اللهم اعتق رقابنا من النار

عبد الرحيم بن أسعد

الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، قال الله تعالى "وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"-البقرة111-، "هاتُوا بُرْهانَكُمْ": يعني حجتكم من التوراة والإنجيل، تفسير مقاتل بن سليمان، ثم حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ»، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ»، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» صحيح مسلم، ثم قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا آدَمُ، يَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ، قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ - أُرَاهُ قَالَ - تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الحَامِلُ حَمْلَهَا، وَيَشِيبُ الوَلِيدُ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ" فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ، ثُمَّ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَبْيَضِ - أَوْ كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ - وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا قَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، {تَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى}[الحج:2] صحيح البخاري، ثم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ القِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ، فَيُقَالُ: هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ كَمْ أُخْرِجُ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا؟ قَالَ: «إِنَّ أُمَّتِي فِي الأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ» صحيح البخاري، وبعد:- إذا كان عدد منافقي الإنس هو س، فإن عدد يأجوج ومأجوج يساوي تسع مائة وتسعة وتسعين ضرب س، ويستنبط من الأحاديث الصحيحة السابقة المعادلة الحسابية التالية: (س زائد تسع مائة وتسعة وتسعون ضرب س زائد تسعة وتسعون ضرب ص) قسمة ص {ص: عدد أهل الجنة من الإنس} يساوي تسع مائة وتسعة وتسعين، فيكون بعملية حسابية بسيطة عدد المجاهرين بالكفر الإنسيين هو عشرة ألاف وثمان مائة وتسعة وثمانين ضرب س قسمة مائة، ويكون بذلك عدد أهل الجنة الإنسيين هو مائة وأحد عشر ضرب س قسمة مائة {ملاحظة: تكررت مرادفات الجنة في الآخرة في مائة وإحدى عشرة آية في القرآن المجيد، ورقم الأية التي استفتحت بها المقالة هو مائة وإحدى عشرة}، لذا نسبة عدد يأجوج ومأجوج إلى عدد أهل النار الإنسيين من غيرهم يساوي تسع مائة وتسعة وتسعين ضرب مائة قسمة (عشرة ألاف وثمان مائة وتسعة وثمانين زائد مائة) ويساوي مائة إلى أحد عشر، ونسبة عدد يأجوج ومأجوج إلى عدد الإنسيين من غيرهم يساوي تسع مائة وتسعة وتسعين ضرب مائة قسمة (عشرة ألاف وثمان مائة وتسعة وثمانين زائد مائة زائد مائة وأحد عشر) ويساوي تسعة إلى واحد وهذا يوافق السنة كما سيبين لاحقا، و نسبة عدد أهل النار الإنسيين من غير يأجوج ومأجوج إلى عدد أهل الجنة الإنسيين يساوي (عشرة ألاف وثمان مائة وتسعة وثمانين زائد مائة) قسمة مائة وأحد عشر ويساوي تسعة وتسعين إلى واحد وهذا يوافق السنة كما بين سابقا، وآخر كلمة في قول الله تعالى ’’الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمه ربك لاملان جهنم من الجنه والناس اجمعين‘‘-هود 119- هي الكلمة 3 ضرب 5 ضرب 1999 في المصحف الشريف بدمج الواو، فعدد أصناف البشر خمسة: المؤمنون والكفار والمنافقون ويأجوج ومأجوج، وكل صنف منهم فيه الذكر والأنثى والعقيم، ومن البشر واحد منهم من أهل الجنة و تسع مائة وتسعة وتسعون من أهل النار، فسبحان الله عما يشركون، فبذلك الاستنباط فإن كل مائة وأحد عشر مؤمن من الإنس يقابله مائة منافق من الإنس وأبين صفة للمنافقين وإن أئمتهم هم الدعاة على أبواب جهنم هي أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بحجة من كتاب الله تعالى أو من سنة عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم على فتوايهم المضلة التي هي كفتاوي اليهود والنصارى الذين يزعمون أن عندهم التوراة والإنجيل فقد قال الله تعالى عنهم في سورة التوبة "الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"-التوبة97-، ثم إن الله عز وجل زاد كرمه بعد ذلك لأمة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ وَرُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لَكُمْ رُبُعُهَا، وَلِسَائِرِ النَّاسِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا؟»، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَكَيْفَ أَنْتُمْ وَثُلُثَهَا؟» قَالُوا: فَذَاكَ أَكْثَرُ قَالَ: «فَكَيْفَ أَنْتُمْ وَالشَّطْرَ؟» قَالُوا: فَذَلِكَ أَكْثَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَهْلُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ أَنْتُمْ مِنْهَا ثَمَانُونَ صَفًّا» مسند أحمد، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَزَّأَ الْخَلْقَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ الْمَلَائِكَةَ، وَجُزْءًا سَائِرَ الْخَلْقِ، وَجَزَّأَ الْمَلَائِكَةَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ وَجُزْءًا لِرِسَالَتِهِ، وَجَزَّأَ الْخَلْقَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ فَجَعَلَ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ الْجِنَّ، وَجُزْءًا بَنِي آدَمَ، وَجَزَّأَ بَنِي آدَمَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَجُزْءًا سَائِرَ النَّاسِ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ»، قَالَ: «السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْحَرَمِ بِحِيَالِهِ الْعَرْشُ» المستدرك على الصحيحين، وعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسٍ الرُّعَيْنِيِّ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُودَ كُلَّ قَبِيلَةٍ مُنَافِقُوهَا» السنن الواردة في الفتن للداني، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا ويَمَنِنَا» مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَفِي مَشْرِقِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ هُنَالِكَ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ وبهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ» مسند أحمد، (وبهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ): أي أن شر المنافق من منافقي نجد أي المشرق يساوي شر تسعة من أقرانه من المجوس أو شر تسعة من أقرانه من الروم فبذلك يكون شره كشر تسعة من يأجوج أو كشر تسعة من مأجوج لذلك يضربهم الله تعالى بالنار التي تخرج من قعرة عدن، فعَنْ عَمْرِو بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: «وَاللَّهِ لَا تَدَعُ مُضَرُ عَبْدًا لِلَّهِ مُؤْمِنًا إِلَّا فَتَنُوهُ أَوْ قَتَلُوهُ، أَوْ يَضْرِبُهُمُ اللَّهُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ، حَتَّى لَا يَمْنَعُوا ذَنَبَ تَلْعَةٍ»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَتَقُولُ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَأَنْتَ رَجُلٌ مِنْ مُضَرَ؟ قَالَ: لَا أَقُولُ إِلَّا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مسند أحمد، و الله أعلم، فاللهم اعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا ومن له فضل علينا والمسلمين والمسلمات من النار، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، والحمد لله رب العالمين.

وسوم: العدد 1074