اخشوشنوا.. فإنّ النعم لا تدوم..

قطرة الندى

كانت هذه نيتنا المشتركة في رحلتنا الأخيرة مساء الأمس..

وكم يختلف الكلام عن الواقع .. فحين أقول " نية مشتركة" قد لا يتخيّل أي شخص يقرأ هذه الكلمة كيف أنها تجسّدتْ واقعاً حيّاً في تلك الرحلة المميّزة..

بصراحة .. في بداية الأمر.. وحين أضافتني ميمو إلى مجموعة"اخشوشنوا" التي كان هدفها التخطيط للرحلة.. راودني شعور بأنها لن تلقى قبولا من الجميع.. خاصة أنه غير معلن عنها..

وحين قررتُ أن أعلن شعارها على مجموعتنا في "الفيس بوك".. تفاجأتُ بعدد المسجلات فيها ..

وراودني شعور جديد محا كل المشاعر قبله..

........

وصلنا إلى مكان الانطلاق... ورأيت التجمع الرائع هناك .. فرغم حرارة الجوّ.. وشدّة لهيب الشمس مع جزء قليل من الظلّ .. إلا أنّ ابتسامات الجميع أزالت كلّ حرارة الجسد .. وألقت عليه برداً وسلاماً...

" اللهم إنّ هذه القلوب اجتمعتْ على محبّتك، والتقتْ على طاعتك، فوثق اللّهم رابطتها.. وأدم ودّها..."

حقاً استشعرت هذه الكلمات بكل معانيها في ذلك الموقف .. فالكلّ جاء وهو يعلمُ أن هذه ليست رحلة ترفيه .. والكلّ مبتسمٌ أيضاً ؟؟!!

كم أنتنّ رائعات يا أخواتي الحبيبات..

............

انطلقت بنا الحافلة نحو مكان لم نحدّده بعد.. فليس هدفُنا في هذه الرحلة المكان..

اقترحت الخالة الكريمة طريق "ياجوز"..

وأثناء الطريق قامت الأخت " وردة" بالترحيب بالجميع .. وتحدثت لنا عن رحلة سابقة لها بنفس هدف رحلتنا .. وكيف أنّ قيود رحلتهم كانت أكثر بكثير من رحلتنا هذه.. وقالت وهي منفعلة "بأنهم تسلّقوا أودية" !!! ولم يكن مسموح لهم بالماء.. ولم يكن معهم أدوات للشوي كما في رحلتنا..

بعد بضع دقائق وصلنا إلى المكان.. وتسلّقنا وادياً عالياً " أقصد قمة عالية" .. ولكن ثمّة رائحة زكية جعلتنا نتسلّق الوادي نزولاً إلى مكان آخر .. لتكون رحلتنا شبيهة برحلة "وردة"..............

اخترنا مكاناً ظليلاً تحت شجرة كبيرة يُرفرف علمُنا الحبيب فوقها.. " أحضرته بيان.. وقامت ميمو برفعه فوق الشجرة"

وبعد طول مناقشة.. تمّ ترشيح وردة وميمو لمنصب "أميرة الرحلة" وبالتصويت..ثمّ القرعة أصبحت "وردة" أميرتنا..

وزّعنا الشعار الذي أعدّته أختنا الغالية "عاقلة" .. وقدمنا لها تحية تصفيق حارّة.. قلنا "أكيد انبخشوا أدنيكِ منها"...

وفي أثناء تقسيمنا إلى مجموعتين: " الإعداد" و "الشوي" كانت الخالة الكريمة قد جهّزت لنا نصف مرحلة الشواء وهي إعداد الفحم وإشعال النار .. جزاها الله كل خير..

كان عددنا  ( 23 ) بدون الكتاكيت الصغار الخمسة: ( نرجس ورزونة وندوش وأنوسة وصبصوبة) وهم فقرة الترفيه الوحيدة في رحلتنا.. !!!

استغرقت فقرة إعداد الطعام ساعة ونصف تقريباً..

كنتُ أراقب من بُعد ( مو لأني ما عبشتغل .. بس كنت مشغولة بطفلتي)..

فعلاً كان منظر الجميع "كخلية نحل" بلا مبالغة ... كلام خافت .. حركة مستمرة بين الفريقين.. استشارات ومناقشات.. تعليقات وضحكات.. نهفات كثيييييرة تدلّ على أن الكل يشوي بيده لأول مرة.. ماعدا "وردة حلب" ماشاء الله كانت صاحبة الخبرة القديمة..

وسأذكر بعض النهفات:

- بيان تريد " طشط صغير" لغسل البندورة..

- جنان تريد " فرامة" لفرم السلطة..

- مدحت تبحث عن "زورق أو صينية" لوضع الطعام الناضج..

وحين لم يجدن أمامهن سوى صحون بلاستيكة طرية لكل ذلك.. دبّرت كل منهن طريقة لإنجاز مهمتها..

- "وردة" كانت تؤمّلُ الجميع بأنه سيأتي دور إعداد "اللحمة" قريباً.. وحين تم إعلان انتهاء الشوي قالت : " أكيد الخالة عاملتلنا إياها مفاجأة ورح تجبلنا اللحمة مشوية جاهزة" !!!

هههههههه ...

هناك نقطة مهمة جداً لا أدري إن كان الجميع قد انتبه لها أم لا.. وهي أن الجميع كانت لهم سلّة واحدة للأغراض والكل يمدّ يده على هذه السلة والكل يأخذ منها دون إذن ..

"بالنسبة لي كان شعوراً رائعاً جدّاً .." وقلت في نفسي هذه بداية الوحدة إن شاء الله ..

........

" مدّينا سفرة للنظر" كما يقول السّوريون..

كانت سفرة شهية .. وأجمل ما فيها أنها من صُنعنا....

ثمّ شربنا الشاي الذي من إعدادنا أيضاً .. واحتسيناه مع فقرة "المسابقات" التي أعدّتها لنا "أميرة حلب".. تلك الفقرة الشيقة التي كان التنافس فيها بين مجموعتي : " إبراهيم قاشوش" و "حسين هرموش" .. إلا أن المنافسة الشديدة عدّلت على بعض هتافات قاشوش ليُصبح : " يالله تحرر يا هرموش !!! "..

وفاز فريق " إبراهيم قاشوش" بنتيجة 5:4

............

وجاءت فقرة الإسعافات الأولية التي أعدّتها لنا مشكورة "بيان" .. وكانت عن حالات الإغماء.. والاختناق.. والجروح العميقة..

كانت فقرة مميّزة.. تحتوي على تطبيق عملي لبعض الإرشادات..

ومن هنا نتقدّم بشكر خاص " لإحدى الشابات" التي تبرّعت بأن تأخذ دور "الدمية" في التطبيق العملي.

..........

وكان ختام الفقرات : "تعلم الرماية" .. وهي من إعداد الأخت الغالية "ميمو".. حيث أحضرت معها مسدس خرز " بس شكلو بيعبّي العين" وكان لكل واحدة منّا ورقة خاصة وثلاث خرزات عليها أن تصوّبها نحو ورقتها..

ولكن للأسف تعطّل المسدس قبل أن تجرّب الكثيرات دورهن ..

كانت هذه مفاجأة الرحلة .. التي سعد بها الجميع .. والكل أحبَّ "المسدس" الذي سيصبح عضواً جديداً في مجموعتنا بعد موافقة الخالة طبعاً.. !!

.............

طابقت الساعة السادسة مساءً.. لتُنذرنا ببدء العدّ التنازلي لمغادرة المكان..

لم نشعر بالوقت أبداً .. تمنيّتُ لو أن الرحلة كانت أطول من ذلك.. غير أن الجوع الذي بدأ يتسلّل إلى معداتنا منعنا من أن نطالب بتمديد الوقت ..!!! ):

أنهت أميرتنا الرحلة بكلمة خفيفة جميلة عن "مجاهدة النفس" وارتباطها الشديد بالجهاد الحقيقي الذي نتمنى جميعاً أن نشارك فيه .. وما رحلتنا هذه إلا جزء قليل من التعويد على جهاد النفس..

وكما اتفقنا: فقد تم تحديد تكلفة الرحلة في حال لو كانت رحلة ترفيهية ليكون قدرها 4 دنانير.. أما تكلفة الرحلة التقشفية فقد كانت دينارين ونصف.. وتمّ تخصيص باقي المبلغ للتبرع وهو 35 ديناراً..

نسأل الله أن يتقبّل منا ما نوينا رحلتنا لأجله.. وأن يكون عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم..

وأن يكتب لنا فيه الأجر والثواب وأن يرزقنا ببركته زيادة في حبنا.. وقوة في أخوّتنا.. وصدقاً في علاقتنا..

.........

باسمي وباسم مجموعة الإعداد: أشكر جميع من حضر وتفاعل.. وإلى لقاء قريب في رحلة قادمة في سوريا الحبيبة -بإذن الله-

حينها سيكون لنا مكان تجمّع جديد..

ومتنزه من نوع آخر.. ربما بجانب نهر العاصي وعلى هدير النواعير..

أو على شطّ اللاذقية..

أو على إطلالة جبل قاسيون..

وربما تكون رحلة ثقافية إلى قلعة حلب أو قلعة صلاح الدين أو مقام أبي العلاء المعري..

وستكون الرحلة ترفيهية بحتة.. فيها شواء حقيقي..

وسيكون شعارنا "عُدنا يا سورية"..

إلى ذلك الحين ..

أودّعكن أخواتي الحبيبات على أمل اللقاء في تغطية جديدة..