الذين عرفوا الله

الذين عرفوا الله حق معرفته، يتعاملون معه سبحانه، فيراقبونه ولا يراقبون خَلقه، ويَرْضَون بقضائه، ويشكرون له نِعَمه، ويصبرون على بلائه، ويُحسِنون إلى عباده... وما تزال أقوالهم وأحوالهم تَنضَحُ بهذه المعاني الطيبة.

يقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أصبحتُ وما لي سرور إلّا بمواقع القضاء. وما أنعمَ الله على عبدٍ نعمةً ثم انتزعها منه، وآتاه – عوضاً عنها- الصبرَ، إلّا كان ما آتاه [أي الصبر] خيراً مما انتزعه منه.

ويقول سفيان بن عيينة رضي الله عنه: حذارِ أن يغلب الحلالُ شكرك، أو أن يغلب الحرام صبرك. [أي: إيّاك أن تضعف عن شكر الحلال، والصبر عن الحرام].

ويقول سعيد بن زيد: كُن بزيادة آخرتك أشدَّ سروراً منك بزيادة دُنياك.

ويقول أحمد بن أبي الحواري: كُن راضياً بما كتب الله لك، ولا تدّخر عن محتاج شيئاً. ويقول: اجعل طاعة الله دثاراً، وخشيته شعاراً، والإخلاص له زاداً. واعلم أن من استحيى من الله عز وجل في كل أوقاته وأحواله وأفعاله، بلّغه اللهُ مقامَ الأولياء من عباده.

ويقول شقيق بن إبراهيم: ثلاث خصال إياك أن تفرّط في واحدة منها:

أن تلزم الخوف والاستغفار لما أسلف من ذنب.

وأن يطمئن قلبك لما وعدك الله عز وجل من رزق.

وأن يكون البذل خالصاً لوجه الله، أحبّ إليك من كل شيء عداه.

ويقول حاتم الأصمّ: إنّ من النصيحة للخلق: إذا رأيتَ امرءاً في الحسنة أن تحُثّه على المزيد منها، وإن رأيته في المعصية أن تُشفِق عليه، وتُعينه على التوبة منها.

* * *

اللهم اجعلنا ممن عرفوك حق المعرفة، وكانوا من الشاكرين لأنعمك، الصابرين على بلائك، الراضين بقضائك، المتوكّلين عليك وحدك، الناصحين لعبادك.

وسوم: العدد 915