العالم البحاثة الشيخ حمد الجاسر

clip_image001_99d1b.jpg

الشيخ حمد بن محمد بن جاسر، من أسرة آل جاسر المنتمية غلى الكتمة من بني علي من قبيلة حرب، وهو من أبرز العلماء الباحثين في السعودية والعالم العربي، وعضو سابق في أكاديميات بغداد ودمشق والقاهرة، كما كان قوة دافعة وراء النهضة التعليمية الحديثة في المملكة العربية السعودية. عمل في قطاع التعليم، والقضاء، والصحافة والنشر، وأنشأ (اليمامة)، أول صحيفة في الرياض، في عام 1952م، وتبعتها جريدة (الرياض) في عام 1976م وأخيراً (العرب)، وهي فصلية متخصصة في تاريخ وآداب شبه الجزيرة العربية. كما أنشأ حمد الجاسر أول دار للطباعة في نجد في عام 1955م، وفي عام 1966م أنشأ دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر.

لقد أسهم حمد الجاسر إسهامه الأكبر في ثقافة وطنه كعلاّمة ومؤرخ وجغرافي، وخلف العديد من الكتب التي تحمل اسمه والتي تغطي حقولا متنوعة من المعرفة: من المصورات الجغرافية والتاريخية إلى أدب الرحلات وكتب السيرة وطبعات نقدية للنصوص التراثية الهامة. وقد أسهم حمد الجاسر بعمق في تحديد استراتيجيات مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي لصاحبها أحمد زكي يماني، والتي كان عضوا مؤسسا للمجلس الاستشاري الدولي للمؤسسة.

ولد حمد الجاسر سنة 1328 هـ/1910م في قرية البرود من إقليم السر في منطقة نجد من أب فقير فلاح.

نشأ ضعيف البنية عليلاً لم يستطع مساعدة أبيه فأدخله في المدرسة (كتّاب القرية) حيث تعلم القراءة وحفظ القرآن.

ذهب به أبوه إلى مدينة الرياض عام 1340 هـ/1921م فبقي عند قريب له من طلبة العلم يدعى عبد العزيز بن فايز، وتعلم قليلا من مبادئ العلوم الدينية (الفقه والتوحيد).

عاد من الرياض بعد موت الرجل الذي كان يعيش في كنفه سنة 1342هـ/1923م، ولم يلبث أبوه أن توفي فكفله جده لأمه علي بن عبد الله بن سالم، وكان إمام مسجد قرية البرود، وصار يساعد جده في الإمامة ثم اشتغل معلماً لصبيان القرية حتى سنة 1346هـ/1927م.

نُدِب سنة 1346 هـ/1927م مرشداً لفخذ من قبيلة عتيبة تدعى الحَوَاما من النُّفَعَة من بَرْقا يصلي بهم رمضان، ويعلمهم أمور دينهم، وكانوا يعيشون في البادية وكان ينتقل معهم فيها.

في آخر سنة 1346 هـ/1927م ذهب إلى الرياض واستقر لطلب العلم على مشايخها، فقرأ شيئاً من المتون كـ (الأجرومية) لابن أجروم، و(الأصول الثلاثة)، و(آداب المشي إلى الصلاة) للشيخ محمد بن عبد الوهاب و(ملحة الإعراب) للحريري ، ثم جاءت مرحلة زمنية مهمة في حياته، حيث ترك الرياض قاصداً مكة المكرم.

في سنة 1348 هـ/1929م، التحق بالمعهد الإسلامي السعودي، أول مدرسة نظامية تنشأ في العهد السعودي.

بعد أن أنهى مرحلة الدراسة في ذلك المعهد (متخصصا في القضاء الشرعي) تحوَل إلى الخدمة، فعمل مدرساً في ينبع من عام 1353 حتى عام 1357هـ/1934-1938م، بعد أن أصبح مديراً للمدرسة ثم انتقل إلى سلك القضاء فعمل قاضياً في ظبا في شمال الحجاز وذلك عام 1357 هـ/1938م. لم ينقطع حنينه وشوقه إلى المعرفة بعد أن أنهى الدراسة في المعهد، بل كان يرغب في المزيد حتى جاءته الفرصة المواتية فسافر إلى القاهرة.

في عام 1358 هـ/1939م التحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة، ولكن الظروف العامة لم تساعده على إنهاء الدراسة في تلك الكلية، فتركها قبل أن يحصل على درجتها العلمية حيث قامت الحرب العالمية الثانية وأعيدت البعثة السعودية من هناك. رجع إلى التدريس فدرَس في مناطق عديدة في المملكة العربية السعودية وشغل مناصب تربوية مختلفة، منها رئيس مراقبة التعليم في الظهران، ثم مديرا للتعليم في نجد عام 1369هـ/1950م. كان أول مدير لكليتي الشريعة واللغة العربية في الرياض اللتين كانتا النواة لإنشاء (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).

أنشأ أثناء إدارته للتعليم في نجد مكتبة لبيع الكتب هي (مكتبة العرب) التي كانت أول مكتبة عنيت بعرض المؤلفات الحديثة تحت إشرافه. نشر مقالات عديدة في الجرائد والمجلات العربية في موضوعات مختلفة أبرزها النواحي التاريخية والجغرافية ووصف الكتب المخطوطة ونقد المؤلفات والمطبوعات الحديثة. كان عضواً عاملاً في (مجمع اللغة العربية في القاهرة) و(المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في عمّان) وعضواً مراسلاً في (مجمع اللغة العربية بدمشق) و(مجمع اللغة العربية في عمّان) و(المجمع العراقي في بغداد) و(المجمع العلمي في الهند).

كتب في الرحلات: "رحلات حمد الجاسر للبحث عن التراث"، "في الوطن العربي"، "إطلالة على العالم الفسيح"، "في سراة غامد وزهران"، "في شمال غرب الجزيرة".

كتب في الأنساب: "معجم قبائل المملكة العربية السعودية" جزءان، "جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد" جزءان، "باهلة القبيلة المفترى عليها".

كتب في تحديد المواضع: من أقسام "المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية" (مقدمة المعجم) جزءان، (قسم شمال المملكة) ثلاثة أجزاء، (قسم المنطقة الشرقية) أربعة أجزاء، (المعجم المختصر) ثلاثة أجزاء.

كتب في تاريخ البلدان: "بلاد ينبع"، "مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ".

كتب عن الخيل: "معجم أسماء خيل العرب وفرسانها"، "أصول الخيل العربية الحديثة".

كتب في التراجم: "مع الشعراء"، تراجم لبعض شعراء مجهولين، نشره (نادي القصيم الأدبي)، "ابن عربي موطد الحكم الأموي في نجد"، ترجمة إبراهيم بن إسحاق الحربي في مقدمة كتاب "المناسك" الطبعة الأولى، "معجم المطبوعات العربية" إشراف، "رحالة غربيون في بلادنا".

كتب في المباحث اللغوية: "نظرات في كتاب تاج العروس"، "ملاحظات على المعجم الكبير" بالاشتراك.

وحقق من الكتب: "رسائل في تاريخ المدينة"، "الأماكن" للحازمي جزءان، "الأمكنة والمياه والجبال" لنصر الإسكندري ثلاثة أجزاء تحت الطبع، "المناسك" أو "الطريق" – الطبعة الثانية، "المغانم المطابة في معالم طابة" قسم الجغرافية، "البرق اليماني في الفتح العثماني" لقطب الدين النهروالي، "التعليقات والنوادر" للهجري أربعة أجزاء في الشعر واللغة والمواضع والأنساب – دراسة وتحقيق -، "الجوهرتين" للحسن بن أحمد الهمداني مع بحث في المعادن والتعدين، "الإيناس في علم الأنساب" للوزير المغربي، "أدب الخواص" للوزير المغربي، "المحمدون في الشعراء" للقفطي – إشراف، "شعر الشنفرى الأزدي" إشراف، "معجم الشيوخ" لابن فهد بالاشتراك، "الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة" للجزيري في ثلاثة أجزاء، "جمهرة نسب قريش" للزبير بن بكار – إشراف، جزءان.

منح الجاسر جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1404 هـ/1974م؛ لإسهامه وعطائه الزاخر من إثراء ميادين الفكر والأدب.

كما منح وسام التكريم من مجلس التعاون الخليجي عام 1410هـ/1989م.

منح وسام الملك عبد العزيز عند ما اختير الشخصية السعودية المكرمة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) عام 1415هـ/1994م.

منحته جامعة الملك سعود الدكتوراه الفخرية عام 1416 هـ/1995م؛ لما قدّمه للساحة الثقافية السعودية من عطاء وافر متواصل، وما قدّمه للمكتبة العربية والإسلامية من إثراء تاريخي وجغرافي وأدبي ولغوي.

نال جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1416 هـ/1996م.

نال جائزة سلطان العويس الأدبية في الإمارات العربية المتحدة في مجال الإنجاز الثقافي والعلمي، عام 1416هـ/1995م.

نال جائزة الكويت للتقدم العلمي عن كتاب (أصول الخيل العربية الحديثة)، عام1416هـ/1995م.

في يوم الخميس 16جمادى الآخرة عام 1421 هـ /14 أيلول 2000م توفي الشيخ حمد الجاسر بعد حياة حافلة بالعطاء.

وسوم: العدد 868