جبل القِرَدَة في النمسا

رحلة إلى أجواء الطبيعة وغابات النمسا وقِرَدَة اليابان

بدل رفو المزوري

[email protected]
النمسا\اقليم كيرنتن

بين جبال النمسا وطبيعتها الساحرة وبالقرب من اجمل بحيرة نمساوية (اوسياخ)وقلعة (لاندس كرون) والتي سنتطرق اليها في حلقاتنا القادمة والتي تعني (تاج المقاطعة)لما فيها من اسرار وطيور الجوارح...وضمن رحلاتي الى اقاليم النمسا لابراز الوجه الرائع والحقيقي للنمسا وسحرها وبين ثنايا سحر الطبيعة جبل يدعى(جبل القِرَدة)،وقتها انتابني شعور باني في افريقيا او على جبال الاطلس في المغرب حين احيطت القردة حول خيمتي من كل حدب.

اتخذت الطريق صوب الجبل واذا بحديقة عملاقة للقردة واعدادها الكبيرة تنطلق وتعدو بسرعة فائقة وتتسلق الاشجار وكانه عرض بهلواني في السيرك.

الحديقة الكبيرة تقع على مساحة 40 ألف متر مربع وقد صممت برعاية فائقة ودقيقة على ضوء متطلبات القردة والتي يبلغ عددها(136)قردا من قردة المكاك اليابانية.

امام المدخل الكبير حيث حانوت لدفع ثمن بطاقة الدخول والتي تبلغ 10 يورو واما لحاملي بطاقات الصحافة فبوسعهم دخول جميع متاحف النمسا واوربا مجانا تثمينا لدورهم في نقل صورة المكان للاعلام.بالاضافة الى حانوت اخر لبيع العاب ودمى القردة من القماش وكذلك مقهى استراحة بعد جولة مرهقة ولذيذة في نفس الوقت.

رحلة الى حديقة القِرَدة الحرة تختلف اختلافا كليا عن حدائق الحيوان والتي توضع الحيوانات فيها في اقفاص وبالرغم من ثمن الدخولية الباهض حسب اقوال البعض الا ان الزوار تتبرع ايضا لصندوق تحسين اوضاع القردة والحديقة ويرافق افواج السواح دليلا سياحيا بحيث لايقل عدد الفوج عن 15 زائرا وهذا الدليل السياحي يحمل على خصره حقيبة مليئة بقطع البطيخ والموز ويسرد حكايات القردة وتاريخ الحديقة ولكل قرد اسم وتعد الرحلة متعة للعائلة والاطفال والعيش فترة (45) دقيقة  برفقة الدليل داخل الحديقة والتعرف على قِرَدة المكاك اليابانية والتي تسمى ب(قِرَدَة الثلج) والتمتع بها من دون النظر والتحديق في اعينهن وهذا يعني عندهن بان حياتهن في خطر وحين نظر احد الزوار في اعين احدى القردة صرخ القرد بصوت عنيف ،تم انشاء اماكن جميلة في الحديقة ومنها بركة سباحة بالرغم من ان القردة لا تعرف السباحة الا انواعا قليلة منها وهذه القلة تشمل قردة المكاك اليابانية وهذه البركة هو الملاذ الآمن لها في نهارات الصيف الساخن .

الجولة التفقدية في الحديقة الكبيرة والتي تعد بحد ذاتها جولة للتعرف على قِرَدَة المكاك اليابانية ومراقبة وملاحظة طبيعة حياتهم الاجتماعية وسلوكهم مع الآخر في دوائر مثيرة وحركاتهم البهلوانية على اغصان الاشجار.

قِرَدَة المكاك اليابانية حرة في حديقة غابات النمسا على هذه المساحة الكبيرة لايمكن تدريبها بل تعيش حياتها كما هي في اليابان وتعيش الحياة البرية والقردة آمنة في الحديقة.اجرت جامعة فيننا \قسم علم السلوك وتحت اشراف البروفيسور (ديتامي)من معهد (علم الحيوان) دراسة على قردة المكاك في الحديقة والدراسة كانت المسؤوليات والتعاملات الجنسية والاجتماعية عند الاناث.

لقد كان جبل القردة موجودا منذ عام 1996 في حديقة مدينة فيلاخ النمساوية وابتدأ المشروع بمتحف تجريبي رائع مع قردة المكاك بعدد قليل (39)قرداً وكان صدى القردة في الاعلام النمساوي كبيرا جدا ..يبلغ عدد زوار المتحف سنويا اكثر من 120 ألف زائر ومنذ عام 1998 وحسب المصار التي استقيت منها بان هناك تعاونا مشتركا مع طلبة جامعة فيننا وجامعة غراتس في علم سلوك قردة المكاك اليابانية واليوم يبلغ عددها 136 قردا في حرية كاملة في البرية وسط جاذبية خاصة وهذه القردة ليس بوسعها العيش والحياة في اقفاص ولذلك حياتها حرة .

امام الباب الرئيسي في الحديقة حيث صناديق الخضروات والفاكهة تتبرع بها المحلات الكبيرة من اجل ان تستمر حياة الحديقة ويظل جبل القردة حيا في تاريخ المقاطعة في بلاد النمسا..بلاد البحيرات والطبيعة الساحرة...جبل القردة جبل الحرية لقردة من بلاد بعيدة وفي احضان شعب وحرية وتمتع بالحياة.

الصور بعدسة كاتب المقال