ما أكثرهم وأقلّهم بآن

يقول رأس المنافقين:( لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)

قالها متألما من أفول ملكه

لم يقلها معتقدا أنه قادر على تنفيذ تهديده ذلك لأن الكلمة كما أزعم ( فضفضة) مهزوم مقهور ضاع منه ملكه

ولعله بهذا يستنهض أتباعه من المنافقين ليقوموا بهزة إرجاف لا يقدر على فعلها.

إنما قالها - أيضا- ليطفئ غيظه المكبوت ويحرض ما استطاع التحريض.

حاول دخول المدينة فمنعه ابنه المؤمن ( والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه هو الأعز وأنت الأذل)

لم يؤازره أحد ، وتخلى عنه أصحابه وأتباعه وأسرعوا إلى بيوتهم دون أن يصدر منهم موقف، إن موقف المنافقين ضعيف دائما لا أساس له ولا قوة. ولا يظهرون إلا حين تفرغ الساحة ،فإذا ما لقوا قوة وبأساً كانوا فئرانا مذعورة ، كلهم يرجو السلامة لنفسه.

تصوروا رأس النفاق يقف في الباب ذليلا ويمنعه من الدخول ابنه المؤمن ثم يأتي رسول الله بعد أن تفقد المسلمين وأطمأن على دخولهم المدينة - وهكذا القائد دائما في الحفاظ على أتباعه ومتابعتهم والاهتمام بأمنهم

يقول يا رسول الله أنت الأعز وأبي الأذل ،لن يدخل إلا بإذنك .فيرى المصطفى عليه الصلاة والسلام الضّعة والصغار في وجه رأس النفاق فيسمح بدخوله ذليلا على أعين الناس .

وحين يرجو الابن رسولَ الله أن يعفو عن أبيه وأن يتناسى فعلته يقول له النبي صلى الله عليه وسلم لا عليه ما دام معنا أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

يبقى المخطئ إن تجاوز خطأه ولو ظاهرا فكف لسانه وفساده عن الناس وتطامن في المجتمع المسلم لعله يتوب ويؤوب.

يُتجاوز عنه مع الحذر منه.

وتمر الأيام وقد انكسرت إبرة هذا المنافق وتخلى عنه أصحابه

أما ابنه المؤمن فكان من قادة الحروب وأبطال الجهاد في الجزيرة العربية وأرض القادسية وغيرهما .

كثيرا ما نصح أباه فلم ينتصح ،اقتدى بإبراهيم عليه السلام حين قال لأبيه

يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا

يأ أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا

لكن الهداية من الله

إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء

...اجل ..الله يهدي من يشاء

فاجعلنا يا مولانا ممن سبقت لهم منك الهداية وعافنا واعف عنا وأكرمنا وانصرنا على أهوائنا وعلى أعدائك وأعدائنا

عبدك الراجي رضاك : عثمان

وسوم: العدد 1077