شيوخ وأساتذة الأستاذ محمد فتح الله كولن

شيوخ وأساتذة

الأستاذ محمد فتح الله كولن

حازم ناظم فاضل

[email protected]

الرحلة في طلب العلم

لم تكن آنذاك مدارسُ ولا معاهدُ -بالمعنى الحقيقي- للعلوم الدينية واللغوية،في منطقة أرضروم ونواحيها.

فمن ناحية قضى الانقلاب العلماني على كل أشكال التعليم الديني في بلاد الأناضول كلها.ومن ناحية أخرى بدأ جيل العلماء ينقرض شيئاً فشيئاً.. فما كان من ملقني العلوم الشرعية آنئذ إلا بعض أئمة المساجد، المتناثرين هنا وهناك، بين القرى والبوادي! ذلك كله بالإضافة إلى عوامل أخرى، جعلت الاستاذ «فتح الله» لا يكاد يستقر عند شيخ من الشيوخ،إلا شهراً أو شهرين، ثم يحمل عصا ترحاله من جديد بحثاً عن شيخ جديد! ولقد وجد في ذلك من مرارة البحث المستحيل، ومعاناة السفر من هنا إلى هناك،ما جعله يروي غليله بنفسه بمطالعة الكتب الدينية واللغوية بشتى أنواعها، دراسةً واستظهاراً حتى نبغ وفاق كثيراً من شيوخ زمانه !

الإمام الألوارلي

محمد لطفي أفندي «الإمام الألوارلي»:

ولد عام 1868 في قرية كنديغي التابعة لقضاء حسن قلعة في محافظة أرضروم. عالم وإمام، وشيخٌ مُرَبٍّ ، وكانت أسرة «آل كولن» كلها متأثرة به أشد التأثر،محبوباً لدى جميع أفرادها،بل مهاب الجانب موقراً أشد التوقير،كان مجرد ذكر اسمه يبعث على ذكر الله. وكانت الظروف كلها مهيأة لفتح الله،كي يتعلق بهذا الشيخ الجليل، فيتلقى عنه العلم والمعرفة، ويرتبط به تلمذةً وصحبةً. فالكلمات التي كانت تخرج من فم الإمام  كان يتلقاها «فتح الله» بسرعة البرق .

كان«الإمام الأَلوارلي» في مجالسه يتكلم عن حقائق العلم والمعرفة ما يبهر القلوب بحديثه الشيق، وبيانه الندي. لم يكن كلامه عادياً كسائر المتحدثين، بل كان يتكلم كمن يصف ما يشاهد، لا كمن يستذكر ما استوعب!

كان الشيخ ممن وُفِّقُوا إلى الجمع بين موزاين الشرع والتفكير الصحيح، وبين مواجيد القلب وأذواق الروح.ولذلك كان له سلطان عجيب على مريديه من الكبار والصغار على السواء.

عاش«الإمام الأَلوارلي»بصدقه النادر حياة روحانية عملاقة، وصحبه«فتح الله» خلال طفولته الأولى حتى حدود بداية شبابه حيث انتقل الإمام الى الرفيق الأعلى ولما يتجاوز «فتح الله»الربيع الرابع عشر من عمره ..

 ولم ينسَ «فتح الله» كيف هاج طبع صاحبه لما علم أن الأسرة سوف ترسله إلى شيخ آخر ليتعلم العربية، فانتفض الشيخ ، وصاح مخاطباً إياه:

«والله..وبالله..وتالله! لو ذهبتَ لتمزقتَ إِرباً إِرباً!»(1)!

كلما كان الشيخ يمسح رأس «فتح الله»وهو يقول: تلميذي، تلميذي(2)؛ فكان «فتح الله» يشعر بالمواهب الربانية تتوارد على قلبه الغض الصغير، فتزداد محبته وثقته بشيخه .

ولم يزل يجد لطافة يد شيخه وهي تدلك شحمة أذنه بلين وهو يقول له:

«لأُرَطِّبَنَّ أُذنكَ حتى تنفتح أبواب ذهنك جميعاً!»(3).

وفاة الإمام الأَلوَارلي

في 12/3/1956 يتلقى الأستاذ « فتح الله» خبراً محزناً عندما كان في أرضروم وهو خبر وفاة أستاذه المعنوي «الإمام الأَلوَارلي»..

يقول الأستاذ «فتح الله» :

«من الحوادث المهمة التي هزتني من الأعماق هو خبر وفاة «الإمام الأَلوَارلي». في ذلك اليوم ونحن ضيوف عند بيت خالة والدي «طيبة خانم» في آلوار. أخذني قليل من النوم بعد صلاة الفجر إذ سمعت هاتفاً يطرق أذني بشدة: «إن أفَا قد مات!» فوثبت من مكاني فزعاً! وذهبت راكضاً إلى مدرسة «قورشونلي» فاذا بي أشاهد الناس وقد أخذوا مناديلهم بأيديهم ويبكون ففهمت أن الشيخ حقاً قد وافاه الأجل»(4).

الحاج صدقي أفندي                          

بعد أن لقنه والده مبادئ اللغة العربية، واطمأن إلى إتقانه للقرآن، قرر أن يرسله إلى «الحاج صدقي أفندي» سنة 1952بقرية«حسن قلعة» على بعد نحو سبع كيلومترات من قريتهم..

هذا الإمام الذي كان مشهوراً بتلقين قواعد التجويد، وبعض العلوم الشرعية. لكن المأساة أن «فتح الله» لم يجد مكاناً للمبيت بمحضرة الشيخ! فاضطر للذهاب والإياب كل يوم ما بين قرية آلوار وقرية حسن قلعة، فكان يقطع كل يوم (7-8) كيلومتراً مشياً على الأقدام ذهاباً وإياباً!(5).

كان الشيخ «صدقي» بزازاً، وكان لديه دكان لبيع القماش في حسن قلعة ، وكان يدرس الطلبة في أوقات فراغه لوجه الله دون طلب أي مقابل لذلك ، وكان رحمه الله رجلاً كريماً ،يقدم لهم طعام الغداء في بيته كل يوم(6).

لكن والد «فتح الله» ما اطمأن -بعد ذلك- إلى وضع ابنه هذا إطلاقاً، فأمره بالانقطاع عن الذهاب إلى محضرة الشيخ صدقي أفندي؛ لأن ما يقضيه من الوقت في الطريق إليها صباح مساء، أكثر مما يقضيه متربعاً بمجلسها، فكانت فرصة أخرى لمعانقة «فتح الله» للكتاب، والسياحة الحرة في أفق المعارف والعلوم وهو في قريته.

الشيخ ســعدي أفندي 

اقترح الإمام «الألوارلي» على والد «فتح الله» أن يرسله ليدرس عند حفيده «سعدي أفندي»(7) عام1954، إمام مسجد «قُورشُونلُي» الموجود بمدينة أرضروم، حيث اتخذ الإمام الشاب غرفة صغيرة جداً من بناء المسجد، جعلها مدرسة لتدريس علوم الشريعة. كانت المدرسة من الضيق بحيث لا تتسع لاستيعاب أكثر من بساطين صغيرين، وكان سقفها من خشب، لا يقي من مطر ولا يحمي من ثلج. ومع ذلك كان يبيت بها خمسة طلبة، ثم جاء «فتح الله» ليكون سادسهم.

انطلق «فتح الله» مرة أخرى إلى المدرسة الجديدة، فإذا به بين يدي إمام شاب، لا يكاد يفوقه سناً إلا بخمسة أعوام أو تزيد قليلاً.

 كان «سعدي أفندي» متمكناً من معارفه، إلا أنه كان عديم الخبرة في التلقين والتدريس. ورغم أن «فتح الله» كان قد درس المقررات الأولى؛ فقد أصرَّ عليه الشيخ الشاب أن يبدأ من الأول. فبقي هناك شهرين ونصف الشهر درس حفظاً الأمثلة والبناء والمراح وأكمل الإظهار(8) ،فاضطر الشيخ بعد ذلك إلى أن يجعله ضمن حلقة المتقدمين الذين بدأوا دراسة النحو والصرف قبل سنتين(9).

بيد أن «فتح الله» قضى أياماً صعبة جــداً بمدرسة ســعدي أفندي هذا، أياما لا تكاد تنمحي من ذاكرته الجريحة، حيث كان يضع كل أشيائه في صندوق صغير يحمله بيده أبدًا.

ولم يكن أبوه يستطيع أن يوفر له من النقود سوى ثمن الخبز،ثم ينفق الباقي من مدخوله الزهيد في إعالة أبنائه الصغار.. ذلك أن أسرة رامز أفندي ، تغيّر حالها المادي كثيرًا، وقُدِرَ عليها رزقُها، خاصة بعد مغادرتهم قرية «قوروجك»، فعاشت فاقةً وحرماناً شديدين.

وفشل «سعدي أفندي» في معاملة تلميذه «فتح الله»، وتضايق الفتى أياماً، ثم اضطر بعدها إلى ترك مدرسته ورجع إلى القرية ثم تفرغ للمطالعة الحرة مرة أخرى.

ارضروم مدينة الثلوج

وإن كان الإنسان ينسى فإن«فتح الله»لا ينسى أبداً أيام القر الشديد والزمهرير المديد، وأرضروم كلها -مدائنها وقراها وجميع حِمَاهَا هي موطن البرد ومسكن الثلج الدائم، من كل بلاد الأناضول.. صيفُها شــتاءٌ، وشتاؤها فَنَاءٌ..

غيابٌ شـــاملٌ للإنسان والحيوان والأشياء..كل شيء تغطيه الثلوج،فلا تواصل بين أهاليها إلا عبر الخنادق والأنفاق التي يحفرها الناس من تحت تلال الثلوج؛ فَيَسرَبُونَ بها لقضاء ضرورياتهم الاجتماعية، ثم يؤوب كل شخص إلى عشه ، محتمياً بموقد أسرته قبل أن يتجمد لحمه ودمه.

في تلك الأيام الرهيبة كان «فتح الله» كلما اضطر إلى الاغتسال، يدخل مرحاض المدرسة، فيغسل جسمه بماء بارد عقيم لم تخالطه ولا غرفة واحدة من ماء سخين. كان ذلك في الحقيقة عملاً رهيباً! فلم يزل«فتح الله»يذكر كيف أن قدميه كانتا تلتزقان -أثناء الاغتسال- بالجليد الذي تساقط ماؤه قبل ثوان مِنْ عَلَى جسمه، فتجمَّد للتو من تحت رجليه، ثم اعتقله إلى الأرض. فكان إذا أراد غسل قدميه اقتلعهما -الواحدة تلو الأخرى- من الجليد اقتلاعاً! ثم هو مع هذا وذاك، لا ينسى أبداً تلك الرهبة الشديدة التي يحدثها صب الماء القارس على جسمه،إفراغاً من فوق رأسه إلى أخمص قدميه. ولولا أن الله متَّع الفتى -منذ صباه- بقوة جسمانية خاصة، لكان من الهالكين.

خواطر عن أيام « مدرسة قورشونلي »

يقول الشيخ «حاتم» وهو صديق الأستاذ «فتح الله» منذ بداية الدراسة الدينية :

 «الشيخ فتح الله كان شخصاً مستقيماً وجسوراً ولا يتعالى على أحد ولا يقبل أن يكون تحت حماية أحد. ففي تلك الفترة كنا نذهب جميعاً لقراءة المدائح والأدعية في التعازي مقابل أجرة. ولكن الشيخ «فتح الله»لم يشترك معنا في مثل هذه الأمور أبداً. فهو حقاً أرضرومي شهم.

ففي أيام دراسته لم يستقر في مدرسة أو تكية عاماً كاملاً أبداً فقد حسبت وعددت ثمانية مدارس كان يتنقل بينها خلال سنة فيمكث في واحدة بين عشرة أيام أو خمسة عشر يوماً وفي أخرى أقل من ذك أو أكثر وهكذا دواليك، وأكثر المدارس التي مكث فيها شهراً أو شهرين هي مدرسة «أسعد باشا».

فالشيخ «فتح الله» رجل واسع الأفق، فليس بمريد أو درويش بقيافة خاصة وتلميذ في تكية منقطع عن العالم، محصور بين الجدران، بل كان ذو علاقة ومعرفة بكل ما يحدث في أرضروم ولا تفوته أي حادثة. وكذلك كان يتميز بالفراسة والذكاء فاذا نظر إلى شخص ولأول مرة يكفيه لكي يقيّم شخصية الرجل ولا يخطئ في التقييم بل يصيب مائة في المائة كما جرّب ذلك.

والذي لا أستطيع أن أنساه عن الفترة الدراسية، نظافته. فنظافة ملابسه دائماً يجلب الانتباه واضافة إلى ذلك نظافة المكان الذي يبقى فيه أو الفراش.

وفي تلك السنوات لم يكن مفهوم النظافة راسخاً في أذهان التلاميذ في المدرسة بشكل جيد، ولكنني شاهدت بأم عيني عدة مرات الشيخ«فتح الله» وقد أخذ بيده خرطوم الماء وينظف المرافق الصحية للتكية، وينظف التكية بأكملها خارجها وداخلها مع انه دقيق ويحاذر من أي لطخة أو نجاسة.

في بعض الأحيان كان يترك المدرسة أو المكان الذي نمكث فيه ويذهب إلى مكان آخر. فأذهب وأرجو منه الرجوع فيرجع معي. وأحياناً أذهب وأجلب فراشه دون أن يعلم حتى أضطره للرجوع فيرجع. فإن لم أقدر أن أقنعه بالرجوع أضطر بأخذ فراشي والذهاب إليه حيثما يكون.

 فقد كان يلقي المواعظ في عدة أماكن وأنا أنتظره كي نرجع معاً.

فأيامنا قضيناه بهذا الشكل حلوة جميلة مليئة بالذكريات فهي أسعد أيام حياتي معه.

في يوم من الأيام كنا نطالع دروسنا ونحن جلوس على الفراش، فلا أتذكر جيداً ماهية الموضوع والشيخ «فتح الله» أمرني بالقيام بعمل ما، ولكنني جعلت نفسي وكأنني لم أسمعه، كرر أمره مرة ثانية، عندها أجبته ساخراً بأني أرفض تنفيذ أمره. إذا به يضرب الرحلة التي أمامه بيده على جنبي فأحسست وكأن عظامي قد تكسرت فلم أستطع الكلام أو التنفس وكأني أختنق. وعندما شاهدني على هذه الحال قال: ماذا بك؟ هلاّ قمتَ؟ فعندما سمعت كلامه إنتابني الضحك وأنا أشير إلى جنبي، فقال: قم وإلاّ إذا أتيتك فسأكسر عظامك حقاً.

فأمثال هذه الحوادث تحدث بيننا إلا أن قلوبنا يحافظ على صفائها واخلاصها. قلت في نفسي وأنا قلق؛ حقاً لو جاء وضربني سيقتلني وأموت. فجاء وأمسكني من ظهري وأجلسني، عندها استرحت وتحسنت. قال لي: تتحيل عليّ بالكذب.. حقاً قد انقطع نفسك ولم تستطع التنفس»(10).

يقول الأستاذ «فتح الله»:

وفي هذه الفترة كنت أزور «الإمام الألوارلي» بين فترة وأخرى ففي إحدى زياراتي له، كان عدد من الأغنياء والأشراف يتراوح عددهم بين 8-10 أشخاص قد أتوا لزيارة الشيخ. قال لهم الشيخ: «إنني سأسأل تلميذي بعض الأسئلة، فلو أجاب عن كل الأسئلة الموجهة إليه ستعطونه عشر ليرات». بدأ يسأل أسئلة من كتاب «الملا جامي» والمواضيع التي أعرفه فهذه من إحدى كرامات الشيخ، وبعد الإجابة أعطاني كل واحد منهم عشر ليرات فقد كانت حينها ذات قيمة عالية فالليرة الذهبية الرشادية تعادل عشرين ليرة. سألني الشيخ عن عدد الليرات التي حصلت عليها، فذكرت له العدد، عندها قال لي: المال عندك كثير، سأعطي بعض نقودك هذه للأستاذ «عثمان» كي يشتري بعض حاجيات المدرسة الدينية من المواد الغذائية». فلا أتذكر جيداً هل بقي عندي من تلك النقود شيءٌ أم لا.(11).

ويذكر لنا «عبد الخالق كومج» وهو صديق الأستاذ «فتح الله» في مدرسة قورشونلي، فيقول:

«إن بناية المدرسة التي درسنا فيها معاً كانت سجناً قبل ذلك. ليس لنا غير الحصير الذي نفرش عليه فرشنا فنقرأ وندرس ونتحدث ونأكل ونشرب عليه. ففي المدرسة غرفة مظلمة أو مخزن وقديماً كانت هذه الغرفة هي الغرفة التي ينفذ فيها حكم الإعدام بالناس. والشيخ «فتح الله» شخصية مستقيمة عادلة ولا يقبل الانحراف أبداً. ففي أحد الأيام شتمني أحد الأصدقاء من دون سبب وأنا لم استطع أن أقابله بالمثل فبدأت أبكي .. فعندما شاهدني وأنا أبكي سألني عن السبب وقلت: بأن فلاناً شتمني، غضب غضباً شديداً فأمسك به وأخذ بياقة قميصه وضربه. فقد كان قوي البدن وشديد المزاج لكنه لم يكن يستخدم قوته بالظلم والقهر. يلبس الجاكيت ذا ثلاثة أزرار فقد كان الشباب الأغنياء يلبسون مثل هذه الجاكيت حسب الموديل. وكان بنطلونه مكوياً. أما شعره فمسرح بشكل جيد ولم أره يوماً أشعث الشعر.(12).

 ويقول «الحافظ سعدي كايهان»:

في عام 1953 ذهبت إلى مدرسة «قورشونلي» وتعارفت مع الأستاذ «فتح الله» هناك.

كان المستوى المعيشي للتلاميذ في تلك الفترة ضعيفاً جداً فلا يطبخ من الطعام غير البطاطس وكل غرفة تطبخ لنفسها والأصدقاء يقسمون الأعمال فيما بينهم، أما الأصدقاء في غرفة الشيخ«فتح الله»فكثيراً ما كان يفاجؤهم بالقول:«أنا بمثابة أمكم هنا ». فقبل كل وجبة طعام يقول لنا: اليوم طبخت لكم طعاماً تأكلون أصابعكم من لذته. ونحن نظن بأننا سوف نأكل وجبة طعام بنوعية جديدة إذا بنا نشاهده وقد طبخ لنا البطاطس أيضاً ولكنه كان يجيد طبخه ويعمله بأشكال مختلفة ففي كل وجبة يقدم لنا شكلاً مختلفاً من الطعام.

إنني لم أره وهو يودع عمله إلى شخص آخر وقد كلف هو بالقيام به فيقوم بعمله بنفسه. ويحب مساعدة الآخرين ولا يتجنب عن تنبيه الناس وتصحيح ما رسخ في أذهانهم من مسائل باطلة(13).

 الشيخ عثمان بَكتَاش 

منذ أن ترك الاستاذ «فتح الله» مدرسة سعدي أفندي حفيد الإمام الألوارلي، كان قد التحق بحلقة الشيخ «عثمان بَكتَاش»..

الشيخ«عثمان»كان متمكناً من علم النحو والصرف، والفقه وأصوله، وغيرها من علوم الشريعة لدرجة أن مفتي المدينة كان يستدعيه إلى مكتبه لاستشارته،كلما عرضت له نازلة. ورغم انشغالاته المتعددة فقد اهتم الأستاذ عثمان بـ«فتح الله» اهتماماً خاصاً؛ لِمَا رأى من سبقه وتميزه، فجعل يدرسه مقررات المستوى العالي.

وبذلك تمكن الاستاذ«فتح الله» حقيقة من علوم اللغة والبلاغة،والفقه وأصوله. فانفتحت عبقريته على أفق أعلى، وارتقى إدراكه العلمي إلى مستوى أدق حتى صار الأستاذ يكلفه بتدريس المستويات الأولى، وبمراجعة الدروس مع المبتدئين في هذا العلم أو ذاك(14).

وذلك كله أفاده في ترسيخ معلوماته السابقة، وفي اكتساب خبرة أولية في التدريس والتعليم. فبفهمه الدقيق لأسرار البلاغة وقواعد اللغة، وتلقيه لقواعد الفقه والأصول؛ انفتحت أمامه كنوز محفوظه القديم، من المقررات العلمية التي استظهرها من قبل، فصار يغرف العلم بعد ذلك من قلبه وعقله، مغذياً ومتغذياً.

الشيخ رَاسِم بَابَا

بعد وفاة«الإمام الأَلوارلي»-رحمه الله- واظب «فتح الله»

على التردد إلى مجالس الشيخ «رَاسِم بَابَا» وهو أحد مشايخ الطريقة القادرية.. وما أن انتبه الشيخ إلى «فتح الله» حتى أُعجب به، وانبهر بسمته وخلقه، وتميُّزِ نباهته وسَعَةِ أفقه، فقربه إليه جداً، إلى درجة أنه صار يجلسه على يمينه رغم حداثة سِنه. ولكن ما مضت أيام حتى بدأ القيل والقال يسري بين رواد المجلس، وألقى بعضهم شائعة بينهم أن الشيخ يعزم على تزويج ابنته من «فتح الله». وما أن بلغت الشائعة سمع «فتح الله» حتى بردت عواطفه تجاه المجلس فانقطع عن التردد إليه(15).

               

 (1)Küçük dünyam,  S.29.

 (2) Küçük dünyam,S.28,36, Gurbetteki öğretmen,S.24.

 (3) Ahmed Ersöz , Alvarlı Efe Hazretleri,S .6-7.

 (4) Küçük dünyam, S.36.

 (5) Himmeti milleti olan insan , S.27.

 (6) Küçük dünyam ,S.34-35.

 (7) Küçük dünyam , S.35.

(8) كتب في النحو والصرف .

 (9)  Küçük dünyam ,S.35.

 (10) Fgulen.org.

 (11) Küçük dünyam, S.35.

 (12) Akşam Gazetesi: 19.3.1998.

 (13) Himmeti milleti olan insan: S.30-31.

 (14) Himmeti milleti olan insan, S.35, Gurbetteki öğretmen,S.36.

 (15) Küçük dünyam,S.35.