مَن ترضون دينَـه وخُلُقَـه

للزواج في الإسلام خصائص بيَّنتْها الشريعة الإسلامية ، وأُراد منها الإسلامُ توفيرَ قيمِ السعادة والطمأنية والمودة لأسرة ستبدأ حياتها من جديد ، فقد أراد لها ديننا الحنيف أن تشعر بقيمة الحياة الفاضلة . ولهذا فالأسرة يجب أن تتخيَّر قيمة الخُلُق الرفيع ، والسيرة الصالحة التي يُشهد لها بمآثر الفضائل ، وبالسُّمعة الكريمة التي تمثل قيام الشاب بما أمر الله سبحانه وتعالى ، وبما أرشد إليه رسولُه الكريم . ولم تعد هذه الأسس خافية على أي مسلم ومسلمة فهذه الشروط المباركة جعلها الإسلام خيمة تستظل بأفيائها الأثيرة تلك الأسرة الناشئة . فلا بد من كون الذي يريد الزواج أن يكون مسلما ذا خُلُقٍ ودين وسيرة محمودة لتحظى تلك الأسرة بنعمة الحياة الأسرية .

والزواج ضرورة للشباب وللشابات ، وهو سُنَّةٌ معلومة منذ أن خلق الله الخلق . وحثَّ الإسلام على الزواج ، وسهَّل أمــرَه في متطلباته ، وأكرم المتزوجين وحثَّ على مساعدتهم . ونهى عن الإحجام عن الزواج ، وحين سمع النبيُّ عن بعض الناس أنهم عزفوا عن الزواج ، ومالوا إلى التَّبتل والعبادة من صلاة وصيام وغيرهما من العبادات ، أنكر عليهم ذلك . فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: ( لَكِنِّي أَنَا أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنا بِالْبَاءَةِ، وَيَنْهَى عَنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا، وَيَقُولُ: تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ، فإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ومن هنا تأتي الواجبات الملقاة على عاتق الأهـل ، أهل الشاب من جهة ، وأهل البنت من جهة أخرى ، وعلى أهل الخير أيضا من جهة ثالثة .

*فأهل الشاب لهم أن يبحثوا عن زوجة صالحة ذات سمعة طيبة بعيدا عن الأمور الأخرى التي لاقيمة لها ، كالغنى والمكانة الاجتماعية وغيرهما ممَّـا يتشدق به بعض الناس . فالأرزاق بيد الله ، والمكانة بقدر الله وبحكمته ، وكل الأمور الثانوية لاقيمة لها أمام التوجيه الإسلامي الصريح المبارك لكل من الزوجين . فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . فإذا كانت المرأة ذات دين وحجاب وأدب وحياء ، فتلكم ــ إن شاء الله ــ تكون الزوجة التي ينشدها الزوج الصالح . فليظفر الشاب بذات الدين لِيُقامَ دينُ الله في بيته الجديد . وفي هذا إرشاد من نبيِّنا في توجيه الشباب إلى الزواج إذا استطاع الباءة . فَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*وأما أهل البنت ... فكذلك أرشدهم الإسلام على حُسن اختيار الزوج لابنتهم ، على أن لايكون الاختيار مبنيا على مقدار الغنى ، أو المكانة والوظيفة ، وإنما يجب أن يكون على أساس الأخلاق الفاضلة ، والتَّدين الذي يحمي من الوقوع في المحرمات . ففي الحديث الذي رواه السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم : عن رسول الله ﷺ أنه قال : (إذا أتاكُمْ مَنْ ترضونَ خُلُقَهُ ودينَهُ فزوِّجُوهُ، إلا تفعلُوا تكُنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ) . فما قيمة الشاب الغني الذي يلهو في السهرات الماجنة ، أو يرتكب الموبقات المهلكة ... وغيرها من القبائح والمنكرات . فذاك سيكون زواجا معرضا للدمار في الدنيا قبل الحساب يوم القيامة . فأين السعادة المنشودة للبيت المسلم وصاحب البيت يأتي آخر الليل مخمورا فاقد العقل بعد أن فَقَدَ الضميرَ والدِّينَ وقيمَ الخير الأسرية !؟

*وأمـا أهل الخير والمعروف ... فلهم باعٌ محمود في هذا الجانب ، فالكثير ممَّن رزقهم الله المال أو الجاه أو القدرة على مساعدة الشباب في إتمام عملية الزواج لايقصرون في هذا الجانب ، وكذلك انتشرت الجمعيات الخيرية في معظم بلاد المسلمين للقيام بهذا المهمة الجليلة المباركة ، فقد رأينا وسمعنا عن الزواج الجماعي لدى بعض الجمعيات ... امتثالا لدعوة رسول الله لهم على مساعدة مَن عزم على الزواج ، قال رسول الله ﷺ (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونهم: المجاهدُ في سبيلِ اللهِ، والْمُكَاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يُرِيدُ العفافَ) رواه الترمذي . أجل : الناكح الذي يريد العفاف ، حيث يخشى الوقوع في الكبائر ، ويخشى أن تجرفه الأهـواء و وساوس شياطين الإنس والجن . وخصوصا ونحن نعيش في ظل أنظمة لاتراعي قيمنا الإسلامية ، ولا مكانة المرأة التي يتشدق بها الخراصون والإباحيون من دعوى للحرية المقرفة ، التي تُنتهك فيها الحرمات ، وترتكب فيها الموبقات ، وأفعال البهائم على قارعة الطريق . فهذه الحرية التي ينادون بها إنما هي حرب سلاحها الفجور والسفور والانحلال ، وإنما هي الأعاصير التي تجرف كرامة الإنسان ، وتبقى قوانينهم الكاذبة إعلانات من التهريج الذي بات مفضوحا ، وسيدركهم ــ بلا ريب ــ غضب الله سبحانه لامحالة ، ومع هذا التفلت البغيض والفجور العلني ، وما يسمونه الترفيه الهابط المستهزئ بكل القيم الربانية والأخلاق الإنسانية ... آوت الكثير من أطفالنا وشبابنا وشابات أمتنا على ركوب الموجة ، فارتدى الجميع ثياب المآثم والمهلكات ، وخاضوا إن لم نقل غرقوا في بحار العربدة والشذوذ ... ومع كل ذلك فإن باب التوبة مفتوح لكل بني آدم ، والسعيد النَّاجي هو مَن أدرك باب التوبة قبل إغلاقه ، وأناب إلى مولاه . ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) 53/ الزمر . وفي هذه الالتفاتة تذكير لشبابنا وشاباتنا أنهم هـم ــ والله ــ الفائزون بنعيم الدنيا وسعادتها ، وثواب الآخرة وما فيها ممــا لاعين رأت ولا أّن سمعت ولا خطر على قلب بشر من أهل هذه الانحرافات والقذارات . فعلى المسلم أن يغار ، وأن يعبد الله كأنه يراه ، والله عــزَّ وجل يغار إذا انتُهكت حرماته ، وينتقم ممَّن فرَّط وأسرف ولم يَتُبْ . وأما الفاجر الفاسق فإنه الخِبُّ اللئيم الذي تاه ولم يعلم المصير !؟

         ولقد خـصَّ الإسلام الشباب من بنين وبنات بالكثير من الاهتمامات ، وورد في ذلك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، التي تؤكد على أهمية رعاية الأبناء في هذه المرحلة من العمر ، وجاءت عباراتها نوعا من الرقي الذي تتسامى به النفوس ، وتستقيم به السِّير ، بل كانت تلك الإرشادات حصونا من المناعة الوهبية من الله عـزَّوجلَّ التي تحميهم من كل أنواع الأخطار التي تحدق اليوم بعامة الناس ، وخاصة أصحاب هذه المرحلة في معطيات هذه الحضارة الشيطانية التي لاأقول بدأت بالانهيار واشمئزاز الطيبين من الخلق من مفاسدها بل إنها انهارت وتداعت أركانُها الواهية ، لأنها تنافي الفطرة السليمة للناس . ولعل الذين يمكرون لطمس قيم هذا الدين يجدون بلا ريب الصعوبة التي تردهم خائبين ، فدراساتهم وتحليلاتهم لهذه الحالة المتعلقة بإبعاد الأمة عن دينها ، وأرادوا أبناءَها الأبرار وبناتها الطاهرات المحجبات كي يتخلوا عن هذا المنهج الرباني بشتى الإغراءات والمحفزات ، ولكنهم ـــ بفضل الله ـــ باؤوا بالفشل ، وبالخسارة الفادحة فارتدُّوا في ضلالهم يعمهون . وخابت مرجعياتهم الدلالية في حصار هذا التَّحدي من جهة أبنائنا وبناتنا ولله الحمد والمنَّة . فالشاب المسلم يقرأ قول الله تعالى : ( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هـدى ) ، فمَن كان الإيمانُ زادَه ، وحباه الله بالهدى وزاده منه ، هيهات أن يخرج من هذه الدَّارة المضيئة في ظلمات عصر الفجور والإباحية الخسيسة . وكذلك الشَّابة المسلم تقرأ قول ربِّها سبحانه وتعالى : ( قَاْصِرَاْت الطَّرْف ... ) . أي نساء قاصرات الطرف ، قصرن أعينهن على أزواجهن فلا يرين غيرهم ، إنه الحجاب والحشمة وسمو النفس الطاهرة . بل إن الله سبحانه وتعالى قدَّم الحياء والحشمة والعفَّـة على الجمال ، فقد وصفهن الله تعالى : ( كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ) لجمالهن وكمال حسنهن ، ولكنَّهُنَّ حفظْنَ أنفسَهن لأزواجهن وحسب . وما قيمة الجمال للفتاة إن لم يُتَوَّج بالحشمة والحياء والحجاب . ولقد وردت الكثير من القصص في هذا الشأن ، تدلل على قيمة الحياء والحشمة لدى المسلمات الماجدات ، ولدى الرجال من ذوي التقوى والشَّهامة ، بل إن بعض الرجال يتمتعون بهذه الأنفة لحفظ الزوجات والبنات قبل الإسلام يقول أحد شعراء العصر الجاهلي ولعله الحياء المنبعث من الفطرة الطاهرة السليمة :

وأغُضُّ طرفي إنْ بـدتْ لي جارتي = حتى يُـــــواري جــارتي مـــأواها

وتذكر كتب السِّير ( أنَّ أعرابيَّة أضاعت ولدهـا في زحام، فظلت تبحث عنه وتناديه، فقيل لها: اكشفي وجهك لعله يراك فيهتدي إليك ! قالت : ‏ضَياع أبنَائِي ولا ضَياعَ حيائي ! ) ، ورحم الله الشاعر العباسي أبا تمَّــام * حيثُ قال :

إِذا جارَيتَ في خُلُقٍ دَنيئاً

                   فَأَنتَ وَمَن تُجاريهِ سَواءُ

رَأَيتُ الحُرَّ يَجتَنِبُ المَخازي

                 وَيَحميهِ عَنِ الغَدرِ الوَفاءُ

وَما مِن شِدَّةٍ إِلّا سَيَأتي

                   لَها مِن بَعدِ شِدَّتِها رَخاءُ

لَقَد جَرَّبتُ هَذا الدَهرَ حَتّى

                   أَفادَتني التَجارِبُ وَالعَناءُ

إِذا ما رَأسُ أَهلِ البَيتِ وَلّى

                 بَدا لَهُمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ

يَعيشُ المَرءُ ما اِستَحيا بِخَيرٍ

                 وَيَبقى العودُ ما بَقِيَ اللِحاءُ

فَلا وَاللَهِ ما في العَيشِ خَيرٌ

                 وَلا الدُنيا إِذا ذَهَبَ الحَياءُ

إِذا لَم تَخشَ عاقِبَةَ اللَيالي

               وَلَم تَسْتَحيِ فَافعَلْ ما تَشاءُ

لَئيمُ الفِعلِ مِن قَومٍ كِرامٍ

                     لَهُ مِن بَينِهِم أَبَداً عُواءُ

وتكتنف هذا العنوان : ( مَن ترضون دينه وخلقه ... فزوِّجوه ) أمورٌ عديددة ، ومتطلبات يسيرة إذا استوعب الناس معنى هذا الرابط الكريم بين الزوج والزوجة ، فإتمام الزواج بين عائلتين لأبنائهما هو في الحقيقة إقامة ركن من أركان المجتمع ، فإذا ماتم الأخذ لهذا الركن من هدى الله سبحانه ، ومن الفطرة السليمة من التحريف ، وعدم اتباع ماوضع الشيطان في هذه المناسبة من المنكرات والمستقبحات ، التي بتنا نراها اليوم ، وتجاوز الطيبون الأطهار من أمتنا عقدةَ التفرنج وتقليد الذين في فسادهم وضلالاتهم يعمهون ... وأخذوا بمنهج الله وبسُنَّة رسوله ﷺ ـــ كما ذكرنا ــ فإن الزواج يكون مباركا بمشيئة الله . فإن هجر مظاهر الترف والإسراف والمباهاة والتنافس في شراء المحرمات من أسواق الفساد ، وعدم الانحراف الذي يبغضه الله عــزَّ وجــلَّ ، فتتجلَّى أمام الغريب والقريب مظاهر الاختلاط اللعينة ، وصور السفور الطائشة ، وأصوات الأغاني وأدوات الموسيقا ، وما إلى غير ذلك من ألوان ماجلبتْه الحضارة العصرية الفاسدة . فجدير بالمسلمين أن يطيعوا الله ورسوله في كلِّ ماورد من إرشادات في موضوع الزواج . وأن يطلع المسلمون على سير أجدادهم ممَّن ضربوا أروع الأمثلة في الأخذ بتلك الأوامر والنواهي ، فقد أمر الدِّين باليسر في مستلزمات الزواج ، وعدم المغالاة في المهور ، فالأمر ليس تجارة دنيوية زائلة ، ولكنه الصلة الأبدية الوثيقة ، فالمخطوبة ستكون رفيقة الحياة الدنيا لخاطبها بعد الزواج ، وأم أبنائه . بل وهي زوجته في جنة الخلود إذا استقاما على دين الله ، وأدخلهما الله الجنة برحمة منه ورضوان . وهذا يحفز طرفيْ حالة الزواج على السمو بالمقاصد ، والرضا بما أمرت به شريعتنا الغراء ففيها كلُّ الخير والبركة والتوفيق . وقصة العالم الصالح سعيد بن المسيب رضي الله عنه ليست ببعيدة عمَّن يريد الاقتداء بأهل الله وخاصته من خلقه . فقد زوَّج ابنته العالمة التقية لشاب من عامة طلابه الفقراء ، وأحجم عن تزويجها لِمَن ملك المالَ والجـاه . وهكذا صنع الإسلام رجالا صالحين ربَّانيين بمواقفهم الفذة وتصرفاتهم الجليلة التي غزلوا بمنوالها ثياب الخلود الموشحة بأوسمة الإيمان والتقوى ، فكانوا الأسوة الحسنة التي نكاد أن نفقدها في هذا العصر .

         فإن صاحب الدين الحق ، والخُلُق الرفيع هو ذلك الذي أثْرَتْ في حياته العباداتُ التي يزاولها أطراف الليل وآناء النهار ، فإن الشاب والشابة إذا كانت نشأتُهما على طاعة الله وعلى هَدْيِ رسوله الكريم وعلى مكارم الأخلاق . فالعبادات تجعل المسلم والمسلمة في حالة انضباط وحالة مراقبة ، وهو يعلم أن الذي لاتنهه صلاته عن المحرمات والأخلاق السيئة فليس له منها إلا السهر والتعب : ( ربَّ قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب ) ، ( ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ) ، ( ربَّ تــالٍ للقرآن والقرآن يلعنه ) ... تلك من أحاديث نبوية تحذِّر المسلمين إذا لم تؤثر العبادات في تحسين سلوكهم . فالمسلم يتميز بأدبه وخلقه وحسن عبادته ، فما هـو بالطعان ولا الَّلعان ولا الفاحش ولا البذيء ، وليس هو من المتنطعين ... فالتنطع هـو التكلف والمغالاة في القول والفعل، والمتنطعون هم الخائضون في ما لا يعنيهم، وقيل هم: المبالغون في عبادتهم بحيث يخرجون عن قوانين الشريعة قولاً أو فعلاً، لذلك قال النبي عرَّف التنطع بأنه التكلف والمغالاة في القول والفعل، والمتنطعون هم الخائضون في ما لا يعنيهم، وقيل هم: المبالغون في عبادتهم بحيث يخرجون عن قوانين الشريعة قولاً أو فعلاً، لذلك قال النبي ﷺ (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً، والمعنى أنهم هلكوا في الدين كما هلكت الرهبانية ونحوهم. وهاهنا يخرج الشباب المسلم والشَّابات المسلمات الطاهرات من دائرة المقت الإلهي والطرد من جنَّة الطاعات الواردات في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ . وهاهنا يجدر بالمسلم إذا أتاه مَن يخطب ابنته أو أخته أن يرحب بهؤلاء الذين هجروا سلوك الفاسدين والمتنطعين . ويؤكد المصطفى على قيمة الأخلاق المباركة ، وعلى أن أصحابها يجالسونه ويكونون حوله في جنات الخلود . فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله قـال : ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنَكم أخلاقًا، وإنَّ أبغضَكم إليَّ، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدِّقون والمتفيهقون)، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: (المتكبِّرون) رواه الترمذي . وقال: حديث حسن.

فهــلاَّ يعي المسلمون والمسلمات ضرورة الأخذ بأحكام الإسلام وإرشاداته إذا ما أرادوا زواج ابنهم أو ابنتهم ... وتكون الفرحة في خيمة قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) 21 / الروم .

وفي الحديقة الوارفة الظلال ، حديقة المودة والرحمة بين المؤمنين الواردة في قول النبي ﷺ : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) رواه أحمد ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما.

 

*أبو تمام : هـو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، الشاعر الأديب ، أحد أمراء البيان. ولد في جاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر، واستقدمه المعتصم إلى بغداد، فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق .

وسوم: العدد 1071