الأديب الداعية الدكتور حسني مصطفى ناعسة

(1948- 2008م)

clip_image001_1ab67.jpg

هو الأديب الداعية الدكتور حسني مصطفى حسين ناعسة من أدباء حلب وأعلامها وشعرائها، ومن أبناء الدعوة الإسلامية الراشد، ...

مولده، ونشأته:

ولد حسني مصطفى ناعسة في ( 27/7/1948م ) من أسرة شعبية متوسطة الوضع الاجتماعي في مدينة حلب – سوريا، ونشأ في كنف مصطفى حسين الذي توفي بعدما اكتحلت عيناه بمرأى ابنه حسني في عام 1994م، وكان والده تاجراً للحبوب متواضعاً، وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، وأما والدته فهي السيدة الفاضلة (فاطمة) التي توفيت بعد والده بمدة قصيرة، وكانت أمية وربة بيت لها 12 ولداً، 8 ذكور، و4 بنات، ومن أبرز أولادها:

-محمد مصطفى ناعسة: وهو أكبر أولادها، وكان معلماً في مدارس حلب.

-فاطمة مصطفى ناعسة: دكتوراه في الاقتصاد في جامعة القاهرة بمصر.

-مروان مصطفى ناعسة: حصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة فرنسة، وقد توفي في حلب عام 2018م رحمه الله تعالى.

دراسته، ومراحل تعليمه:

وعاش حسني مصطفى ناعسة في كنف تلك الأسرة الفقيرة حتى أنهى مرحلته الثانوية بتفوق، فكان الأول على الناجحين في شهادة الدراسة الثانوية العامة في سورية العام الدراسي 1966- 1967 في مدينة حلب، مما أهله لمنحة تعليمية درس بها في كلية الآداب في جامعة حلب، وحصل منها على الإجازة في اللغة العربية وآدابها، وتخرج فيها في 1971م، وكان من زملائه في الجامعة الذين سبقوه بدورة واحدة الأستاذ الشاعر يحيى بشير حاج يحيى، ود. عثمان مكانسي، وعصام قصبجي، وعدنان شيخوني... وغيرهم، وكانت الدولة تمنحه راتباً شهرياً بوصفه الطالب المتفوق في الشهادة الثانوية وفي الدراسة الجامعية، وكان الأول على طلبة جامعة حلب وسوريا في تخصصه في الأدب العربي مما أهله لمنحة علمية أخرى يدرس بها الدراسات العليا في الأدب العربي القديم في سنة 1974م من كلية الآداب في جامعة القاهرة في مصر على حساب جامعة اللاذقية في سوريا، فتزوج، من د. زينب بيره جكلي عام 1971م، وكانت مثله خريجة من جامعة حلب قسم اللغة العربية، وذهب معها إلى القاهرة في عام 1972م، وهناك حصل على الماجستير في الأدب العربي القديم في سنة 1974م، وكان موضوع رسالته (شعر الفقهاء في القرن الثاني للهجرة)، ثم تابع دراسة الدكتوراه، وكان موضوع رسالته فيها هو (الكتابة الفنية في مشرق الدولة الإسلامية في القرن الثالث الهجري)، كما حصلت زوجته زينب بيره جكلي على الماجستير في الأدب العربي الحديث من كلية دار العلوم في جامعة القاهرة وكان عنوانها ( محمد سعيد العريان: حياته وأدبه)، وكان د. حسني ناعسة خلال هذه المدة يدرس دبلوم الدراسات الإسلامية العليا في معهد الباقوري في القاهرة، وقد حصل على شهادته، وسجل رسالة الماجستير في الفقه الإسلامي وكان موضوعها( المال في الاقتصاد الإسلامي) إلا أنه لم يستطع متابعة الدراسة فيه بسبب حصوله على الدكتوراه في الأدب العربي القديم 1978م، وعودته إلى سوريا .

أعماله، ومسؤولياته:

clip_image004_6bc44.jpg

التحق بجامعة اللاذقية بعد عودته من مصر، وفي 1979م أخذ لأداء الخدمة العسكرية، ثم انتدب منها للتدريس في الجامعة نفسها، وظل فيها مدرساً حتى 29/4/ 1981م إذ اعتقل، وهو خارج من إحدى محاضراته فيها، وظل قابعاً في معتقله اثنتي عشرة سنة يعاني التعذيب الشديد والآلام، ولاسيما بعدما كسرت عظام قفصه الصدري، ونزفت رئته، فلما خرج منع من العودة إلى الجامعة، ومن مزاولة أي نشاط ثقافي أو تعليمي..حتى صار يصدر باسم مستعار محمد حسني مصطفى لأن السلطات السورية منعته من النشر باسمه، فكان يكتب وينشر بذلك الاسم المستعار، ولم يتوقف عن التأليف حتى الرمق الأخير من حياته، وقد أكرمني الله فزرته في بيته في حلب برفقة الأخ الأستاذ أبي عبد الله (أنيس جنيد) فوجدته في حالة من الفقر مزرية، وكان يعمل في دار الأيتام، ثم عمل في دار القلم، وفي مكتبة المستقبل بحلب، وقد استغلت دور النشر تحقيقات الدكتور حسني، ولم تعطه من حقه إلا القليل.

عمل لفترة وجيزة أميناً للمكتبة في الثانوية الشرعية (الخسروية)، وكان يدرس فيها بعض الحصص في اللغة العربية وعلومها.

أخلاقه، وصفاته:

 

كان -رحمه الله- يملأ الإسلام شغاف قلبه، ويعمل له بصمت، وقد رفض الخروج من سوريا أيام الحوادث المشؤومة على الرغم من قدرته على ذلك؛ لأنه كان يرى أن على المسلم أن يبقى في بلاده، وينفع الآخرين بعلمه وجهده

وكان يتمتع بذاكرة قل نظيرها، وكان يحفظ القرآن الكريم، ويحفِّظه الناس في سجنه، وكان شغوفاً بالعلم إلى درجة أنه ينفق القسم الأعظم من ماله على شراء الكتب والمخطوطات ومكتبته في حلب عامرة بنفائس الكتب.

وكان حليماً صبوراً على شظف العيش يساعد أهله كلاً على انفراد، بما آتاه الله من راتبه، وينأى بنفسه عن زخرف الدنيا ومتاعها، وكان شديد البر بوالديه، لم يشأ أن يتركهما ويسافر حتى توفيا، وقد خدم أمه بعد خروجه من السجن بنفسه كما خدم أخته المقعدة حتى توفاهما الله قبله.

كان أديباً يتمتع بأسلوب متين يشابه أسلوب الأوائل لقوته، وله قصة العودة وقصص قصيرة عديدة لم تسجل باسمه لأن السلطات السورية منعته من النشر باسمه.

كان شاعراً ينفح شعره بعواطف إيمانية صادقة وبالشوق والحنين عندما كان يبعد عن أهله.

وكان من عادته أنه ينام بعد صلاة العشاء مباشرة ليستيقظ ليلاً ويمارس نشاطه الكتابي إذ كان شديد الحب للعلم، وكان لا يتكلم إلا باللغة العربية الفصحى، ولا يرى إلا كاتباً أو قارئاً، وكان صموتاً لا ينطق إلا قليلاً.

clip_image006_aa9b4.jpgوصفه الشاعر يحيى بشير حاج يحيى، فقال: ( رحمه الله تعالى كان زميلاً عزيزاً وأخاً متواضعاً عاصرته في جامعة حلب، وكان بعد دورتنا بدورة، زرته مع بعض الإخوة في بيته بحلب، وكان مهتماً بمكتبته منذ أيام الدراسة.

مؤلفاته:

ومن كتبه:

1- شهر الفقهاء نشأته وتطوره حتى نهاية العصر العباسي الأول – وهو رسالة ماجستير.

2-الكتابة الفنية في مشرق الدولة الإسلامية في القرن الثالث للهجرة- وهو رسالة الدكتوراه.

3-النثر في العهد العثماني.

4-شعر المحمودي.

5- الشعر في الجزيرة العربية.

6- قصة العودة: وهي في الأدب الفلسطيني.

7- روائع من الأدب القديم: شرح فيه قصائد قديمة من العصر العباسي في مجال تخصصه، وكان قد ألفه للتدريس في الجامعة، وقد سلمه للجامعة لتطبعه ولكنه فقد بعد اعتقاله.

8- قصص دينية وتاريخية وكتيبات أدبية تعرف بأدباء العصر : الشافعي، وابن المبارك، وعروة ابن أذينة، وسابق البربري، وغيرهم، وكانت تطبع تحت اسم مستعار محمد حسني مصطفى.

أحواله الاجتماعية:

تزوج حسني مصطفى ناعسة من السيدة الفاضلة د. زينب بيره جكلي وقد أنجب منها ثلاثة بنين، وثلاث بنات: الدكتور المهندس عبد السلام ناعسة، ومصطفى ناعسة: وهو حاصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، وصفاء ناعسة: وهي حاصلة على الماجستير في الأدب العربي الحديث، ولديها إجازة في القراءات العشر الصغرى والكبرى.

وقد تزوج الدكتور حسني ناعسة من امرأة أخرى حين تعذّر عليه اللحاق بزوجته الأولى في الإمارات، وله منها ثلاثة أولاد هم:

- عبد الحليم، وكان والده قد هيأه لدراسة الشريعة، وأوصى بمكتبته القيمة له بعد وفاته، ولكنه أعرض عن الدراسة بعد وفاة والده.

-وله ابنتان هما: بيان، وآمنة، وجميعهم لم يتم تحصيله العلمي، وهم يقيمون في تركيا بعد الثورة مع النازحين، ولا يزال أولاده على صلة بهم.

وفاته:

عاش د. حسني مصطفى ناعسة بعد ذلك منهك القوى، وظلّ مرضه الصدري يعاني منه بين الفينة والأخرى حتى قضى عليه إذ امتلأت رئته ماء، فأغمي عليه، ونقل إلى المستشفى فجر 23/2/2008م، وفيه توفاه الله في اليوم نفسه عن عمر ناهز الستين عاماً .

رحم الله الدكتور حسني مصطفى ناعسة رحمة واسعة، وأسكنه الفردوس الأعلى مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومع الشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقاً.

مصادر الترجمة:

1- الفقيد الداعية حسني مصطفى ناعسة – بقلم د. عثمان قدري مكانسي- رابطة أدباء الشام – 01 آذار 2008م .

2-  رسالة من زوجته د. زينب بيره جكلي بتاريخ 1 تشرين الأول عام 2019م.

وسوم: العدد 845