خواطر فؤاد البنا 812

عندما يعتلي المؤمن ذروة الوعي فإنه لا يتشيّع في تفكيره وسلوكياته لأي منهج من مناهج التفكير والحركة، وإنما يأخذ من كل واحد منها أفضل ما فيه، حيث يرسم الهدف ويحدد المصلحة بوضوح كما يفعل النفعيون (البراجماتيون)، لكنه لا يسلك سبلاً غير مشروعة مثلهم وإنما يَنشَدّ إلى الأخلاق السامية التي يُجسّدها المنهج المثالي، ومن دون أن تعميه المثالية عن رؤية الحقائق في الواقع كما هي، ودون أن يتجاهل الفروق النسبية، ولذلك فإنه يستفيد من المنهج الواقعي، وهو في كل ذلك يستقرئ الوقائع بصورة شاملة لا انتقاء فيها، ويحلل الأحداث بطريقة موضوعية لا تحيّز فيها، ثم إنه يمارس التركيب بين العناصر المختلفة، ليصل من المعلوم إلى المجهول ومن البسيط إلى المُركَّب، وبسبب مزجه بين كل هذه المناهج فإنه يمتلك القدرة على الاستفادة من الماضي والتحكم بالحاضر، حتى يصل إلى استشراف الآتي وتأمُّل المآلات، حيث يقتنص الفرص ويتجنب العواقب، وإن مزجه الحكيم بين مناهج التفكير يُمكّن عقله من الدخول إلى قراءة الواقع من أبواب متفرقة، ومن استخدام مختلف الحلول وسائر الأدوية في حلّ المشكلات ومعالجة النّوازل.

******************************************

كدارس لتجربة الإخوان المسلمين في مصر، يبدو لي أن نقاط قوتهم تُمثّل دافعاً لخصومهم للانقلاب عليهم حتى لا يصيروا كالأتراك، لكن أخطاءهم هي من ساعدت على نجاح ذلك الانقلاب!

******************************************

إنما تسقط الدول بمِعْول الظلم، وإنما تغرق الحضارات بدموع وعرق ودماء المظلومين، حيث ما تزال تتكاثر وتتفاعل حتى تصبح طوفاناً يقتلع الطغاة!

******************************************

وسوم: العدد 812