حكم الشرع في السطو على الممتلكات العامة (آبار النفط)

فتوى/15

حكم الشرع في السطو على الممتلكات العامة

(آبار النفط)

سؤال: ما هو حكم الشرع في أولئك الذين يسطون على الممتلكات العامة كآبار النفط وصوامع الحبوب وغيرها من المال العامّ، ولم يفلح معهم أي حديث أو واسطة؟ هل يطبق عليهم حد الحرابة؟!

الجواب: حمدًا لله وصلاة وتسليمًا على رسول الله ثمَّ أمَّا بعد : فقد سبق أن أكّدنا على حرمة الاعتداء على المال العام؛ لأنّه مال الأمّة، وأنّ المقصود منه أن ترجع منفعته لجميع أفراد الأمة، لا أن تستحوذ عليه فئة معينة لمصالحها الشخصية الضيقة.

وإنّ هذه الأموال المذكورة في السؤال من الأموال التي يتعلق بها حقّ الأمة، فإن استولى عليها عصابة

أو مجموعة من الناس بالغلبة، ووضعوا أيديهم عليها بقوّة السّلاح، ومنعوا المارّة من طُرُقِها، والأمّة من حقوقها فإنهم من المفسدين في الأرض، والمحاربين لله ورسوله، خاصّةً وأنَّ السؤال يبيّن بأنّه تمّ وعظهم وتنبيههم مع محاولات متعددة لردعهم فلا ينطبق عليهم قول الفقهاء بأنّهم سارقون من المال العام ولهم فيه شبهة ملك، وإنما انتقلوا - بحسب السؤال - إلى محاربين مفسدين.

وكلّ ما يؤخذ من المال العامّ للمصلحة الشخصية دون ضرورة تستدعي ذلك فهو غلولٌ وحرام.

وواقعة السؤال الذي بين أيدينا هو تعدٍ على ممتلكات عامّة استراتيجية، ينبغي أن تعود منفعتها لكل أفراد المجتمع.

فإذا ما استحوذ عليها فئة من الناس بقوة السلاح مع المجاهرة والعلم بأنّها من المال العام، مع بعد الحامي لها، فإنَّ فعلهم هذا هو حرابة يستحقون به الحدّ الذي شرعه الله للمحاربين، بقوله: ) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ([المائدة].

وَقد عرَّف الفقهاءُ الْحِرَابَةَ بقولهم: "هِيَ الْبُرُوزُ لأَخْذِ مَالٍ، أَوْ لِقَتْلٍ، أَوْ لإِرْعَابٍ عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاهَرَةِ مُكَابَرَةً، اعْتِمَادًا عَلَى الْقُوَّةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنِ الْغَوْثِ".

وعليه فإنّه ينبغي محاكمتهم وإيقاع العقوبة عليهم بحسب جرمهم كما هو معلوم في الفقه الإسلامي من حدّ الحرابة وإعادة الأموال للمصلحة العامة، وبما أن الحدّ مرتبط بالحاكم فينبغي أن تكون هناك هيئة علمية قضائية شرعيّة موثوق بها تكون بمثابة القائم بتسيير الحكم الشرعي نظراً لضرورة المرحلة ومراعاةً للمصلحة العامة وحفاظاً على المال العامّ تقوم هذه الهيئة بمعالجة الأمر بما ترى فيه المصلحة وتسلّم هذه الأموال العامة لكفاءات تديرها وتعود مصاريفها إلى ما يحمي العرض والدين والنفس إلا إن تابوا من قبل أن تقدروا عليهم. هذا والله أعلم.

لجنة الفتوى في الهيئة