قالتْ لي ألمانيا

مرحبًا بك في أرضي، وأعتذرُ ﻷنّي لم أمنحْك أنتَ وأسرتُك تأشيرة الدخول من أول مرة، واضطررتُك أنْ تطلب تدخلًا ومساعدةً من الداخل والخارج.

لم أعلمْ أنك إنسانٌ مسالمٌ يمكنُ أنْ يفيد ويستفيد.

ظننتُ أنك تحملُ فكرًا مفخخًا، وعدوانيةً متأججة.

وأعتذرُ أني لم أقدِّر أنَّ لديكَ طفلًا مريضًا بحاجةٍ إلى علاجٍ سريع.

وأعتذرُ ﻷنَّ رجالي استقبلوكم قريبًا مِنْ باب الطائرة، وصوروا جوازاتكم.

كانتْ تلك معاملة فظَّة لا تليق بقادمٍ يستشفي عندنا.

وسيقيمُ عدة أشهر.

وسيدخلنا منه مبالغُ ضخمةُ في سكنه، ومعيشته، وعلاج طفله.

لقد تلقيتم تلك المعاملة بابتسامةٍ معبِّرةٍ وعدمِ اكتراث، وأنا فهمتُ ذلك وأوجعني ذلك.

♦ ♦ ♦

أستشعرُ عتبك..

ولكني مع ذلك أعتبُ عليك، وعلى أمثالك، وعلى أمَّتك.

قد تسألني: لِمَ؟

فأقولُ بكلِّ صراحة:

ﻷنكم حجبتم عنّا نورًا يُبدِّد ظلامَ نفوسِنا.

وروحًا تنفثُ الحياةَ في جسد حضارتِنا.

وسعادةً تطردُ عنا شقاءَ أيامِنا.

ودعني أقل لك:

استهانتُكم بما لديكم.

انبهارُكم بنا.

عدمُ التزامِكم بدينكم.

إخلالُكم بأخلاق نبيِّكم.

تخلُّف بلادكم.

نزاعُكم فيما بينكم.

اختلافُكم في كلِّ شيء.

سقوطُكم فيما نُصِب من أفخاخ لكم.

إقبالُكم على مُتَعِ الحياةِ المادية.

تمسُّكُكُم بعاداتٍ وتقاليدَ ومُبتدعات.

غرامُكم بالاستهلاك.

قلةُ التفاتِكم للعمل.

كثرةُ كلامِكم.

لجوؤُكم إلينا طلبًا للدنيا.

هذا وغيرُه جعلنا ننظرُ إليكم نظرةً دونيةً قامتْ سدًّا بيننا وبين إسلامِكم.

تريدون منّا أن نميِّز ببن تصرُّف المسلم وحقيقة اﻹسلام. وهذا عسيرٌ علينا، وﻻ يتأتى إلا للدارسين والباحثين.

نحنُ نريدُ أنْ نرى اﻹسلامَ فيكم.

وبدون هذا فلا فائدةَ تُرْجى من اختلاطِنا.

♦ ♦ ♦

أيها العرب:

أنتم تؤمنون بالحساب بين يدي الله...

إذن سوف تُسألون:

عن كلِّ شخصٍ لم يَعرف اﻹسلام.

عن كلِّ رجلٍ انتحرَ سأمًا مِنْ عبث دُنياه.

عن كلِّ امرأةٍ لم تَعرفْ أنِّ في الليل متعةً غير متعة الجسد البالي، وهي متعة السجود بين يدي خالقٍ رحيمٍ ودود.

عن كلِّ شابٍّ تلوّثتْ نفسُه بقاذورات المعاصي.

هذا عتبي

فهل أنا محقِّة؟

♦ ♦ ♦

أنا ألمانيا القويةُ باقتصادها.

المعتزةُ بقوانينها.

الشامخةُ بتقدُّمها.

أنا بحاجةٍ إلى إيمانٍ يَجعلني أحيا على أملِ الخلود.

ﻷنَّ الشعور بالفناء يجعلُني أتشبَّث بالدنيا، وأعكفُ على الاستكثار من شهواتها.

وكنائسي لا تقدِّم غيرَ تراتيل أسبوعية تجاوزها الزمان...

هذه رسالتي إليكم وحديثي معكم.

ولي حديثٌ آخر...فهل تسمعونني؟

وسوم: العدد 650