أحمد الجدع

وجهوده في خدمة الشعر الإسلامي المعاصر

أحمد الجدع

حسين صديق حكمي - السعودية

أحمد عبد اللطيف الجدع، أديب أردني نجح في نشر الشعر الإسلامي المعاصر على نطاق واسع من العالم الإسلامي، وساهم بما لا نفيه حقه في هذه الكلمات القصيرة في تقديم دراسات لشعرائه، وتحليلات لشعره، ورصد لمراجعه.

ولا ننسى أنه كان إلى جنبه في هذا المشوار الضخم، الأديب حسني أدهم جرار، غير أننا سنقصر حديثنا على أحمد الجدع، وفي فرصة أخرى نتعرض بتوسع لزميله، حين يكتب الله لنا تلك الفرصة.

يعد الأديب أحمد عبد اللطيف الجدع من أوائل من أولوا الشعر الإسلامي المعاصر وشعراءه عناية خاصة، وكان لذلك الاهتمام صداه في ذيوع هذا الشعر، وتعرف الناس عليه، وعلى حياة شعرائه، وحفظهم لنماذج منه، بل وحتى دراسته وما يتبع ذلك.

وقد ظهرت بواكير هذا الاهتمام في سلسلته الرائدة، التي شاركه فيها حسني أدهم جرار، بعنوان: شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، والتي بلغت عشرة أجزاء. وقد تحدث عن هذه الباكورة في أحد كتبه فقال الجدع: (كان أول كتاب أصدرته في هذا الميدان: شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، أصدرت منه عشرة أجزاء حتى الآن. وقد تكررت طبعاته، وامتد تأثيره، وأدى كثيراً مما كنت أرمي إليه، عندما شرعت في تأليفه).

وقد صدر معظم هذه الأجزاء العشرة عن دار الرسالة، وكانت الطبعة الأولى لأول أجزائها في عام 1398هـ / 1978م. واحتوى هذا الجزء على عدد من الشعراء من أبرزهم: محمد محمود الزبيري من اليمن، وأحمد محمد صديق، وعبد الرحمن بارود من فلسطين.

وهكذا جعل كل جزء يحتوي على ستة أو سبعة شعراء من دول مختلفة، يجمعهم لواء الشعر للإسلام. وقد قدم لكل شاعر بنبذة يسيرة، فيها إلمام بحياته، ودراسة لشعره، ثم نماذج مختارة من أجمل ما قاله ذلك الشاعر، مع ذكر دواوينه إن كان له إنتاج مطبوع، أو إشارة إلى المخطوط، وهي أجزاء غاية في النفاسة لو جمعت للقارئ والباحث في مجلد أو مجلدين، لأغنت غناء ليس بعده، وإن كانت هي في صورتها اليوم نافعة جد نافعة.

ثم أصدر الجدع كتاباً آخر يعتني بالشعر الإسلامي المنشد، عنوانه: أناشيد الدعوة الإسلامية في أربعة أجزاء، بمشاركة زميله حسني أدهم جرار.

وهو يقول عن هذا الكتاب بعد حديثه عن السابق: "ثم أتبعته بالكتاب الثاني: أناشيد الدعوة الإسلامية، أصدرت منه أربع مجموعات، ونال هذا الكتاب كسابقه سيرورة وانتشاراً، وقد غدت أناشيده على ألسن الشباب، وفي منتدياتهم وفي أعراسهم، حلت هذه الأناشيد عند كثير من الشباب مكان الأغاني الساقطة، والشعر المرذول".

وقد احتوت هذه المجموعات الأربع على مئة قصيدة أنشدت، وتغنى بها، كما لم يفته الترجمة لشاعر كل قصيدة، ومناسبة القصيدة إن وجدت، والمرجع كذلك، وهذه الأجزاء الفريدة تعد مصدراً آخر ثرياً للشعر الإسلامي، وشعرائه.

وللجدع سلسلة بعنوان: شعراء العرب المعاصرون، تطرق فيها بتوسع للحديث عن بعض الشعراء الإسلاميين، مثل: الزبيري، والعظم، وعلي أحمد باكثير.

وللجدع كتاب آخر في توثيق الشعر الإسلامي المعاصر، عنوانه: دواوين الشعر الإسلامي المعاصر، دراسة وتوثيق، درس فيه ووثق مئة ديوان، أصدرها الشعراء المعاصرون حتى عام 1985م.

ولم يزل أحمد عبد اللطيف الجدع يولي الشعر الإسلامي اهتمامه فيما يوسع من دائرة نشره، ويكسب له الذيوع حتى أصدر مؤخراً كتابه الرائع والرائد: معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين، وقد قال عنه: "ضم في أجزائه الثلاثة ترجمة لأكثر من مئتي شاعر إسلامي معاصر (في طبعته الأولى)، ينتمون إلى العالم العربي والإسلامي كامتداد طبيعي للرقعة الإسلامية المباركة.

ومن أواخر اهتماماته بالشعر الإسلامي، كتابه الأخير: أجمل مئة قصيدة في الشعر الإسلامي المعاصر، وقد صدر الجزء الأول منه، عن دار الضياء بالأردن، عام 1420هـ/ 2000م. قال في مقدمته بعد أن استعرض تجاربه الواسعة في الشعر الإسلامي: "ولما توافرت لي هذه الخبرة الرحبة في ميدان الشعر الإسلامي المعاصر رأيت أن أضيف كتاباً سادساً لهذا الميدان، فعمدت إلى اختيار مئة قصيدة من عيون الشعر الإسلامي المعاصر ووزعتها على أربع مجموعات، كل مجموعة تحتوي على خمس وعشرين قصيدة...".

وهكذا استعرضنا باختصار الدور الكبير الذي قام به أحمد عبد اللطيف الجدع في نشر وذيوع الشعر الإسلامي المعاصر، ترجم لرجاله، ووضع نماذج لقصائده، وشرح تلك النماذج، وألف في مختارات منه، ووثق دواوينه ودرسها، إنه جهد مضن بلا شك، ولكنه أثمر، وآتى أكله بإذن ربه.

ولم نجد له اهتماماً بالنثر عند الأدباء الإسلاميين إلا فيمن أدخل من الكتاب والنقاد في معجم الأدباء الإسلاميين، ولعل ذلك إدراكاً منه، لتلك المهمة الشاقة التي تحتاج من يتفرغ لها.

توفي الأستاذ الجدع يوم الجمعة 18 رجب 1433هـ الموافق 8/ 6/ 2012م في عمان / الأردن عن عمر 73 سنة.