الخاطرة ١٩٤ : اللغة الإلهية " الأسماء الجزء٢"

خواطر من الكون المجاور

في المقالة السابقة ذكرنا أن كلمات اللغة العربية (لغة القرآن) وكلمات اللغة اليونانية (لغة الإنجيل) لم يتم وضعها من فكر إنسان ولكن هما من تصميم إلهي ، وأثبتنا أنه يوجد ترابط وثيق بين كلمات اللغتين وضربنا مثال على ذلك أسم الكوكب الذي نعيش عليه في اللغتين ، حيث أن اسم الكوكب في اللغة العربية (أرض) قيمتها الرقمية تعادل (٢٦) وفي اللغة اليونانية اسمه (ΓΗ) وقيمته الرقمية تعادل (١٠) وقلنا أن هذه الأرقام هي مدة زمنية حيث :

وذكرنا ايضاً أن هذا التطابق في الأرقام ليس صدفة لأن مبدأ التطابق موجود أيضا في اسم الكوكب الذي يأتي بعد كوكب الأرض في الترتيب ، فأسم الكوكب (مريخ) قيمته الرقمية في اللغة العربية يعادل (٦٩) بينما في اللغة اليونانية (ΑΡΗΣ) يعادل (٤٣) ، وقلنا أن هذه الأرقام هي أيضاً مدة زمنية حيث :

فكما تبين لنا من تطابق أسماء الكوكبين (الأرض والمريخ) في اللغتين العربية واليونانية ، أن تصميم اللغتين لم يحدث عشوائيا ولكن حسب مخطط إلهي يساعدنا على تفسير أشياء تتعلق بالمجموعة الشمسية لا يستطيع علماء الفلك معرفتها لأنها حدثت في الماضي وبدون أن تترك أي أثر مادي يمكن من خلال العلوم المادية رؤيته للاعتماد عليه في الأبحاث الفلكية . لتوضيح هذه الفكرة بشكل أفضل ، سنتابع بحثنا في أسماء الكواكب .

من يتعمق في الثقافات اليونانية يجد أن بعض فلاسفة اليونان القدماء كانوا يعطون أهمية كبيرة لأرقام الأحرف اليونانية ، والمعروفة اليوم باسم (الكابالا اليونانية) ، والتي بدأها الفيلسوف بيثاغوراس في القرن السادس قبل الميلاد ، وصاغها من بعده الفيلسوف أفلاطون في عبارته الشهيرة ( الله يهندس في خلقه) فمن ضمن هذه الهندسة الإلهية هي هندسة اللغة اليونانية المعروفة اليوم باسم (الكابالا اليونانية) ، الكثير من المفكرين اليونانيين اليوم يفتخرون بأن لغتهم تختلف عن جميع لغات العالم بأن تصميمها لم يحدث بالصدفة ولكنها تعتمد قاعدة رقمية ، فمثلا الرمز الرياضي (π) المستخدم في حساب محيط وحجم الدائرة والذي يعادل (٣،١٤) ، يتم أستخراجه من القيم الرقمية لعبارة (قُطر) وعبارة (محيط الدائرة). فعبارة طول محيط الدائرة قيمتها الرقمية تعادل (٢٢٩٤) :

والقيمة الرقمية لعبارة قطر تعادل (٧٣٠) :

أود أن أقول هنا أن قانون الكابالا العربية قد إكتشفته قبل سنوات عديدة عندما كنت أبحث في سفر التكوين ، وبسبب تشعب الطرق التي جعلتني أدرك أن ما تذكره آيات سفر التكوين هي قانون نظام الكابالا العربية ، وكذلك بسبب صعوبة ذكرها جميعا ، سأحاول أن أختصر جدا الموضوع لكي لا يتوه القارئ ويبتعد عن الموضوع الأصلي للمقالة .

قبل أن أذكر مكان وجود قانون الكابالا العربية في سفر التكوين ، سنتكلم عن تطابق القيم الرقمية لأسم كوكب المريخ في نظام الكابلا للغتين العربية واليونانية ، ذكرنا أن القيم الرقمية لكلمة مريخ في الكابالا اليونانية تعادل (٣٠٩) ، الآن لننظر إلى هذا الرقم كمدة زمنية كما فعلنا في مثال كلمة (أرض) فسنجد أن :

مثال :

بنفس القانون يمكن حساب الرقم المركب لكل حرف في الأبجدية العربية حسب رقم ترتيبه ، القيمة الرقمية لكلمة ( مريخ) تعادل :

الرقم (٧٨٩) كما ذكرنا قبل قليل هو نفس المدة الزمنية للرقم (٣٠٩) الذي يمثل القيمة الرقمية لأسم الكوكب بنظام الكابالا اليونانية .

سفر التكوين هو أول كتاب مقدس لدينا في عصرنا الحاضر ، إذا بحثنا عن مكان ظهور أسم آدم لأول مرة في هذا الكتاب ، سنجد أنه يظهر في الآية رقم ٧ من الإصحاح الثاني "وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً".

الكثير من المسلمين المتعصبون لدينهم تعصب أعمى ، عندما يرون مسلم يستعين بأثباتات من الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية يصابون فجأة بنوع من الشلل الفكري فلا يستطيعون أن يستوعبوا أي شيء فيرفضون مباشرة الفكرة دون أي محاولة للتأكد من صحة أو خطأ هذه الفكرة ، وكأن شيئا ما يضع حاجزا أمام أعينهم لكي لا يروا شيء ، ولكن بالنسبة لي والحمدلله لا أحد يستطيع أن يسيطر على نشاطي الفكري أثناء البحث عن الحقيقة ، فطالما أن علم اليقين هو فقط عند الله ، لذلك عندما أسمع فكرة غير مألوفة اتمعن بها جيدا وأبحث فيها بما لدي من ثقافة علمية لأرى إذا كانت على صواب أم على خطأ ، فإذا إقتنعت بصحتها تقبلتها وإذا لم أقتنع اقول في نفسي ربنا زدنا علما ، و أترك أمر هذه الفكرة لرب العالمين فهو الأعلم وهو الذي يقرر من هو على صواب ومن هو على خطأ ، لذلك أقول لأولئك الذين لا يعترفون بصحة أي شيء من الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية ، أن يتريثوا ويتابعوا قراءة بقية المقالة .

الله عز وجل يشير في القرآن الكريم إلى نظام الكابالا العربية بطريقة أخرى أيضا وذلك من خلال إستخدام قانون الرقم المركب ، الذي ذكرناه قبل قليل ، حيث في مكان آخر من سورة البقرة، نجد الآية رقم (١٨) تذكر العبارة "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ " هذه العبارة نفسها نجدها مكررة ثانية في الآية (١٧١) من نفس السورة " وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " العلاقة بين هاتين الآيتين هي نفس العلاقة بين الرقم البسيط والرقم المركب ، فالرقم المركب للعدد(١٨) هو الرقم (١٧١) بمعنى :

ونجد في القسم الأول من الآية ١٧١ تذكر (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء )، أي أن الكلمات التي يسمعها ويتعلمها يظنها أنها مجرد كلمات ويفهمها بمعانيها السطحية ولكن في الحقيقة أن الكلمات هي من تصميم إلهي ولكنه هو الذي لا يفهم مضمونها . لأنه يرى الأمور برؤية مادية فقيرة لا ترى سوى سطحية معاني الأشياء .

سورة البقرة التي تذكر أسم آدم ، قبلها تأتي سورة الفاتحة وعدد آياتها (٧) ، وأيضا في سفر التكوين نجد أن الآية في الإصحاح الثاني التي يظهر فيها أسم آدم لأول مرة هي الآية رقم (٧) ، الرقم (٧) هنا ليس صدفة ولكن له معنى ، وحتى نفهم هذا المعنى يجب أن نذهب إلى الإصحاح الرابع من سفر التكوين .

في الإصحاح الرابع من سفر التكوين الآية (١٥) تذكر " فقال له الرب: لذلك كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه ...." (قايين هنا هو نفسه قابيل في الإسلام) ، في هذه الآية يُذكر عقوبة القتل بالرقم (٧) . وفي الآيتين ٢٣ و٢٤ نجد أن لامك وهو النسل رقم ٧ من آدم من طرف قايين ، يذكر الرقم ٧ مرة أخرى ويضيف بجانبها ٧ أخرى أي (٧٧) . فما قصة الرقم (٧) الذي نجده في سفر التكوين والقرآن في سورة الفاتحة .

للأسف علماء الدين وعلماء الأرقام يفسرون معنى الرقم (٧) بدون أي قاعدة مفهومة لذلك نجد لهذا الرقم معاني متناقضة جدا فيما بينها ، فجميع هؤلاء يعتقدونه بأنه رقم الكمال أو رمز من رموز معاني الخير ، ولكن الحقيقة أن هذا الرقم هو عكس ذلك تماما فكما تذكر الآيتان ٤٣ -٤٤ من سورة الحجر "وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ " . أما أبواب الجنة فكما يذكر الحديث الشريف هي ثمانية ".....وَأَنّ الْجَنّةَ حَقّ، وَأَنّ النّارَ حَقّ، أَدْخَلَهُ الله مِنْ أَيّ أَبْوَابِ الْجَنّةِ الثّمَانِيَةِ شَاءَ". ورقم (٨) كما نلاحظ شكله عكس رقم (٧) شاقوليا. فرقم (٨) يبدو وكأن قمته تشير إلى الأعلى نحو السماء أما الرقم (٧) فقمته تشير إلى الأسفل .

فرقم (٧) الذي هو رقم عدد آيات سورة الفاتحة هو رمز طرد الإنسان وخروجه من الجنة ، ليبدأ حياته من جديد ليعيد تصحيح تكوينه ليصبح ملائم ثانية للعودة والعيش في الجنة ، هذه الفكرة مذكورة في أسماء الكواكب الشمسية الأولى ، فتسمية الكواكب لم تحدث بالصدفة ولكن لتساعدنا على فهم سبب وجودنا في هذا الكون ، وحتى يتم فهم هذه الفكرة سنحاول فهم رموز أسماء الكواكب .

كما ذكرنا في مقالات عديدة ماضية ، أن أسماء الكواكب هي رموز لشخصيات قصة الخلق حسب ترتيب ظهورها في سفر التكوين، الكوكب الأول عطارد يمثل آدم ، الكوكب الثاني الزهرة يمثل حواء ، الثالث الأرض يمثل الشيطان ، الرابع المريخ يمثل قابيل ، وحزام الكويكبات يمثل هابيل الذي قتله أخاه هابيل لذلك نجده يتألف من ملايين القطع الحجرية المتناثرة بسبب دماره .

القرآن الكريم يبدأ بسورة الفاتحة ولكن نجد أن بعد سورة محمد تأتي سورة الفتح ، وعنوان هذه السورة مصدره من نفس مصدر عنوان السورة الأولى ( الفاتحة - الفتح) ، فالمقصود من سورة محمد هو نزول آخر ديانة سماوية فيكون معناها الرمزي هو أن الإسلام هو آخر مساعدة روحية من الله للإنسانية، لذلك تأتي السورة التي بعدها بعنوان ( الفتح) لتعني فتح طريق جديد للإنسانية في التطور الروحي طالما أن الإنسانية حصلت على الجزء الأخير من مكونات التطور الروحي . فسورة الفاتحة كما ذكرنا ترمز خروج الإنسان من الجنة ودخوله في محور تطور ليطهر تكوينه من تلك الشوائب الفاسدة التي كانت سببا في خروجه من الجنة .

أنظروا إلى ارقام سورة محمد ( ٤٧ ترتيب و٣٨ عدد الآيات ) وأرقام سورة الفتح (٤٨ ترتيب و٢٩ عدد الآيات) ، قد يبدو لنا أن هذه الأرقام بلا معنى ولكن هذه الارقام في الحقيقة لها علاقة بقصة الخلق كما هي مذكورة في رموز أسماء كواكب المجموعة الشمسية ، وحتى نرى هذه العلاقة يجب أن نضرب رقم ترتيب السورة بعدد آياتها ، في سورة محمد لدينا الرقم :

وفي سورة الفتح لدينا الرقم :

رقم سورة محمد الذي حصلنا عليه هو (١٧٨٦) ويمثل القيمة الرقمية لعبارة (ألْف الله) في الكابالا اليونانية ( ΑΛΦΑ ΤΟΥ ΘΕΟΥ ) ، أما رقم سورة الفتح الذي حصلنا عليه (١٣٩٢) فهو يمثل القيمة الرقمية لعبارة (ألْف الله) في الكابالا العربية حيث :

الحصول على هذه المعاني يحتاج إلى نظرة شاملة لقصة الخلق، فمن يجيد اللغة اليونانية واللغة العربية بشكل مضموني وليس بشكلهما الببغائي ، سيشعر بهذه المعاني ، فكلمة (الفاتحة) تسمع وكانها تتألف من كلمتين (ألفا - تحة) ولها معنى مشابه للفظ عبارة (الف الله ) في اللغة اليونانية.

الرقم الذي حصلنا عليه من سورة الفتح (١٣٩٢) والذي يمثل العبارة (ألف الله) هو في الحقيقة مدة زمنية تعادل :

الآن لنعود إلى كواكب المجموعة الشمسية التي ترمز لآدم وحواء ، كوكب عطارد هو رمز آدم ، وكوكب الزهرة هو رمز حواء ، إذا طرحنا من الرقم (١٠٠٠) الرقم (٧) الذي يمثل عقوبة إرتكاب الخطأ والمذكور في سفر التكوين والقرآن الكريم ، سنحصل على الرقم :

وهذا يؤكد لنا على وجود ترابط إلهي في اللغتين العربية واليونانية في تصميم أسماء الكواكب الشمسية .

إذا تمعنا جيدا في الرقم (٣٩٩) الذي يمثل القيمة الرقمية لاسم (عطارد) في اللغة العربية والرقم (٩٩٣) الذي يمثل القيمة الرقمية لاسم كوكب الزهرة في اللغة اليونانية ، سنجد انهما رقمان متناظران أي أن كل رقم هو الصورة المعاكسة للرقم الآخر (٣٩٩#٩٩٣) عاموديا ، وهذا التناظر ليس صدفة ولكن يشرح لنا أشياء أخرى عن تكوين المجموعة الشمسية وعلاقتها بقصة الخلق .

المشكلة اليوم أن القاعدة الثقافية لعلماء عصرنا الحديث بجميع فروع علومهم تعاني من إنحطاط روحي وهذا الإنحطاط أدى بدوره إلى إنفصال المعارف عن بعضها البعض ، فنجد الكثير من التفسيرات للآيات المذكورة في القرآن أو إنجيل أو التوراة تعتمد على قاعدة ثقافية عشوائية ، فيذهب كل عالم يفسر الأمور على ثقافته العشوائية فيكون تفسيره مزاجي أكثر من أن يكون تفسير علمي شامل، فنجد مثلا أن بعضهم يصر على أن آيات القرآن الكريم تؤكد على أن الأرض هي كروية ، وآخرون يصرون على أن آيات القرآن تؤكد بأن الارض مسطحة ، ونجد كل طرف يتهم الطرف الآخر بالضلال وبتشويه معاني القرآن ، المجتمعات الإنسانية وصلت إلى مستوى المجتمعات الحيوانية ومعظم العلماء منشغلون في سطحية معاني الأشياء والأحداث.

من يخوض في أعماق معاني آيات الكتب المقدسة وفي قوانين الطبيعة وفي قوانين الكون سيجد أن كل شيء وكل حدث في مضمون تكوينه مرتبط بأهم مبدأين من مبادىء الإيمان وهما (العفة والسلام ) ولكن للأسف نجد اليوم يحدث العكس تماما ، المجتمعات الغربية أصبحت تنشر الفساد والزنى ، والمجتمعات الإسلامية أصبحت رمزا للقتل والعنف والإنتقام وذلك من خلال نشر التعصب والفتنة بين الطوائف والمذاهب الدينية .

ملاحظة : للمزيد عن رموز كواكب المجموعة الشمسية في الخاطرة ٨١ : معجزة هندسة المجموعة الشمسية

وسوم: العدد 797