أسد الإسلام وقائد المسلمين في عصره ألب أرسلان

clip_image001_dc1e7.jpg

كان ألب أرسلان محمد بن جفري بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق رابع حكام السلاجقة، ويعني اسم ألب أرسلان الأسد الثائر وهو الاسم الذي اكتسبه من مهاراته في القتال وانتصاراته العسكرية. بعد وفاة طغرل بك المؤسس الحقيقي لدولة السلاجقة سنة 455 هـ/1063م تولى ألب أرسلان ابن أخيه حكم السلاجقة، وكان قبل أن يتولى السلطنة يحكم خراسان وما وراء النهر بعد وفاة أبيه داود عام 1059 م، وكان يعاونه دوما وزيره أبو علي حسن بن علي بن إسحاق الطوسي، المشهور بنظام الملك. استطاع في عهده أن يفتح أجزاء كبيرة من آسيا الصغرى وأرمينيا وجورجيا.

لم يتولى ألب أرسلان يتولى الحكم والرئاسة حتى قامت العديد من الفتن والثورات كان أولها ثورة أخيه سليمان وابن عم أبيه شهاب الدولة قتلمش سنة 465 هـ/1064م وبعد أن استولى على الري عاصمة الدولة وأعلن نفسه سلطانًا. أحبط ألب أرسلان محاولة من عمه بيغو للاستقلال بإقليم هراة سنة 457 هـ/1065م وبعد سنوات من العمل الجاد نجح ألب أرسلان في المحافظة على ممتلكات دولته، وتوسيع حدودها، ودانت له الأقاليم بالطاعة والولاء، وقام بإخماد الثورات المتتالية من القبائل التركمانية التي تعيش على السلب والنهب.

نشبت معركة ملاذ كرد بين جيشين جيش الروم والذي يتعدى مئتي ألف جندي وجيش القائد ألب أرسلان الذي لا يتجاوز الأربعين ألف جندي، فلما عزم القائد ألب أرسلان على البدء بالمعركة سأل إمام الدولة، الإمام أبو نصر البخاري واستشاره في الأمر فقال له: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره، وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله تعالى قد كتب باسمك هذا الفتح، ولكن اجعل المعركة وقت صلاة الجمعة لتدعو لك الأئمة على المساجد بالنصر، فإن بها ساعة إجابة.

فدخل القائد خيمته واغتسل غسل الموت وتكفن ووضع الحنوط، ثم خرج فحث جنوده على القتال وقال من كان يحبني فليفعل مثلي، ففعلوا جميعا مثله. ولما بدأت المعركة دب الله الرعب فى جيش الروم.

فمن سيحاربون!! إنهم أموات فكيف يقتلون أموات؟!

وبفضل الله وشجاعة المسلمين وثباتهم على الحق انتصروا على هذا الجيش الجبار الكبير.

فأين العرب وجيوشها؟

أين العرب وسلاحها؟

أين العرب ورجالها؟

اين العرب.........؟

هل قوتنا بالنسبة لقوة أعدائنا أقل من قوة ألب أرسلان بالنسبة لأعدائه؟

لا لا لا أظن...

ولكن القائد الملك ألب أرسلان كان رجلاً تقياً واستعان ببطانة طيبة تقية، وأكبر دليل على هذا أنه علم ابنه الأخلاق، فكان تقياً واستكمل مسيرة أبيه، وأصبح سلطان عادل يتحرى العدل.

فمما يروى عن عدله أنه أتاه رجلان وقع عليهما ظلم ولم ينتصر لهما أحد، فقال لهما خذا بيدي واحملاني إلى الوزير فاستكبر الرجلين الأمر.

فلما أصر فعلا ما أمرهما به وأخذ كل منهما بيده وحملاه إلى الوزير، فبلغ ذلك الوزير نظام الملك فقام حافياً، وتلقاه متعجباً مستفسراً: ما هذا الذي أرى !!؟

قال السلطان: أنت الذي أحوجتني إلى هذا، لقد عينتك لتدفع عني الظلم، فإذا لم تدفعه عني أخذاني يوم القيامة هكذا، يخاصماني أمام ربي وما يدريني أن يأمر بي فأطُرح في النار!! وما أطمأن حتى علم بإنصاف الرجلين، والأخذ على يد من ظلمهما.

ومن أروع قصصه أيضاً أنه لقي بائع و هو في رحلة صيد يبكي، فقال له لما تبك فقال أخذ ثلاثة غلمان البطيخ الذي أبيعه، فقال له اذهب إلى المعسكر و انتظرني حتى أعود، فلما عاد نادى الساقي وقال له السلطان إني أشتهي البطيخ فابحث عند الجند ربما تجد بطيخ لي، ففعل الساقي و أتى له بالبطيخ. فقال له السلطان من أين هذا البطيخ؟ قال الساقي من خيمة الحاجب. فأمر بالحاجب وسأله عن مصدره، فقال له أتى به غلمان ثلاثة. فقال السلطان له أريدهم الساعة.

فهرب الغلمان عندما أحسوا الشر من الملك، فأتى الحاجب إلى السلطان و قال له قد فروا، فأمر السلطان بأن يصبح الحاجب عبداً لدى البائع جزاء لما فعل الغلمان، فأشترى الحاجب نفسه من البائع بثلاثمائة درهم، و قال له: أرضيت؟

قال البائع: نعم

فقال له الحاجب امض راشداً.

وكان ألب أرسلان امتدادًا لعمه طغرل في القدرة والكفاءة والمهارة والقيادة، فحافظ على ممتلكات دولته، ووسع حدودها على حساب الأقاليم المسيحية للأرمن وبلاد الروم، وتوَّج جهوده في هذه الجبهة بانتصاره على الإمبراطور ألكسيوس الأول في معركة ملاذ كرد في ذي القعدة 463هـ آب  1071م وأسر الإمبراطور ألكسيوس الذي لم يخلص نفسه إلا بفدية كبيرة قدرها مليون ونصف دينار وعقد البيزنطينيون صلحًا مع السلاجقة مدته خمسون عامًا، واعترفوا بسيطرة السلاجقة على المناطق التي فتحوها من بلاد الروم.

قُتل بعدها في 10 ربيع الأول 465هـ/29 تشرين الثاني 1072م على يد أحد الثائرين عليه، وهو في الرابعة والأربعين من عمره، وخلفه ابن ملكشاه.

وسوم: العدد 836