الخاطرة ١٨١ : كرة القدم وصناعة النجوم المزيفة الجزء ٢

خواطر من الكون المجاور

في المقالة الماضية ذكرنا أن المقارنة التي نقوم بها بين لاعب كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي واللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو ، ليس القصد منها معرفة أيهما الأفضل في كرة القدم ، فهذا الأمر لا يؤثر نهائيا على نوعية السلوك الروحي للمجتمع ومصيره، ولكن ما يهمنا هنا هو المقارنة بينهما كأشخاص حيث سلوكهما يلعب دور كبير في تصحيح او تشويه سلوك الشباب والأطفال في المستقبل .

إذا عدنا إلى الماضي بحوالي نصف قرن، سنجد أن نجوم الكرة في تلك الفترة كانت شهرتهم محدودة عالميا وربما السبب الاول كان ضعف تكنولوجيا التواصل الإجتماعي ،لذلك كانت أسماء لاعبي كرة القدم العالميين معروفة فقط لعشاق كرة القدم ، وكان بيليه الملقب بملك الكرة هو الوحيد من بينهم الذي تجاوزت شهرته محيط عشاق كرة القدم ، ومع مرور السنوات ودخول التلفزيونات في جميع المنازل ومن خلال مباريات كأس العالم التي تقام كل أربع سنوات ، نجد أنه بدأ يظهر أسم دييغو مارادونا الأرجنتيني والذي تحول إلى اسطورة في كرة القدم ليس فقط لأنه كان في جيله أفضل لاعب كرة قدم في العالم ولكن أيضا بسبب شخصيته المثيرة للجدل ، تعاطيه للمخدرات وسوء سلوكه مع الصحافة ومدراء الرياضة ، وكذلك سلوكه الوقح في الملاهي وظهوره في حمام السباحة مع صديقته عاريا أمام نزلاء الفندق ، وكذلك رفض اعترافه بابنته غير الشرعية ،وربما الأهم من كل هذه الأشياء التي ساعدت على شهرة ماردونا عالميا هو كونه اول لاعب كرة قدم يجعل الصحف بشتى انواعها تكتب عن راتبه الخيالي الذي يقبضه كلاعب كرة قدم ، وكذلك عن الملايين الدولارات التي تدفع النوادي من أجل إنتقاله إلى ناديهم ، والتي دفعت الأديب المصري توفيق الحكيم ان يكتب عبارته المشهورة ( إنتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم) حيث رأى توفيق الحكيم ان لاعب مثل ماردونا في سنة واحدة يحصل على راتب أكبر من مجموع رواتب ادباء مصر منذ أيام الفرعون أخناتون وحتى الآن.

للأسف سلوك ماردونا جعل منه قدوة سيئة للشباب في ذلك الوقت وأثر سلبيا على كثير من لاعبي كرة القدم من بعده ، فنجد اللاعب الإنجليزي ديفيد بيكهام يتبع نفس أسلوب ماردونا في كسب الشهرة ، فنجد رغم وجود لاعبين أفضل منه في فترة ظهوره ولكن فضائحه الجنسية جعلت جميع الصحف تكتب عنه حتى انه أصبح أشهر لاعب كرة قدم في زمانه ليس فقط بين عشاق الكرة ولكن أيضا بين الفتيات اللواتي لا يتابعن أخبار كرة القدم ، وطبعا هذه الشهرة ساهمت في تضاعف ثروته ، والتي جعلته ألمع نجوم كرة القدم وأشهر زير نساء بين الرجال في تلك السنوات حيث كانت الصحف ووسائل الإعلام تلقبه ب الميتروسكسوال ويعني الشخص الذي يهتم ويعتني كثيرا بمظهره ليثير إعجاب الجنس الآخر حيث تصبح هذه العادة عنده من أهم اهداف حياته.

ويبدو أن شخصية ديفيد بيكهام قد أثرت كثيرا على شخصية كريستيانو رونالدو فعندما كان بيكهام في ذروة تألقه كان رونالدو في بداية مشواره الكروي ، وربما كذلك إنتقال رونالدو إلى نادي مانشستر يونايتد ليكون بديلا للنجم الإنكليزي ديفيد بيكهام ، قد جعله يحل مكانه أيضا ليس كلاعب في الفريق فقط ولكن في كل شيء فعله بيكهام ، وما ساعده في تخطي شهرة بيكهام أنه كان أفضل منه ليس فقط كلاعب كرة قدم ولكن أيضا في إحتلال المراتب العليا بين اللاعبين ذوي أصحاب الفضائح الجنسية .

لا بد هنا ان نتوقف ونشرح حقيقة ما يحدث في عالم النجومية كسلوك نفسي، فعادة معظم لاعبي كرة القدم هم من الطبقة الفقيرة او المتوسطة ، وما يحدث معهم يعتبر أشبه بحلم أو شيء خيالي ، فلاعب كرة القدم وفي زمن قصير جدا قد لا يتجاوز الأشهر القليلة يجد نفسه فجأة قد تحول من إنسان عادي إلى إنسان يملك الملايين من الدولارت ، هذا التغير الفجائي في حجم الثروة المالية التي يملكها تجعله يشعر بأنه يستطيع ان يفعل ما يشاء ، فالمال وللأسف في عصرنا الحاضر يعتبر أكبر قوة تسيطر على قوانين المجتمع ، لذلك نجد الكثير من اللاعبين يصابون بنوع من الإضطراب النفسي الذي يؤثر سلبيا على سلوكهم وتختلف شدة هذا الإضطراب من شخص إلى آخر حسب تكوينه النفسي ونوعية اخلاقه وسلوكه التي كان عليها قبل وصوله إلى الشهرة ، فكريستيانو رونالدو كان في صغره فتى سيء السلوك مع الآخرين ، فعندما كان في عمر ١٤ عاما تم طرده من المدرسة لأنه إعتدى على استاذه وضربه بالكرسي . وحسب ما نشرته الصحف عنه انه هو وعائلته كانوا غير محبوبين في المنطقة التي كان يعيش فيها وهو صغير ، وعندما ذاعت شهرته وأصبح من أفضل لاعبي كرة القدم في العالم أراد بعض المسؤولين في بلدته إنشاء تمثال لرونالدو في تلك المنطقة ولكن في اليوم التالي ذهب سكان هذه المنطقة وحطموا هذا التمثال تعبيرا عن سخطهم لشخصية رونالدو وسوء أخلاقه . وما يؤكد صحة سوء سلوك رونالدو هو أنه في إحدى المرات طرد أمه من بيته إرضاءً لإحدى عشيقاته التي رأت امه فيها صفات عاهرة.

مع إنتقال كرستيانو رونالدو إلى فريق مانشيستر يونايتد في إنكلترا و ليضمن حصوله على شهرة واسعة ذهب وطبق قانون خالف تعرف الذي استخدمه قبله ماردونا وبيكهام ، وحتى يزيد من شهرته دفع الصحف لنشر فضائحه الجنسية ، فكان يتصل هاتفيا بكل فتاة مثيرة جنسيا تظهر صورها على أغلفة المجلات أو في البرامج التلفزيونية الواقعية كبرنامج (بيغ براذر) وغيره ، وكونه غني جدا ومشهور جدا كانت جميع الفتيات تلبي دعوته لتبقى معه ساعات قليلة أو أيام قليلة أو اسابيع قليلة حسب براعتها في إشباع شهواته ، وكان رونالدو يحاول إرضاء جميع عشيقاته حيث كان يدفع لهن مبالغ طائلة لكي لا يصنعن له مشاكل عند تخليه عنهن عندما يصنع علاقة مع فتاة جديدة .

إذا تمعنا جيدا في نوعية النساء اللواتي كن يجذبن إعجاب رونالدو بهن ، سنجد ان معظمهن كن من نوعية ما يشبه العاهرات الباهظات الثمن ، فإحداهن كانت عارضة أزياء وممثلة في أفلام إباحية ، وأخرى فازت بجائزة أفضل مؤخرة في البرازيل ، وأخرى ظهرت عارية في أغلفة المجلة الشهيرة بالصور الإباحية ( البلاي بوي) ، وأخرى ظهرت في البرنامج التلفزيوني ( بيغ براذر ) حيث دفع لها مليون يورو لتبقى معه لمدة ١١ شهر ، ويكفي أن نذكر اسم أشهر عشيقاته لنعلم نوعية ذوقه في إختيار النساء، وهي كيم كارداشيان والتي تعتبر أشهر رمز للإثارة الجنسية عالميا في السنوات الأخيرة بسبب كثرة العمليات التجميلية التي قامت بها لتصنع من جسدها شكلا خاص أشبه بمؤخرة الحيوانات الثدية التي تسير على الأربع لتثير الشهوة الحيوانية في الرجال وبأبشع اشكالها . 

هناك قضايا إغتصاب تم اتهام رونالدو بها حيث تذكر أنه دفع مبالغ طائلة للطرف الآخر لتفادي أتهامه امام القضاء بالإعتداء الجنسي .

الأمور لم تتوقف هنا فقط في الفضائح الجنسية بل تعدت إلى مستوى أبشع ووصلت إلى الشذوذ الجنسي ، حيث كتبت الصحف العالمية عن علاقة جنسية بينه وبين الملاكم المغربي بدر هاري ، وكانت هذه العلاقة قد حصلت بعد إنفصاله عن عشيقته الروسية إيرينا شايك. ورغم عدم التأكد من صحة هذه الإشاعة ولكن الخبر تم تداوله في جميع وسائل الإعلام العالمية ليأخذ رونالدو مرة أخرى المكانة الأولى في أخبار الصحف العالمية بسبب فضائحه الجنسية .

للأسف سلوك رونالدو المتهور في تحقيق شهواته تعدت المستوى الحيواني والذي يمكن وصفه بمستوى (الضالين) ووصل إلى مستوى أبشع بكثير وهو ما يسمى ( المغضوب عليهم ) ، فعندما أخبرته إحدى عشيقاته التي عاشرته لساعات قليلة بأنها تحمل في أحشائها جنين منه ، أرسل لها مدير أعماله ليقوم بفحص الجنين للتأكد بأنه حقا ابن رونالدو ، وعندما اكدت الفحوصات صدق الفتاة ، قام بصفقة معها حيث دفع لها ١٥ مليون دولار لتتنازل عن كافة حقوقها كأم لأبنه ، وكون عشيقاته شبه عاهرات قبلت الفتاة بهذا المبلغ الضخم وأختفت من حياة رونالدو وابنها، وحتى الآن هوية هذه الفتاة لا يعلمها أحد .

أيضا لدى كريستيانو رونالدو بالإضافة إلى ابنه الأول جونير له طفلين توأم لا أحد يعلم من هي أمهما ، هكذا أراد رونالدو أن لا يشعر أطفاله الثلاثة بأي عاطفة نحو أمهاتهم وكأنهن ولدن من رجل فقط وليس للمرأة أي وجود في هذه الولادة، وقد فرض رونالدو على أمه وجميع أفراد عائلته بكتم جميع أسرار حياته الشخصية وكذلك أسماء امهات ابنائه . 

من يتمعن في سلوك رونالدو هذا سيشعر وكأن رونالدو ليس له أي علم أو إحساس بدور الأم في التكوين الروحي للطفل ، فكون أنه إنسان منحط روحيا، فهو يظن أنه بالمال يمكنه أن يؤمن جميع الحاجات الإنسانية وان أطفاله طالما انهم أغنياء ويستطيعون ان يحصلوا على كل شيء مادي فهم ليسوا بحاجة إلى حنان الأم واحضانها الدافئة ، فنجد إبنه الاول جونيور في البداية رغم وجود كل ما تطلبه نفسه، كان دوما يسأل رونالدو عن أمه ، ولكن الآن بعد مرور خمس سنوات لم يعد يسأل عنها لأن رونالدو بطريقة تربيته قد حذفها من أحاسيس إبنه وجعلها وكأنها غير موجودة على الإطلاق ، وهذا أسوأ أنواع التشويه الروحي الذي يمكن ان يحدث في البيئة الروحية لنمو الطفل .

هناك كثير من الصحف تحاول أن تُظهر رونالدو وكأنه إنسان ذو سلوك طيب فتنشر أخبار مختلفة عنه بأنه يتبرع بمبالغ كبيرة من أمواله للجمعيات والمنظمات الخيرية ، وهذا صحيح ، ولكن هذا السلوك لا يؤكد عن طيبة روح رونالدو فمن المعروف أن جميع لاعبي كرة القدم العالميين بدون إستثناء يتبرعون بأموالهم للجمعيات الخيرية ليحسنوا صورتهم في الرأي العام ، فكونك تقبض راتب شهري يعادل مئات الآلاف من الدولار، فتدفع منهم قسم زهيد جدا كما يفعل رونالدو هذا لا يعني انه إنسان طيب ، فحتى نعطي مثالا عن سبب تبرعات رونالدو سنذكر هذه الحادثة : عندما نشرت وسائل الإعلام العالمية خبر كاذب عن ليونيل ميسي نقلته من صحيفة فرنسية كتبت بأن ميسي قد تبرع بمليون دولار لحكومة إسرائيل ، ذهب رونالدو وتبرع للشعب الفلسطيني مليون ونصف دولار ، فهنا ليوناردو تبرع بهذا المبلغ ليس حبا بالشعب الفلسطيني ولكن من أجل ان تمدح به وسائل الإعلام التي كانت في نفس الوقت تشتم ميسي على ذلك الخبر الكاذب ، فلو كان ليوناردو إنسانا صالحا حقا لحاول أن يتأكد من حقيقة الخبر الذي سمعه عن ميسي، لا أن يستغل الأمر ليكسب حب العرب له وليزيد كرههم لميسي ، فالحقيقة هي أن ميسي لم يتبرع لإسرائيل بأي مبلغ لذلك أقام دعوة ضد الصحيفة الفرنسية لنشرها عنه هذا الخبر الكاذب ، وطبعا ربح ميسي الدعوة .و قام القضاء بفرض عقوبة مالية على الصحيفة .

و شيء آخر لابد من ذكره أن كريستيانو رونالدو في الفترة الأخيرة وبسبب كثرة سخرية وسائل التواصل الإجتماعي منه ومن صفاته السيئة( غرور ، أنانية ، تكبر ، فضائح ...الخ ) وكذلك بسبب إقترابه من موعد إعتزاله بسبب تقدمه في العمر ،نجده يحاول تصحيح سلوكه أمام الآخرين ، ولكن للأسف فكل هذا التغيير في سلوكه في الفترة الأخيرة سيبقى بلا أي فائدة لأن شخصية رونالدو الحقيقة قد ترسخت في نفوس الأطفال والشباب ، وهذه الشخصية سيبقى تأثيرها السلبي على البيئة الروحية للمجتمع .

إذا تمعنا جيدا في سلوك كريستيانو رونالدو سنجد ان أهم اهداف حياته التي وضعها وسار عليها بكل قواه العقلية والجسدية كانت تتضمن تحقيق ثلاثة أهداف :

١- تحقيق ثروة مالية ضخمة

٢- تحقيق مجد وشهرة عالمية 

٣- إشباع شهواته الجنسية 

إذا بحثنا في ما كتب من مقالات وسطور عن كريستيانو رونالدو سنجد أن الجميع يوافق على صحة هذه الأهداف الثلاثة في حياته ، وهذه الأهداف الثلاثة في الحقيقة هي أهم أهداف تعاليم أتباع الشيطان ، لأنها تجعل الإنسان يصل لمرحلة الشرك بالله ، فهو بسلوكه هذا وكأنه يحاول أن يثبت للجميع بأنه إله يستطيع أن يفعل ما يشاء ، وللأسف نعيش في عصر حيث القوة المالية تسيطر على جميع قوانين المجتمع ، لذلك نجد رونالدو قد وصل إلى مرحلة عبادة نفسه ، فقبل سنوات قليلة قام بإنشاء متحف كبير في بلدته يدعى متحف كريستيانو رونالدو يحوي على عدة تماثيل له مع العديد من الصور الكبيرة والصغيرة التي تشرح مراحل مشواره في كرة القدم، من يتمعن جيدا في محتويات هذا المعرض وكيف يعرض نفسه من خلال التماثيل والصور، سيشعر وكأن رونالدو يعتقد نفسه بأنه قد صنع معجزات خارقة ويجب أن يخلدها التاريخ لتتكلم عنه العديد من الأجيال في المستقبل .

للأسف رغم أن الكثير من رجال الصحافة وغيرهم يعلمون كل ما يفعله رونالدو في تعظيم نفسه ليظهر أمام الآخرين وكأنه ليس من البشر ولكن إله من آلهة أساطير الشعوب القديمة ، ولكن ومع ذلك نجدهم يمدحونه ويعتبرونه وكأنه فعلا أسطورة من أساطير العصر الحديث . وللأسف الشديد بعض هؤلاء المعجبين الذين يمدحونه ليزيدوا عدد معجبينه هم مسلمون ويظنون أنفسهم بأنهم من المسلمين الصالحين ، يمدحون رونالدو وهو أحد أقوى أفراد أتباع الشيطان ويظنون هؤلاء أنهم يعملون خيرا للأمة الإسلامية!!!.

في تلك الفترة التي بدأ فيها نجم رونالدو المزيف يشع ليعمي نفوس الكثير من الأطفال والشباب وينمي بهم عبادة الشيطان ، وشاءت الأقدار أن يظهر نجم شاب جديد ليواجه كريستيانو رونالدو ويأخذ الأضواء منه في الملعب وخارج الملعب ، هذا الفتى اسمه ليونيل ميسي لاعب كرة القدم الأرجنتيني..... إن شاء الله في الأسبوع القادم سنتكلم عن حياته التي شاءت الأقدار أن تجعله نسخة مناقضة تماما لهمجية روح كريستيانو رونالدو ، وأصبح نموذج صادق للعاشق المخلص ونموذج صادق للأب الحنون. 

ملاحظة : الصورة المرفقة مأخوذة من الجوجل عنوان ( فضائح كريستيانو رونالدو ) والصورة الصغيرة للمطرب محمد عساف والمطربة شيرين ليس لها علاقة بالموضوع

وسوم: العدد 783