رحلتي إلى الحدود الجزائرية المغربية 2 + 3

اليوم الثاني

مرسى بن مهيدي الحدودي 

اليوم الثاني من زيارتنا لمرسى بن مهيدي الملاصق للحدود الجزائرية المغربية، شملت الملاحظات التالية..

بعد صلاة الفجر وأخذ قسط من النوم، إستقيظ الجميع لتناول قهوة الصباح في جو عائلي يبعث على السرور.

كلفت أم الأولاد وليد وأكرم لشراء السردين وبعض اللوازم، وبدوري إشتريت فاكهة والخبز، والفرينة، والكمون لطهي السردين.

عدت من جديد أجوب شوارع طول الشارع الرئيسي لوسط المدينة، لأبحث عن قاعة لاستعمال الحاسوب ، والتواصل الاجتماعي. وفعلا إتصلت لأول مرة بزملاء الصفحة، لوقت قصير جدا دون أن أتفاعل معهم.

تحتوي دائرة مرسي بن مهيدي على كل متطلبات الحياة، وهي عبارة عن خدمات تقدم للمصطافين.

بيوت الخواص ذات الطوابق ، والبيوت البسيطة من دون طوابق، وٍمرأب السيارات، وضعت كلها تحت تصرف المصطافين للكراء. فهي مدينة للكراء بامتياز.

كنت أعتقد أن المناطق الحدودية مهمشة منسية، لكن مرسى بن مهيدي الملاصقة للمغرب تكذّب هذه النظرة بشكل مطلق ونهائي. فهي مدينة جميلة، ونظيفة، تعامل أهلها مع المصطافين من داخل الوطن وخارجه، جعل مستواهم عال وحسنا في التعامل ، واختيار الكلمات الرقيقة، وحسن الاستقبال، والتوجيه الحسن.

رغم أن مرسى بن مهيدي ملاصقة للمغرب، لم ألاحظ  تأثرهم بعادات وتقاليد جيراننا المغرب، وكأنهم يعيشون بعيدا عن منطقة حدودية، دون أدنى تأثير.

وقد لا حظت هذه المرة، أن ظاهرة تهريب البنزين لم تكن بارزة للعيان كما كانت منذ 7 سنوات حين زرت تلمسان، وقد كتبت عن رحلتي يومها، وأفردت " للحلابة " بتعبير المنطقة، أي الذين يأخذون البنزين الجزائري ويبيعونه للمغاربة مجتازين الحدود الجزائرية، فصلا بأكمله، في مقال بعنوان " في ضيافة أقصى البلاد ".

بعد صلاة العصر وتناول قهوة المساء، إتجهنا إلى شاطئ موسكاردة، الذي لا أعرف معنى هذا الإسم، وقد سألت عددا من المقيمين ولم أتلقى إجابة. فموسكاردة  شاطئ يقع بين جبلين، ويحيط به الأشجار، وشاطئ رملي، وسهل جدا للسباحة بالنسبة للأطفال، وبما أنه بين جبلين فهو دائم الهدوء.

من الملاحظات التي لفتت إنتباه الزائر، أغلب البنايات والعمارات المخصصة للمصطافين، يضع أصحابها على مدخلها حنفية ماء، يستعملها مستعمل العمارة أو البناية لغسل رجليه من الرمال العالقة، حتى يبقى نظيفا ولا ينقل معه الرمال إلى سكناه، فيبقى بالتالي السكن نظيفا من الرمال. ويمكن أيضا لعابر السبيل أو آخر من المصطافين أو غيرهم أن يستعملها. وهذه من الحسنات التي يشكر عليها سكان مرسى بن مهيدي، ويرجو المرء أن تعمم على كافة أرجاء الوطن.


اليوم الثالث

تميّز اليوم الثالث، بالإضافة إلى صلاة الصبح رفقة الأهل والأبناء، توجهت على الساعة العاشرة صباحا إلى محل الشبكة العنكبوتية والتواصل الاجتماعي، لكن حدثني جيرانه، أنه لا يفتح مبكرا، فعدت أدراجي واشتريت بعض المطلوع وهو خبز طبيعي على شكل دائرة، وقارورة من 6 لترات ماء ، بعدما إشترى وليد وأكرم الحوت ، والدلاع، والأرز، فكان طبق الفطور الحوت والأرز.

اليوم الثالث هو اليوم الأول الذي أدخل فيه البحر رفقة أصغر الأبناء شمس الدين والبنت الوحيدة ملاك.

أبنائي الأربعة والحمد لله، يحسنون جيدا السباحة، فاقتصرت مهمتي على إزالة بعض بقايا من رعب البحر، الذي مازال عالقا بالصغار. وأعترف أني نجحت في إزالة بعض الخوف، في انتظار أن يزول نهائيا في الأيام القادمة.

شاطىء مرسى بن مهيدي كله رمال ناعمة، حتى أنه سهل للمشي والعبور للصغار وكبار السن، ناهيك عن الشباب.

نسبة كبيرة من المغتربين الجزائريين المقيمين بالخارج، يزورون مرسى بن مهيدي وبالتالي شواطىء المدينة.

الشواطىء التي زرتها لحد الآن، يغلب عليها عموما طابع الحشمة والحياء. فهي شواطىء عائلية، تضم الوالدين والأبناء وأحيانا بعض أفراد العائلة، كالجد، والجدة، والأخ، والأخت.

شواطىء الجزائر ما زال يطغى عليها، عدم معرفة زوارها لفن السباحة، خاصة من طرف النساء.

السباحة كغيرها من العلوم والفنون، لابد أن يأخذها المرء من طرف شيخ. وقد صدق سادتنا الأولون رضوان الله عليهم، حين قالوا وأكدوا .. " حرفة بلا شيخ لا تتعلمهاش ".

خدمات الشرطة.. وكان معرض الشرطة التابعة لولاية تلمسان، ودائرة مرسى بن مهيدي، من الأماكن التي زرناها عصر اليوم، رفقة الأهل والأبناء.

طفت على جميع الأجنحة المختلفة، وفي كل مرة أبدي جملة من الملاحظات، وأطرح جملة من الأسئلة، وأتلقى الإجابة الكافية من طرف القائمين على المعرض.

بقيت الإشارة أن رجال الشرطة ، كانوا في غاية الأدب والأخلاق وحسن الاستقبال، حين إستمعوا باهتمام إلى الأسئلة المطروحة، وأجابوا عنها بصبر وعلم ودراية.

ومن الملاحظات التي إسترعت الانتباه، الأموال الضخمة التي تنفق في إستيراد الأدوات الخاصة بتتبع أثر الجاني، وحالة الضحية، ومعرفة السموم التي تهرب عبر التراب الوطني، ناهيك عن أدوات أخرى لا نعلمها، تستعمل في هذا المجال ومجالات أخرى.

وسوم: العدد 677