سطور من حياة الداعية الرباني عمر التلمساني ( 27 )

سطور من حياة الداعية الرباني

عمر التلمساني ( 27 )

بدر محمد بدر

[email protected]

وكتب الأستاذ جابر رزق في مجلة الاعتصام يقول: ".. لقد استطاع الشيخ التلمساني بحكمته وأدبه وحسن خلقه وسماحته وسعة صدره وحياته أن يجمع شمل كل الصادقين من الإخوان, وأن يلتفوا جميعاً حوله, حتى الذين كانوا قد بعدوا في سنوات المحنة, عادوا مرة ثانية إلى الصف, كما استطاع الشيخ التلمساني أن يدحض كل التهم التي اختلقها نظام الحكم العسكري, وألصقها بجامعة الإخوان المسلمين, وأن يقود الجماعة بحذق القائد الفاهم, ومهارة الربان القدير, إلى أيسر السبل التي وصلت بها إلى بر الأمان..".

وكتب الأستاذ حسن دوح في أخبار اليوم يقول: ".. هو الصفاء الروحي والنفسي والذهني.. هو الصبر الذي تحمل عشرين سنة من العذاب والآلام.. هو صلابة الرأي والاستمساك بالحق.. هو دماثة الخلق ولين الجانب.. هو الحكمة عالج بها أشد النكبات.. هو الصدق مع الله ومع النفس ومع الغير.. هذا هو عمر التلمساني رحمه الله وأحسن إليه وأجزل ثوابه.."

وكتب الأستاذ خالد محمد خالد في جريدة الأخبار يقول: ".. يوم الجمعة الماضي زفت إلى السماء في عرس عظيم روح فارس شهيد.. أجل شهيد, فالرجل الذي يواصل رحلته المضنية في سبيل الله, مغالباً شيخوخته ومقاوماً أسقامه وأمراضه, حاملاً رايته في ثبات وولاء ورشد حتى اليوم الأخير من حياته الوهنانة, غير متجانف لكسل, ولامخلد لراحة, يرى حياته تميل للغروب وزورقه يترنح بعيداً عن المرفأ والشاطئ, ثم يصر على المقاومة, الراية ملء يمينه والولاء لها ملء يقينه, ثم لايكفكف عن بلائه وعطائه سوى غيبوبة الموت.. إنه إذن الشهيد وأي شهيد, وكذلكم كان "عمر التلمساني" رحمه الله ورضى عنه, وإني لأبصر في هذا الرجل "معلما" من معالم الدعوة, التي فتح كتابها واستهل شبابها الإمام الشهيد "حسن البنا" رضى الله عنه وأرضاه.. ولقد كان عمر التلمساني الرجل المناسب لقيادة "الإخوان المسلمين", الذين خرجوا من محنتهم, التي تتضاءل أمامها كل المحن..".

وكتبت الداعية الكبيرة زينب الغزالي في مجلة المجتمع الكويتية تقول: "..عرفته فقرأت في تقاسيم وجهه الحب لكل الناس, لا ييأس من أن يرى العاصي يوماً تقياً نقياً قريباً من الله, يغفر للحاكم المسئ, كما يغفر للفقير الذي استغرقه الخطأ, ولكن لا يكف عن نصيحة الحاكم وتربية الفقير.. يحمل الطهر في كل جوارحه لحقيقة جُبل عليها.. عف اللسان مع من أساء.. حيي كالعذراء البتول.. قوي في الحق الذي اعتقده, مصر على نصرته.. أب لكل أتباعه ومريديه.. الشدة لا ترهبه.. غياهب السجون لم تزده إلا إصراراً على الحق وتفانياً في نصرته.."

وكتب الأستاذ صالح أبو رقيق عضو مكتب الإرشاد في صحيفة الأهرام يقول: "كان فقيدنا الجليل طيب الله ثراه, سمحاً يذوب رقة وحياءً ويتألق تواضعه في عزة المؤمن وكبرياء الواثق من نفسه والمقدر لمكانته, دون صلف أو تكبر, من الذين قال الله فيهم "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين".. جاهد في سبيل الله أصدق جهاد, وتحمل في سبيل ذلك أشد العذاب, وقدم أعظم التضحيات.. وكان متمكنا في الفقه, عالما بجميع جوانب دينه الحنيف, متحدثا مقنعا وخطيباً مؤثراً, تخرج الكلمات من أعماق قلبه, فيأتي وقعها على القلوب برداً وسلاماً.. عذب الأسلوب.. مهذب المنطق في جلال ووقار.. تاريخه حافل بالمواقف المشرفة, ولم تثنه الأحداث الجسام وشرور اللئام عن قول الحق والتمسك به والصمود من أجله.."

وكتب الشيخ محمد الغزالي في مجلة الأمة القطرية يقول: "..كان عمر التلمساني يكره الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق, ويؤثر العزلة ويرى أنسه في الانقطاع إلى الله, ولم تكن رذائل الرياء والتطلع تعرف طريقا إلى فؤاده, وربما استفاد من مهنته (المحاماة) أن يعرض قضيته بوفاء وشرف, وأن يدع القضاء بعد ذلك يصدر حكمه.. وذهبت إلى الأستاذ عمر لأتعاون معه على خدمة الإسلام, فقال لي: تعلم أن هذا عبء تحملته رغماً عني, وقبلته وأنا كاره قلت: أعلم ذلك, قال: والله لو وجدت من يريحني منه ما ترددت في تركه له!.. قلت: أعلم ذلك, ومن أجل ما أعرفه جئت إليك وأنا موقن بأن الله سيؤيدك, فأنت ما سعيت إلى صدارة ولا تطلعت إلى إمارة, ومثلك جدير برعاية الله وتسديده, قال: لست داعية حرب ولا ذلك من شيمي, ولا تعلمت هذا من حسن البنا.. سأجتهد في جمع فلول الإخوان بعد المحن الرهيبة التي وقعت بهم, وسأعتمد على الله في تكوين قاعدة شعبية عريضة تحيا بالإسلام, وتكون صورة مضيئة له.."

وكتب الأستاذ محمد عبد القدوس في جريدة الشعب يقول: "..أكثر الناس الذين يشعرون بفداحة المصاب في وفاة الأستاذ عمر التلمساني, هم الذين عاشوا بالقرب منه في ظل مثاليته.. من حسن حظي ونعمة ربي أنني كنت واحداً منهم.. قبل معرفتي به كنت غريباً عن الدين, انظر إليه كشئ منفصل عن الحياة.. فكرتي عن الإخوان كانت سيئة جداً.. عشت متأثراً بدعاية الدكتاتورية أنهم أناس دمويون وإرهابيون.. جاء التلمساني فصحح كثيراً من أفكاري ومفاهيم الشباب والناس العاديين.. سلوكه كان يغني عن كثرة الكلام.. أحببت الإخوان من خلال عظمة سلوك مرشدهم.. عشقت الإسلام بعدما رأيت التلمساني قرآناً متحركاً يطبق مبادئه وأخلاقه على الأرض.."