خواطر فؤاد البنا 817

لقد قام المستشرقون الغربيون بوضع بيضات أفكارهم قبل أن تفقس تحت الليبراليين العرب حتى تبدو كأنها إسلامية، وعندما فقست اتضحت هويتها الغربية رغم محاولات الخديعة، ورغم ذلك هناك من انخدع بها ممن لا يعرفون طبيعة الفكر الإسلامي، أو انخدع لها ممن يريدون العيش في أكناف الغرب !

****************************

تحتاج أمّتنا بصورة عاجلة وماسة إلى اكتمال الكتلة الحرجة من الحكماء المُضحّين في سبيل دينهم وأوطانهم، الحكماء الذين يَجمعون ولا يفرّقون ويبشرون ولا يُنفّرون، يغوصون بعمق لا تكلف فيه ويتعاملون ببساطة لا سطحية فيها، يُحسنون الظن بالآخرين دون الانزلاق في مهاوي السذاجة ويمارسون الحذر دون الإغراق في التفسير التآمري، يَدرسون الرؤى ويُشرّحون الظواهر من دون الوقوع في فخّ التهويل أو التهوين، يعرفون متى يشتدّون ومتى يلينون.

****************************

لكون الجيوش مؤسسات منظمة فإنها تسرع في الوصول إلى ما يتم التخطط له من أهداف، وبالنسبة للجيش الجزائري فمن الأرجح أنه سيستفيد من تجارب الجيوش في بلدان الربيع العربى، وبالنظر إلى تصريحات رئيس الأركان منذ بضعة أسابيع ومقابلته لابن زايد فإن الامور لا تبشر بخير، ولا بد أنه يعد لإجهاض الثورة بهذه الصورة أو تلك، ومع خفوت الشارع وظهور الخلافات بين فصائل أو مجاميع الثورة،  قد ينجح الجيش في وضع الثورة على كرسي متحرك مثل الذي كان مع بوتفليقة، ولن يفشل هذا المخطط إلا إذا اصطدم بجدار الإرادة الشعبية الواعية، فهل يكون الشعب الجزائري أوعى وأسرع في الاستفادة من دروس الثورات، أم أنه سيتأخر كما فعلت شعوب الربيع العربي السابقة؟!

****************************

تساهم الطبائع والاستعدادات الإنسانية في طريقة تفاعل أصحابها مع الأفكار، بحيث تختلف المخرجات مع أن المدخلات واحدة، وعلى سببل المثال فقد تتلمذ على أفكار سقراط كل من أرسطيبوس رائد الفلسفة الأبيقورية الإباحية، وأنتيستنيس رائد الفلسفة الرواقية التي تميل إلى الزهد والتقشف، لقد نهل الفيلسوفان من معين سقراط الواحد لكن الأول يرى السعادة في الانهماك في اللذائذ وإشباع الغرائز، بينما يرى الآخر أن السعادة تكمن في عدم الانغماس في الملذات، وبالتسامي والارتقاء بالغرائز، مما يوضح أن العلم وحده لا يحقق المبتغى ما لم يتم تهذيب النفوس والارتقاء بالأرواح.

****************************

يمكن القول بأن كل قبيح لا يخلو من مسحة جمال، ويبدو أن أجمل ما في العقائد التي لا تؤمن بالآخرة هو أن أبناءها يتولّون انتزاع حقوقهم في الدنيا ويحرصون على إقامة موازين العدل في هذه الحياة، فلا صبر على ظالمين ولا مراهنة على الجزاء الأخروي!

****************************

إن أعداء الإصلاح معه في أمْر مَريج؛ حيث يتهمونه بأنه ترك اليمن وفرّ إلى فنادق الرياض والدوحة واسطنبول، وفي ذات الوقت هو من يحكم البلد وكوادره تزخر بها ألوية الجيش ومؤسسات الأمن، وحينما يحدث تراجع في جبهة ما يكون هو السبب. إنه من يحرض ضد الحوثي ويظهر الحرب بصورة طائفية ولو توقف عن المقاومة المسلحة والمواجهة الإعلامية لانتهت الحرب، وهو ذاته الذي يتآمر مع الحوثيين تارة ويحاورهم تارة أخرى. إنه  مسكين لا يفهم في السياسة ويتعامل معها بروح الفقيه والداعية وقد استُغفل مرارا من جهات عديدة، وهو ذاته شيطان السياسة الذي يتفجر براجماتية ويتلاعب بالجميع. لم يكن للإصلاح أي دور في ثورة فبراير تارة وتارة أخرى هو الذي استغل حضور شبابه الكثيف في الساحات للتحكم بالثورة، وهو نفسه من ركب الثورة وصادرها لصالحه، وهكذا فإن هؤلاء في أمْر مريج، وربما أن أحد أسباب هذا الخلط عدم وجود إعلام يفضح تناقضاتهم وتهافتهم، ثم إنهم لم يعملوا بنصيحة أحد فطاحلة الكذب التي تقول: إذا كنتَ كَذوباً فكُن ذَكوراً!

****************************

إن أقدار الله تقوم على التيسير لا التسيير، فمن حقك أن تختار الطريق الذي تريده والله ضمينٌ بأن يُيسرّه لك.

بارك الرحمن جمعتكم.

****************************

من فوائد وسائل التواصل أنها كشفت كثيرا من الحثالات والأوغاد الذين كانوا مُتزيّنين بصَمْتهم ومتدثرين بنفاقهم!

****************************

كلما زاد جوعنا للحرية والعزة والكرامة؛ زاد بعضنا للأسف من اقتياته للأماني الفارغة من الإرادات، وزاد إقبالهم على الآمال الخالية من الأعمال، فهل من سبيل لتحويل الأماني والآمال إلى إرادة وأعمال؟

وسوم: العدد 818