والدي الحافظ لكتاب الله، الحاج عبد الحميد أبو جمعة

الشيخ حسن عبد الحميد

 - قال تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ٢٣ واخفض لهما جناح الذُّل من الرحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيرا ٢٤ ) الاسراء 

- كان رحمه الله مريضا يوم عرفة فرجوته البقاء في مكة فبكى ، لذا حملته مريضا وأدخلته مشفى في عرفات 

بالله عليكم تجاوبوا معي قولوا اللهم ارحمه واحشره مع محمد وأصحاب محمد ، على نبينا محمد الصلاة والسلام ، وعلى أصحابه الرضى والاحترام ، عليهم كلهم رضوان الله 

- والدي كان له جلسة في جامع اليماني إلى منتصف الليل وأولاد الحارة صفو البيراوي وابن الفلاحة لا يفارقونه إلا لضرورة ، وفي هذا المسجد مدفون كما يقول العوام وليّ من اليمن ، علما أن الدفن لا يكون في المساجد لكائن من كان ، كل الموتى يدفنون في المقابر 

- والدي رحمه الله : دخل رجل على المجرم ابن أبيه وكان يكثر من قول والدي رحمه الله ، استغرب عبد الله بن زياد والي الكوفة فقال : ياهذا أراك تكثر من ذكر والدك ، قال الرجل الجريء : أنا اعتذر أنك لم تذق حلاوة الآباء ؟؟ 

- والدي هو الذي أدخلني الخسروية وفيها أعلام الإسلام أمثال سعيد الادلبي شافعي زمانه ، ومحمد الجبريني سيبويه زمانه ، والشيخ محمد راغب الطباخ مؤرخ حلب ، في أجواء الخسروية وضعني أبي رحمه الله رحمة واسعة تليق بحافظ القرآن 

- والدي رحمه الله : كان رئيس الحركة الإسلامية في مدينة الباب وكان عندي اجتماع تمهيد للحركة الإسلامية وعددهم خمسة فأراد مدير الشرطة اقتحام البيت فصده والدي قائلا بقوة هات ورقة من النيابة العامة ، وهو قد وظف فيها فترة ، فيعود المساعد في الشرطة خائبا 

- أسعد يوم في حياتي لما قدم وفد من الباب للمشاركة في استقبال القائد المجاهد الشيخ مصطفى السباعي العائد من رحلة علمية في أوربا حين تصدى للمستشرقين وانكارهم للسنة ، ماأعظم هذا اليوم آلاف الشباب يحضرون لتحية القائد العظيم وعلى رأسهم والدي رحمه الله ، هو في السن قائد لهم وفيهم صغار كاأصغر ابنائه 

- والدي رحمه الله كان يحج كل عام وينزل في شمال مكة عند صديقه المطوف سامي أبو شنب

- والدي كان رئيسا لجمعية رفع المستوى الصحي في المدينة نجح في الانتخابات فاستغرب رئيس اللجنة فأعاد فرز الأوراق عدة مرات ، كيف ينجح وهو ليس ابن زعامة ولا عشيرة ؟؟

كان  رحمه الله متعاونا مع جمعية النهضة الخيرية ، ملازما لصلاة الجماعة في جامع الصديق مع حمامات المسجد الحاج رشيد الابو نوري رحمه الله والشيخ طاهر الذي تبرع بأرض مسجد الصديق أسكنه المولى فسيح الجنات 

- والدي رحمه الله وهو في سن ال ٨٥ ومابعدها يقرأ ويراجع حفظه من مصحف صغير بحج الكف ، يدعوني أحيانا لأتبّع له ، هو يقرأ وأنا اسمع ، وأشرد أحيانا فيتعمد الخطأ ليرى انتباه ولده بدلا من أن يقول غفور رحيم يقول عزيز حكيم ويكون جنابي شارد الذهن فلا أشعر إلا بيده المباركة تضرب على رقبتي فاعود للصواب 

- حرمني الحزب الخاين من رعاية والدي لأن النظام العلماني نقلنا أولا من التعليم إلى التموين ثم حرمنا الوطن فعشت في نجران ١٥ سنة انتقلت بعدها للرياض ، وكان ضيفا عندنا في نجران فمر في أبها في طريقه للعمرة بمكة المكرمة بلحام سوري ، أكل الكباب السوري وقال لحفيده سر على بركة الله لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا وسارت السيارة وهو يقرأ من حفظه وطاف حول الكعبة باكيا 

- في مرضه الأخير أصابته غيبوبة ومع الأسف حرمت خدمته ، كان حفيده يقرأ له القرآن فأخطأ القارىء فنقر والدي بيده على الطاولة وهو في غيبوبة طالبا أن يعود القارىء إلى القراءة الصحيحة 

- إلى أبي :

لم تكتب الشعر يوما ما والأدبا

وماسهرت الليالي تقرأ الكُتبا 

ولم تكن من ذوي الأموال تجمعُها 

لم تكنز الدُّرَّ والياقوت والذهبا 

لكن كنزتَ لنا مجدا نعيشُ به 

فنحمدُ الله  مَن للخير قد وَهبا 

قالوا تغالي فمَن بشعرك ذا ؟ 

فقلت ُ أبي ، أنعم بذاكَ أبا 

رحم الله والدي الحافظ التقي وأورده حوض المصطفى ، وأرجوكم أن تقولوا بإخلاص رحمه الله ، ورحم الله والديكم ، وإلى كل من فقد الأباء والامهات اهتفوا ( رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) ٢٤ الاسراء 

رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب 

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 679