" أبو سائد " شباب العطاء والنضال والتضحية

clip_image002_cf930.jpg

عرفناه في أحلك المواقف والمراحل رجلاً شامخاً ومقداماً وصبوراً ومتحدياً وعنيداً كأعتى صخرة في جبال دير الغصون ، صعباً وعصياً ومثابراً لا يعرف اليأس ولا يعرف الانكسار والحلول المنقوصة ، متمرداً على الواقع المعاش رغم ما ألم به من ظروف قاهرة آخرها هذا المرض الذي يقاومه بعناد وبإصرار على كسر جبروته وإلحاق الهزيمة به .

عرفناه مناضلاً مبادراً ورفيقاً من الرفاق الذين يشار إليهم بالبنان ، كيف لا وهو رفيق درب شهداء ومناضلين قضوا على طريق الحرية والاستقلال ووحدة الوطن والقرار المستقل .

عرفناه أستاذاً ومربياً مختلفاً وموسوعة ثقافية وتاريخية مهمة ، قارع الاحتلال في الزمن الصعب مما أدى إلى اعتقاله مرة تلو المرة وتم فصله من مهنة التدريس التي أحبها وأعطاها من قلبه وروحه .

فلاحاً بسيطاً ، عاشقاً للأرض وزيتونها وقمحها ونخلها وليمونها وصبرها وزعترها البريّ  فكان بحق ابن الأرض وسادنها وعاشقها الملتحم بها يوماً بعد يوم ، يتخطى الحدود الوهميّة التي وضعها الاحتلال ليقطع الوصل بين الإنسان وأرضه في دير الغصون ، يذهب بزوادته ومعوله ليقوم على إعادة الصلة بالأرض وتربية الأمل ، فُحب الأرض عبادة .

أبو سائد ، العنيد بطباعه وسجاياه ، الشاب الذي تجاوز عامه الثاني بعد السبعين ، المصر على مواصلة العطاء ، والذي لا يعرف الراحة ، مواصلاً مسيرته الوطنية والاجتماعية والحزبية بكل مسمياتها ، وباعتباره منسقاً لفصائل العمل الوطني في محافظة طولكرم حيث تراه بروحه الوطنية المنفتحة حريصاً على الارتقاء بالعلاقات الوطنية بين مختلف القوى والفصائل والمؤسسات ، ضارباً عرض الحائط بمحاولات وتربص المرض أن يثنيه عن مهام عمله الوطني التطوعي ، فنراه كل يوم في فعالية وطنية أو ندوة سياسية أو ثقافية أو في ملتقى اجتماعي أو فكري هنا أو هناك ليشكل إضافة وقيمة نوعية على أي لقاء يحل فيه .

هذا هو أبو سائد ، صايل خليل الذي عهدناه بكل هذه الخصال وبكل هذا الثبات والإقدام ، يتحدى كل المعوقات والتحديات ويقدم المثل الايجابي دائما في العطاء ، العطاء بلا حدود .

اليوم يا صديقي ويا رفيق دربي ونحن نواجه معاً ظروفاً مصيرية صعبة ونواجه تحدي الاحتلال الذي يحاول كل يوم سلخنا عن أرضنا وعن هويتنا الوطنية فما أحوجنا إلى حكمة أمثال أبي سائد وتجربته المتجذرة والطويلة عبر مسيرة طويلة منذ انخراطه في صفوف الجبهة الديمقراطية أواخر السبعينيات ليشكل علامة فارقة بوعيه السياسي والفكري والطبقي والاجتماعي وبرؤيته الديمقراطية وتقدميته التي تنم عن ارتباط جدلي بين الموقف الفكري والموقف الاجتماعي ، حيث تتجلى مواقف وآراء الرفيق أبو سائد في كل لقاء تعبيراً عن صدق ورسوخ الحالة وشجاعة الموقف في ظل ما نشهده من انهيار وتراجع لدور القوى اليسارية والتقدمية وتنامي نفوذ وسطوة القوى الدينية التي تسعى نحو أسلمة المجتمع وفرض نموذجها البعيد عن الوطنية الفلسطينية موقفاً وبرنامجاً وهوية .

لمن لا يعرف أبو سائد ، هو رجل من رجالات هذا الوطن ، قابض على جماره ويحرس حلم من رحلوا ، شاعر بالفطرة ، قصائده قصيرة ومعبرة وصادقة ، وقارئ نهم يبحث عن المعرفة وعن الحقيقة ، ينبش دوماً في صفحات التاريخ ليزيل كل هذا الكم من التزييف والتشويه والنكران ، ويؤكد على التاريخ والجدل التاريخي .

نحتاج إلى صوتك وحكمتك والى الشجاعة في الموقف الذي يجب أن يتحلى به الجميع فنحن نتعرض لمؤامرة تصفوية ، ونتعرض لهجمة شرسة وتاريخية تستهدف المستقبل ، وأنت يا أبا سائد ممن يصنعون المستقبل بخطى واثقة ، فلا تترد في بذل المزيد من الجهد ، رغم أننا أحيانا ندعوك للراحة حرصاً على صحتك وسلامتك وأنت يا صديقي لا تقبل أن تترك فراغاً ، فالفراغ هو الموت ، لذلك استمر بذات الدرب وتقدم صفوفنا ، فمعك والى جانبك نسير لنكمل الدرب بكل ثبات المؤمنين والمناضلين ففلسطيننا تستحق التضحية والوفاء ، وأنت الوفيُ المضحي والمناضل دائماً رفيقنا الحبيب صايل خليل .

أطال الله في عمرك وفي ديمومة عطاءك وأعطاك شباب العمل وعطاء الروح ونضال الطريق وطريق النضال الذي لا يعرف المستحيل .

وسوم: العدد 883