أيام معدودات

يَرحل الحجيج الى صَحراءَ تَحتضِنُ النُّور ..

يَنهضُ الحَجيجَ فيها مِثل السَّنابل .. 

كُلّ خطوة بِعَشرِ أمثالها ؛ واللهُ يُضاعف !

تحتشدُ الأشواقُ على مشارِف طَيْبة .. ويَنهمِرون في الحَنين للرّسول ﷺ ..

تشتَدُّ الخطواتُ نحوَ الرّوضة .. نتعثَّر في خَطايا ضَعفِنا ..

ويلقي الحَجيجُ رِحالهم في الرّوضة .. 

تَصطخب الأصواتُ في نَحيبِ الحُبّ ..

وتعبّق السّماء بِدُعاءٍ شَجِيّ ..

تَتنّفس الّروضة المُباركة ..

وتَفيض بَركة النّبي حيّاً ومَيتاً !

هُنا مَراعي الأجر !

هُنا الغِنى !

هُنا النّحيب ؛ حُروف تَكتُب لكَ نصَّ الَقبول .. فَيا لله !

هُنا ..

يَسعى نُور الحَبيب ﷺ أبيضاً يَغمرك ؛ حتّى يَكفيك حَزن الّليالي التي أثقَلَت كاهِليك !

هُنا البَركة المَمدودة { رُطبَاً جَنِيّاً } لكلِّ مَن قال ؛ صلى الله وَبَارك عليك يا حَبيبي يا رسول !

كانَت الحُجرات مَستورةً في بَهاءِ الرِّعاية الإلهيّة .. 

حيثُ المَرأة التي تُوقِد لنا تَنُّور التَّغيير ؛ لا تَمسّها أعينُ العَابِرين !

كان للمُؤمنين أُمّهات يَلِدن للأمّة مَعانٍٍ خَصبة .. 

وكان النُّور يَسعى مِن بَياض السِّتر ؛ يَكشِف لنا كيفَ تنهضُ الشُّعوب من البُيوت العامِرة !

تَحمل لنا عائِشة - عَليها السَّلام - دِلاء الحَديث المُحَمّديّ .. 

تَسكبه مِثل ماءٍ لا يَغيض .. 

وتُعلِّمنا ؛ أنّ مُحَمّداً ﷺ كانت عَينه دوماً على السّماء ..

يهتزُّ الَمسك في الرّوضة بَهِيّاً .. تَبسِم المَلائكة للحَجيج ..

تَهِمس المدينة للقادِمين :

لا شِيء يِنفي الخِريف عنكم غيَر هَدْيِ مُحَمّد ؛ { فاَّتِبعوني } 

مُشتاقون إليك ..

لكنّك أنتَ مُشتاق إلى أن نَغدو نُجوماً ؛ مِثل صَحْبك .. فَينتهي الزِّيغ فِينا !

أنت مُشتاقٌ إلى رَعشةِ الخَوف مِن الذَّنب فينا .. 

أنتَ مُشتاق إلينا ؛ نَمشي إليكَ بلِا وَحل الذُّنوب !

أَتَقبل مِنّا وَعداً :

بأنَّ لا نُسرف في الاغتراب عَنك ، وأن نقرأ السّيرة .. عسَانا نفهم لماذا احتَفى بِك الكَون في مِعراجه ..

عَسانا نَرى .. لِماذا عَلوت حتّى بَلَغت صوت صَرير أقلامِ وَحي الإله ..

عسانا نَفهم .. مَعنى الثَّناء لكَ { وإنَّك لَعَلى خُلُقٍ عَظيم } !

يَبتَسِم لكِ النّبي ﷺ يوم تعثَرُ على هَدْيِه ..

لأنّك حِينها ؛ عثِرْتَ على الطَّريق إلى حَوضه ..

والطَّريق إلى الحَوض ؛ مُمْتَدّ إلى النَّعيم ! .. وهنيئاً لمن وصل ..

وسوم: العدد 836