نجم الدين أربكان أب الحركة الإسلامية التركية

في ذكراه

جمال زواري أحمد ـ الجزائر

[email protected]

تمر اليوم الذكرى الرابعة لوفاة البروفيسور نجم الدين أربكان أب الحركة الإسلامية التركية الحديثة حيث غادر هذه الدنيا في يوم 27 فيفري 2011 بأحد مستشفيات أنقرة، ويعتبر أربكان صاحب السبع أرواح كما لقبه بعض المتابعين الذي حافظ على بيضة الإسلاميين الأتراك بعد كل الانقلابات العسكرية  التي تعرضت لها تركيا بصبره وحكمته ودهائه ، ولد في 29 أكتوبر 1926 في مدينة "سينوب" على ساحل البحر الأسود، وأنهى دراسته الثانوية سنة 1943 ثم تخرج في كلية الهندسة الميكانيكية بإسطنبول سنة 1948، وكان الأول على دفعته فاشتغل معيدًا في نفس الكلية ثم أرسلته جامعته في بعثة علمية إلى جامعة "آخن" الألمانية وقد ابتكر عدة ابتكارات وهو يدرس في ألمانيا لتطوير محركات الدبابات، ثم عاد إلى تركيا وعمِل أستاذًا بجامعة إسطنبول.

دخل أربكان البرلمان التركي لأول مرة مستقلا في نهاية الستينات من القرن الماضي ليلم شتات كل النواب المؤمنين بالفكرة الإسلامية ليؤسس بهم ومعهم حزب((النظام الوطني)) سنة 1970، وبعد انقلاب مارس 1970 وحل حزبه، عاود تأسيس حزبه الجديد في أكتوبر 1972 تحت اسم((السلامة الوطني)) ليدخل أول حكومة ائتلافية سنة 1974 ، ليأتي انقلاب سبتمبر 1980 الذي قام بحظر حزب أربكان ليعاود تأسيس حزبه من جديد تحت اسم((الرفاه)) في أوت 1983 حيث تتوالى انتصاراته الانتخابية ليتوجها برئاسته للحكومة لأول مرة في جوان 1996 بتحالفه مع حزب الطريق القويم وزعيمته تانسو تشيلر، ليكثف من تحركاته على المستوى الداخلي والإقليمي مما أقلق قيادات الجيش التركي فمارست عليه ضغوطا حتى دفعته للاستقالة في عام 1997 بما عرف ب((الانقلاب الأبيض)) وسيق أربكان إلى المحاكمة العسكرية، ورغم منعه من النشاط السياسي إلا أنه كان وراء تأسيس حزب((الفضيلة)) في ديسمبر 1998 ثم حزب ((السعادة)) بعد حل ((الفضيلة)) في 2001، ليخرج عليه في 2002 بعض أنجب تلامذته رجب طيب أردوغان وعبد الله غول ورفاقهما ويقوموا بمراجعات مهمة لمسار الحركة الإسلامية التركية ويؤسسوا حزب((العدالة والتنمية)) وفق رؤية جديدة تتماشى وإكراهات الواقع التركي المعقد حينها ويستطيع هؤلاء التلاميذ تحقيق ما عجز عنه الأستاذ ليصلوا إلى بسط نفوذهم بشكل شبه كامل على الحياة السياسية التركية منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم وينجحوا في تفكيك كل المنظومة التي واجهها أربكان مرارا ويعيدوا لتركيا المكانة اللائقة بها على مستوى الداخل التنموي والاقتصادي وحتى السياسي والعسكري والموقع الإقليمي والدولي المعتبر، ليكون كل ذلك ثمرة يانعة من ثمار الجهود الكبيرة المتراكمة التي بذلها الأستاذ أربكان رحمه الله على مدار سنين ليحققها أقرب تلاميذه وإن خالفوه في التقدير والأولويات، وكدليل على وفائهم له رغم خروجهم عليه كان اللافت أن الثنائي أربكان ــ وكان رئيس حكومة ــ  وغول ــ وكان رئيس جمهورية ــ هما من حمل نعش أستاذهم إلى قبره يوم وفاته.

رحم الله الزعيم أربكان وجزاه الجزاء الأوفى على ما قدمه لدينه وأمته، ووفق تلاميذه وعلى رأسهم أردوغان إلى مزيد من النجاحات التي يحققونها كل يوم في تركيا الحديثة.