الشيخ الشاعر الداعية عيسى الخطيب

( 1338 ــ 1415 هـ /  1919 ــ 1994 م )

clip_image002_7abeb.jpg

 هو الشيخ العالم، الفرضي، الشاعر، الأديب عيسى بن الشيخ أحمد الخطيب الحلبي، من أعضاء رابطة الوعي الإسلامي التي أسسها الأديب الكبير الأستاذ عبد الله الطنطاوي في مطلع الخمسينات، وضمت بعض الأسماء اللامعة: محمد منلا غزيل، ومحمد الحسناوي، ومحمود كلزي، ومرعي مهنا ..وغيرهم.

نسبه، وولادته:

     ولد عيسى بن أحمد بن عيسى الخطيب الحسيني في قرية صوران / اعزاز، في 2 جمادى الأولى عام 1338ه / الموافق 1919م، ونشأ بها، وصوران ناحية تقع شرقي مدينة أعزاز وتبعد عنها 15كم بجوار مرج دابق وتبلغ مساحتها /167،32/ كم مربعاً وعدد سكانها سنة 2004م هو حوالي 30 ألفاً ويتبع لها / 18/ قرية، وقد فتحها الصحابي عياض بن غنم رضي الله عنه سنة 15 ه، وكانت تابعة لكليس ثم فصلت عنها سنة 1921م، يعمل أهلها بالزراعة وتربية الماشية، وفي هذه البيئة نشأ عيسى الخطيب في أسرة فقيرة متدينة،  فوالده أحمد عيسى الخطيب كان إماماً وخطيباً في مسجد القرية، وكان محباً ومولعاً بالعلم والأدب، ومن شيوخ النقشبندية ومن أتباع الشيخ أبي النصر خلف،  وكانت والدته متعلمة عفيفة صابرة، وجدّه كان محباً للعلماء ومجالساً لهم، وقد كتب عدة نسخ من المصحف الشريف، بخط الرقعة .. وقد ذهب إلى مدينة الباب، مع الشيخ الطرابيشي، وتوفي فيها، ودفن إلى جانب الشيخ الطرابيشي .

نشأ عيسى الخطيب نشأة صالحة في ظل والدين كريمين، زرعا في نفسه حبّ الخير والفضيلة.

دراسته، ومراحل تعليمه:

clip_image004_c0bb4.jpg

بدأ عيسى أحمد الخطيب الدراسة وطلب العلم في السادسة من عمره، فأخذه والده، إلى كتاب القرية (صوران)، فحفظ القران الكريم، وتعلم التجويد والقراءة والكتابة، وكان عمه الشيخ حسن الخطيب، وعمه الآخر الشيخ عباس الخطيب، معلمي القرية في ذلك الحين.

وبعد ذلك طالبه والده بحفظ بعض المتون، فحفظ متن الأجرومية في النحو، ومتن الغاية والتقريب في الفقه، وجوهرة التوحيد في العقيدة.

ولما بلغ الثالثة عشرة سنة من عمره، رأى والده فيه مخايل الذكاء فأرسله والده إلى مدينة حلب، ووضعه عند الشيخ العالم  محمد الجبريني في مدرسة ( الدليواتي ) في حي الفرافرة، وكان الشيخ الجليل محمد سعيد الإدلبي يدرس فيها أيضاً، فقرأ عليه: شرح متن الأجرومية، وشرح متن الغاية والتقريب، وكانت بمثابة صف تحضيري، للمرحلة الإعدادية، وفي خريف عام: ( 1934م )، أجريت له مقابلة في المدرسة الخسروية، ونجح فيها، وأصبح من عداد طلابها، وكانت يومئذ تتألف من ستة صفوف، تدرس فيها العلوم الشرعية والعربية بعناية وتفصيل، وكانت تحاكي الأزهر، يؤمها طلاب العلم من جميع المحافظات السورية، وكان لكل طالب غرفة، فأتم الدراسة النظامية فيها، وتخرج منها في عام ( 1940 م ) وكانت دفعته الخامسة عشرة، ودرس فيها علوم الدين وعلوم العربية ، وأشار إلى ذلك بقوله:

الـخـسـروية لا توارى iiنجمها الجامع المعمور ثم المعهد المشهور ورأيـت طلاب الشريعة في iiحمى يـجـنـون  أنـواع العلوم iiبهمة أكـرم  بـها دارا من أبهى iiالدور لـلـشـامـي بـلـه iiالـسوري سـاحـاتـهـا  كـاللؤلؤ المنثور عـلـيـاء مـن فـقه إلى iiتفسير

شيوخه، وأساتذته:

clip_image005_6edae.jpg

ونهل العلوم الشرعية على أيدي العلماء الأبرار، ومن أبرزهم:

1-الشيخ العالم الصالح محمد سعيد الإدلبي.

2- والشيخ العالم الفقيه عمر المارتيني.

3- والشيخ الفقيه محمد أسعد العبجي مفتي الشافعية.

4- والعالم العامل المحب الفاني الشيخ عيسى البيانوني.

5- والشيخ مصطفى باقو.

6- والشيخ المحدث المؤرخ محمد راغب الطباخ .

7- والشيخ الفقيه الصالح إبراهيم السلقيني.

8- والشيخ العلامة اللغوي محمد الناشد.

9- والشيخ المفسر أحمد الشماع.

10- والشيخ المتكلم فيض الله الأيوبي الكردي.

11- والشيخ محمد الحماد.

12-  والعلامة الفقيه سليل العلماء الفقهاء مصفى الزرقاء.

13- والشيخ القاضي الخطيب محمد الحكيم مفتي حلب وقتذاك.

14- والأستاذ الشيخ أمين الله عيروض ... وغيرهم ..

       ومن خارج الخسروية، الشيخ عثمان المارعي...

أقرانه:

 وبقي يدرس في الخسروية لمدة 6 سنوات، وصحب خلالها الشيخ عثمان يحيى، والشيخ محمود صابوني، والشيخ خالد هنداوي، والشيخ محمد أمين ابن الشيخ محمد المسلاتي،  والشيخ محمد بن الشيخ محمود الطراب الحلبي، والشاعر صالح المارعي، والشيخ محمد الشماع الدمشقي، قاضي أعزاز سابقاً، ثم انتقل إلى مدينة حلب، والشيخ رشيد الصالح التادفي، والشيخ عبد الفتاح مالك من النبك، والعلامة الفقيه الشيخ محمد الملاح، والشيخ حسن سيدو من حريتان، بقي ثلاثين سنة إماماً في بلدة اعزاز، والشيخ عبد السلام الحربلي... وغيرهم .

وكانت له رغبة في متابعة دراسته الشرعية في الأزهر الشريف بمصر، إلا أن ضيق الأحوال المادية، حالت بينه وبين ذلك .

وتتلمذ على الشيخ الصوفي أبي النصر خلف الحمصي، وألقى قصيدة في مدحه أمام محبيه يقول فيها:

رويداً – يا أبا النصر – المفدّى     بأرواحٍ بأجسام تمورُ

وإن طال القريضُ فإنّ شعري    بمثل مقامك السامي جديرُ

لقد سطّرتُ في الأيام سطراً      طويلاً ليس تمحوه الدهورُ

وطيبتَ النفوس بغرس غرسٍ          مفيدٍ نفعه نفعٌ كبيرُ

أعماله، ومسؤولياته:

 عمل الشيخ عيسى الخطيب كاتباً في المحكمة الشرعية بإعزاز، لمدة سنة تقريباً، إلى جانب قاضي إعزاز، الأستاذ غالب العظم، ثم تزوج من السيدة عاتكة ابنة عمه الشيخ حسن، والتي كانت تجيد قراءة القرآن الكريم   وذلك في عام 1941م، وترك العمل فيها بعد شهرين من زواجه، وقال في ذلك:

تـركت  قريتي صوران علي وجئت إلى عزاز فليت شعري تـضـاعفت الهموم علي فيها وزهـدنـي  بهذا العيش أني وأهل الفضل في الدنيا حيارى بـبعدي  ان يكون لي اعتزاز بـما  شعرت به نحوي عزاز وأعـيـتني  الحقيقة والمجاز أرى  الجهال بين الناس فازوا أذلاء  وهــم قـوم عـزاز

كما عمل إماماً وخطيباً في قرية جبرين / إعزاز عام 1941م، وكان له أثر طيب فيها، فقد قام مع أهل القرية بتوسيع المسجد وبناء مدرسة ابتدائية فيها، وكان أول من علم فيها، وبقي فيها مدة سنة، ومن عجيب ما وقع له، أنه رأى نفسه في المنام في هذه القرية، ينظر إلى جامعها الأثري، وكان ذلك، أواخر سني دراسته في الخسروية، ولم يكن قد زارها من قبل . . بقي فيها من عام 1941، إلى عام 1947 م، ثم عين معلماً أصيلاً في قرية خالد ناحية عامودة بمدينة الحسكة في خريف عام 1947م، وبقي يدرس في مدرسة قرية خالد لمدة سنتين، وكانت المدرسة قد بنيت حديثاً، شارك في بنائها وتجهيزها، مما دعا مديرية معارف الجزيرة إلى تكريمه، ثم أرسل إلى مدير معارف الجزيرة، الأستاذ قدري العمر، أبياتاً من الشعر يطلب منه، أن ينقله إلى مكان آخر ..

قال:

ولـمـا  وصـلنا خالداً وربوعها وضـعـنـا  بـها أثقالنا ومتاعنا هنالك قامت تشتكي مضض النوى فـقـلـت  لها يا مي صبرا فإننا الـم  تـعـلمي أن الحياة مراحل وبـان لـنـا أن الـمـقام بخالد وبـتـنا بليل عاصف الريح بارد وتذري دموع الحزن فوق الوسائد سـنـقضي  زمانا بين قوم أباعد ستطوى فجدي في الحياة وجاهدي

فأرسل له مدير التربية كتاباً يخيره فيه بين نقله إلى قرية تل تمر على ضفاف الخابور، أو البقاء في مكانه، فاختار البقاء في قرية خالد، لما رأى من تعلق أهل القرية به، وعزمهم على إغلاق المدرسة  إذا انتقل منها .

وفي أواخر عام 1949 م تقدم بطلب انتقال إلى محافظة حلب، ونقل إليها، إلى مدرسة سيف الدولة الابتدائية، وقبل أن يباشر عمله فيها، تقدمت الجمعية الخيرية لميتم إعزاز إلى مديرية التربية بحلب، بطلب نقله إلى إعزاز ، ليكون معلماً في مدرسة الأيتام الخاصة فيها، وتمت الموافقة، وأسندت إليه الجمعية الخيرية إدارة الميتم، وكان ذلك في مطلع العام الدراسي ( 1949 / 1950 م )، وبقي على ذلك حتى عام 1953 م، عندما أصدر الرئيس أديب الشيشكلي، مرسوماً بعدم جواز مزاولة العمل الإداري من جانب المعلمين المنتدبين للمدارس الخاصة، وبعدها تحول إلى مدرسة عمر بن الخطاب، في إعزاز، وبقي فيها حتى آخر عام 1957 م، ثم نقل إلى قرية إسقاط / ناحية سلقين، التابعة لمدينة إدلب، على إثر حملة ظالمة عليه من بعض الحساد والمغرضين، من ذوي النفوس المريضة، وأشار إلى ذلك الأستاذ عبد الوهاب سايس في كتابه: قشور الموز، الذي ضمنه أبحاثا عن المعلمين وما يلاقونه في مهنتهم من عنت وإرهاق، وبقي في مدرسة قرية إسقاط، خمسة عشرة يوماً، نقل بعدها إلى بلدة سلقين، حيث أمضى فيها العام الدراسي ( 1957 ـ 1958 م )، وشهد فيها الاحتفال بقيام الوحدة بين سورية ومصر، وفي أواخر عام 1958 م، طلب إعادته إلى بلدة اعزاز، ونقل إليها، واستمر فيها إلى  سن التقاعد، في الثمانينات، وقد أسندت إليه، الخطابة في أحد مساجدها، بالإضافة إلى التعليم... الذي مارسه لمدة ثلاثين سنة، في عدة قرى ومناطق مختلفة .. منها ما ذكرنا، ومنها قرية اليزيدة، ومدرسة ابن المقفع، في اعزاز، ومنها قرية دوديان .

وقد نال وسام الأسرة السوري من الدرجة الثانية .. حيث رزقه الله من الأولاد:

ولدين ذكور، وتسع بنات.

حج حجة الإسلام في عام 1952 م، وذهب إلى تركيا في رحلة سياحية، استغرقت أربعة أيام، في صحبة بعض زملائه من المعلمين .. كما زار المسجد الأقصى لمدة يومين , وزار الأردن ولبنان .

أهم المؤثرات في حياته:

  وفاة والده الشيخ أحمد الخطيب، بعد مرض ألم به، وذلك في عام 1942 م، وقد رثاه بقصيدة، بلغ عدد أبياتها (20 ) بيتاً، قال في مطلعها:

 لفقدك والدي تبكي العيون      وإن قلّ المساعد والمعين

تبدلنا   مكان  الأنس حزناً      به يتزعزع القلب المكين

كما تأثر بوفاة أخويه: عبد الجواد، ثم محمد، وولده محمد الطيب، الذي رزقه الله إياه بعد ثماني بنات، ثم بوفاة والدته.

وشهد عصر النكبة، نكبة حزيران في الخامس من شهر حزيران في عام 1967م، مما كان له أكبر الأثر في  نفسه، وفي نفس كل عربي ومسلم، فنظم قصيدة دالية طويلة رائعة في ذلك ، ( 45 بيتاً )، وأرسلها إلى العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد، تعليقاً على مقالة للشيخ في كتابه القيم ردود على أباطيل، والتي حذر فيها زعماء العرب والمسلمين من خطر الصهيونية المحدق بالأمة، وأهاب بهم أن يتحدوا، ويستعدوا لمجابهة العدوان،  فنالت القصيدة إعجاب الشيخ محمد الحامد -رحمه الله-.

شاعريته:

وأما شعره فهو عذب سلس، فهو شاعر مطبوع يقول الشعر عفو الخاطر بلا تكلف، لذا جاءت أشعاره متوسطة الأداء الفني ، ما ترك حدثاً مهماً يمر على الأمة إلا وكتب فيه، ولم يمدح أحداً إلا عن حب وتقدير ولم يكن متملقاً لظالم أو سلطان جائر، وكان شاعراً مغموراً ، لفقره ولأسباب سياسية أخرى ، وأما عقليته وثقافته فحدث عن البحر ولا حرج حيث كان رحمه الله شعلة ذكاء متقدة، واسع الثقافة وكثير المطالعة، في بيته مكتبة متواضعة، وكان يستعير الكتب من المركز الثقافي، ترجم له الشاعر علي الزيبق، وتظهر ثقافته من خلال ردوده على أعداء الإسلام.

وكان موسوعة في حفظ الشعر وروايته، وكان خطيباً مفوهاً يأخذ بالعقول والألباب، يشارك في الحفلات الإسلامية كالمولد والهجرة والإسراء والمعراج، وكان بارعاً في علم المواريث ويشهد له بذلك عارفوه من العلماء.

إنتاجه الأدبي:

         ترك الشيخ الشاعر عيسى الخطيب ديواناً كبيراً يقع في 617 صفحة من القطع الكبير، ويقوم على تحقيقه ونشره سبطه الشيخ سيد أحمد السيد .

         وتناول الشاعر فيه عدة موضوعات منها المديح النبوي، والرثاء، والشعر الإسلامي والوطني، وفي موضوعات أخرى شتى كالإخوانيات، والرد على خصوم الإسلام. 

شعر عيسى أحمد الخطيب : دراسة موضوعية، وفنية:

تناول الشاعر عيسى الخطيب عدة موضوعات في شعره ولكن يبقى الشعر الإسلامي هو السائد فنحن نلاحظ البعد الديني والأثر الإسلامي في جميع أشعاره سواء الشعر السياسي أو الاجتماعي .....

المديح النبوي:

وهو من الموضوعات الأثيرة لدى الشيخ الشاعر عيسى الخطيب، حيث نظم ما يقارب أكثر من 20 قصيدة في المديح النبوي وهناك قصيدة في المناجاة وذكر بعض العبادات كالحج.. وغيره.

 وها هو الشاعر عيسى الخطيب يقول متشوقاً لزيارة قبر الرسول وشاكياً إليه سوء الحال وغربة الإسلام:

فؤادي والحشا شوقاً يذوب        لقبر قد ثوى فيه الحبيبُ

بنفسي ذلك القبر الذي ما          يزال بأفقه نشرٌ وطيبُ

به قبر الهدى والدين غضّا         وكان لشمسه فيه غروبُ

به دفن الحجا والجود حقاً        وكنزُ العلم والشهم النجيبُ

إمام الرسل أكرمهم نجاراً     ومن في الفضل ليس له ضريبُ

عريض الجاه ملجؤنا المرّجى         فتركب أبحراً وفلا تجوبُ

ويقول فيها :

به زال العمى عنّا وكنّا        بليل الجهل نخبطُ لا نُصيبُ

فأرشدنا إلى الإسلام ماحي     الظلام مؤيد الحقّ الأريبُ

أبعد محمد يرتاحُ قلبي ؟      وهل من بعده عيشي يطيبُ

رسولَ الله إني في زمان            كثيرٌ فسقُ أهليه عجيبُ

كما أخبرت هانَ الدين حتى     كأنّ الدين بينهمُ غريبُ

ويشكو له حال المسلمين، فيقول:

وهانَ المسلمون فلا يبالي           بهم أحدٌ وأسرعتِ الخطوبُ

وها أنا في حماك حططتُ رحلي    وأنت الذائدُ الحامي المهيبُ

فقل لي: أنتَ في حرزي وظلي   ومن والاك يا عيسى الخطيبُ

       وقال عيسى الخطيب لائذاً بجنابه ولاجئاً إلى فسيح رحابه:

هو الحبُّ عدلٌ دائمٌ وعتابُ       وعذبُ الهوى عند المذاق عذابُ

بليتُ به غضّ الصبا فبلوته         وكم نسجت لي من سداه ثيابُ

إلى أن يقول فيها:

نبيٌّ له في الحشر شأن ورفعة           ومــــــــــــــــــــــا أحد إلا هناك يهابُ

مبيدُ العدا بحر الندى وافر الجدا    إمام الهدى ما دون ذاك حجابُ

وقال عيسى الخطيب في حفلة عيد المولد النبوي التي أقيمت في المدرسة الخسروية بحلب في 12 ربيع الأول عام 1359ه، وكان يومها في الصف السادس النهائي في المدرسة:

نعم بأسوأ حالٍ كانت العربُ              كما تحدّث لا زورٌ ولا كذبُ

مراجل الحقد تغلي في صدورهم           وجذوة الشرّ  لا يخبو لها لهبُ

الزهو أعماهم والجهل خاض بهم         بحراً من الغيّ بالأمواج يضطربُ

والكفرُ طبقت الآفاق ظلمته          وساطع الحقّ حالت دونه الحجبُ

والأرض ضجت من الطغيان أزعجها   وساء سكانها الإفساد والشغبُ

وبعد أن صور شاعرنا حال العرب قبل النبوة، وكيف كان الحقد والشر يغزو القلوب، وكيف كان الكبر والجهل يعمّ النفوس، لقد انتشر الكفر فأصبح كموج البحر العاتي وعمّ الطغيان والفساد والظلم ربوع المعمورة، فأراد ربنا أن ينتشل الأرض من هذا الضياع فأرسل إليهم محمد رسول الإنسانية وهادي البشري -فداه أبي وأمي – فبشر بالهدى وأدى الأمانة وبلغ الرسالة:

فأرسل الله فيها هادياً سطعت     من نوره في سماوات العلا شهبُ

مبشراً بالهدى تجلى بحجته             وحسن تبيينه الأوهام والريبُ

رسول خير إلى الأقوام قاطبةً            بالرفق عليهم مشفقٌ حدب

لا يذهب البأس منه فضل قوته     ولا يغيبُ به عن حلمه الغضبُ

       وصور هجرته -عليه السلام- عندما ضاقت رحاب مكة به وبدعوته، فقال:

فأخرجوه ونالوا من صحابته      وجدّ بالضعفاء العسفُ والنصبُ

فعاف مكة لما قلّ ناصره        فيها وبالشرّ حامت حوله العصبُ

وأمّ طيبةَ بالصديق فابتدرت           إلى ملاقاته الأنصارُ وارتقبوا

واستقبلوا الحق وانضموا لنصرته          وآثروه وأقصاه الألى قربوا

غزوة بدر الكبرى:

       ويعتز الشاعر بمعارك الإسلام الخالدة مثل معركة بدر الكبرى، التي انتصر فيها الحق على الباطل، والتوحيد على الشرك رغم قلة العدد وتفاوت القوة، فيقول:

حتى إذا يوم بدر صاح صارخه            يدعو ثبوراً وأبدى نابه العطبُ

سارَ النبيُّ أمام القوم يتبعه                من الفوارس صحب كلهم نُجبُ

تقابل الشرك والتوحيد فانخذلَ      الإشراك واستاق جيش الباطل الرّعبُ

وأشرق البدرُ في بدرٍ على ملأ            قد أسلموا دينهم لله واحتسبوا

فأدركوا ثأرهم فيها على مهلٍ               وتمّ للمسلمين النصرُ والغلبُ

فيالها غزوة مشهورة نهلت              منها الرماح وعلّت بالدم القضبُ

وأيد الله خير الخلق وانطلقتْ             بمدح أخلاقه الأشعارُ والخطبُ

السيد الماجد الندبُ الذي شرفتْ    منه الأصول وطابَ الفرع والعقبُ

ويمضي الشاعر إلى الغرض الأساسي من قصيدته، فيعدد صفات النبي -عليه السلام-، ويثني على أخلاقه، فيقول:

تاج النبيين أزكاهم وأرفعهم          قدراً تناهى إليه المجد والحسبُ

من بشرت قومها قدماً بمبعثه       وهديه الكامل الرّهبانُ والكتبُ

وبلّغ المصطفى الهادي رسالته           لم يثنه رهقٌ عنها ولا رهبُ

وبثّ في الناس أحكاماً موفقةً        شرعاً قويماً له الأرواح والأدبُ

ديناً رفيع الذرى عالٍ دعائمه      العلمُ والعدلُ والإخلاص والأدبُ

وألف الله ما بين القلوب به         فزال عنها ظلام الغيّ والوصبُ

لا غرو إن أعظمت بغداد مولده   وازّينت مصر واهتمت به حلبُ

فإنه رحمة كبرى لمعتبر ٍ               ونعمةٌ شكرها في شرعنا يجبُ

جاء الربيع معيداً من ولادته       ذكرى تهش لها الأجيالُ والحقبُ 

فهو عليه الصلاة والسلام سيد النبيين، وتاجهم، وخاتمهم، بشرت به الرسل، وتنبأ بقدومه الرهبان، وأحبارُ اليهود، وقد بلغ الرسول المصطفى الرسالة على أكمل وجه رغم كل العوائق والتحديات، فجاء دينه أكمل الأديان وأوفاها، وأصفاها، وألف الله به القلوب، وأزال ظلمة الجهل والهموم، وليس بمستغرب أن تبتهج بمولده الأمم، من عرب وعجم، وقد عظمت بغداد مولد النور، وتزينت مصر بقدومه، وطريت حلب شوقاً إليه..

وألقى الشاعر عيسى الخطيب قصيدة أخرى في المديح النبوي، وكان ذلك في حفلة ذكرى المولد النبوي في أعزاز 12 ربيع الأول عام 1360ه جاء في مطلعها:

سما بك يومٌ يا ربيع حميدُ               به البشر يبدو والهناء يزيد

به ولد الهادي الشفيع ورفرفت         على الكون رايات له وبنود

وأشرق نور الحقّ في الجو فانجلى   عن الخلق ليلٌ – للضلال- بعيدُ

تعاليت يارب السماء وكلّ ما      على الأرض من خير إليك يعودُ

بعثت ختام المرسلين محمداً            إذ  اشتطّ جبّارٌ وعاث عنيدُ

يرافقه الإخلاص والحلم والحجى       وينمي إليه الصدق وهو وليدُ

تحدّر من أعلى ذؤابة هاشم ٍ            وفازت له بالمكرمات جدودُ

فقام بأعباء الرسالة ناهضاً             إلى هديها يدعو الورى ويقودُ

ولاقى أذى في نشرها فمضى به   على الرغم عزم –لا يلين– حديدُ

فحطم أصنام الجهالة وانبرى                يُحاربُ أتباع الهوى ويبيدُ

وشنّ على الطاغين شعواء غارة           فلم ينجُ إلا هاربٌ وشريدُ

وثلّتْ عروش الظلم بعد ارتفاعها          وقلّت جموعٌ حوله وجنودُ

وتحدث عن شريعته العادلة – عليه السلام –، فقال:

وسنّ لأهل الأرض منا شريعة       لها في جميع الموبقات حدودُ

على أسس الإيمان قامت أصولها      فما لامرئ عما تنصّ محيدُ

حوت كلّ خير للملا فمخالفو   هواها – لنيران الجحيم – وقودُ

بميلاده زال العنا فلنا به               سرورٌ على مرّ الزمان جديدُ

وقامت قناة الدين بعد اعوجاجها      زماناً وللحق استقام عمودُ

العقد الدريّ في مولد الرسول العربي:

وكتب الشاعر المحب عيسى البيانوني –رحمه الله – قصيدة أخرى في المديح النبوي نوع فيها القوافي وعدد الموضوعات، فقال:

يقول الراجي مدد الرحمن       عيسى بن أحمد الخطيب الفاني

بحمدك اللهم يا حميدُ                   كلّ امرئ ينالُ ما يريدُ

بشرى لمن يصطنعُ الميلادا                 في شهره بنيله المرادا

والخير والمنى مع السلام             والحفظ من أفزاع ذاك العام

فذكر ميلاد الرسول المصطفى        لا شكّ في ثوابه ولا خفا

وإن الابتهاج يوم المولد             ومن حقّ كلّ مؤمنٍ موحّدِ

طهارة نسبه الشريف:

تنقل النبي عليه السلام من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام العفيفة عبر العصور،  يقول الله تعالى مزكياً نسبه ( وتقلبك في الساجدين ) فهو خيار من خيار، ..لم يولد من سفاح ...

 لتعلموا أن مولانا انتخبْ               نبينا محمداً أزكى العربْ

من ظهر عبد الله ذاك المنتسبْ    إلى كريم الأصل عبد المطلبْ

ابن أبي العطاء والمكارم          في الجدب هاشم الثريد هاشم

إكرام الله له بالفضل:

وإن أفضاله عليه السلام لا تعد، ولا تحصى:

وأنه بالفضل خصه الصمدْ       واختاره رسوله إلى الأبدْ

إذ كان نوراً قبل خلق العالم     من قبل إدريس وقبل آدمِ

وجاءت التوراة والإنجيلُ                بأنه النبيُّ والرسولُ

كمال خلقه، وجمال صورته:

جمع الله لنبيه كمال الأخلاق، وجمال الصورة، فإذا رأيته كالشمس في رابعة النهار، وكالقمر في دجى الليل، تحسبه نوراً لا يخبو، فهو أبيض مشرب بحمرة جميل الشكل والصورة وطيب السريرة، عذب الكلام، جل ضحكه التبسم، طلق المحيّا، يداه أنعم من الحرير، أقنى الأنف أجلى الجبين :

أبرزه من بطنها إلى البشر        مكمّلٌ الخلقة في أبهى الصور

كان له في وجهه تدوير                يخجلُ منه القمرُ المنيرُ

يقول عنه بعض واصفيه          وجه كأن الشمس تجري فيه

أبيضٌ صافٍ باحمرار مشربُ     أدعجُ أشكلُ العيون أهدبُ

عذبُ الكلام ضحكه التبسمُ        وجسمه من الحرير أنعمُ

بلمسه يشفى مكان الألم   مسحاً، وفاض البطن شثنُ القدمِ

عنقه في طوله أنيقُ                      كأنه من فضة إبريقُ

وكان وهو السيد الرفيعُ                 يعليه الحياءُ والخشوعُ

يحنو على الأرامل الأيامي          ويكرم الضعاف واليتامي

دلائل النبوة:

        لقد أيد الله نبيه بالمعجزات، فهي دلائل النبوة، وبها يعرف النبي من الدعيّ، ولقد انشق له القمر، وجاءت لدعوته الأشجار ساجدة، ونبع الماء من بين أصابعه فأروى الجيوش، ونصره الله بالرعب مسيرة شهر، ...:

منقذنا من ظلمات الشرك     ما فيه من ريبٍ ولا من شكّ

تواترت في صدقه الدلائل       وأنه الهادي الرسول الكامل

أيده الله بالقرآن                 الخالد الباقي مدى الأزمانِ

معجز أهل القول واللسان         وأقدر الخلق على البيان ِ

بجودة التأليف والتركيب            وبالبيان البالغ العجيب  

حارت بحسن نظمه الأفهامُ     ولم تحط علماً به الأحلامُ

عجزت عن مثله الأقوامُ               فما إلى لحاقه مرامُ

وشقّ للهادي الكريم القمرا      وأشهدّ السفر له والحضرا

أمره لأصحابه بالهجرة:

ولما ضاقت به مكة، وتألب عليه أهلها، أمر أصحابه بالهجرة إلى يثرب ليبلغ دعوة الله، ويقيم دولة الإسلام:

ولم يكن بدٌّ من التغرب          لبلدة صالحة كيثربِ

فأمر الأصحاب بالرحيل     إلى حماها الآمن الجميلِ

وهاجر النبيّ والصديقُ     ليلاً إلى حيث يزولُ الضيقُ

حيث يطيبُ العيشُ والقرارُ   وتكثر الأعوانُ والأنصارُ

وصوّر الشاعر فرحة أهل المدينة بقدومه :

وعمّ أهل طيبة الحبورُ        والبشر إذ سارَ إليها النورُ

فزينت فيها البنى والدورُ        واستعلنَ الهناءُ والسرورُ

يا حسنَ ما تقلّدوا السيوفا      وضربوا لأجله الدفوفا

وخرجوا في فرح صفوفا            بالغة نفوسها الألوفا

تسابقوا إليه حينما وصل     وصافحوه بالعناق والقبل

وحطّ رحل السيد المختار     في خير دارٍ لبني النجارِ

وغنت النساءُ والجواري        يا حبذا محمدٌ من جارِ

وبلغ الهادي بها الرسالة       وأظهر الإسلام والعدالة

وأذعنت لحكمه البلادُ        والحقّ حتى دانت العبادُ

وفتح الله به القلوبا              وحرّرَ الأقوام والشعوبا

وسطعت حضارة الإسلام   في السهل والجبال ولآكام ِ

     وقال الشيخ عيسى الخطيب في مدحه -عليه الصلاة والسلام-، وهو في غالب شعره مقلّد، وليس بمجدّد:

يا مالكاً ألباب أرباب الهوى          بجماله عطفاً على مضناكا

أنحلت جسمي بالصدود وبالجفا    وأنا ضعيف لا أطيقُ جفاكا 

معركة الحجاب، والسفور: 

     أشعل قاسم أمين نيران الحرب بين الإسلاميين ودعاة التغريب حيث ناصر المسلمون الحجاب، ودعوا إلى إنصاف المرأة وتعليمها ونيل حقوقها وفق شرع الله، بينما دعا أنصار الغرب المرأة إلى السفور، والتبرج، وإلى الحرية الجنسيةـ، والتهتك، والتخلص من القيم، وها هو الشاعر عيسى الخطيب يقول موجهاً خطابه إلى ابنته (بثينة عيسى الخطيب) التي كانت ترتدي جلباباً سابغاً، وإلى كل فتاة مسلمة تلبس الحجاب:

تيهي على الفتيات بالجلباب             وتجمّلي بالعلم والآداب

وضعي الحجاب فلن يضيرك وضعه   فالدر من أصدافه بحجاب

وتيممي غرر الفضائل وانهلي     من شرعة الإسلام خير شرابِ

ويحذرها من  زخرف كلام المضللين، ودعاة السفور، فيقول:

لا يصرفنك عن محاسن هديه          هذيان كل مضلل كذاب

قد راح يمتدح السفور بجهله          ويزين الفحشاء للأصحاب

أو قينة برزت تصفف شعرها        كالسدّ تلبس أضيق الأثواب

تبدي مفاتنها وتعرض جسمها          بوقاحة لتفوز بالخطاب

قدمت من الغرب اللعين كحية       رقطاء شابت سمّها بلعاب

لتجرد الشبان من أخلاقهم          ونقودهم، وتعود بالأسلاب

ويثني على فتاة العروبة والإسلام التي تتحلى بخلق الحياء والعفاف فقال:

فلأنت يا بنت العروبة درة           تزهو بعفتها على الأحقاب

ولأنت من بيتٍ كريم أصله         متحدر من أشرف الأنساب

لك في حمى الإسلام أكرم موطن     تلجينه من أوسع الأبواب

شرف الفتاة عفافها وحياؤها         ووقارها في جيئة وذهاب

أبثينُ إن الدين أجمل حلة           لا فرو سنور ولا سنجاب

فخذي به وقفي وراء حدوده     كي تظفري بالفضل والإعجاب – أعزاز 1970م.

وله قصيدة رائعة أخرى تحت عنوان ( المرأة العربية والسفور)، وتقع في ( 35 ) بيتاً، كان قد نظمها في سنة ( 1365 هـ )، والتي مطلعها:

نـاديـتها  وظلام الليل iiمعتكر إنـي  أرقـت ولا خل iiأسامره قـالت: عهدتك لا هم ولا حزن فما  الذي كان حتى بت في قلق أمر  فظيع وشيء لو سمعت iiبه يا  هند طال علي الليل iiوالسهر والـصدر منقبض والهم iiمنتشر ولا سـهـاد ولا غم ولا ضجر فقلت: ويحك لا تدرين ما الخبر لـعكر الصفو من أوقاتك iiالكدر

وفضح الشاعر أولئك الأقوام الذين يتوارون وراء الدعوة إلى السفور، فقال:

يريد قومٌ لئامٌ لا خلاق لهم           في المكرمات ولا وردٌ ولا صدرُ

بثّ السفور وإعلان الفجور وتمـــــــــــــــــــــــــــــــــزيق السنور فلاحجب ولا خمرُ

لتخرجن مثل ما تهوين سافرة         سيّان عندك هذا البدو والحضر

ثم يقول:

وهذه الفتيات اليوم صرن كما       يحببن يخرجن لا خوف ولا حذر

كالشمس تطلع إحداهن لابسة       أبهى الملابس في أذيالها قصر

وجه جميل وقد مائس وشذا        بدر وغصن ومسك طيب عطرُ

تمرّ ما بين أصناف الرجال بلا        أدنى حياء، كأن ما ظونها بقرُ

ترنو إلى وجهها الأبصارُ مقبلة        حتى إذا أدبرت فليرجع البصر

أعظم بها فتنة تبدو لناظرها        وقد تكامل فيها الحسن والحور

فكم عقول بها طارت وكم مهج حارت وكم أنفس ثارت بها الفكر

ياهند لو أبصرتها عين ذي ورع     عن الحرام له بعد ومزدجرُ

إذا لخلى التقى وجدا بها وغدا      نار الصبابة في أحشاه تستعر

فاستغربت الحسناء، وراحت تبكي، وتتساءل في حوار جذاب:

قالت: أيرضى بهذا الله ؟ قلت لها :         كلا ولكنهم بالله قد كفروا

قالت: أما لهمُ عقل ؟ فقلت: بلى      لهم عقولٌ عراها الضعف والخورُ

قالت: ألا غيرة فيهم ؟ فقلت ولا         مروءة عندهم تلفى ولا خطر

قالت: فأين الحياء اليوم مسكنه ؟       قلت: الحياء تولى وانمحى الأثر

قالت: فأين الملوك العادلون مضوا          قلنا لها قبروا يا ليتهم نشروا

قالت: فأين الرجال المصلحون غدوا       قلنا لها عدموا أو أنهم ندروا

قالت: فأين شيوخ الشرع عمدته          أهل الحمية قلنا: إنهم قهروا

قالت: فأين حماة العرض قلت لها:   غابوا ويا ليتهم من فورهم حضروا

إن الذين تذكرين اليوم فرقهم         صرف الزمان وأمضى فعله القدر

 لم يبق من هؤلاء الناس باقيةٌ              ينالها الوهم إلا هذه الصورُ

فاستعبرت، ثم قالتْ، وهي باكية         يا ليتني بعدهم ضمني الحفرُ

       وقد ردّ الشيخ عيسى على دعاة المساواة بين الرجل والمرأة، فقال:

أسمعت ما قالوا وبعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــض القول تنقصه الإصابة

قول إذا قرع  الأسماع المسا   مع كان في أقصى الغرابة

زعموا النساء لهن حقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق في الولاية والنيــــــــــــــــــابة

مثل الرجال فلا تبا             ين والمسائل قد تشابه

فأجبتهم يا جاهليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن الحكم أخطأتم صوابه

الحق أبلج ليس يخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفيه الممــــــــــــــــــــــــــــوه بالخلابة

كالشمس يسطع نورها   في الأفق من خلف السحابة

خابت ظنونكم  متى اســـــــــــــــــــــــــــــــــتوت الرخاوة والصلابة

أين الرجال من النسا        ء وهن أضعف من ذبابة

والرأي أيـــــــــن الرأي ممــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن جلّ بغيتها الدعابة

( ما للنساء وللكتا             بة والإمامة والخطابة

هذا لنا ولهن منـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا أن يبتن على جنابة)

      وكأني به يقلد الشاعر القديم الذي خاطب المرأة:

كتب القتل والقتال علينا     وعلى الغانيات جرّ الذيول

وقول أبي محجن الثقفي عندما خاطب تلك المرأة :

إن الرجال على الجياد مبيتهم    فدعي الرماح لأهلها وتعطّري

غفلة المصلحين:

      واشتكى الشاعر عيسى الخطيب من غفلة بعض المصلحين، فقال:

أيها المصلح المغفّل مهلاً      إنما أنتَ خابط في ظلام ِ

حيث إنى أراك في أمم مو      تى تنادي إلى الأمام الأمام ِ

أتظن النداء يبعث أموا           ت دهور وهالكي أعوام ؟

خاب مسعاك وابتغيتَ مجالاً    بدعاء الأشباه بالأنعام ِ

ما يفيد النداء ويحك جها      لاً ضعاف الإيمان والأحلام ِ- الديوان: ص 206.

الإسلام هو الحلّ:

         وكتب الشاعر عيسى الخطيب قصيدة يؤكد فيها أن الخير كل الخير في تطبيق الشريعة الإسلامية على الشعوب المسلمة، ويصوّر فيها ترحيب الجماهير بدعوة الرئيس ضياء الحق -رحمه الله- لتطبيق الشريعة، ويصور كيف تحمّس الناس لثورة الخميني، وكيف التفّ الشعبُ حولها رغم الانحراف والشذوذ الفكري فيها:

ألا يا أمة الإسلام هبي        فقد طلع الصباحُ لكلّ عين

فها هو ذا ضياء الحقّ نادى     بتحكيم الشريعة دون مين

وفي إيران ثار اليوم شعبٌ        قديماً كان مغلول اليدين

بتطبيق الشريعة راح يدعو       ليغسل بالشريعة كلّ شين

ويمحو ما جنته يدا مليك         ظلوم كان أسوأ صاحبين

عن الإسلام لا يرضى بديلاً     ولو أعطوه إحدى النيرين

ففي الإسلام نور الله يبدو         يعمّ سناه أهل الخافقين

وبالإسلام أمكننا قديماً           هزيمة جيش أكبر دولتين

وبالإسلام يمكننا حديثاً               مجابهة لأعظم قوتين

وهذي أمة الإسلام أضحت    تبارك ثورة الشيخ الخميني 

شهيد القرآن:

وقد نظم الشاعر عيسى الخطيب قصيدة رثاء رائعة نظمها حين كان في أعزاز سنة 1967م، يقول فيها راثياً الشهيد سيد قطب – رحمه الله تعالى- وجاءت تحت عنوان (آلام ولوعة)، يستهلها بقوله:

بنفسي آلام وفي القلب لوعة          عليك ولولا الصبر لانصدع القلبُ

وفي العين من ذكرى مصابك عبرة      وفي مهجتي نارٌ من الغيظ لا تخبو

وبعد أن صور الشاعر حزنه في هذه المقدمة المخضوضلة بالدموع راح يصبّ جام غضبه على الطغاة الذين أعدموا الشهيد سيد قطب شنقاً دون مراعاة لأي قيمة إنسانية وحضارية:

لئن أنفذ الطغيان فيك سهامه          ليرضي نفساً قد تملكها العجبُ

وشدّ بأعواد المشانق فتية               كراماً هو من بينها السيد القطبُ

وقد سبق الطاغية عبد الناصر طغاة كثيرون عبر العصور حاربوا أهل الحق وطاردوا المصلحين، من أمثال الحسين وسعيد بن جبير والإمام الشهيد حسن البنا ومحمد فرغلي ويوسف طلعت وعودة ..وقوافل الدعاة، كما لحق عبد الناصر بأمثاله من الطواغيت، ولحقت به لعنة التاريخ والأجيال:

فقدماً أصاب البغي أمة أحمد          وكم في سبيل الله أودى فتى ندب

وفي الله ما لاقى الحسين وصحبه       وفي ابن جبير ما يضيء به الدربُ

وفي شيخك البناء يا صاح أسوة       وفي يوسف والفرغلي إخوة صحبُ

ويهنئ الشهيد بهذه المنزلة الرفيعة التي جعلته يحشر مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً :

هنيئاً لكم أجرُ الشهادة والعلا             وللظالمين الخزي والعار والذنبُ

ستبكيك في أرض الكنانة أمة         وتبكي عليك الترك والعجم والعربُ

ويذكرك الإسلام في كل موطن       ويأسى عليك الفضل والعلم والكتب

وأشاد الشاعر عيسى الخطيب بفضل الشهيد سيد قطب الذي عكف على تفسير القرآن وأخرج للأمة في ظلال القرآن ومعالم في الطريق والعدالة الاجتماعية في الإسلام والمستقبل لهذا الدين، فقال:

عكفت على القرآن تتلو بيانه           وراقك منه ظله الوارف العذبُ

فبينت من آياته كل معجزٍ           وواتاك في تفسيره الكسب والوهبُ

وأبديت من أسراره كل حكمة             تحار بها الأفكارُ والعقل واللب

وكم لك في حلّ المشاكل من يدٍ     ورأيك فيها الثاقبُ الفيصلُ العضبُ

وفي كل ما صنفته أو نشرته              يلوح البيان الحق والمنطق الخصبُ

 وقد عرف الأقوامُ فيك مجاهداً        غيوراً على الإسلام إن نابه خطبُ

وقد عرف الإسلامُ فيك مناضلاً           لأعدائه لم يثنه القتل والضربُ

فنم في جنان الخلد ريان ولتسر      على هديك الإخوانُ في الله يا قطبُ

بين الشيخ والتلميذ:

وقال (عيسى الخطيب) الشعر في سن مبكرة، عندما كان في الصف العاشر، في المدرسة الخسروية، ونظم أول قصيدة في عام ( 1936 م )، بحضور الأستاذ العلامة مصطفى الزرقاء، قال في مطلعها:

لا شـيء مـثـل العلم iiللأذهان فـالـمرء  ما لم يستق من iiنبعه والـعقل إن حاز العلوم ولم iiيحد وإذا مضى ورمى المعارف جانبا فـاعـمـد لـمنهله بدون iiتوان يـبـقـى حـليف مذلة iiوهوان عـنـهـا أتى بالوفر iiوالإحسان ضـل  الـسبيل وباء بالخسران

    وله مساجلات شعرية وإخوانيات بينه وبين أستاذه العلامة الشيخ الفقيه الأديب الشاعر مصطفى الزرقاء، الذي حبب إليه دراسة الأدب العربي، ومن هذه القصائد، قوله في قصيدة، قال فيها:

أقـيم ـ وما بيدي ـ في  عزاز وكـرت علي عوادي الخطوب وعـنـد  الـحقيقة ما إن أرى إلى  الفاضل السمح بحر العلوم وان الـزمـان الـشديد المشوم زمـان عـلـي قـضى بالبعاد ولـم  أتـخـذ وطنا لي عزازا فـأصـبحت أرقب فيها المفازا لـفـرط انـشغالي يوما مجازا الـذي فـي بـلاغته لا يوازى الذي يرغب الناس عنه احترازا وعـاكـسـني أن أتم الطرازا

ويقصد بقوله الطرازا: (كتاب الطراز في علوم البلاغة والإعجاز)، الذي كان يدرسهم إياه الشيخ مصطفى الزرقاء .

فكتب الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقاء جواباً له:

أقـم  حيثما تلمس الاحترام وما  المرء إلا رهين المعاش وإن الـهـمـام الـذي أينما يصون العفاف ويبغي الكفاف وتقني  الإباء، وتبني اعتزازا فـحـيث تيسر حط ارتكازا يـحل يكن فيه عضبا جرازا ويـحـسن للفرص iiالانتهازا

وحرّر عيسى الخطيب قصيدة تفيض بمشاعر الأخوة والحب، أرسلها إلى شيخه مصطفى الزرقا – رحمه الله-، فقال:

ألا في سبيل الحبّ في الله ما ألقى      وما زادني وجداً وألهبني شوقا

تحمل إخوان إلى الحج غدوة            فقلبي لا يهدأ ودمعي لا يرقا

وسارت بهم مثل الطيور مراكبٌ     تشقُّ عباب الماء في جريها شقا

إلى أن يقول فيها:

على عجلات تسبق الطير سرعة    تسير – إلى البيت الحرام – بهم وفقا

إلى الكعبة العليا إلى الحرم الذي          به يأمن الجان به يسعد الأشقى

فحطوا بها أثقالهم وتوجهوا         إلى المنهل الأصفى إلى المسجد الأرقى

وطافوا ببيت الله سبعاً وأطفؤوا              لواعج نيران الصبابة والعشقا

وأدوا فروض النسك وانقلبوا إلى          بلادهم واستوجبوا العفو والعتقا

ومالوا خفافاً نحو طيبة بعدما       لقوا من عظيم الفضل ما لم يكن يلقى

وارتبط عيسى الخطيب بعلاقات ودّ وصداقة مع الشيخ العلامة محمد الحامد، والأستاذ الأديب أحمد مظهر العظمة، رحمهم الله تعالى.

وقد اطلع الأستاذ أحمد صبري شويمان، رئيس تحرير مجلة ( الأنصار ) التي كانت تصدر في القاهرة بمصر، على قصيدة له، مطلعها:

سيروا على خطة الرشد القويمة لا وامضوا على نهج إبراهيم قدوتكم ولا تـقـيموا بأرض أهلها جبلوا يـضـركم قول ذي بغي وعدوان مـهـاجـريـن بإخلاص وإيمان عـلى عبادة أصنام وأوثان .. 

فأعجب بها، وأرسل نسخة من كتابه: ( ضوء في تاريخ التوحيد )، هدية للشاعر، وعربون صداقة وأخوة .. وكان العلامة المحدث المؤرخ  الشيخ راغب الطباخ رحمه الله ، يقدمه في المناسبات لإلقاء قصائد من شعره، الذي كان يرتاح لسماعه .

كما رثى الكثير من العلماء، ومنهم الشيخ يونس عبد الغني المارعي، المتوفى سنة 1386 هـ الموافق لعام 1966 م حيث قال:

على الشيخ يونس مني السلام        ورحمة ربي على قبره

فقد كان شيخاً جليل المقام          منيباً إلى الله في سره

عزيزاً عفيفاً قليل الكلام          شكوراً صبوراً على ضره

فلم يهو يوماً لجمع الحطام             وزهرة دنياه لم تغره

قضى مدة في اكتساب العلوم    زمان َ الشبيبة من عمره

وقد خاض فيها بذوق سليم     وشارك فيها بني عصره

وأعجبه الفقه منذ القديم      وأجهده الغوص في بحره

فكان له منه حظ عظيم        وفاز بما نال من دره

وعاد إلى مارع رابحاً            بما أودع الله في صدره

أقام بها غادياً رائحاً             يجد ويعمل في نشره

إلى الله يدعو الورى ناصحاً    ليقلع ذو الغي عن وزره

      وهكذا عاش الشيخ حياته داعية إلى الله، وآمراً بالمعروف، وناهياً عن المنكر، وبقي كذلك حتى قضى:

وما زال – حتى قضى – صالحاً    يجاهد من حاد عن أمره

فياقمرا لاح خلف السحاب         يشع ضياء على قدره

فقدناه ليلاً فجل المصاب             غداة توارى سنا بدره

وقد كان أنساً لكل الصحاب      بما كان يلقاك من نشره

فوالهفتاه لطول الغياب             وبعد اللقاء إلى حشره

ويا راحلا قبل شهر الصيام       غدا وهو يمعن في سيره

ألح عليه الضنا والسقام             وزاد ولم يوه من صبره

وقد كان في الله بادي الهيام   ومات وما غاب عن فكره

فأوصى بتقواه عند الختام         بنيه وحث على ذكره

فأكرمه الله في الصالحين           بنيل المثوبة من أجره

وألهم أبناءه العاملين               سلواً وسيراً على إثره

وعوض أصحابه الناصحين      وإخوانه الخير من أجره

وأمطر مثواه في كل حين          غيوث المراحم من برّه – أعزاز 21 شوال 1386ه / 1 شباط 1967م .

 وله رثاء في الشاعر الشهاب محمود الحلبي، وفي الشيخ الصالح عثمان المارعي، والشيخ محمد بدر الحسيني البابي الحلبي، والشيخ أحمد عز الدين الصياد، والشيخ جميل المنغي من قرية العلقمية، والشيخ عبد القادر بن الشيخ محمد القريطي، مؤسس دار الأيتام في إعزاز...

الدفاع عن قيم الإسلام:

وكتب الشاعر عيسى الخطيب رداً على الشاعر (نوفل إلياس) نائب اللاذقية المسيحي لما نشر قصيدة في جريدة الصرخة الشيوعية في عددها رقم / 39/ الصادر بتاريخ 20 آب 1955م ، وطعن بالشريعة الغراء، فقال:

ما كنتُ أحسبُ أن أحمد ظالمٌ      حتى لمستُ نتائج القرآنِ

بئس الشريعة إنها ظلاّمةٌ         حجبتْ عن الإنسانِ وجه الثاني

فرد عليه الشاعر (عيسى الخطيب) موبخاً ومندداً، وفاضحاً خبثه وقد استخدم الشاعر بعض الكلمات النابية، في وصف ذلك الشاعر النائب، وكم من نائب يعدّ من النوائب :

ما كنتُ أحسبُ أن نوفلَ أرعنٌ      حتى تنقّص حرمة العدناني

وغدا إلى قدس الشريعة طاعناً            متنكراً للفضل والعرفان ِ

ولقد بدا لي وهو يعلنُ كفره          متشدقاً بالشعر كالشيطان ِ

فرأيته كالعير ينهقُ صائحاً             في جنح ليلٍ هائماً بأتان ِ

تعساً له يصمُ الشريعة باطلاً          بالظلم والمختار بالطعنان

فأبان عن جهل وخبث طوية ٍ         مشحونة بالزور والبهتان ِ

ولو أنه درس الشريعة جيداً           ورنا بعين الحقّ في القرآن

لبدا له وجه الحقيقة سافراً             يسبي العقول بحسنه الفتّان ِ

فلو أنصف نوفل إلياس، وتحلى بالموضوعية والنزاهة لعرف الحق، ولكن هيهات:

ورأى الشريعة في جميع فروعها    جاءت بكلّ الحسن والإحسان ِ

ولو أنه عرف النبي وما أتى            عنه من الأحكام والتبيان ِ

لغدا بأخلاق النبوة معجباً            ورأى الرسول محرّر الإنسان ِ

إن الرسول محمّداً وكتابه                 نورٌ برغم نواظر العُميان ِ

ولشرعه فضلٌ على كلّ الورى      باقٍ مدى الأحقاب والأزمان ِ

الاتجاه السياسي في شعر عيسى الخطيب:

       خاض الشيخ عيسى الخطيب غمار السياسة، وانتظم في صفوف الحركة الإسلامية الراشدة، واستفاد من تجارب الآخرين، وأدرك الشاعر عيسى الخطيب مرحلة النضال ضدّ الاستعمار الفرنسي، فكتب قصيدة عن يوم الجلاء عن سوريا عام 1946م يقول فيها:

قل للفرنسيين ارحلوا        عن أرضنا لا تُزعجونا

يكفيكم ما قد مضى           لبلادنا مستعمرينا

فلقد مللنا قربكم                وبقاءكم فينا سنينا

عشرين عاماً تشربو            ن دماءنا وتصفعونا

بعداً لكم من أمةٍ             نكثتْ عهود الطيبينا

لم ننس إذ أعطيتمُ         عهداً – لفيصلنا – متينا

ولكن المستعمرين نكثوا العهد، وأصدروا (سايكس بيكو)، وقسّموا البلاد، وعاثوا في الأرض الفساد.

  وقال عيسى الخطيب في قصيدة له، بلغ عدد أبياتها ( 29 بيتاً)، وجعل عنوانها ( نكبة فلسطين ):

يـا أيـها العرب ذودوا عن بلادكم ذبـوا عن المسجد الأقصى بأنفسكم يـا  فـتية العرب هبوا من رقادكم تـأهـبـوا  للجهاد اليوم وابتدروا وقـاتـلـوا فـي سبيل الله طائفة فـسـادهـا  مـلا الدنيا وساعدها ولا يـروعـنـكـم خوف وتهديد وبـالـنـفائس  من أموالكم جودوا فـقـد  كفى ما مضى نوم وتسهيد مـن  قـبـل أن يتولاها الرعاديد قـلـوبـهـا مـثل أفكار لها سود مـن سـاسـة الدول الخرقاء تأييد

        وانتقد مجلس الأمن الدولي الذي أصدر قرار التقسيم سنة 1947م، فقال:

يا مجلس الأمن إن الأمن مضطرب        يـجـور  حكمك والإنصاف مفقود أمـن  الـعـدالة أن يجري برأيكم                   عـلـى فـلـسطين تقسيم وتهويد لـو  كـان ثمة عدل ما جرى أبدا                 عـلـى  الـعروبة تفريق وتحديد

الوحدة العربية:

       الوحدة سبيل القوة كما أن الفرقة عذاب وضعف وهوان، لذا نرى الشاعر عيسى الخطيب حريصاً على الوحدة العربية والإسلامية، فقد دعا العرب للوحدة لمواجهة المخططات الاستعمارية، حيث قال:

فيا بني العرب يا آل الوغى اتحدوا        فالأمر عمدته حزم وتوحيدُ

لا ترقبوا عدل أقوام مطامعهم          عمّت فما إن لها حصر وتعديد

فالحق في شعب الأرماح لامعةً            وما سوى ذاك تمويه وتفينيد

والفوز بالصبر والإقدام مرتبط      والنصر بالصدق والإخلاص مفقودُ

        وللشاعر قصيدة أخرى عنوانها (الوحدة العربية) يقول فيها:

علم الوحدة رفرفْ      عالياً فوق بلادي

وانشر الألفة والعد      ل على كلّ العبادِ

فإليك الكلّ يسعى     حاضرٌ منا وبادي

فابعث الهمة فينا      وأعدْ ذكرى الجهادِ

إنني مذ أبصرت عيــــــــــــــــــــــــناي أنوارَ الرشادِ

عشق الوحدة قلبي      وبها هامَ فؤادي

ولها ما زلت أدعو       كلّ حينٍ وأنادي

داعياً أبناء قومي       صائحاً في كل نادِ

إن في الوحدة ياقو     مي صلاحاً لفساد

إن في الوحدة إرها     باً وقهراً للأعادي

        ونعود إلى قصيدة (نكبة فلسطين) التي يقول فيها متفائلاً وآملاً بتحرير فلسطين، الذي سيفرح به الجميع، وسوف يهنأ الحاج أمين الحسيني بالنصر،  ويقسمُ الشاعر ألا يعود اليهود إلى فلسطين مرة أخرى:

وتستعيد بها الأوطان بهجتها       ويفرح الشيبُ والشبانُ والغيدُ

وللحسيني أمين في نهايتها           والعرب أجمع من فوز بها عيدُ

ويحلفُ القومُ أيماناً مغلظةً          أن لا يعودوا لها ما أورق العودُ

        وقال أيضاً مؤكداً على شجاعة العرب ورفضهم المبيت على الضيم، وتحليهم بالوفاء والعدل والكرم والجود:

ليذكرْ الناس – طرّاً – أننا عربٌ       أسد أشاوس أبطالٌ أماجيدُ

لا نرتضي الضيم يوماً أن يحلّ بنا       ما دام بظهر الأرض موجودُ

فينا الوفاء وعنّا العدل مشتهرٌ        والصدقُ فينا وفينا العزُّ والجودُ

وأحمد المصطفى المختار سيدنا         وما لنا غير وجه الله مقصودُ

        فهم خير أمة ما دام الله هو غايتهم، والرسول هو القدوة والمثل الأعلى لهم.

شكري القوتلي:

        ولقد زار الرئيس شكري القوتلي مدينة أعزاز عام 1944م، وكان الشيخ عيسى الخطيب في استقباله مع لفيف من العلماء وقادة القوم، فقال:

هذي الوفود جميعها    هذا القضاء بأسره

بمروجه وزروعه             ورياضه وبزهره

بشبابه وشيوخه          وببيضه وبسمره

وبأرضه وسمائه           وبشمسه وببدره

دقت طبول سروره      عزفت معازف زمره

لك رفرفت أعلامه      وبدت علائم بشره

متقدم لك بالتحية           يا مجدد ذكره

ومرحب بك يا زعيـــــــــــــــــــــــــــــــــم برأسه وبصدره

         ويقول فيها بعد هذه التحية التي لا تخلو من مبالغة حيث جعل الأكوان كلها يحيي الرئيس شكري القوتلي ويسترسل الشاعر، ويحذر الشاعر الرئيس من الذئاب التي تتربص شراً بهذه الأمة، فيقول:

لك سوريا قد سلمت              والشعبُ أجمعه مطيع

هو كالقطيع يسير خلــــــــــــــــــــــــــــــــــفك عشت يا حامي القطيع

احذر عليه من الذئا              ب فدأبها الفتك الذريع

إن الذئاب كثيرة                    في كل منخفضٍ وريع 

      وينصحه الشاعر  بجملة من النصائح الثمينة، فيقول:

فاسلك به سبل الحضا        رة واصل السير السريع

متقدماً حيث الجدو         د بنوا لنا الصــــــــــرح المنيع

وأعد لنا ماض تصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرم والزمــــــــــــــــان إلى رجـــــوع

وانهض بهذا العالم الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعربي للأوج الرفيـــــــــــــــع

إلى أن يقول:

العلم لقنه ومن                 حجب الجهالة عرّه

هو ليس يرضى بالهوا               ن لزيمه في دهره

وهو الذي عقد الرجا         ء على الكفيل بنصره

شكري وهل شكري يقو       م له بواجب شكره ؟

        إن الكلمات تعجز عن شكر الرئيس الذي أحبه الشعب السوري، وجاء إلى الحكم بالانتخاب لا بالانقلاب.

تهنئة هاشم الأتاسي:

         وقال عيسى الخطيب مادحاً ومهنئاً السيد هاشم الأتاسي الذي تولى منصب رئيس الجمهورية عام 1950م، وألقاها على مسمع منه في الاحتفال الذي جرى في القصر الرئاسي بدمشق باسم وفد حلب وتوابعها جاء فيها:

إليك يابن العلا زفّت على مهلٍ                 تميسُ مختالةً في أجمل الحللِ

عادت إليك على شوق وقد عرفت           منك الوفاء فلم تجنحْ إلى بدل

مولاي أنت الذي في ذاته اجتمعت       أخلاق أهل العلى والسادة الأولِ

إن الزعامة عبء لايقوم به                 إلا النزاهة والإخلاص في العمل

وقد بليتَ بها قدماً وقمت بها             حيناً وقد سرت فيها سير معتدل

هذي الوفود أتت تسعى مهنئةً            تبدو عليها سمات البشر والجذلِ

كأنها يوم أصبحت الرئيس لها              في يوم عيدٍ أتى بالخير مكتمل

فاهنأ بها ولتكن فيما مضى وأتى            أيامك الغرُّ فينا مضربَ المثلِ

      وقد أشاد الدكتور الداعية مصطفى السباعي -رحمه الله- بأخلاق هاشم الأتاسي في كتابه عظماؤنا في التاريخ وهذه شهادة تزكية لهذا السياسي المخضرم ...

الحبيب بورقيبة:

      لقد أظهر الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الإلحاد، وعارض تطبيق الشريعة، واغتال الأحرار، وسجن الدعاة، ودعا إلى السفور، وأمر بالإفطار في رمضان، وقد نشر عبر التلفاز صورة خلعَ فيها حجاب امرأة بيديه في الشارع، ودعا إلى مساواة المرأة بالرجل، وحرم تعدد الزوجات، وجعل ذلك قانوناً يعمل به إلى الآن، فردّ عليه الشيخ الطاهر بن عاشور في موقفه المشهور، وكذبه، وفضحه أمام الملأ، وتابع الشيخ عيسى الخطيب أخبار بورقيبة، فما كان منه إلا أن يندد بسياسة الرئيس التونسي، الحبيب بورقيبة (1903- 2000م ) لمواقفه تجاه العروبة والإسلام ، فكتب قصيدة بثت من الإذاعة السورية عام 1965م يقول فيها:

ويح بورقيبة ما أصغره                أيّ حقّ واضح أنكره

حقنا في أرضنا في قدسنا           في فلسطين الذي حقره

يا له من أحمق مختبل                حبه المنصب قد أسكره

جاء للتاريخ فاستبدله                  وإلى دين الهدى غيره

وغدا بالغرب مزهواً وقد           غمط الشرق الذي أظهره

ويبين الشاعر عيسى الخطيب أسباب انحراف الرئيس التونسي عن طريق الهدى والنور،  فيراها في تقليد الغرب، والهوى، وحبّ الذات والغرور ..، فيقول:

لست أدري ما الذي ضلله     لست أدري ما الذي سخّره

أهو الغرب الذي استعبده         أم هو المال الذي استكثره

وهو العجب وحبّ الذات، أم      ذلك الحقد الذي أضمره

أم مزيد من عناد وهوى                  وفسوق تائها سيّره

ودعا الشبان العرب من المجاهدين إلى التخلص من بورقيبة ولو بالقوة وحدّ السيف، فقال:

يا بني قومي أما فيكم فتى             باسلٌ يصغي لمن ذكره

يضع السيف على رقبته             ماحياً بالسيف ما سطره

فهو الجاني على تاريخنا                   وهو الهادم ما عمره

ليس للعرب حبيباً إنه                 لبغيض عند من أبصره

شقي الشعب الذي قدمه            تعس الحرب الذي أمره

نسي الذين الذي كرمه             خذل الشعب الذي وقره

ما رعى حقاً لمخلوق ولا              خالق يا بئس ما قدره

قد عصى أمر الذي أنشأه          (قتل الإنسان ما أكفره)

وكتب قصيدة حين زار عبد الحميد السراج مدينة أعزاز في كانون الأول عام 1960م، وقد طالب الحكومة بمياه الشرب للبلدة أسوة بالبلدات المجاورة، فقال:

عبد الحميد لنا إليك قضيةٌ     هي في الحقيقة في يد الحكامِ

إنا لنرجو أن توفّق مخلصاً         في حلّ ما نلقى من الإبهام ِ

أيجوزُ أن تبقى أعزاز دائماً        ظمأى تكابدُ شدّة الأعوام ِ

والماءُ يجري سلسبيلاً صافياً         بالقرب منها مرمى الرامي

في كفر جنّة حيث يجري دائماً    ينسابُ فيها من ذرا الآطام ِ

عذباً نقياً لا يعكر صفوه              إلا ورود عصابة الآثام ِ

عبد الحميد اليوم أنتَ سراجنا    بك نستنيرُ على مدى الأيام ِ

فأمرَ لتحويل المياه لبلدةٍ      عطشى ليبرد كلّ قلبٍ ظامي

وللشاعر في المديح  قصائد كثيرة، منها قصيدة في الثناء على الشيخ العالم المربي  محمداً أبي النصر الحمصي -رحمه الله-، وأخرى مدح بها الطبيب هشام السباعي، الذي أجرى له عملية جراحية لاستخراج الحصى في الكلية، ورحب بالرئيس شكري القوتلي، بقصيدة، حينما زار القوتلي، بلدة إعزاز، وحذره من مكائد الفرنسيين .. وهنأ السيد هاشم الأتاسي بتوليه رئاسة الجمهورية، وقد وقفنا عندها.

قرأ دواوين الشعراء القدامى والمعاصرين، وتأثر بابي العتاهية، والشاعر عبد الرحيم البرعي، ويفضل أبي فراس على المتنبي، كما قرأ الكثير من كتب العلم، ككتاب جامع الأصول للإمام ابن الأثير، وكتاب معجم البلدان لياقوت الحموي، وكتاب إعلام الموقعين للإمام ابن القيم، وكتاب إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي، وغيرها .

1ــ يوجد لديه ديوان شعر مخطوط، بعنوان: الروض الخصيب، يبلغ عدد صفحاته حوالي: 200 صفحة، اشتمل على عشرات القصائد من الشعر العامودي الخليلي الرصين، وتناول فيه أغراض الشعر المختلفة، وضمنه ديوان شعر بعنوان: العقد الدري في مولد الرسول العربي، صلى الله عليه وسلم، تناول فيه جوانب من السير النبوية العطرة، بلغ عدد أبياته ( 190 بيتاً ) .

وديوان الشاعر موجود عند أحد أحفاده، الأخ والصديق العزيز الشيخ سيد أحمد السيد، ولد الشيخ فياض نسخة مصورة عنه ..

وله قصيدة طويلة، ( 200 )، في الفقه الشافعي، مطلعها:

نجاسة ليس يراها البصر              عنها عفوا وانها تصور

2ــ وكان ينوي تأليف كتاب في تاريخ بلدة اعزاز، ولم يتح له ذلك .

3ــ وله كتيب صغير بعنوان: الدر النظيم من طرائف التقويم، جمعه من مفكرة التقويم.

4ــ ونشر له بعض القصائد في بعض المجلات والدوريات، كمجلة التمدن الإسلامي الدمشقية، لصاحبها الأستاذ الشاعر أحمد مظهر العظمة رحمه الله، والتي نشرت له قصيدة بعنوان: أحلام في ذكرى مأساة فلسطين،  تجاوز عدد أبياتها الستين بيتاً، والتي مطلعها:

قالوا فلسطين مضت فأجبت لا              تأبى العروبة ذاك والإسلام

لا بدّ أن يأتي زمانٌ نلتقي                   فيه ويفصل في النزاع حسامُ

قالوا : السلام فقلت تلك خديعةٌ          نكراءُ قد خدعت بها الأقوامُ

هيهاتُ ما دعوى السلام صحيحةٌ       أيكونُ قد مابين الذئاب سلامُ

قالوا : مضى عهد الرقيق فقلت: لا       ما دام – ثمّة – حاكمون لئامُ

يتطاولون على الشعوب ببيغهم                  فكأنها من دونهم أغنام ُ

قالوا: تقدمت الحضارة وازدهتْ      وتراجعت – عن ظلمها – الحكامُ

 فأجبتهم ما في الجزائر شاهدٌ                بالعكس والضعفاء والأيتامُ 

قالوا: ستصطلح الشعوب ونلتقي           ويزول من بين الأنام خصامُ

فأجبتهم يا حبذا لو صحّ ذا                لكنه – فيما أرى – أحلامُ

-ونشر عيسى الخطيب في مجلة حضارة الإسلام، لصاحبها العلامة الدكتور الشيخ المجاهد مصطفى السباعي رحمه الله، وكذا مجلة الدنيا، وبعض الصحف .. كجريدة الجماهير الحلبية، التي نشرت له مقالة بعنوان:

مشكلة الرغيف . وشارك في أمسيات شعرية، في المركز الثقافي في إعزاز، في السبعينات من القرن العشرين الميلادي ... وقدمه الطبيب الشاعر عادل المصري بقصيدة، بلغت ( 18 ) بيتاً، قال فيها:

أخا  الفصاحة  قد   شوقتنا زمنا            فالساع ساعك يا أغلى الأصاحيب

بنات وحيك في الآفاق  مسرحها              وفيض شعرك نفح الزهر والطيب

كفاك فخراً إذا ما القوم قد فخروا            بان  فكرك    نضاح   الأعاجيب

وأشاد الشاعر بشعر أستاذه:

فرائد الشعر قد روضت جامحها       وغصت في درر الصيد الأعاريب

فجاء شعرك وضّاء كما انتثرت       زُهرُ النجوم على صدر ابن يعقوب

هبنا – فداك نفوسنا – من قصائدكم      شعراً تألق من حسن وترتيب ِ

فمن صباك رأينا بعض ما نسجت       لواعج الحبّ من وجد وتشبيب

ومن كهولتكم هلا رويتَ لنا         بعض القصائد من فيض التجاريب

تجلببَ الكلم المنظوم حلتها             شعراً عجيباً وحسناً غير مجلوب ِ

لله شعرك ياخطيبُ غنيمةً                 للضاد أنت رفعتَ من راياته

أكرم به شعراً تألق نوره                   ألقاً وصار الدهر بعض رواته

وقال في آخرها:

لا يولد الشعر  إلا  بعد معضلة             مثل  المخاض  عناء    للرعابيب

معلمي إن بدا وهن بما خطرت              مني القوافي فاعذر ضعف ترحيبي

أما بالنسبة إلى الشعر المنثور، فإنه لا يستسيغه، ولا تقبله نفسه، لخلوه من الوزن الشعري، والجرس الموسيقي.

ويرى أن الشعر سليقة وموهبة، والصناعة تهذبه وتجوده، وتزيد من رونقه وبهائه، بشرط عدم الإفراط والتكلف، أما إذا لم تتوفر له السليقة الشاعرة والفكرة الصاخبة، فإنه يتولد غثاً مشوهاً ثقيلاً، لا تقبله الطباع، ولا تستلذه الأسماع ..

وكان يقول: إن الشعر مشتق من الشعور، وأصدق الشعر ما كان منبعثاً عن شعور وجداني صادق ..، ويستشهد بقول أمير الشعراء أحمد شوقي - رحمه الله- :

والشعر ما لم يكن ذكرى وعاطفة            أو حكمة، فهو تقطيع وأوزان

مرضه، وإصابته بالشلل:

 وفي عام 1980م أصيب بشلل نصفي إثر إصابته بجلطة دماغية ثم عوفي من أكثره، وتابع الإمامة في مسجد المحسنين قرب بيته، كما تابع الخطابة في جامع الشيخ طاهر (الزيارة) إلى حين وفاته.

أحواله الاجتماعية والأسرية:

تزوج الشيخ عيسى الخطيب من السيدة الفاضلة عاتكة حسن الخطيب وأنجب منها عدة أولاد ، 2 من الذكور:

1-             محمد ماجد: ولد سنة 1964م وحصل على الثانوية، ولم يتزوج وقد توفي سنة 1998م رحمه الله تعالى .

2-             أحمد ظافر: ولد سنة 1964م وهو توأم لأخيه محمد ماجد درس فالحقوق، وكان ماهراً بالخط، ويكتب الشعر، ويعمل في دولة الكويت، ويقيم فيها.

وله تسع بنات، وهن:

3-             عائشة أم ياسر: توفيت عام 2016م، وهي زوج عبد الحسيب سقار.

4-             نفيسة أم محمد عصام: زوج الأستاذ محيميد .

5-             فاطمة أم سيد: ولدت عام 1947م توفيت عام 2010م.

6-             سلوى: وتقيم مع زوجها.

7-             يسرى أم محمد: زوجة عبد العليم الخطيب رحمه الله.

8-             سعاد أم علي: توفيت 2008م، وهي زوجة فاتح حنو .

9-            بثينة أم محمد .

10-        غصون أم مصطفى (صافي): وتقيم مع زوجها رياض زعزوع .

11-        لبابة أم عمر: وتقيم مع زوجها في الكويت.

وفاته:

أجريت له عملية جراحية في الموثة (البروستاتا)، فلم تنجح، فكانت سبباً في موته حيث توفي – رحمه الله- في 22 شهر نيسان من عام 1994م، ودفن في أعزاز، عن عمر ناهز الخامسة والسبعين سنة، قضاها في العلم والتعليم، رحمه الله تعالى .

أصداء الرحيل:

 كان الشيخ عيسى الخطيب دمث الأخلاق حيياً مهذّباً تقياً ورعاً وقوراً، كريماً على قلة ذات يده، حليماً مع أهله وأسرته ومعاشريه.

ورثاه سبطه سيد أحمد محمد السيد: أستاذ اللغة العربية في جامعة طامسون بتركيا، والقصيدة تحت عنوان: ( حبر أعزاز وشاعرها الكبير)..

قف في رُبى أعزاز نبكي عيسى       نجلَ الخطيب العالم المأنوسا

الشاعر المنطيق والغرد الذي            بعلومه أحيا قرى ونفوسا

وعلى ثرى صوران كان ولادة       وعلى التقى فيها نشا منفوسا

والخسروية أطلعته عالماً                     متألقاً في علمه ورئيسا

أمعلم الأجيال كنتَ موفقاً              نُصحاً لها وممارساً تدريسا

لم تأل جهداً في النهوض بأمة         عاشت مرير جهالة وببوسى

كافحت الاستعمار مع شرفائنا      حتى دحرتم بالهدى الكابوسا

لله درك عالماً ومثقفاً                       ومُكرساً لثقافة تكريسا

لله درك تربوياً ناجحاً                        ومعلماً متميزاً تدريسا

مارست تعليماً عقوداً أربعاً          بالصبر والإخلاص كان أنيسا

لله درك داعياً لله في                     قول وفعل لا يخاف رئيسا

          أما الفرائض فهي ميدان لكم          ولكم أجدتم قسمها تمريسا

            لله درك شاعراً متمكناً                 لفظاً ومعنى رائعاً ملموسا 

          لاسيما مدح الحبيب محمد            كنتَ المجلّي فيه والمنفوسا

          يا راصداً أحداث أمة أحمدٍ            آمالها، وسعودها ونحوسا

          قد عشتها صورتها في دقةٍ             ونظمتها شعراً أغرّ نفيسا

مصادر الترجمة:

1ـ  ترجمة ذاتية، كتبها الشيخ الشاعر، بقلمه، جواباً  منه لطلب الأستاذ الأديب علي الزيبق، رحمه الله تعالى.

2ـ ومن مجموعة أشرطة كاسيت: حاوره فيها ولده محمد أبو المجد.

3- ديوان الشاعر عيسى أحمد الخطيب: تقديم، وتحقيق سبطه سيد أحمد السيد.

4- مقالة الشيخ فياض العبسو – منشورة في رابطة أدباء الشام .

وسوم: العدد 834