جواب عن آيات الصفات وفي أيام أعظم النازلات

جواب عن آيات الصفات وفي أيام أعظم النازلات

بسم الله الرحمن الرحيم .الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد 

سُئلت عن القول في الصفات ومعنى قول الله الذي لا تدركه الأبصار ( ...والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى ...)صدق الله 

فأقول ولا حول ولا قوة إلا بالله . إن الله عز اسمه ( لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) ومعنى الإدراك اللحوق والوصول , قال تعالى ( بل أَدْرَك علمهم في الآخرة ) أي حصل ولحق . وفي قراءة (ادّارك) أي تتابع وتكامل فالمعنى المستفاد من الإدراك هو البلوغ واللحوق والحصول وكل ذلك تفيد الإحاطة فإذا كان البصر أسهل آلات الحس وأسرعها دركا أي بسرعة الضوء لا يدرك الخالق العظيم وهو سبحانه يدرك كل شيء بما فيها البصر الذي لايدرك فشأن العقول في درك المعبود أصعب بلوغا وأشد تحصيلا . فعجبت من مخلوق ضعيف صغير يطلب درك الخالق سبحانه ويتكلم في صفاته 

إن أحد المكوكات التي أرسلتها نازا إلى الفضاء صور جرما تافها حقيرا في الفضاء وأُخذت الصورة من بعد المشتري وظهرت نقطة باهتة مائلة إلى الزرقة إنها الأرض فألف كاتب أمريكي كتابا وسماه بما وصفت وخاطب أهل الأرض وناشدهم أن ينظروا في الكون إلى كم هو حقير صغير كوكب الأرض في الفضاء ثم كم يعني ذلك فيما يخص حجم وقدر الإنسان . إن الإمام المزني دخل على الشافعي رحمه الله تعالى مقدمه إلى مصر فسأله سؤالا في الصفات فغضب الشافعي وسأل المزني سؤالا في الوضوء فأعيا ففرّعه الشافعي على أربعة وجوه ثم سأل المزني عن نجم في السماء يراه فسأله عن ماهيته .فأظهر المزني جهله بماهيته فقال له الشافعي نجم من خلق الله تراه في السماء ببصرك تعجز عن درك حقيقته وأنت تطلب درك الخالق ؟ 

قال تعالى ( ... وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله ) وآيات الصفات من المتشابه لمعنيين الأول أنها لا تنتج عملا ولأنها تؤدي إلى الخلاف والفتنة .فكل علم مستخرج من نص يقع الخلاف الشرعي فيه ولا يؤدي إلى اقتتال وفتنة اختلاف جائز ومن رحمة الله تعالى بالأمة وكل اختلاف يؤدي إلى تكفير وفتنة وتباغض اختلاف في محظور ومنه المتشابهات وآيات الصفات .وسئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن أهل البدع فقال : هم الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته 

فأي شيء أنت أيها الإنسان حتى تتكلم في صفات الله تعالى . فقد سبق في حكاية صورة الأرض وحقارة حجمها ما يدلك على حجمك وقدرك والأرض تصغر الشمس بأكثر من مليون وثلاثمئة ألف مرة والشمس تصغر نجم ماجوريس ب 9 بليون و200 مليون مرة وماجوريس هباءة في مجرتنا درب التبانة ومجرتنا كلها هباءة في الكون الفسيح  ( وإنا لموسعون ). إن أقواما جعلوا شعار دعوتهم امتحان الخلق بآيات الصفات وعمدة بحثهم في المتشابهات فأي فائدة ترجع على الأمة اليوم من خلافهم هذا والأمة كما ترون في مخاض خطير .ففي خدمة من كل هذا الشقاق ؟ أقمتم الدنيا ولم تقعدوها لفيلم غمر ما كان له أن يشتهر لولا نشركم له فأشعتموه بذكركم وعنايتكم به فإن إعادة الخوض في التافهات يبرزها والجواب عن الساقطات يرفعها كما التكلم عن الفاحشةيشيعها وكذلك فإن تعميم أساليب الأذى إطارة للردى ولكل ساقطة لاقطة والشام تذبح وأنتم في غفلة !؟ 

جواب السائل : قال المفسرون هو تمثيل عن قدرته وإحاطته وسطوته وعظمته سبحانه تعالى أن يكون ذلك فيه تشبيه ولهذه النكته أتبع قوله ( ... بيمينه سبحانه وتعالى ...) تنبيها إلى عدم التورط في التمثيل 

وآيات الصفات مذهب السلف فيها كما نقل ابن حجر الإمرار -أي عدم الخوض- مع اعتقاد التنزيه -أي عدم التمثيل والتشبيه- وهذين الشرطين هما عمدة مذهب السلف ومن يقول لله يد كما يليق به .فهذا مشبه مخالف لمذهب السلف كمن يقول في قوله تعالى ( نسوا الله فنسيهم ) الله تعالى ينسى كما يليق به والعياذ بالله تعالى . ثم إن من آيات الصفات مالا بد من تأويلها مما احتاج إليه السلف مع عوام المسلمين ودخول العجم في الإسلام كقوله تعالى  ( وجاء ربك ) فقد تأوله الإمام أحمد وكقوله تعالى ( والله من ورائهم محيط ) ( تجري بأعيننا ) ( بنيناها بأيد ) (كل شيء هالك إلا وجهه )ونقل تأويل بعضها الإمام البخاري وغيره وكذلك قال الإمام الشافعي القرشي في ضحك الله أي رضي وقال البخاري أي رحم ... فهذا مما يضطر إليه ولا يعد خروجا عن مذهب السلف أما قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) فتفسيره قراءته وطريقة الخلف في التأويل لا يصار إليها إلا عند النزاع الكلامي مع فئة مبتدعة والله أعلم أما ما كان مما هو من صفات الله تعالى كاليد والعين فهي صفات فعل أو مجاز لمعنى تحمله اللغة لا يجزم حقيقة المراد به إلا الله تعالى فلا بأس أن يقول لله تعالى يد على المعنى الذي أراد الله تعالى منها والأولى قراءة الآية والسكوت فإن أفرد القول بها أي لله يد لزمه أن يعتقد جازما أنها ليست جارحة تعالى الله تعالى عن الجوارح والأعضاء وعدم الجزم أيضا بالمعنى المراد وبيان ذلك للطلاب والحضور .أما قول القائل لله تعالى يد كما يليق به فهذا ظاهره وباطنه التشبيه إلا من غافل لأن اليد في اللغة موضوعة للجارحة وإطلاق لفظ اليد منصرف حتما إلى الجارحة وهذا عين التشبيه .قال الطحاوي في العقيدة : من وصف الله تعالى بمعنى من معاني البشر فقد كفر . ولا يخفى على عاقل أن قول القائل له يد كما يليق وصف على معنى اليد عند البشر   

ختاما إن أخطر بحث عقدي هو الخوض في صفات الله تعالى ولك أن تتخيل حجمك وقدرك أيها الإنسان بالنسبة إلى ذات الله تعالى لتدرك سبب علو الرّحضاء على جبين الإمام مالك والأتقياء إذ سئلوا عن ذات الله تعالى .ثم اعلم أن السلف كانوا أبعد الناس عن الخوض في الصفات والتكلم بها وأن المذاهب الأربع ناطقة بمعنى ما نقلت لك .والمذاهب الأربع هي هي خلاصة مذاهب السلف وحسن حبك وتنقيح أقوال السلف فيها وما المذاهب الأربع إلا وليدة القرون الثلاث المشهود لها بالخيرية وقد أجمعت عليها الأمة وإن شذ بعضهم وقال ماشاء والله غالب على أمره . أما مذهب السادة المتسمين بالسلفية فليس هو للسلف مذهب بل هو مذهب للإمام أحمد وابن تيمية وهو ولاريب مذهب سلفي إلا ما شذ به ابن تيمية وإن كان يحكى بعضه عن بعض السلف لعدم اعتباره بإزالة حكمه بالإجماع فما شابوه هداهم الله بمذهب الخلف من أقوال ابن تيمية وابن القيم الجوزية وهذا في الفقه لا يعتبر سلفي  أما في العقيدة فهو مذهب ابن تيمية لاريب وهو أبعد المذاهب عن مذهب السلف ومن شاء التوسع فدونه مذهب الإمام أحمد يحكيه شيخ الحنابلة في عصره أبو الفرج ابن الجوزي وليس هو ابن القيم الجوزية فبينهما أكثر من مئة وخمسين سنة .اضغط النسخة الثانية للتحميل .وهو من أقيم الكتب يشهد الله أني سرت في شوارع دمشق منذ سنين عديدة وتحت حر شمس تموز الحارقة لأكثر من خمسة كم بحثا عنه حتى وجدت نسخة مصورة عنه في إحدى المكاتب هاأنا أنقله لك هنيئا سهلا بلا تحصيل ولا مشقة فاصطبر على قراءته فالأئمة الأربع كفروا المجسم وإن أثمن ما تملك أيها الإنسان هو الإيمان فحري بك أن تحرص على سلامته ونقائه ...والسلام