إن تكونوا تألمون

ثامر سباعنة

سجن مجدو -  فلسطين

[email protected]

قال سبحانه وتعالى: (( ولا تهنوا في ابتغاء القوم . إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون .وترجون من الله مالا يرجون . وكان اللع عليما حكيما ))

نبحر مع هذه الآية الكريمة ، لا في تفسيرها وإنما في بعض المعاني الايمانيه الدعوية التي تحملها ، ففي هذه الآية القرآنية معادلة و مقارنه بين طريقين ومنهجين ، كلمات معدودة لكنها تصنع خطوطا حاسمه تكشف الفرق بين محوري : الخير والشر ،وتميز بين المسلم الملتزم الواثق وبين الكافر الضعيف الواهن.

في هذه الاية يبرز التمايز و الفرق بين اجر الدنيا وأجر الاخرة ، المؤمن بالدنيا يتحمل الأذى و الألم سواء  كان ذلك بحياته اليومية ومعاملاته مع باقي الناس او عند الابتلاء العام او الجهاد والحروب ، لكنه ليس وحده الذي يشعر بالأذى والألم ، وليس وحده القادر على الصبر والثبات عند الابتلاء ، فالعدو الكافر ايضا يشعر بالأذى و يتعرض للمحن و المصاعب ويصبر عليها ، بل انه أيضا ينهض منها أقوى واصلب ، ولو عدنا للتاريخ لوجدنا العديد من الأمثلة على نهوض أمم وشعوب لم تسلم ولم تعرف الله لكنها صبرت على البلاء والمحن واستطاعت ان تنهض من جديد وتثبت ومثال ذلك دولتي الفرس و الروم وما لازمهما من حروب وتقتيل نال الشعبان الا انهما استمرتا لفترة طويلة من التاريخ و بنيتا حضارة كبيرة وعظيمه ، وكذلك في العصر الحديث تعرضت العديد من الشعوب و الامم للمحن سواء الاقتصادي هاو الطبيعي هاو السياسية كاليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية ، وكيف ان شعوب تلك البلدان استطاع ان يتحامل على جرحه والمه ، ورغم ما خسره من قتلى وتدمير للبنية التحتي هالا انها تحولت الى شعوب ودول متقدمه على مستوى العالم.

إذا فالأعداء أيضا ينالهم القرح ويتعرضون للأذى  ، فهو ليس حكرا على المؤمنين والحاملين للدعوة ، ولكن شتان بين هؤلاء وهؤلاء ، فالمؤمن يتوجه بجهاده وحياته و ألمه الى الله تعالى ويرتقب عنده الجزاء و الاجدر .

لقد إختلف الطريقان وتمايز الفسطاطين ، فسطاط الخير رجاؤه من الله الجنة والمغفرة ، وفسطاط الشر ورجاؤه الدنيا و زينتها و زخرفها ، فالمؤمن الحق عندما يتعرض لما يؤلمه و يؤذيه فانه يتوجه الى الله بالصبر والدعاء موقن بأن ما اصابه ما هو الا اختبار في سبيل الله ، فيكون بذلك رجاؤه من الله ان يخفف عنه الابتلاء وان يتحول ألمه الى فرحه في الدنيا تكون بالنصر والعزة او فرحة بالاخرة تكون بالشهاده ولقاء الله بالجنة .

اما المشرك فالدنيا همه ، إن أصابه النصر فغرور و وزر بلا اجر او ثواب عند الله ، وان اصابته الهزيمة فذلة و خزي و شقاء في الدنيا والاخرة.

عند هزيمة المسلمين في غزوة احد ، صاح بعض المشركين الفرحين المنتشين بالنصر وقالوا : يوم بيوم –ويعنون هزيمتهم ببدر – فهكذا كانت حساباتهم الدنيويه انهم انتصروا بغزوة احد مقابل انتصار المسلمين في بدر ، فقال لهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : لا سواء .. قتلانا بالجنة وقتلاكم بالنار .

رد الواثق بالله ، والقريب منه ، والباحث عن جنته ، فالفرق واضح بين الخير والشر ، فالطرفان قدما قتلا في المعركه ، لكن الفرق ان قتلا المسلمين هم شهداء ينالون الاجر عند الله اما قتلا المشركين فهم في النار.

( وكان الله حكيما )