شريف حاج قاسم : حياته وشعره – 2

clip_image001_f0b54.jpg

زفرة حرّى :

قلبت قصائد الشاعر أستطلع ما فيها من ملامح الأدب الإسلامي وآفاقه، فوجدتني أطوّف معه في آفاق مترامية الأطراف استغرقت اهتمامه وأحاسيسه، تطالعنا منها زفرة حرّى يسكبها الشاعر أسى على أمته التي تطحنها النوازل، ويطيش خطاها الهوان وشتات الكلمة في عصر لا يحترم فيه إلا الأقوياء ..

على أمتي تبكي القلوب وتخفق       فآلامها تشجي وتبكي وتقلق ُ

وليل ُ رزاياها ثقيل ، وصدرها        بسهم صروف للملمات يرشق

وهذي جراحات تفيض سخينة    من الوطن المكدود والكرب محدق ُ

وضيّعهم صدٌّ عن الدين والهدى        فعصرهم ُ الموّار داج ٍ مطوّق

فللغرب يدعو جاهل ٌ صنو جاهل      وللشرق بالإلحاد والغي ينغق ُ

على أمتي آسى وألتاع مشفقاً         وأنذر دنيا المسلمين وأصدق ُ

ويعبر عن مكابدته أشد الألم لما يعصف بأمته – إزاء نوازلها – من ضياع يهدر شخصيتها ويبدد طاقاتها ، ولقد كان لها ، يهدي الإسلام ، أكرم منزلة في التاريخ ، ووسدت أعظم رسالة وأجلّ أمانة ، فأضاع ذلك أبناؤها ، ومضت تلهث وراء الشرق والغرب ، حيث الذل والتبعية والسلام المكذوب ...

نفوس بني قومي تفلّت طيشـــــــها            فهم ضائع غاو ٍ وآخر مرهق ُ

نرجّي من الغازي الخلاص وسيفه         من المهج الظمأى يفور ويدفق ُ

أسفت ُ على قوم حبتهم رسالةٌ            من الله ، ترميهم يهود وترشق ُ

وذابت قواهم لهف نفسي وها هم ُ        يضيّعهم دون الصراط تشدق ُ

فلا وحدة في الرأي تجمع شملهم        ولا عزمهم فوق الصعاب يحلّق

رضوا بسلام لا يقيم كرامة ً           ولا يفتدي المسلوب يوماً ويعتق ُ

وهانوا بعصر ٍ لا يرحم من ونى            وهشُّـــوا وكفُّ النازلات تمزِّق

وهم في رحيب الأرض هلكى يسومهم   عدوّ لهم سوء الهوان ويفهق ُ

مشوا في ظلال الوهن والهول ُ عاصف ٌ   فأين جياد ٌ ضامرات وأينق ُ ؟

ونحن شتات ٌ في الهوان وفي الهوى على كلّ عود في يد اللهو رزدق ُ

فهذي ليالينا شرود ٌ عن الهدى            وهـــــذي أمانينا تردُّ وتُخنق ُ

الكفر بالطاغوت :

إزاء هذا الضياع والشتات الذي يلف المسلمين وسط نوازل وأهوال تخر لها الجبال ينادي الشاعر بالخلاص ، فلا نجاة إلا باطّراح الجاهلية والاستمساك بالإسلام ..

كفرت ُ بهذي الجاهلية كلها         فآفاقها هولٌ مريع ٌ ومغسق ُ

وآمنت بالإسلام حكماً وباعثاً     لأمتنا إن النــــــــــــوازل تحــــــــــــــــــــــدقُ

فغيرُ طريق الله فيه دمــــــــــــــــــارها      وهيهات تنجو من بوارٍ وتعتق ُ

-لا عزة إلا بهذا الدين :

ثم يطلقها صرخة ابتعاث جديد لأمتنا المسلمة وآفاق عزتها ونصرها :

أيا أمة الإسلام لا النصر يرتجى         بغير هدى المولى ولا الخير يلحق ُ

فعودي إلى الرحمن تحمدْ عواقب ٌ           فذي أمم ٌ تغزو علانا وتطبق ُ

بغير كتاب الله ماتت عزائم ٌ              وأقوت قلوب ٌ بعد خير يرقرق ُ

كأني بحول الله يرعى نهوضنا               وبالنور من بين الدجنّة يشرق ُ

وبالأمل المنشود يحشد جنده             ويرفع للإسلام في العصر يبرق ُ

تمر الليالي عاصفات وينجلي               بقلبي على الأرزاء فجرٌ مؤنّق ُ

فلا بدّ من يوم قريب صباحه               بسحر مآتيه الطيور تشقشق ُ

وتبزغ ُ شمس بعد طول غيابها         يضيء فجاج َ الأرض فيها التألق ُ

أرى الغدَ يأتي بالكتاب وأهله           إلى الساح من آفاقه قد تدفقوا

لقد عاش شاعرنا شريف أحاسيس الابتعاث حتى الأعماق في شعره، وتمثلها في وجدانه حيّة متألقة، تثريها مشاعره وتزجيها إلهاماته، لا تكاد تغيب عن خاطره، ولا تغادر قصائده، فلا غرو أن ينساب أمل ابتعاث الأمة المسلمة إلى مخيلة الشاعر رؤيا وجدانية، وحلماً شاعرياً يدب في حنايا قلبه، تتملاه العين، ويحياه الفؤاد :

لا تقل غاب فجرنا الرباني       في دياجي الخطوب والأشجان ِ

وانطفت شعلة ُ الجهاد وغامتْ  في سمــــــــــــــــــــــــــــانا عـــــزائم ُ الإيمان ِ

أوكبا الفارس العنيد ُ مدمّى       وتخلّى عــــــــــــــــــــــــن حومة الميدان ِ

من فجاج الصحراء أصغي لصوت ٍ   أزلي يمـــــــــــــوج في وجداني

عربدات الهوان ذوبي فهذي        صـــــــــــــــرخات انبعاثنا الرباني

دفقة البيد موجة ٌ من غيوب ٍ      حملتها كتـــــــــــــــــــــــائب الرحمن ِ

إن الشاعر حين يهيب بأمته إلى إحياء إسلامها في حياتها فلأن لها دوراً في هذه الحياة ، قد أناطه الله بها ، وكلفها بأمانته ، فقادت الدنيا إلى الحق والخير في عصورها الزاهرة وكانت بسمة على جبين الوجود ...

ورفّت على الأمصار رايات فتحنا    ففي الصين مرماها وفي الهند تحفق

وأندلسُ الخضراء تدنو قطوفـــــــــــــــها    فعاش عليها الغـــــــــــرب والغرب مملقُ

محقنا دياجير الشعوب فـــــــــــــــــــــــــديننا   نهارٌ على ليل الممـــــــــــــــــــــــــــــالك مشرق ُ

به قد ملكنا الأرض شرقاً ومغرباً    وجــــــــــــــــــــــــــــذوته رغــــــــــــم الدجى تتألق ُ

أروني مدى الأيام عهداً مــــــــــعطراً     بغير شذى الإســــــــلام يهمي ويعبق ُ

-الأخوة هي العروة الوثقى :

إنما تنهض أمة الإسلام بالعقيدة في الله والجهاد في سبيله، لأداء دورها الخالد، وتسلّم الراية من جديد . العقيدة في الله أساس رسالتها إلى الدنيا، ورابطتها تضم المشرق إلى المغرب حيث تتلاقى القلوب المؤمنة، ويتجاوب الهدى والإيمان، يصور شاعرنا هذه الرابطة في نشيده :

أخي في مشرق الدنيا        نداك يهـــــــــــزّ وجداني

أخي في مغرب الدنيا       رؤاك طيوف أجفاني

سنمضي بالهدى قدُماً      لنـــــــــــــشر حكم قرآن

فلا باغ ٍ سيقعدنا          ولا طاغ ٍ ولا جان ِ

فهذا وقتُ صحوتنا        به هبّت ســـــــــــــــرايانا

كما يرى أن العقيدة في الله سر صمود الأمة المسلمة أمام الكوارث والمكائد، ترص صفوفها بوحدة الإيمان وآصرة الإسلام لتنشر دين الله في أقطار الدنيا من جديد ..

الله أكبـــــر لم يـــــــــــــــــزل بأذاني       ســـــــر الخــــــــــــــــــــــــلود لأمــة القرآن ِ

كم فزّقت أمم وماد بركنها      صرف الزمان وعاصف الحدثان ِ

والمسلمون يلم شمل شتاتهم      رغـــــــم الحوادث هـــــــاتف الإيمان

ما صدّع الهول المزمجر وحدة     للمســـــــــــــــــــــــلمين وطيدة الأركان

تلتفُّ أفئدة على توحيـــــدها      مــــــــــــــا غاب عنها سرّها الرباني

ومضت على اسم الله زان مضاءها  عزم التقاة ووثبة الشجعان

شدّت أواصرها العقيدة في الدنا      ومشت تباركها يد الرحمن ِ

هذا وإن للشاعر ما يضاف إلى الآفاق التي عرضنا لها رؤى إنسانية، ومواقف جمالية أصيلة، فهو حين ينظر إلى براعم الجيل، يتملى فيها، على أجنحة إلهامه، رؤى ربيع أمتنا المقبل ..

هذي البراعم في ثنايا روحها      مستقبل نضرٌ عزيزٌ هان ِ

ما لاح لي طفل يخط بنانه       سطراً تعلمه على الملَوان ِ

إلا رأيت ربيع أمتنا زها      وتدلت الأثمار في الأغصان

ويرسم لنا لوحة طريفة لغصن يتثنى فوق رمال الهاجرة ، ولكنه يحيا بخصب ذاته ، فيروض عوده اللدن على سوافي البيد وهو الرياح ، ترعرع وسط الجدب والجمر ورنت مآقيه لرطيب فجر ، إنه أمل الشاعر النضر ، يبات في دنيا الجدب والضر ، ومآقيه ترمق لأمته انبلاج الفجر ..

يتثنى بعوده المخضرّ           فوق كفّ اللظى بوهدة حرِّ

وترانيم ثغره سبحات ٌ         يتسامى مــــــــــــعراجها بالطهر ِ

دحرجته الرياح خلف وهاد ٍ    رصّعتها يد السنين بجـــــــــــمر ِ

يا له من مطرّز باللآلي          في بساتين ربعــــــــــــــــه والدُرِّ

جلّنار الربيع طيف ُ مآقيه     وتغريـــــــــــــــــــــــــــــد روحه كالطير ِ

فوق أدواح عالم بات يطوي   في صحاريه كلّ عطر وزهر ِ

يرشف القطر من سحاب أمانيه ويحثو على مـــــــــــــــــــداه بخير ِ

ونما رغم جدب دنيا ترامتْ   وهو في الأرض بين كرٍّ وفرِّ

عاش يحسو الأمان من أفق الغيــــــب ويروي فؤاده من صبر ِ

حيث ترنو عيونه من بعيدٍ     لانبلاج الهنا القريب بفجر ِ

جهاد الأدب الإسلامي :

تنادى ثلة من الأدباء الخيرون لتأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ووضعوا قواعد لها ، وأصدروا مجلة باسمها، وانتخبوا الإمام الندوي رئيساً لها مدى الحياة، هذا العمل الجليل هزّ المشاعر النبيلة، حيث كتب الأستاذ شريف حاج قاسم، مشيداً بدور الرابطة ، وجهود أعضائها ، فقال :

تحية الأدب المعطاء للنجبِ                  الراكلين غثاءَ الزيف والريبِ

الحاملين لواء الكلم ذا حللٍ                من الوفاء لدين الله في الحقبِ

المؤمنين بما توحي عقيدتهم            من غير ما عبثٍ بخسٍ ولا صخبِ

ندية بالهدى أقلامهم فيدٌ             تملي عليها الحِجى من رائع الأدبِ

وأبهجتْ أفقاً عذباً بما حفلتْ              به العقيدة في ميدانه الخصبِ

ويشيد بعزيمة الإمام الندوي الجبارة ، وإرادته القوية التي شحذت عزائم الرجال، وشحنت عقيدة الأدباء بطاقة إيمانية، حيث أقام رابطة الأدب الإسلامي العالمية التي تدعو لأكرم نهج، وأقوم سبيل، فأصبح الشعر والنثر من جنود الله :

وهمة ( الندوي ) البرّ كم شحنتْ           عزيمة أثقلتها وطأةُ الوصبِ

أقام رابطـــــــــــة تدعــــــــو مبادئها             لأكرم النهج بين العجم والعربِ

العالمية في أهدافها اتسعتْ               أنعمْ بدعوتها الحسنى وباللقبِ

فالشعر والنثر جنديان إن حملا           دين المهيمن فازا منه بالحسبِ

ويسقط الأدب المنبوذُ إن عملتْ       حروفه في ملاهي السوء والطربِ

فجهاد الحرف والكلمة يدعو الأدباء الأباة إلى مواجهة سيل التآمر على الأمة، ويفضح نفايات الشعوب التي استوردها الأعداء والكائدون لنا .

ونتساءل بعد هذا عن ولادة التجربة عند شاعرنا، فنلفيها تجربة مؤمنة يحملها قلب مفعم بالأحاسيس المتقدة التي لا يكفكف لظاها إلا أن تنقل ضرامها إلى القلوب تذخيراً وإلهاماً ..

قيل نسج الأشعار يطفئ ناراً     أشعلتها الهمـــــــوم بالأفكار ِ

ويذيب الرويُّ جمر الرزايا     دون نفح الحروف في الأسحار ِ

ويروح الفؤاد خلف حفيف ٍ     ورنين ٍ للطــــــــــــــــــهر في القيثار

هكذا قيل غير أني وشعري      بين ســـــــــــــهـــد ٍ وحيرة ٍ وحوار ِ

كلمات ٌ يسائل الله عنها       يوم بعث الأبـــــــــــرار والأشــــرار ِ

هي بين الصفوف تبعث روحاً     وتثير الفـــــداء في الثوار ِ

وتنام الآمـــــال في مقلتيها       وهي ترنو للمحها الخطّار ِ

أما في نظره إلى الشعر فيرنو إلى الإلهام الحي الذي يضوع بالرؤى المحلقة، والألحان المعطرة :

وحسبك من شـــــــــعر الحياة انسيابه     صدى مبدع بالشدو يحدو ويخفق ُ

فهاتوه فوّاحـــــــــــــــــــــــــــــــــــاً بأية صيــــــــــــــــــــــغة ٍ       له عبق ٌ يحيي القلوب ويبثق ُ

إذا رنّ صوت الشعر بالحــــــــــــــــق داوياً       يواكب مـــــــــــا تهفو إليه ونرمق ُ

فذره يف ِ بالآمـــــال لحناً مــــــــــــــــــــــــعطراً        يميس عــــــــــــــلى أوتاره المتذوّق ُ

وما الشعر إلا صرخة ُ الحرّ إن هفتْ       على هذه الدنيا ترِفُّ وتعبق ُ

ونحب أن نورد لشاعرنا هذا الابتهال من عالمه الرباني الذي يعرب عن خلوص نفسه لله وفي سبيله ..

فو الله ما لي بين هذا وهــــــــــــــــــــذه    أمــــــــــــــــــانيُّ أرجوها ولا أتعلقُ

وحسبي من الدنيا رضاي برحمة    وإني لهــــــــــا في كل حال لمملق ُ

سنمضي وعند الله تبلى سرائر ٌ    وتحمــــد أيام ُ الرضا وتصدَّق ُ

قضية فلسطين :

دهس مستوطنٌ يهوديٌّ شابّاً فلسطينياً في مدينة خليل الرحمن عنوة في شارعٍ عامّ، ثم رجع بسيارته فوق جسده مرّة ومرّة، أمام عبيد هذا العالم والأسياد ..ونحن نغني أمجاد يا عرب أمجاد، هذا الحادث الأليم هزّ الشاعر الإسلامي شريف حاج قاسم من الأعماق ، فكتب قصيدة تحت عنوان : ( التحدي المرّ ) يقول فيها :

حتى اليهود ، وهم أذل حثالةٍ         في العالمين على ( الأعزّة ) جاروا

فادهسْ ، وسِرْ فوق الصدور فقومنا          مع عير ما عاشوا له سُمّارُ

هذا زمانك يا خسيسُ فروّعنْ                إن الجبانَ سلاحه الأعذارُ

واذبحْ كما تهوى ، وعربد طالما              أغرى ضياع غثائنا استهتارُ

لقد هان المسلمون حتى تطاول عليهم حثالة البشر وشذّاذ الآفاق ، وراحوا يدهسون شبابهم في الشوارع ، ..لقد هنا على أنفسنا فهنّا على الناس .

لا ..للسلام مع اليهود :

ويعيب الشاعر شريف حاج قاسم على دعاة السلام ..واللاهثين وراء المفاوضات مع العدو الإسرائيلي ..الذين داسوا على دماء الشهداء ، وركضوا وراء الوعود الكاذبة والأماني الخادعة ، فكتب قصيدة بعنوان : ( لا ما نع لما أمضى الله ) ، ومطلعها :

قضية القدس ما زالتْ بأيدينا          فلا يغرركَ من بالسلم يهذونا

إنا وإن غُلّتْ الأيدي لموعدنا       أرض الرباط ، فلا نامتْ مآقينا

فهو يعتبر السلام مع اليهود ضرباً من الهذيان ، ويدل على غفلة عظيمة ، ومتى تصحو الأمة فلن تجد طريقاً أمامها غير الجهاد :

رؤيا يهودٍ وقـــــــــــــد آنتْ نهايتهم            وهــــــــــاهم اليوم للميعاد يأتونا

مِيعادهم ومصـــــــــــــــــيرٌ ليس ينكره          أخو البصيرة مِيـــــــــــعاداً وتمكينا !!

لكنّ عين أخي الإسلام مبصرة ٌ        فليس عينُ أخي التضليل تفتينا

جاؤوا لملحمة لا ريب آتـــــــــــــــــــية ٍ        حتى يـــــــــــــــــــروا حتـــــــــــــفهم بأيدينا

ويأمل الشاعر أن يكون اللقاء في القدس قريباً ، فقضية القدس وصلت من المآسي حدّاً لا يطاق ، لقد أدمتْ قلوب المسلمين جميعاً :

غدا لقانا وساحُ القدس موعدنا       مهما تمرّد واستعـــــــــدى أعادينا

قضيةُ القدس أدمتنا مواجعها         وباتَ في كربها المسحور أهلونا

ويشيد بصمود الإخوة المجاهدين في فلسطين الذين صمدوا في وجه الطغاة، وتخلى عن نصرتهم القريب والبعيد :

الإخوة اليوم في وجه العدا صمدوا         رغم المكاره صيداً ليس يشكونا

من ذا يكون لهم يا ربّ في زمـــــــــــن         سادَ الطغاةُ ، به نذلاً ومأفونا !!  

فضح جرائم اليهود :

ويسترسل الشاعر شريف حاج قاسم في تعداد جرائم المحتلين الصهاينة التي أدمت القلوب، فكم من شيخ قد دفن في التراب، وكم من فتى قد أثخن بالجراح، وكم من فتاةٍ قد انتهك عرضها، وكم من وجه صبيح قد شوي، وتشوه بالنيران تمزقّ أشلاء القتلى، وتناثرت في كلّ مكان، وهلم جرّاً، فجرائم الصهاينة لا يحصيها العدّ :

أتينا من القدس نشكو لكم          فظائع أدمتْ شغاف القلوبْ

فكم من أبٍ تحتَ كوم التراب       يئن ، وكم من فتى قد أصيب

 -فلسطين لن تعود إلا بالإسلام والجهاد  :

ويصل الشاعر آفاق العقيدة بحياتنا المعاصرة وقضاياها، فلا يلفي حلاً لتحرير فلسطين إلا بالإسلام والجهاد . لقد حصحص الحق، وتهاوت سائر الحلول الذليلة:

هل بغير الإسلام ترجع أرض ٌ        من طغاة وحفنةٍ من لئام ِ

لا ..لا وربي ..لن تعود فلســـــــــطين بغير الهــــــــــــدى وحدِّ الحسام ِ

ثم يمضي الشاعر مع الحل الإسلامي لقضية فلسطين فلا يلمح بشائر النصر عند شرق أو غرب ، وإنما يلمحها في ركاب موكب الإيمان الذي يبزغ من فتية النور، وينتزع الفجر من أضلع الديجور ...

أبداً عهدنا مع الله ماض ٍ    رغم سفك الدما وهول ِ المصاب

لا يهاب الإيمان من عبث الكفـــــر ولا يخشى من دوي الحراب

فتية الحق يا فلسطين هلّوا       كنجوم الهـــــــــــــــــــدى من المحراب

لا تخافي ..فللمنايا شبابٌ      يوم حـــــــــــــــــطين تلتقي بالشباب

نحن لم نلق سيفنا – لا وربي -    أو تنام الجراح عبر الصدور

نحن للثأر في فلسطين جئنا         بل خُلقنا مع الجهاد المرير

سوف نمضي ودربنا بالشظايا        والرزايا مضمّخٌ والعطور

وسيوف الإسلام تنتزع الفجـــــــر     انتزاعاً من أضلع الديجور

هذا وإن عوامل النصر – في عالم الشاعر الجهادي – انعتاق من لذاذات الحياة وزينتها ، وابتغاء رفيع القيم ..

ومن يطلب الفتح المبين يقمْ له        كريم الرؤى ، حراً وكالسيل يدفق ُ

ولم تغره الدنيا ولا عاف عينه           لزاهٍ وإن غشّى المناكب ديســــــــــــــق ُ

هو العيش إما رفعة وبطــــــــــــــولة          وإما دمــــــــــــــــــــارٌ للضعاف محـــــــــــــقّق

كشمير المسلمة :

ويصور الشاعر الإسلامي شريف قاسم الجرح النازف في كشمير المسلمة، حيث يواجه إخوتنا جرائم السيخ والهندوس في الهند ..وهذه الجرائم لا تقل عن جرائم اليهود في فلسطين :

وعلى فجاج الهند في كشميرنا         ذبح وحــــرق أنشبَ الأظفارا

أمن اليهود، أم الهنود أم الطغاة        يرى أخونا المسلم الأخطارا !!

لقد تكالبت علينا الأمم ، فأصبحت كالفريسة للكلاب .

أصداء الجهاد الأفغاني :

إن مكر الكافرين وأحقادهم على أبناء أمتنا لا تنتهي، فهم قد تآمروا على الجهاد الأفغاني، وأشعلوا الفتنة بين أحزاب المجاهدين حتى تسنى لهم الانقضاض على بلاد الأفغان واحتلالها :

ألم ترَ أن الكفر أطبقَ حــــــــــــــــــانقاً         يواري مخــــــــــــــازيه بمكرٍ ويخدعُ !!

وهذي بلاد المســــــــــــــــــــــــلمين كأنها         موائدُ للطاغين مُدّت ليشبعوا

تداعوا على الأفغان حقداً وخسة        وكفهم فيها الخــــــــــــرابُ المُصدّع

ليهلك من نادى بتطبيق شرعة ٍ         ويحكم بالطغيان حزبٌ مضيّعُ

ويدفعه الباغون للحكم بالهوى       على الناس كالأفعى يحول ويقبعُ

وأفغانستان التي أنجبت الأبطال وقادة، أولئك المجاهدين الذين قضوا نحبهم وزفتهم الملائكة إلى الجنان، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً، فهم باقون على حبّ الجهاد ومقارعة الطغاة، يقول الشاعر :

أليس بها أطياف عمرو وخالد ؟      أليـــــــــــــس بها ذكرى تلوح وتنفعُ

وعزم رجال للجهاد يشــــــــــــــــدّهم       إلى جنة الرحمــــــــن عهدٌ ومطمعُ

فمنهم قضى دون المعامع نحبه         ومنهم بحـــــــــــرب المعتدين مولّعُ

ويتحدث عن جيش محمد – صلى الله عليه وسلم – ومسيرته للفتح، يحمل المصحف بيد، والبندقية بيد أخرى، فكان من ثماره دحر الروس في أفغانستان وانهيار الاتحاد السوفياتي :

أوما سمعتَ بجلجلات مسيره         من غير ما وهنٍ ولا إعياء ِ

قد أذهلتْ روسيا برغم عتوها        وسلاحها المشحون بالغلواء

الله أكبر لم يكن إلا الفدا           يكوي لظاه أضالعَ الأعداء

خرج الشيوعيون من أفغاننا           وهم الأذلة رغمَ كلِّ هُراء ِ

الإشادة بالمجاهدين :

ويشيد الشاعر الإسلامي شريف حاج قاسم بالمجاهد الشهيد عبد الله عزام الذي قاد المجاهدين من العرب وأسرع بهم إلى الحسنى، ولقي الله مستبشراً بجهاده، ثم واصل إخوانه الجهاد لطرد الروس من أفغانستان :

وعلى ربا الأفغان هبّ مجاهداً        ذاكَ الهزبرُ المؤمـــــــن المستنفرُ

فشبيبة( عزّامها ) ألفى بهم           شوقاً إلى الحسنى ولم يتغيروا

إيمانهم بالله أكرمهم بمـــــــــــــــــــن         نال الشهادة وجهه المستبشرُ

ويخوضها الأبرار إســــــــــــــــــــــــــــلامية     والروسُ حظهمُ التعيسُ مبعثرُ

سيكون نصراً تستجيبُ ليومه      مهــــــــــجٌ على جمر المكاره تعبرُ

ويصور فجيعة الأفغان وجراحهم، ويثني على شجاعتهم، فيقول :

فصريخُ كابول الجريحة لم يزلْ        بين الفواجع هائماً مسعارا

والمجرمون بها تثاقلَ ليلهم         والشعبُ غير الشرع لن يختارا

رثاء الشهيد عبد الله عزام :

ويوم سقط عبد الله عزام شهيداً  على ثرى أفغانستان الطاهر ، كتب الشاعر الإسلامي ( شريف حاج قاسم ) من سورية قصيدة تحت عنوان (فاضت دموع الشجو ) يبكي فيها على رحيل القائد المجاهد عبد الله عزام، جاء في مطلعها :

فاضت دموع الشجو في أجفاني و تسعرت كبدي وهاج بياني ويكاد يغلبني الأسى فيهدنيوتصـفد الأغـــــــــــلال فيض جناني وتميت في روحي تألق عـــــــــــزتيووميض ما في القلب من إيقان وترد إنشادي وتغريدي على     حلل الربيع الطلق في البلدان وتقودني بين الخمائل والربا     هما لتخرس في الظلام لساني وأثارت الأوجاع أنات الجوى        في صدري المتأجج الحران ونظــرت في وجه النوازل إذ بها        كرب تدفقها يهز كياني مجنونة كالريح يعصف بأسها         وقادة كالجـمر في البركان

لقد أوشكت هذه المصيبة أن تهدّ كيان الشاعر، وأثارت الأوجاع في قلبه، ونزلت عليه كنزول الصاعقة أو أشد، ثم يخلص الشاعر بعد هذه المقدمة الحزينة إلى رثاء المجاهد، فيقول : وعلت بها كف اللئام بطعنة         في ظهر حــر مؤمن متفان فهوى بها الجبل الأشم وضرجت     بدمائه أرض بكت ومغان وهناك "عبد الله" بات منارة      للمخلصين الصيد في الأزمان ستظل "يا عزام" يذكرك الفدا      شيخاً شــهيداً رغم كل جبان تمضي ونفتقد الرجال وإنما        نبكـي على أمثالك الشجعان

لقد راح الشهيد عبد الله عزام ضحية الغدر، فهوى ذلك الجبل الأشم، وصار الشهيد منارة تهتدي به الأجيال في الشجاعة وشدة البأس على الأعداء :

والركب من غير التقاة كطائر  في الروض لا يقوى على الطيران لكن أحب لقاءك الرحمن إذ         كنت المحــب لدعوة الرحمن فالركب بعــدك لم يزل متفانيا           بجهـاده بالنفس والولدان ترضى المنية تحت ظل عقيدة            الله يحــرسها بكل أوان

وركب المجاهدين إذا افتقد القادة الربانيين فإنه يصبح كالطائر الذي فقد إحدى جناحيه، فهو لا يقوى على الطيران، ولكن مما يطمئن الأمة أن ركب الجهاد تابع مسيرة البطل، بفضل الله، ثم بفضل تلاميذ الإمام الصادقين : من قال إن الدين مــات زمانه          فالجـم مقالته بيوم طعان الدين باق والشباب جحافل       رغــم اشتداد البغي والعدوان يمضون بالنور المبين وفوقهم          عـلم الجهاد وروعة الخفقان فاهنأ أيا "عزام" ما مات الهدى     فالعهد عهد الموكب الرباني

زهد المجاهد في زخارف الدنيا :

إن المجاهد لا يكترث لزخارف الدنيا ونعيمها، فهو مقبل على الله بكليته، فلو تمسك بالدنيا لأخلد إلى الأرض وترك الجهاد؛ لأن فيه زهق الأرواح وذهاب هانت أمام ثباتك الدنيا فلــم              تحفل لزيف بريقها الفتان وهجرت ما تصبو إليه نفوسهم         من منصب يغري ومن رنان وعلمت أن الأرض يعمرها الهدى        ويميتها ما هاج من بطلان فأقمت للدين المضاع بأمة            صرحا بصدق جهادك المزدان وأهبت باللاهين أن يتأهبوا      لجهاد من عاشوا على الكفران

داعية الإصلاح :

لم ينشغل المجاهد بالقتال ومقارعة الأعداء عن واجب التبليغ والدعوة والإصلاح حيث كتب الدعوة الإسلامية ضرورة بشرية وفريضة ربانية ، وكتب ميثاق حماس، وألف الكتب، ودعا إلى تصحيح العقيدة ونبذ الخرافات، فكان مجاهداً بالسيف وبالقلم، باللسان وبالسنان، بالكتاب وبالكتيبة : ومشيت في طول البلاد وعرضها  تزجي شذى الإصلاح والإحسان تغني البطولة بذل كل محبب          للذود عن حق وعن قرآن خسئت سجون المجرمين وإنما       هي للطغاة يدا هوى وهوان عاش المجاهد فوق صهوة عزه         ومقامه أسمى من التيجان ويداه فيه قويتان بروحه              ويدا بني الطغيان ترتعشان شلت يمين الظالمين شعوبهم            ولعلها بالخزي تنكفئان غضب المهيمن ليس يفلت ظالما      مهما اشمخر ببغيه الحيــــــــــواني ويمـــــــــــــــــــــــوت منتحراً بمدية غيه     وبدائه المســــــــــــــــــــــعور كالنيران لم تبكه أرض ولم يشهد له             عمل يسوق الخير للبلدان

وعقيدة التوحيد وحياة الذل والهوان لا تجتمعان في قلب مسلم واحد، فالمؤمن لا يركع إلا لله ، والعيش في ظل الجهاد كرامة ما بعدها كرامة : تأبى العقيدة أن نعيش أذلة          ونساق تحت الهون كالقطعان ونموت موت موله بيد الهوى           أو موت خوان بثوب جبان فالعيش في ظل الجهاد كرامة          حرمت على الأفاك والخوان دارت رحى الإسلام فاشهد صوته        يرث المدى بهديره الرباني سيريهم الآيات ربي جهرة         ويؤول مذهبهم إلى الخسران يتألق الإيمان في نقع الوغى             وبك اسثارت ساحة الميدان أوقدت روحك مشعلا لجهادنا      وهجرت ما للنفس من إذعان قد عشت يا عزام قلبا ثائرا             لم يلوه مـــــــــوج من الفيضان

ويرد على شبهات الذين قالوا إن عزام ترك الجهاد في فلسطين وذهب إلى القتال في أفغانستان، ويرى الشاعر أن الإسلام وحّد بين أقطار المسلمين، فالمسلم أخو المسلم أحب أم كره : علمت أهل الريب كيف تقاعسوا    وكشفت نور الصدق بالبرهان فهو الجهاد فريضة ما ضرها         كون الجهاد على ثرى الأفغان ويجاهد العربي في ظل الهدى           في القدس والبلغار واليونان فبلادنا في كل أرض زانها                ظل لدعوتنا وصوت أذان والمسلمون على مداها إخوة              ترعى أواصرهم يد الديان ودع الذين تهافتوا واستنكروا                 فقلوبهم تحيا بلا تحنان عميت عن الحق المبين فلم تكن        كعيون أهل بصائر الإيمان ذابت عزائمهم بنار ضلالهم              محمولة للذل في أكفان

عقيدة الجهاد ترعب الأعداء :

إن عقيدة الجهاد تخيف قوى الباطل من شرق وغرب ، فلنستمع إلى الشاعر وهو يقول : هذا الجهاد عقيدة في دعوة               لشعوبنا قدسية الأركان لم يرعب الأعداء إلا صوته          متفجرا في الشعب كالبركان يرمي الشيوعيين في أوكارهم          ويرد كيد السيخ والصلبان ويهز أمريكا ويقلق أمنها            مذعورة من صحوة الفرسان ومضيت يا عزام حسبك أن ترى    بمقامك العالي رضى الرحمن في مرتع الشهداء طاب نعيمه       بالحور في الفردوس والولدان تلقى الهناء فلا شقاء ولا أذى       أو حسرة في جنة الرضوان دع عنك يا بطلا أناخ بروحه       فوق النجوم الزهر خير مكان من عاشها كذبا بغير كرامة           أو عزة ترجى أو استحسان ما أكثر الأبطال في أيامنا                لكنهم باؤوا بثوب هوان

ويفضح جرائم اليهود في فلسطين الذين اعتدوا على أعراض المسلمين، والعالم يشاهد ولا يحرّك ساكناً ، فيقول : أنظرت أفعال اليهود بنسوة              ورأيت ظـل الذل بالألوان أشهدتهم كيف استباحوا شعبنا           كلا وقتلا في يد العبدان أحضرت كيف يعفرون جباهنا        بالأرض محتقرين خير معاني سفكت مدى الإجرام من دم إخوة    هبوا لدفع الضيم والكفران وأباحت القتل الحرام وأوجعت       عنق الأباة أذى يد السجان يا ويحنا نمنا فلم نسمع لهم            صوتا يثير الثأر في الإنسان متبلدين فلا نحس بما نرى             متشاغلين تشاغل الصبيان ومضيت يا عزام جرحا نازفا             وهب الدم الفوار للديان

والد الشهداء :

قدّم الشهيد عبد الله عزام ولديه قرباناً على مذابح الحرية، فتفتحت أبواب السماء لتستقبل موكب الشهداء تميم العدناني ، والشهيد عبد الله عزام، وولديه محمد وإبراهيم ، ثم انهمر الغيث فلحق بهم الشهيد أحمد شاه مسعود، والرئيس الشهيد برهان الدين رباني ...وهكذا دواليك  : ولداك ما برحا لنهجك ساعدا             خرجا وسارا للفدا بتفان ولقد تبسمت السماء وأورقت          أشجار برهمها على الفتيان لهما أيا عزام سبق كرامة                وتميم قبلهما الفتى العدناني هذي عروبتنا بثوب أصالة              فيكم تجلى وجهها الرباني بشريعة الإسلام أزهر فجرها          حللا من الإيثار والإحسان وبيشاور فيها لكم عرس وفي              دنيا جنين مسرة وأغان والحارثية زغردت ربواتها                لشهيدها والفتية الشجعان ترنو فلسطين الحبيبة والدجى           يغشى افترار جلالها الهتان وتلم في الدرب الطويل إباءها          إذ ليس في تاريخها وجهان مرت عليها للصليب جحافل             مسعورة بالحقد والشنآن فبدا بها الإسلام وجهاً طاهراً              ورمى الصليبيين للديان هو وجهها البسام في ظلم الدجى     لم يرض بالكفران والبهتان ما استوردت سيفاً ولا وقفت على       باب الغزاة تئن بالأحزان فاستشهد الأيام عن تاريخها              تنبئك أن النصر بالقرآن وبجحفل ورث النبوة بالتقى                  وأسنة يوم اللقا ومثان

ذكرى صلاح الدين الأيوبي :

ويبعث الشاعر شخصية البطل صلاح الدين الأيوبي ليقتدي به الأحفاد في قوته وشجاعته وجهاد ولكي يستيقظ النيام ، ويصحو الغفاة : هذا صلاح الدين يهتف بيننا         يا أمة هجعت أما لك بان؟! يعلي منارك للجهاد بعالم                 قلق يعيش به بغير أمان والقدس مع كابول في دفع العدا         بجهاد هذا الشعب تلتقيان وأراهما قدرا لأمتنا فهل              يستيقظ اللاهون في القيعان؟!

ويهيب بأمة المليار التي صارت غثاء كغثاء السيل، ويحثها على التخلص من تلك الغثائية إلى الايجابية المؤمنة الواعية، وذلك بحب الشهادة، والزهد في الدنيا : يا ويح مليار على وجه المدى           كغثاء سيل ماله من شان يتفرجون على المذابح ما انكوى        قلب لهم واغرورقت عينان هشم الأخوة فأس كل مضلل          ومعـــــــــــــــــــــــــــربد أو مجرم خوان لو قيل : "يا الله" لارتعد العدا         وأصيب جمع البغي بالدوران لكنهم نادوا بكل عقيدة                   مبتورة بالظلم والهذيان نفرت عليها في البلاد جموعها         إذ جاشت البلدان بالغليان داست بأحذية لها مللا هوت         فوق الرغام بوجهها الخزيان لم يبق للخير الظليل سوى الهدى     والعيش في رغد سوى القرآن هذي شريعتنا نسوق نعيمها           في العالمين سحائب العرفان

لقد حمل الشهيد عبد الله عزام راية القرآن بيد، والبندقية باليد الأخرى، وأوقد جذوة الحماس في النفوس، فاهتدى المؤمن على أضواء تلك النيران وسار على درب الجهاد الخالد : عنها مضيت مجاهداً ووقفت في     لهب الوغى كالطود في الفيضان أوقدت يا عزام ناراً في الدجى            يأوي إليها المؤمن المتفاني ويؤم ما أوحت به قبساتها             قلب يعاني من أذى الخذلان

الأمل والتفاؤل :

ورغم قسوة المحن، وصعوبة الطريق، وتساقط الشهداء إلا أن الشاعر الإسلامي شريف حاج قاسم يبقى متسلحاً بالأمل والتفاؤل : إنا لننتظر الصباح مكبرا                 والنصر والإسلام يعتنقان ونرى بكابول راية خفاقة                لله لا للكـــــــــــــــــــفر والطغيان

وتردد التكبير فتحاً قدسنا              يزجيه رب العرش للفرسان

ما كان من صنع الرجال سوى العلا  وجلائل الأعمال في العمران ومضيت مبتسما بوجه شهادة         كتبسم الفجر الأعز الهاني ماذا على من جاد بالدم مؤمنا        وبأهله في الساح من تبيان قلب ترعرع في ميادين الفدا             واشتد ساعده فليس بوان

وراحت القدس تشارك الدنيا فتبكي على رحيل ابنها البار عبد الله عزام، الذي ضحى بروحه وماله وأولاده في سبيل الله : تبكيك قدس يا شهيد وإنما           يبكى على العزام في البلدان يا من وهبت بنيك ساحات الفدا     ودفنت أمك في ثرى الأفغان ومضيت توصينا بأكرم منطق         وعلى جبينك ومضة الإيمان أن لا نعيش أذلة بين الورى              وننام بين الهون والإذعان ونصيخ للطاغوت حيث تبدلت            ألوانه بالمكر كالشيطان أوصيت يا شيخ البطولة أمة               بجهادها بالمال والولدان إن الجهاد طريق عزة أمة                أمست بلا عز ولا سلطان وكأنها نامت على فرش الونى           واستعذبت ما فيه من خسران جنات ربك فتحت أبوابها                   ونعيمها بالخلد والرضوان يتبوأ الشهداء مقعد صدقهم                 فيه حسان الحور والولدان أنهارها عسل مصفى بالمنى                وبظلها الثمر الشهي الداني والجار رحمن السماء وإنه                   لعباده يعطي وما هو فان أنعم بها من جنة وكرامـــــــــــــــة                ريانة بجمــــــــــــــــــــــــــــالها الفينان بشراك يوم أتيتها بشهادة                 أسمى من الأموال والتيجان

وأنبت دم الشهادة نصراً مؤزراً في أفغانستان فرحل المستعمر الروسي البغيض، وانهار ذلك العملاق تحت ضربات المجاهدين ..وأصبح أثراً بعد عين .

أريتريا :

ولا ينسى الشاعر شريف حاج قاسم أن يذكّر بجهاد الشعب المسلم في أريتريا الذي جاهد طويلاً ضد (الحبشة)، وعندما أعلن الاستقلال تسلط على الحكم ( أسياس أفوركي) الذي رفض الانضمام إلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ..وأعلنها حرباً على العروبة والإسلام :

فهذي انتفاضات الشعوب بدينها        تهدّ كـــــــــــــــــــــــــــــيان المعتدي وتزعزعُ

بأريتريا شعبٌ يثورُ مجـــــــــــــــــــــــــــــــاهداً         ولا يرهبُ الأشرارَ والبيضُ تلمعُ

قراها : أداديخٌ ودلك وفـــــــــــــــانكوا        لقد شهــــــــــــــدت ذبحاً وسبياً يروّعُ

فمن ينصر الإسلام في ربواتها ؟        ومن ذا يغيثُ الثاكلات ، ويسرعُ ؟؟

لقد أثخن ذلك الرئيس المجرم الجراح في شعبنا المسلم في ارتيريا، حيث نكّل بالمسلمين في مدن أريترية وعاث في أرضها الطهور فساداً وخراباً، وما مجازره في أداديخ ودلك وفانكوا عنا ببعيدة لقد اعتدى على الأعراض، ورمّل النساء، وذبح الأطفال فمن ينصر هؤلاء المستضعفين والمساكين ...

البوسنة والهرسك :

فضح الشاعر المسلم شريف قاسم جرائم الصرب في البوسنة والهرسك، فقال :

وعواء الصّرب في ذاك المدى       سوف يطوِيه وإن أرغى العفاءْ

وفي قصيدة أخرى يهاجم الصرب، ويفضح جرائمهم في ( سربنتشا )، فيقول:

فترى الصربَ لعنةُ الله عليهم       مــــــــــــرّغوا بالتراب عـــــــــــــــــزّ الجبين ِ

سربنتشا وللمـــــــــــــــــــذابح وهجٌ        ضجَّ بالجمر في سكون ِ الجون ِ

ويعيب الشاعر على الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذلك السكون المخزي على تلك المجازر البشعة، فيقول :

ويدُ المنظمة العتيدة – ويحها -         شلّت، وأوقف سعيها المسؤولُ !!

خوذاتها الزرقاءُ سترُ مكـــــــــــــــــــــــــيدةٍ        تدري ( ســـــــــــــــــــــراييفو) بها كابول !!

شهدت مصارعنا فلم تدمع على       آلاف مــــــــــــــــن ذُبحوا فبئس الغولُ

لقد قست قلوب أبناء المجتمع الدولي، ومجلس الأمن العتيد حتى تحولت الأشباح إلى وحوش كاسرة أشبه بالأساطير .

مأساة الشيشان :

وتأتي مأساة المسلمين في الشيشان، وتقع الكارثة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، حيث أخذت الدول الإسلامية : كازاخستان، طاجكستان، داغستان، أذربيجان، قرقيزيا ..استقلالها فطمح أهل الشيشان بالحرية والاستقلال، ولكن الردّ كان قاسياً من قبل الدبّ الروسي ، فكتب الشاعر شريف حاج قاسم قصيدة تحت عنوان: (( طاب الجهاد بدولة الشيشان) يقول في مطلعها :

طاب الجهادُ بدولة الشيشانِ       فارم ِ البغاة َ بوابـــــــــــــــــل النيران ِ

كبّر لتقتلعَ الجذورَ تعـــــــــــــــفنتْ     تحتَ الفساد ورجسه الشيطاني

سبعون عاماً أثقلت أعمارهم       بالهــــــــــــــون واللأواء والأحزان ِ

قومٌ إلى الإلحادِ قامَ لعينهم        يدعـــــــــــــو، فباءَ بغضبة الدّيّان ِ

ويصور جريمة الروس الذين جاؤوا مسرعين إلى حتفهم في أرض أفغانستان والشيشان ، حيث واجه المجاهدون قوات الروس و آذاقوهم طعمَ الموت :

والروس قد وثبوا إلى حتفٍ لهم       فأتوا ثرى الأفغان والشيشان ِ

فهناك طعمُ الموت كان كعلقم ٍ      وهنا تُباعُ قســـــــــــــائمُ الأكفان ِ

وصوّر بطولات الشعب المسلم في الشيشان الذي تسلّحَ بالعقيدة والإيمان، فهبّ الرجال والنساءُ للجهاد وجاءتهم النصرة من المجاهدين العرب :

ها هم بنو الشيشان جندُ عقيدة ٍ     خفّوا لردع الظلم ِ والعدوان ِ

ما أوهنَ الحكمُ البغيضُ قلوبهم         فقلوبهم أقسى من الصوّان ِ

قد صاغها الإسلام في مـــــــيدانه          بالعزم فلّ ضراوة َ العبدانِ

وحبا مآثرها الحنيف كــــــــــــــــــــــــــــريمة ً        رغم الأذى بالنور والإيمان ِ

طولُ السنين، ومنجلُ الإلحاد لم       ينسِ الرجال حلاوة الفرقان

فاسمع على فم كلّ شيخ ٍ أو فتى      صوتُ اليقين يهزُّ كلّ جبان ِ

ونساؤهم ما زلن يحضنَ الهدى       نهجاً يصونُ العزّ في الفتيان ِ

ورغم تفاوت القوة بين المجاهدين والقوات الغازية إلا أن المجاهدين أظهروا شجاعة خارقة ولم يرهبوا قنابل الروس ..فالموت غايتهم ..والحقُّ مطلبهم :

ها هم على قمم الجبال شجاعة ً      وتمرّداً ..كالريح ..كالبركان ِ

يرمون أعداءَ الحياة بصبرهم           وبروح ما للجند من إتقان ِ

ما ضرّهم أن السلاح ينوشهم      بيد الشيوعيين في إمعان ِ

أو أرهبتهم للعدوّ قنابلٌ           يشوي لظاها ساحة َ الأبدان ِ

فالموتُ دون الحقِّ غايةُ سعيهم     وسبيلُ جند الله يومَ تدان ِ

فاكتبْ على صدر البطولة أنهم     ركبُ النبيّ وحزبه الرباني

ورغم تعثر ثورة الشيشان وسقوط القادة : أصلان مسخادوف، وشامل باسييف، وجوهر دوداييف، وسليم خان أندربايف ..وخطّاب والغامدي ..وغيرهم، إلا أن الشاعر يبقى متسلحاً بالأمل والتفاؤل، فالنصر صبر ساعة :

شدوا بني الشيشان موعدكم غدا       للنصر، رغم توجّع الثكلان ِ

-نكبة بغداد :

لقد أمعن المجرمون في حربهم ضد العرب والمسلمين، فدكت جيوشهم الجرارة مدينة بغداد، وعاثت في ربوعها فساداً، وكان لهذا المصاب الجلل وقع كبير على قلب الشاعر شريف حاج قاسم حيث زادت المصيبة أوجاعه، فقال:

أما الغزاةُ المجرمون فأمـــــــــــــــــــــــــعنوا        بالقتل والتدمير في الأوطان ِ

يشكو العراق فسادهم وعتوهم        ومـــــــــرابع الأفغان والسودان ِ

وحصــــــــارُ غزة لم يكن إلا على        نهـــــــــــــجٍ ينظمه أذى الخوّان ِ

ويطول ليل المسلمين، ويثخن جسد الأمة بالجراح، ففي كل بقعة من أرض الإسلام دماءٌ تنزفُ :

شكوى لربّ العرشِ صعّدها بنو          الإسلام في ليل الأذى الهتّان ِ

في القدس في بغداد في كابول في        شرق ٍوفي غربٍ وفي الشيشان ِ

في السجن في الزنزانة الصمّاء في         مــــــــــــــــــــالا ترى إجرامهم عينان ِ

وتعظم الأخطار، وتكثر المصائب، ويثخن جسد الأمة بالجراح، يصوّر كل ذلك الشاعر، فيقول :

وسالت أدمعٌ وجرتْ دماءٌ        بكشمير المآسي مثل نهرِ

وهل تنسى ( سراييفو) وتمضي    دماءُ المسلمين بدار ذُعرِ

وفي الأفغان ما زالتْ رحاها       ملاحمَ لا تقيلُ مع الأمرِّ

أئمة الكفر والضلال :

ويفضح الشاعر شريف حاج قاسم أئمة الفساد الذين تسمى بعضهم بأسماء المسلمين، وبعضهم جاهر بالكفر والحقد على الدين، فيقول :

أما العراق فمرّة أقــــــــــــــــــــــــــــــداحه      مملوءةٌ من خـــــــــــــــــــــــــــــالص الغسلين

وعلى ثرى الأفغان لم تلقَ الذي    مـــــــــا ناله التنكيلُ من ( قرضون)

وهناكَ في الشاشان لم ترَ أعينٌ      مثــــــــــل الذي ذاقوه من ( بوتين)

جراح الأمة :

لقد أثخنت أمتنا بالجراح، ففي كل بقعة دماء المسلمين تنزف، فلسطين كلمى، وأفغانستان مثخنة بالجراح، والشيشان دمّرت، وبغداد احتلت، وكشمير تعاني الويلات، ويمرّ العيد والجراح نازفة فكيف يسعد المسلم، وكيف يفرح، وكيف يبتسم، والأمة المسلمة تهان :

في فلسطين جرحنا، وبكابول        وشيشاننا ، وفي بغــــــــــــــــــــــــــداد ِ

وبكشمير لوعةٌ مــــــــــــا اجتلتها         عينُ هذا الزمان في الأعيادِ

أمتي أمتي : مرابعُ شجـــــــــــــــــــــــــوٍ         ومغاني ..مآتم ٍ وسواد ِ!!

ما أشدّ الضياعَ في أمتي اليومَ      وما أقسى الخطب بين العبادِ

هذه المصائب سربلت أمتنا بألبسة الحداد، فأعلنت البكاء والعويل، واشتدّ حزنها، وطال ضياعها، وقست عليها الخطوب ..

وتداعى الأعادي على أراضي المسلمين، وراحوا يعيثون فيها فساداً وتخريباً، وعمّت المجازر ديار المسلمين :

والأعادي بيننا أو حولنا          قد رمونا بالأذى لم يُصرم ِ

في فلسطين وفي بغدادنا          وبكشمير أتوا بالدّهـــــــــــــــــــــــم ِ

وسراييفو وكم أوجعنا           جرحها الثرّ ، فهل من رحم ِ

وبكابول ، ومورو، وبما          فعلَ الكفرُ، ولما يحجم ِ !!

هل رأتْ عين بأرض مسلماً     غير مجروح بسهم النقم ِ ؟

واسأل التاريخ، وطالع نشرات الأخبار لتعلم حقيقة ما ترسمه ريشة الفنان شريف حاج قاسم، فهل علمت ماذا جرى في فلسطين، وبغداد، وكشمير، وسراييفو الجريحة، وما أحداث مورو، وبورما عنا ببعيدة .

-     يتبع -

وسوم: 641