العلامة أمجد الزهاوي

محمد فاروق الإمام

العلامة والمفكر الإسلامي

أمجد الزهاوي

محمد فاروق الإمام

[email protected]

أمجد الزهاوي رئيس رابطة علماء العراق, وهو أبو سعيد أمجد بن الإمام محمد سعيد مفتي بغداد بن الإمام محمد فيضي الزهاوي ابن الملا أحمد بن حسن بك بن رستم بن خسرو بن الأمير سليمان باشا رئيس الأسرة البابانية الذي أنشأ مدينة السليمانية والتي سميت بأسمه.

ولد أمجد في بغداد عام 1882م القرآنن ودرس على أبيه، وعلى يد علماء عصره. وتخرج من كلية الحقوق ومعهد القضاء العالي بإستانبول عام 1906م، واشتغل حاكماً في الموصل، ثم نقل إلى بغداد محمود شكري الآلوسي، وعبد الوهاب النائب، وعباس حلمي أفندي، والعلامة غلام رسول الهندي، وقد كرس حياته لطلب العلوم الشرعية كالفقه والأصول، وله آراء شرعية وفتاوى مقبولة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. جاب الشيخ الأقطار وشد الرحال لمختلف الدول الإسلامية في سبيل الدعوة إلى الله

أنيطت به وظيفة حاكم في محاكم العراق، ووظيفة رئيس المجلس التمييز الشرعي، وعمل أستاذاً في كلية الحقوق وكان يحاضر في دار العلوم العربية والدينية وله كتاب (الوصايا والفرائض). وأنيطت به بعد وفاة مفتي العراقق الشيخ قاسم القيسي، مهام الفتوى إلا إنه رفضها رسميا.

إستقر أواخر أيامه في خدمة العلم والتعليم وكان له مجلسه الخاص في المدرسة السليمانية الذي يختلف إليه فيه مختلف العلماء والأدباء وطلاب العلم، والكل بين سائل ومشتكي ومستفتي فلا يرد طلب وما عرف عنه غير السعي في خدمة الناس وعمل الخير والإخلاص لله. وكان كثير المطالعة يحب البحث والمراجعة لكتبه، حيث يذكر عنه مطالعته للكتب قبل وفاته بساعة.

ساهم في تأسيس الحزب الإسلامي العراقي حيث بدأ الإخوان المسلمون في العراق العمل العلني عام 1944م، باسم جمعية الإخوة الإسلامية التي أسسها الشيخ محمد محمود الصواف مع الشيخ أمجد الزهاوي، وعلى أثر صدور قانون الأحزاب السياسية في زمن الرئيس عبد الكريم قاسم أعلن الإخوان المسلمون في العراق عن إنشاء حزب سياسي باسم الحزب الإسلامي العراقي وقدم أوراقه إلى وزارة الداخلية آنذاك وتم رفض الطلب المقدم من الهيئة التأسيسية والتي بدورها رفعت أوراقها إلى محكمة التمييز العراقية التي قضت بالسماح بتأسيس الحزب الإسلامي العراقي عام 1960م.

كان عضوا مؤسسا لعدة جمعيات مثل جمعية الأخوة الإسلامية، وجمعية رابطة علماء العراق.

كما أنتخب رئيسا لمؤتمر العالم الإسلامي بالإجماع وهو من المؤسسين لرابطة العالم الإسلامي في مكة، وكان كثير الاهتمام بقضايا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، حيث سافر لمختلف أقطار الدول الإسلامية على نفقته الخاصة مثيرا للهمم وشارحا للمصيبة وجامعا للتبرعات ومحذرا من العاقبة الوخيمة المترتبة على تقصير الحكومات والمسؤولين في البلاد العربية والإسلامية بقضية ساعته وهي قضية فلسطين.

ترأس ستة جمعيات إسلامية في وقت واحد، فكان يحمل روح الشباب وهو شيخ كبير، ساهم في نشر الوعي الإسلامي والدعوة إلى الإسلام.

كانت الأوضاع السياسية بالعراق في الستينيات تنبئ باقتراب حدوث تغيير سياسي كبير، وكانت إرهاصات حدوث انقلاب عسكري تتزايد، حتى قامت حركة تموز عام 1958م، بقيادة عبد الكريم قاسم، وألغيت الملكية وأعلن قيام الجمهورية العراقية. وقد أستقبلت الأوساط السياسية والشعبية هذا الانقلاب بابتهاج شديد سرعان ما تبدد مع صعود الشيوعيين ومحاولتهم الاقتراب من عبد الكريم قاسم الذي رحب بهم في البداية لعدم وجود قاعدة سياسية أو حزبية يتكئ عليها في ممارسة الحكم، إضافة إلى صراعه مع الضباط الوحدويين مثل عبد السلام عارف.

أدى اقتراب عبد الكريم قاسم من الشيوعيين إلى احتقانات سياسية عسكرية كبيرة استغل بعضها أحد قادة الجيش وهو "عبد الوهاب الشواف" للقيام بحركة انقلاب مضادة في الموصل، عرفت بحركة الشواف ساندته فيها القوى المختلفة الرافضة للشيوعية، غير أن فشل الحركة تسبب في حدوث مجازر قام بها الشيوعيون، وكان الشيخ محمد محمود الصواف قد أصدر مجلة "لواء الأخوة الإسلامية" التي وجهت انتقادات حادة للشيوعيين، وعندما ضاقوا بالنقد هاجموا المجلة وأحرقوا مكتبها ومطبعتها بعد 7 أعداد فقط من الصدور.

كانت الحركة الإسلامية تنتقد نظام حكم عبد الكريم قاسم؛ بسبب صعود الشيوعيين، وانتقاص الحزب الشيوعي العراقي لدين الإسلام عقيدة وشريعة، وصدور قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959م الذي ألغى كل القوانين الإسلامية المتعلقة بقضايا الأحوال الشخصية، ومنع تعدد الزوجات، وأعطى المرأة حق الطلاق والمساواة في الإرث مع الرجل؛ فوقف الإخوان لهذا القانون بالمرصاد، خاصة بعد أن أصبح لهم وجود سياسي عند حصولهم على حكم قضائي بإنشاء حزب، وتم لهم ذلك في نيسان عام 1960م وترأسه نعمان السامرائي الذي أصدر جريدة "الفيحاء"، وكان نقد الإخوان شديدًا للشيوعيين، وكان لهم دور بارز في إحباط المشروع الشيوعي في العراق، وعند اشتداد طغيان الشيوعية في العراق هاجر الشيخ أمجد إلى المدينة المنورة وسكن فيها مدة من الزمن ثم عاد إلى بغداد.

توفي أمجد الزهاوي في يوم الجمعة 17 تشرين الثاني عام 1967م، وشيع في موكب مهيب يوم السبت وحضره أعلام بغداد وسار فيه العلماء والوزراء ووفود من رجالات العشائر العراقية، وطلاب المعهد الإسلامي ولقد أم الناس بالصلاة عليه تلميذه الشيخ عبد القادر الخطيب ودفن في مقبرة الخيزران، قرب قبر عمه الشاعر جميل صدقي الزهاوي، وألقى كلمة في تأبينه محمد محروس المدرس، ثم تلاه واعظ بغداد العلامة شاكر البدري.