وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ!!!

م. أسامة عبد الحفيظ السيد

م. أسامة عبد الحفيظ السيد

الفيوم – مصر

الذين غرتهم الحياة الدنيا وزخرفها وزينتها حتى ظنوا انهم قادرون عليها وحملوا راية فرعون { اليس لى ملك مصر وهذه الانهار تجرى من تحتى } فبغوا وظلموا وافسدوا فى البلاد وجعلوا أهلها شيعا حتى صب عليهم ربك القادر المقتدر صوت عذاب فاصبحوا فى طرًة واخواته صاغرين جاثمين ليكونوا اية وعبرة للناس أجمعين

 وبالاخص لإخوانهم وشركائهم وأشياعهم ممن كانوا ومازالوا - اغتراراَ بهم واغترارا بستر الله عليهم - يمدونهم فى الغى ويستمدون منهم ثم لا يقصرون

كان الاولى لهم جميعا ان يتلمسوا مواطن العظة والعبرة ويسارعوا الى مواطن التائبين ويقبلوا ما استطاعوا على مدارج النادمين المعتذرين برد ما لديهم من مظالم وإعادة ما تملكوا من كنوز وقصور بالكسب غير المشروع والنهب الممنهج المدروس خاصة واعمارهم  تركض من الستين الى التسعين !!!

ولكن يبدوا أن هؤلاء واولئك كمن قال القران لاسلافهم من عتاة قريش مذكرا بشأن آل لوط عندما جاءهم المنذرون مقسما بحياة رسوله الاكرم (ص) : 

{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ  فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ  وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ  }  الحجر71 : 77 

لبسبيل مقيم: اى طريق مطروق ثابت معروف يمرون عليه بين المدينة والشام

كما ان طرة واخواته فى اماكن معلومة على طرق ثابتة مشهودة

والسبيل المقيم فائدته وعبرته أنه مثل حى مجسد امامك تراة وتمرعليه وتتابع اخباره يوما بيوم وربما ساعة بساعة كما فى الصافات { وانكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون } 137

والمعنى أنكم تمرون على آثارهم ومنازلهم التى تعلمونها صباح مساء اما تعتبرون !!! وهى هنا ليست آثارهم وقصورهم فحسب بل شخوصهم انفسهم بلحمهم وشحمهم ودمهم !!! إن كان مازال عندهم دم !!!!

 

والعبرة والعظة التى هى غائبة عن الشركاء والاشياع لانهم كما قال القرآن

 { إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } أى فـي ضلالتهم وجهلهم يتردّدون ويتحيرون !!

أو بتعبير صاحب الظلال رحمه الله والحقنا به فى الصالحين : هو تصوير حالتهم الأصيلة الدائمة التي لا يرجى معها أن يفيقوا ولا أن يسمعوا هواتف النخوة والتقوى والفطرة السليمة

والعجيب ان هذا الانكار الغليظ الشديد لقوم يمرون فقط على اثار الظالمين بالليل والنهار فكيف ياترى الانكار لقوم مازالوا لهم راعون حارسون وعلى امنهم وصحتهم وأكلهم وشرابهم دائمون وربما بأمرهم مازالوا يعملون !!!!

نعوذ بالله لهم ان يكونوا ممن( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة )  فهم لا يشعرون ولا يعقلون ولايبصرون !!! ولا حتى يذًكرون !!!

وإلا فإن فى السبيل المقيم طرة واخواته ايات وعظات لكل ذى عينين فضلا عمن  يتفرس ويتأمل , ليجد العبرة في مصارع الغابرين  وإن كانت الآيات لا تنفع إلا القلوب المؤمنة المتفتحة المستعدة للتلقي والتدبر واليقين كما يقول صاجب الظلال

والسبيل المقيم طرًة واخواته لاكابر مجرميها مازال ينطق بالعبرة لقوم طغاة مستبدين ظالمين  وشركاء خادعين غافلين متمكنين يعلمون ويسمعون ان كل صيحة عليهم ولكنهم فيما أحسب ( يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون ) !!! فذرهم حتى يلاقوا يوهمهم الذى يحذرون فربك الغنى  كان ومازال سبحانه يمهل ولا يهمل ( وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ) الكهف 58 ( فلا تعجل عليهم انما نعد لهم عدا )مريم 84

( ولايحيق المكر السيئ إلا بإهله ) وما السبيل المقيم عنهم ببعيد !!!

ويسئلونك متى هو قل عسى ان يكون قريبا