المهندس جلال حواري

محمد فاروق الإمام

المهندس جلال حواري

رائد في استخدام البكتيريا لمكافحة التلوّث البيئي

محمد فاروق الإمام

[email protected]

سجّل الفلسطيني جلال حواري الرائد في استخدام البكتيريا لمكافحة التلوّث البيئي
7 براءات اختراع وقدّم 16 دراسة في الكيمياء العضوية.

وُلِد جلال حواري في قرية سباسطية – قضاء نابلس في الضفة الغربية في مطلع الخمسينات من القرن الماضي. وترعرع في كنف عائلة فقيرة. أنهى علومه الابتدائية والثانوية في نابلس ثم انتقل إلى الأردن لمتابعة مساره العلمي. وحصل من الجامعة الأردنية على شهادة الماجستير في الكيمياء عام 1972م.

بفضل تفوّقه ومثابرته على الاتصال مع المؤسسات العلمية الغربية، تلقى حواري منحة من إحدى المؤسسات التعليمية البريطانية، خلال عمله مُعيداً في الجامعة الأردنية في عمان. وهيأت المنحة له سبيل متابعة دراسة الدكتوراه في جامعة لندن. وكذلك دفع تفوقه علمياً الجامعة الأخيرة إلى تكليفه إنجاز سلسلة من البحوث استغرق انجازها سنتين، أظهر خلالهما ما يختزن من مواهب وكفاءات كانت كافية لكي تمتد شهرته إلى المؤسسات العلمية في كندا وأميركا، ما فتح له الباب لتحقيق المزيد من الطموحات أكاديمياً وعلمياً.

فبعد أربعة أعوام من بحوثه في «المعهد الوطني للبحوث - كندا» (ومقره أوتاوا) عن المواد الكيماوية السامة في البيئة، انتقل إلى «معهد البحوث البيوتكنولوجية» في مونتريال. وفي لقاء مع «الحياة»، أوضح حواري أنه يعتبر هذا الانتقال «تحولاً كبيراً في مساره علمياً». والمعنى المقصود أن بحوثه أصبحت تستفيد من رافدين هما الكيمياء العضوية التي تبحث في كل ما يخرج عن المادة الجامدة، وكيمياء الكائنات الحيّة، ما جعله قادراً على مدّ جسر بين اختصاصه كعالم في الكيمياء عموماً، وبين تطبيقات ذلك العلِم في مجال البيئة ومركّباتها كافة.

وأوضح حواري أنه يشغل راهناً منصب «رئيس قسم الكيمياء التحليلية والبيئية» في «معهد البحوث البيوتكنولوجية» في مونتريال. وهو يحمل لقب «عالِم رئيسي في البحوث» الذي يُعتبر أعلى منصب أكاديمي بالنسبة إلى الأساتذة والبحّاثة في المؤسسات العلمية في كندا. كما يتولى الإشراف على فريق من 16 باحثاً متخصصاً في الهندسة البيولوجية وتقنياتها، إضافة إلى الميكروبيولوجيا. وأوضح أيضاً أنه يشغل راهناً منصب أستاذ مشرف على الدراسات العليا في علوم البيوتكنولوجيا والبيئة في جامعة «ماكغيل» الكندية.

وخلال مسيرته العلمية الطويلة، سجّل حواري عدداً من الانجازات العلمية التي يعتبر أنها تُشكّل إضافته المتواضعة إلى عالم العلوم. فأثناء إقامته في لندن، قدم 16 ورقة علمية حول الكيمياء العضوية ودورها في ابتكار نوع جديد من المبيدات للحشرات السامة. وسجل باسمه أيضاً 7 براءات اختراع في دوائر البحوث الأمريكية والكندية والاتحاد الأوروبي تتعلق بوصف طرق كيماوية وبيولوجية لتقصي وجود المواد السامة في التربة والترسبات المستقرة في قيعان البحار والمحيطات. وكذلك تتصل بالكشف عن أنواع من البكتيريا تقدر على إزالة وتفكيك المواد السامة والملوثات السرطانية من البيئة.

وأشار حواري إلى أن جزءاً من عمله يجري من خلال التنسيق بين الحكومتين الأمريكية والكندية، في إشارة إلى انخراطه في أعمال محطتين بحريتين أساسيتين في جُزُرِ «هاواي» ( الولايات المتحدة) و»هاليفاكس» (كندا)، وهما منطقتان يعرف العلماء أن نسب التلوث فيهما مرتفعة جداً، على رغم شهرتهما السياحية الذائعة.

وأوضح أيضاً أن أعماله تنصبّ راهناً على إنتاج مركبات من النبات، مثل شجر «الايرابل» المنتشر في كندا، ليستعمل عُصارته في صُنع أنواع مبتكرة من الأدوية والمواد البلاستيكية التي تتفكّك في الطبيعة ولكن يمكن استخدامها لأغراض طبية وغذائية. وأوضح أن مثل تلك المنتجات تستطيع المساهمة في تخفيف التلوث البيئي. وقال إنه ابتكر أدوات لقياس التلوث الذي يحدثه البترول في البيئة، إضافة إلى طُرُق للتخلّص من مواده السامة.

وإذ أشار حواري إلى أن الدول الصناعية تستهلك الكميّة الأكبر من البترول عالمياً، قال أنها أكبر مُلَوّث للطبيعة بتأثير من المواد التي تنجم من استخدام النفط في الطاقة والصناعة. وأوضح أن الطُرق التي دأب الخبراء على استعمالها في قياس تواجد مواد معينة في التربة تعتمد أساساً على الأشعة تحت الحمراء من جهة وعلى بعض المواصفات الكيماوية للمواد العضوية. ونبّه إلى أن المواد الأخيرة شديدة الانتشار طبيعياً، إذ تشكّل عنصراً أساسياً في تركيب الإنسان والحيوان والنبات.

ولذا، شدّد على أن كثيراً من النفايات العضوية، مثل أوراق الشجر، قابلة للتعرض لعملية تحلّل، ما يؤول إلى اندماجها في التربة.

أخيراً، تحدّث حواري عن الجوائز التي نالها، مثل تلك التي منحتها له وزارة الطاقة والبيئة في الولايات المتحدة عام 2003، تقديراً لمساهمته في تعميق الفهم علمياً بجوانب شتى من التلوث البيئي، وكذلك لشرحه سُبُل إزالة الكثير من المُلوّثات. وتوّجت الجائزة جهوده التي جاءت في إطار مشروع متخصص في البيئة بلغت موازنته مليوني دولار، واستمر لمدة 3 سنوات. وأوضح أن هذه الجائزة دوّنت في سجلات مؤسسة «أس إي آر دي بي»، وبيّن أنها المرّة الأولى التي مُنحت فيها تلك الجائزة لعالِم غير أميركي.

كما حصل على جوائز «العمل المُمَيّز» في عام 2004 من «المعهد الوطني للبحوث - كندا»، و«تنظيف البيئة» من بريطانيا عام 2005، و«حماية الإنسان والبيئة» من «الجمعية الكيماوية الأميركية». كما نشر أكثر من 250 بحثاً علمياً في مجلات متخصصة. وكذلك وضع كتاباً بعنوان «التأثيرات السامة للمواد الكيماوية المصنعة حديثاً». وأشار إلى أن الكتاب يعتبر مرجعاً أكاديمياً لطلاب الجامعات والباحثين. وأفاد بأنه أشرف على تخرج مجموعة من الطلاب العرب الذين باتوا في مراكز مهمة في بلدانهم.

ووصف حواري منجزاته بأنها «موضع افتخار شخصي وعلمي» وقال: أعتز كثيراً بما حققته في بلاد الغربة من اختراعات واكتشافات وبحوث علمية، وضعت أسمي في سجلات العواصم الغربية. وهذا جزء يسير مما يمكن أن يعوض علي مرارة الحرمان والفقر والغربة وقسوة البعد عن الأهل والوطن». وأضاف :«يواسيني إنني قدمت هذه الانجازات خدمة للعلم والإنسان راجياً أن يستفيد منها العالمان العربي والإسلامي». وأشار إلى انه لم يقطع التواصل مع فلسطين التي يزورها بين الحين والآخر ويقدم بعض الخدمات إلى الجامعات الفلسطينية والطلاب الذين يتواصلون معه عبر الانترنت.