وملابساته ، قد يؤدّي إلى عكس المطلوب ، ويؤذي صاحبه ، بدلاً من أن يعيد إليه حقّه !

 وقد قال المتنبي :

ووضْع النَدى في مَوضع السيفِ بالعلا مضِرّ كوضْع السيف في مَوضع النَدى

 5) اختيار المدافعين الأقوياء ، عن الحق ، في كل ساحة من ساحاته . فالمحامي الضعيف يضيع حقّ صاحبه في ساحة القضاء ، والمعارضة السياسية الضعيفة ، تضيع حقّ شعبها في ساحة الصراع السياسي ، ضدّ حاكم متسلّط .. وهكذا !

وربّما كان الكثيرون منّا ، يتذكّرون قول الكاتبة المعروفة ، زيغريد هونكة ، مؤلفة كتاب (شمس العرب تسطع على الغرب ) :

 إن العرب أسوأ محامين ، لأعدل قضيّة !