لعله عائداً من عمله متعباً

محمود القلعاوي /مصر

مستشار اجتماعي وتربوي على شبكة الإنترنت

[email protected]

جلس سعيد يتذكر أولاده وزوجته فى قطار عودته وكله شوق بعد طول غياب عن زوجته وأولاده فقد تذكر هذه الجلسات الحانية الرقيقة ، ولكن  كم كانت الفاجأة التى نزلت عليه كصاعقة من السماء فبعد ما فتح باب شقته وجد السكون يخيم على المكان والمان ، أين زوجتى  وأين حسام ولدى وهاجر ابنتى ، لقد كان الجميع نائماً ، رباه أيعقل هذا ، لماذا لم يكون فى إستقبالى بعد هذه الغياب الطويل ، لقد كنت أمنى نفسى بوقت جميل اقضيه مع زوجتى بعد عظيم شوق وطول غياب ، وأخذته الأفكار يمنة ويسرة ، وكان أمام موقفين له أن يتخذ أحدهما أن يلتمس لها عذراً -لم يتصل بها ليخبره ، كانت طوال يومها منهكة فى أعمال البيت بعد عودتها من عملها المرهق  ، وأما الموقف الثانى فكان غضبة شديدة وحزن أشد وألم أشد وأشد يبنى بكل هذا أسوار وأسوار بينه وبين زوجته ، لماذا لم تتهياً لى ، لماذا لم تنتظرنى ؟! واختار سعيد الموقف الأول ليكون سعيداً فى بيته فقد علم وتعلم أن إلتماس العذر أمر فى غاية الأهمية لسير الحياة ، ومضى اليوم وانتهى الموقف وخرج سعيد غانماً بيته ووقته وهدم حائطاً كان فى طريقه للبناء بينه وبين زوجته .

لكم هو رائع أن يكون إلتماس العذر سبيل للتعامل من الأزواج ، لعله عائد من عمله متعباً فلم ينتبه لثيابى ، لعلها لم تنتبه لموعد عودتى فتأخرت فى إعداداها الطعام ، ماذا لو كانت مثل هذه الكلمات ومثل هذه الروح هى السبيل فى تعاملاتنا  ، واذكرك بأصل وضعه النبى صلى الله عليه وسلم  :- ( التمس لإخاك عذرا إلى سبعين عذرا ) فقبل أن نصدر الأحكام لابد أن نقدم الأعذار .

من كنوز العارفين ..

قال الفضيل ابن عياض :-  " الفتوة :- العفو عن عثرات الإخوان "  ، وأما ابن المبارك فيقول :- "  المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم " ، ويقول الإمام الشافعي  :- " من أراد أن يقضي الله له بالخير فليحسن الظن بالناس "  ، وقال أحد الحكماء :- ( فما وجدت طريقا أيسر وأفضل للوصول إلى القلوب منه، فأحسن الظن بمن حولك وإياك وسوء الظن بهم وأن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم، فتحلل بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مذهب ) .

أيعقل أن نملة تسبقنا ؟!

أيعقل أن تلتمس النملة العذر ونحن لا  ؟!  لقد قالت :- ( وهم لا يشعرون ) قالتها بعد صيحتها لبنى جنسها النمل :- ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يَحطِمَنَّكُم سليمان و جنوده  ) لقد إلتمست لبنى الإنسان عذراً فى جرمهم الذى قد يرتكبوه من غير شعور منهم لصغر حجمها وضآلته .

أيها الزوج الحبيب .. أيتها الزوجة الكريمة  لنغلق علينا أبواب من مشكلات لا تنتهى بلعل ، بإلتماس العذر ، بربما لم ينتبه ، لمثل هذا الكلمات وبغيرها نعش سعداء ..