محمد بسأم ملص ( حارس أدب الطفولة )

رجال في ذاكرتي 

علماء - أدباء- دعاة 

تحسبه ناسكا في صومعة !؟ وماهو كذلك !وإن كان بعيدا عن الأضواء التي تغر الآخرين  بتضخيم إمكاناتهم على غير ماهي في الواقع !؟ 

إنه الأديب محمد بسأم ملص الذي يتابع كثيرا مما ينشر في أدب الأطفال بعيني نسر ، محدداً  الأخطاء التي يستهين بها بعض المؤلفين ، فتكون بين مخلبين شديدين يمزقها خير ممزق ! لأن الأفكار والمفاهيم والصياغات التي تشكل ثقافة الطفل ، وتنعكس على سلوكه لايجوز السكوت عنها بحال من الأحوال ! يقول الدكتور سعد أبو الرضا -  رحمه الله - في كتابه النص الأدبي للأطفال ( في اتصال الأطفال بهذا الأدب تشكيل لوجداناتهم ، وصقل لمشاعرهم ، وتنشئتهم نشأة سوية صالحة ! إذ يألفون الحق والجمال والخير ،وذلك أفضل أساس لحياتهم ، لاسيما إذا استمرّ  اتصالهم السوي به ، وارتباطهم بقيم الدين ومبادئه بعيدا عن زيف الخرافات والأفكار الضالة!؟ 

**                        **                  * *                        **                              **

عرفت الكاتب أول الأمر من خلال كتابه ( الكتاب والأطفال ) المنشور في الرياض / دار ثقيف ١٩٨٤ ، وأنا في بداية اهتمامي بأدب الأطفال عندما أصدرت سلسلة أناشيد  الطفولة  في عمّان  في أربعة أجزاء .

وكان كتابه أقرب مايكون إلى الدراسة الميدانية من خلال مكانة الكتاب في المدرسة والمكتبات الخاصة والعامة ؛ وهو يدعو إلى أن ينشأ أبناء الأمة على حب الكتاب وتقديره ، ويرى أن يكون الكبار قدوة لأبنائهم في ذلك !

        **                               ****                   **

عالم الطفولة في نظر  الكاتب عالم الطهر والبراءة - وهو كذلك - ولذا غلبت الكتابات النقدية لديه على الكتابات الإبداعية ، سوى كتاب ( الأرنب يسرق القمر ) وهو يهدف منه إلى أنسنة الحيوان لقربه من اهتمام الطفل وإعجابه به ،، بإخراجه من عالمه الحيواني إلى الواقع الإنساني ، فنجح في ذلك أيما نجاح ! ومسرحيتين 

وقد كتب لي أن أزوره في منزله مع الصديق محمد رشيد الرشيد في عمان ٢٠٠٧ م ، لأرى فيه ما استقر  في ذهني من خلال كتاباته الرصينة ، ونقداته الجريئة ، فأهدى  إلي بعض مؤلفاته التي زينت مكتبة الأطفال لدي !

لقد كتب الكثيرون في أدب الأطفال  دراسة وتنظيرا ، وأصبحت في المكتبة مايزيد على العشرين وأكثر في هذا المجال ! وأما الدراسات النقدية لما ينشر بعد أن  أصبح في متناول الأبناء ، فهو قليل بالنسبة للتنظير !؟ 

ففي كتبه التي يحمل كل منها إلى جانب العنوان : دراسة نقدية ، يركز على المصادر التي استقى منها المؤلفون ، ومدى صحتها ودقتها ، مشيرا إلى ذلك ( إذا كان الأساس صحيحا كان البنيان قويا …… فإن تناول الموضوعات الجديدة غير المكررة شكلا ومضمونا يتطلب جهدا واستعانة بمصادر ومراجع قديمة ، ولكن بعض الكتاب يميلون إلى الأسهل ، طالما أنهم يحققون رغبة  ناشر لايهتم إلا بطرح الكتب في الأسواق رغبة في تسويقها ، دون اعتبار حقيقي لقيمتها ، ودون اعتبار لأمور التكرار والتقليد !؟)

ففي كتابه الصادر ١٩٩٢ م ، والذي يحمل عنوان ( النهضة الأوربية في أدب الأطفال : دراسة نقدية ) هدفت الدراسة إلى التخفيف من التهويل الذي وقع فيه بعض الكُتاب في إبراز جهود الأوربيين في النهضة العلمية ، متغافلين عن إنجازات أجدادنا في مختلف المجالات !؟ 

ومن خلال التاريخ الذي تبسط أحداثه في حكايات وجد الكاتب خللا كبيرا في ما يسمى فتح الأندلس الذي  أعده محمود سالم للنشء ، معتمدا على رواية جرجي زيدان التي احتوت على قصة حب وسط أجواء من الفتن والدسائس والشهوات ، ومغالطات أخرى وقد عنون لكتابه : فتح الأندلس في أدب الأطفال ( دراسة نقدية ) وكذلك فعل في كتابه : رجال مرج دابق ( قصة الفتح العثماني لمصر والشام )وقد لاحظ أن المنهج الذي اتبع في الكتاب يركز على رؤية قومية ، تجعل من دولة المماليك احتلالا أجنبيا ، فنتج  عن ذلك سيل من الاتهامات الظالمة في حقهم ، دون أدنى قدر من الموضوعية !؟

وتوالت دراساته النقدية في المجلات الرصينة كمجلة الأدب الإسلامي ، وفي كتب طبعها  بنفسه أو تبنتها بعض المؤسسات لجديتها وأهميتها ، ومنها ( من قصص الأنبياء في أدب الأطفال ) و ( قصص السيرة النبوية للأطفال   ( دراسة نقدية ) ولا يكاد في كل مادرسه  يغيب عنه صحة  المصادر ،بل هو أساس لديه !وكما يقول في كتابه قصص الأنبياء : كان كثير من الكتاب حريصين على تدوين طرائف وغرائب لشد انتباه القراء دون توخي الدقة والحذر !؟ فأدى هذا إلى الوقوع في مجازفات ، منها : ذكر الإسرائيليات  ، وماحول كثير منها من أخطاء تاريخية في حق الأنبياء …. فمن الواجب التنبيهُ  إلى قيمة هذه القصص وأسباب نزولها ، وبسط  عبرها للأطفال في إطار الأخبار الصحيحة !

ولا أجد - وبين يدي كثير من كتبه النقدية - في حرصه على ثقافة الطفل والدفاع عن براءته ، مثلا يقترب منه كثيراً سوى الأستاذ محمود أحمد شاكر الذي لقب بفارس التراث …. فأصف محمد بسام  ملص بأنه الحارس الأمين على ثقافة الطفل  ،وتنشئته بالحقائق دون الأوهام !

وسوم: العدد 1074