الوفاء المطلوب لعبد الجبار شنشل

الوفاء المطلوب لعبد الجبار شنشل ..

وفاء الوطن للوطني

قصي المعتصم

عبد الجبار شنشل ضابط عراقي سابق. امتدت مدة خدمتة إلى ستون عاما ابتدأهامن رتبة ملازم حتى وصل إلى رتبة فريق اول ركن .... أصبح رئيسا لاركان الجيش ثم وزيرا للدفاع ثم وزير الدولة للشؤون العسكرية. من مواليد محافظة نينوى مدينة الموصل.

 شارك في كافة الحروب التي خاضهاالعراق. في حرب العرب عام 1948 وحرب( 1967 )و ( 1973 ) ضدالكيان الصهيوني وحرب 1980 ضد إيران وحرب 1991 ضد دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية . بالإضافة إلى تأليفه عدة كتب تناولت التدريب والقيادة والسيطرة.

 عرف الفريق الاول الركن عبد الجبار شنشل بالعصامية والنزاهة والانضباط والصراحة طيلة أكثر من ستة عقود أمضاها في الخدمة العسكرية، جنديا مقاتلا في الثكنات والمعسكرات، لم يسجل عليه أنه تهاون في واجباته، او تخلى عن مسؤولياته، أو نافق في علاقاته، وأجمل ما فيه ، تلك اللكنة الموصلية في كلامه التي ظلت ملازمة له مع انه لم يعش في الموصل غير خمس عمره، خصوصا سنوات النشأةوالصبا، وقضى سبعين عاما في بغداد وبقية المحافظات بحيث بات خبيرا في لجغرافيا العراقية وهو القائد العسكري البارز..

 من كثرة تنقلاته واقاماته في المدن والبلدات والقرى والجبال والوديان والبوادي والاهوار، يعرفها بالتفاصيل بالاسم والمساحة والمسافة والعلامات، وكثيرا ما كنا نلجأ اليه في عملنا الصحافي والاعلامي نسأله ونستفسر منه عن مكان او حدث، خلال سنوات الحرب الايرانية- العراق،فكان يجيب ويوجّه وينصح، قبل ان يتدارك ويبدأ هو السؤال بجد ولوم: 'أشنوا ما تعرف.. بقى هاي شغلي سهلة' !

 ومن قرأ رسالة نجله الدكتور يوسف المنشورة في 'القدس العربي' وفيها عرض للحالة الصحية لوالده القائد الكبير، لا بد أن لاحظ عبارة:

 ( يعيش على مدخراته المتواضعة وتسديد تكاليف علاجه)

 وهذه حقيقة مؤلمة، طبعا لم يشأ الابن ان يفصح عن حقيقة محزنة أخرى عن أبيه، تتمثل في ان شقيقته الدكتورة أيسر التي ترعاه في العاصمة الاردنية منذ خمس سنوات، اضطرت وهي مرغمة على اخراجه من المستشفى الذي يرقد فيه واعادته الى شقتها الصغيرة في حي ضاحيةالرشيد، لانها لا تقوى على دفع نفقات المستشفى اليومية والمكلفة..

 وتصوروا رجلا قضى في الوظيفة أكثر من خمسة وستين عاما متواصلا، تعرض خلالها الى الموت عشرات المرات دفاعا عن بلاده وامته وشغل مهام ومواقع قيادية متدرجا من آمر فصيل الى وزير للدفاع باقتدار، ومن رتبة ملازم ثان الى فريق أول باستحقاق، لا يستطيع ان يدفع تكاليف أدوية وطبابة ورقوده في المستشفى، وهو الذي كان بمقدوره وبسهولة ان يفتتح أرصدة وحسابات لا حصرلها ويضع فيها الملايين ، ولكنه انسان فاضل وجليل لم يمد يدا الى الحرام طوال عمره، قانع براتبه الشهري، و بحياته البسيطة وسط اسرته ومؤسسته ومجتمعه، وهو الحريص الى حد الصوفية في الابتعاد عن المباهج والرفاه والمغريات، نزيه بشكل لا يصدق، يتجنب كل شيءقد يثير اللغط وسوء الحديث والكلام ... وهذا مايشهد عليه كل من عمل معه كما يشهد عليه معظم العراقيين .

 هنا لابد لنا من مناشدة الحكومة الجديدة وجميع الشرفاء من العراقيين لاسيما القوى الوطنية في الخارج و زملائه وطلابه في الجيش الجديد والذين ربما ستدور الدوائر عليهم وينتظرون من يمد يد الوفاء والعون لهم في يوم من الايام لاعطاء أبو مثنى جزء من الدين المستحق له برقبة العراق والعراقيين .... والله من وراء القصد .... أعانك الله ياأبا مثنى على ماأنت فيه وطوبى للرجال من أمثالك ....