منوعات روحية 886

عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله أوصني . قال :«عليك بتقوى الله ؛ فإنه رأس الأمرِ كلِّه» . قلت : يا رسول الله زدني . قال :«عليك بتلاوة القرآن ؛ فإنه نور لك في الأرض ، وذخر لك في السماء » وقال ابن عباس رضي الله عنهما :\" ضمن الله لمن اتبع القرآن ألا يضل في الدنيا ولا يشقي في الآخرة ثم تلا : فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي}

*********************************

‏لما رحل ورش من ‎مصر إلى ‎المدينة للقراءة على الإمام نافع، وجد زحاماً شديداً، وتوسّل للإمام ببعض الشفعاء ليراعي غربتَه، فلم يجد الإمام نافع فرصةً لإقراء ورشٍ إلا قُبَيل الفجر..

ثم تبرَّع أحد الطلاب المدنيِّين بحصته لورش، ففعل طالبٌ آخر مثلَه، حتى تبرَّع كل طلاب هذه الفترة بوقتهم لورش وشاء الله أن يختم ورشٌ على نافعٍ ٥ ختماتٍ ويعود بعدها إلى ‎مصر..

وتوفي نافعٌ، وورشٌ، وتوفي الطلبة المتبرِّعون بحصتهم، وخلَّد الله رواية ورش عن نافع حتى اليوم، وثقُلت موازين أولئك الخمسة، وظلت حصصهم التي تبرَّعوا بها للغَريب وقفًا جاريًا عليهم إلى اليوم.

وما هذه بأوحد بركات الإيثار..

وهكذا الطاهرُ من طلبة العلم، ينافِس ويُسابق، لكنَّه يُؤثِرُ، ويحبُّ لغيرِه ما يحبُّ لنفسه، ويوقنُ أن اشتراك الناس معه في مصادر معرفته ينفعُهم ولا يضرُّه..

أما مُشَوَّه القصد في طلب العلم فلا يرضى لأحد مشاركتَه، ولكن يتفنَّن في قطع الطريق والتفرُّد، فيضعه الله من حيث طلب رفعة نفسه.

وليس العجَب من خلود الرواية فحسب، إنما العجبُ العُجَابُ توفيقِ الله لهؤلاء الفِتْيَةِ الَّذِينَ ألْهمَهُم إيثَارَ هذا الغريبِ بحصَّتهم، فتمضي قريبٌ من ١٢٥٠ عامًا، وروايةُ هذَا الغريبِ الذي آثَروهُ يُتَعَبَّد بها اللهُ لفظًا ورَسْمًا وصلاةً، وثوابُ كل ذلك قسمة بينهم مع ورش ونافع..!

[أبو زيد الشنقيطي]

*********************************

ذُو الحِجَّةِ

ذُو الحِجَّةِ هو الشَّهرُ الثَّاني عشرَ منَ السَّنةِ القَمريَّةِ أو التَّقويمِ الهِجريِّ، والشَّهرُ الثَّاني من الأشهرِ الحُرُمِ، سُمِّيَ بِهذا الاسْمِ قبل الإسلام نَحْوَ عامِ (412 م) في عهدِ كِلابِ بنِ مُرَّةَ ، الجدِّ الخامسِ لرسولِ اللهِ

-ﷺ-،وسُمِّيَ بذلكَ لأنَّهُ يكونُ فيهِ الحجُّ.

وهو آخرُ (الأشهرِ المَعلوماتِ) التي قالَ فيها اللهُ سُبحانَهُ وتعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ..)

[سورة البقرة:

197]،

وتَبدَأُ هذهِ الأشهرُ بأوَّلِ يومٍ من شوالٍ بعد رمضان، وتَنتهي مع نهايةِ العاشرِ من ذي الحِجَّةِ، وقيلَ:  تَنتهي بنهايةِ شهرِ

ذي الحِجَّةِ.

وفي اليومِ التَّاسعِ من هذا الشَّهرِ يكونُ يومُ عرفةَ؛ وَوَقْفَةُ

عرفاتٍ، أو مايُسَمَّى بيومِ الحجِّ الأكبرِ؛ ويكونُ اليومُ العاشرُ من ذي الحِجَّةِ؛ أوَّلَ أيَّامِ عيدِ الأضْحَى المباركِ عندَ المُسلمينَ.

أسماؤُهُ:

عَرَفَ العربُ أربعَ مجموعاتٍ مِنَ الأسماءِ، للشُّهورِ العربيَّةِ، كانت آخرَها المجموعةُ المُستخدمةُ حاليَّاً، وهي التي اتَّفقَ عليها العربُ في مَطلِعِ القرنِ الخامسِ الميلاديِّ،

فقد كانَتْ ثمودُ تسمِّيهِ مُسبِلًا، وكانَ عندَ سائرِ العربِ العاربةِ يُدعى نَعَسَ وبُرَكَ (من بُروكِ الإبلِ في يومِ النَّحرِ).

شهرُ ذي الحِجَّةِ في الجاهليَّةِ:

كان ذو الحِجَّةِ يُعقَدُ فيه سوقُ ذي المَجَازِ من أوَّلِهِ بعدَ انصرافِ العربِ منْ عُكاظٍ الذي يُقامُ آخرَ أيامِ ذي القَِعدةِ وكانَ منَ الأشهرِ الحُرمِ لا تُستَحَلُّ فيه الحُرمةُ ولا يُباحُ فيه القتلُ . وكانت العرب تنسأ الشهور ، أي تؤخرها إذا رغبت في القتال فيها .

  فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بالإسلام ، قال : "إن الزمان استدار كيهئته يوم خلق الله السماوات والأرض"  وألغى النسيئة ، وأثبت الشهور القمرية اثنا عشر شهرا : منها أربعة حرم ، ثلاثة سرد - أي متتالية - ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، وواحد فرد وهو رجب الفرد.

وسوم: العدد 886