الأنداءُ المُحمّدية

قصصُ العُروج(١٣٢)

 *مقياسُ العظمة*:

تُعد ثلاثية الجاه والمال والسلطان في النِّحَل الوضعية هي المقاييس الأساسية للعظمة البشرية، بينما يعيد الإسلام العظمة إلى المبادئ والقيم والأخلاق، ومن هذا الباب اعتُبر محمد صلى الله عليه وسلم أعظم العظماء، فقد قال تعالى عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وهي مفردة واحدة من مفردات عظمته: *{وإنك لعلى خلق عظيم}*، وقد أفرد الله كلمة (خلق) هنا مع أنه يريد تعالى مجموعة أخلاقه؛ ليشير إلى أنها كلها كانت في ذات الذروة العالية من الرقي والسمو وفي قمة العظمة والرفعة.

وفي المقابل فقد ذهب المشركون إلى استخدام المقاييس المادية كما روى عنهم القرآن: *{وقالوا لولا نُزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم}*، ويعنون بهما الوليد بن المغيرة في مكة أو عروة بن مسعود الثقفي في الطائف.

 *الجمالُ المحمدي*:

لما كان الإسلام يُربي أتباعه تربية فكرية لا شخصانية، ويحثهم على الانتماء للقيم لا للعصبيات؛ فإنه يوجههم إلى الصرامة في مواجهة الباطل وإلى الحكمة في مواجهة أهل الباطل، حيث يميل في التعامل مع الأشخاص إلى سلوك التي هي أحسن، كما قال تعالى: *{ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}*، ويعمد إلى توجيه أبنائه دوماً نحو إلباس تعاملاتهم بثياب الجمال، مثل:

- الصبر: فقد قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم:  *{فاصبِر صبراً جميلاً}*.

- الهَجْر: *{واهجُرهم هجراً جميلاً}*.

- الصفح: *{فاصفح الصفح الجميل}*.

وهذه التوجيهات كلها لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي كان جميلاً في خَلقه وخُلقه، وكان رحمة تسعى في الأرض على قدمين، فكيف بغيره؟!

 *دين الإسلام*:

من معاني قوله تعالى: *{إن الدين عند الله الإسلام}*، أنه ليس مجرد دين من الأديان لكنه الدين الذي يختزل سائر أبعاد الرسالات السابقة، وليس مجرد طريق بين الطرق لكنه الطريق المستقيم في عرصات الحياة، وكتابه ليس مجرد كتاب بين الكتب وإنما هو الكتاب المبين الذي يحمل الهدى للناس ويحوي الفرقان بين الحق والباطل، ونبيه محمد ليس مجرد نبي بين الأنبياء لكنه الرسول الخاتم الذي اجتمعت فيه أوجه العظمة وتزاحمت في شخصيته مكارم الأنبياء جميعاً.

 *الطرب اللغوي*:

كان صلى الله عليه وسلم صاحب ذائقة لغوية منقطعة النظير، فقد كان يسحره الكلام البليغ ويطربه الشعر الجميل ويعجبه القول الحسن، حتى أن الله قال له: *{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا..}*، وقال له عن المنافقين:  *{وإن يقولوا تَسمع لقولهم..}*، ذلك أن شعور المنافقين بالفراغ الداخلي يجعلهم يحرصون على الاهتمام بالمظهر الجميل والاعتناء بفصاحة اللغة؛ لدرجة أن الرسول الذي أوتي جوامع الكلم كان يسمع لقولهم وتعجبه فصاحة بعضهم!

   *بُورِك المُتدبِّرون*

منتدى الفكر الإسلامي

وسوم: العدد 901