الخاطرة ٢١٥ : ابن رشد الفيلسوف المظلوم الجزء١٦

خواطر من الكون المجاور

في المقالات الماضية حاولنا في عدة مواضع شرح قانون (الإثنا عشر) الذي وضعه الله كرمز يوضح التكوين الروحي للإنسانية : في قصة يوسف عليه السلام وأخوته ، في الآلهة الإغريقية ، في القضاة في سفر القضاة ، في قصة عيسى عليه السلام وتلامذته ، وركزنا في شرحنا لهذا القانون بشكل أساسي على الفرق بين دور روح الخير العالمية التي رمزها الكائنات النباتية ، ودور روح السوء العالمية (روح الكلب) التي رمزها الكائنات الحيوانية ، وذكرنا أن من روح السوء العالمية خرجت روح خيرة وهي روح الأسد التي تستخدم نفس سلاح روح السوء لتواجه روح الكلب لتقضي عليه وتمنعه من القيام بدوره .

وذكرنا أيضا أن هدف روح الخير العالمية (الروح النباتية) هو توحيد جميع الميزات الحسنة في التكوين الإنساني ، أما روح الأسد فدورها حذف جميع تلك الشوائب من هذا التكوين التي تعرقل عملية التوحيد ، لهذا كان سلاح أتباع روح الأسد في البداية هو القوة المادية في محاربة أتباع روح الكلب والقضاء عليهم ، ولكن هذا السلاح مع ظهور الديانات والحضارات راح يتطور ليساعد روح الخير العالمية بشكل أفضل في القيام بدورها وتحول إلى نوعين من القوى : النوع الأول هو عبارة عن قوى مادية تقضي على أتباع روح الكلب عن طريق القضاء عليهم ، وأفضل مثال على ذلك هو اسكندر المقدوني . والنوع الثاني هو عبارة عن قوى فكرية تعتمد العلوم المادية لقتل افكار روح السوء في عقل الإنسان وأفضل مثال على ذلك هو بولص الرسول الذي نشر الدين المسيحي في الشعوب الأوربية بدون أن يقتل أحد ولكن سلاحه كان فقط علومه وأسلوبه في الإقناع .

من لم يقرأ المقالات الماضية سيظن أن معلومات هذه المقدمة التي لم يسمع مثلها من قبل بأنها أشياء خرافية أو وكأنها تتكلم عن تاريخ مخلوقات تعيش في كوكب آخر ، فمثل هذا النوع من التحليل للقصص الدينية والأحداث التاريخية لم يتطرق لها حتى الآن لا علماء الإسلام ولا أي علماء ديانة أخرى سماوية أو وثنية ، فهؤلاء العلماء اعتمدوا على تفسيرات الأئمة الأقدمين ولم يحاولوا الإستفادة من تقدم معارف العلوم لإضافة أشياء جديدة لها لأنهم لم يعلموا أن التكوين الروحي للإنسانية يتجدد ويرتقي مع مرور العصور وأن تقدم العلوم والمعارف ليس إلا نتيجة التطور الروحي للإنسانية ، فتفسيرات الأئمة الأقدمين كانت صالحة للعصر الذي يعيشون فيه ، أما اليوم فإن إلإعتماد على تفسيرات واجتهادات هؤلاء الأئمة فقط ستؤدي إلى التخلف الفكري الديني في كل أمة ، فأرسطو مثلا كان من أشهر فلاسفة عصره ولكن اليوم فالجميع يعلم ان آراء أرسطو فيها الكثير من الأخطاء ، نفس الشيء تماما ينطبق على أئمة الديانات ، فلا أحد منهم معصوم عن الأخطاء سوى الأنبياء والكتب المقدسة ، ولكن ما يحصل اليوم ان أتباع المذاهب دون أن يعلموا ما يفعلون رفعوا أئمة مذاهبهم إلى درجة أعلى من نبيهم وأعلى من كتابهم المقدس ، لذلك تمسكوا بتعاليم مذهبهم وكأنها معصومة عن الخطأ . لهذا سنتابع في هذه المقالة شرح رموز روح الخير العالمية ورموز روح الأسد وروح الكلب في قانون الإثنا عشرية في تاريخ الأمة الإسلامية ، لنوضح أن الأمة الإسلامية اليوم تعيش في حالة مشابهة لما يحصل في الثقب الأسود الذي يحتوي على كتلة عشوائية حيث أجزائها تتطاحن فيما بينها لتفني بعضها البعض ، والسبب هو أن معظم العلماء المسلمين بجميع مذاهبهم اليوم ليس لديهم أي علم لا عن ماهية روح الخير العالمية ولا عن ماهية روح الأسد ولا عن ماهية روح الكلب .

عدد اجيال قبيلة قريش من فهر (القريش الأوسط) وحتى جيل الرسول صلى الله عليه وسلم هو إثنا عشر جيلا : (١- فهر ، ٢- غالب ، ٣- لؤي) ، (٤ - كعب ، ٥- مرة ، ٦ - كلاب) ، (٧ - قصي ، ٨ - عبد مناف ، ٩ - هاشم) ، (١٠ - عبد المطلب ، ١١ - عبدالله ، ١٢ - محمد) .

في الجزء ١٠ من "سلسلة ابن رشد الفيلسوف المظلوم" ذكرنا أن فهر هو رمز تلك القوة التي إستطاعت تدمير الثقب الأسود البدائي حيث حدثت ظاهرة الإنفجار الكبير واستطاعت روح الخير العالمية تحرير نفسها لتبدأ في تكوين الكون الذي نعيش فيه ، فهر هو الجد الأكبر ويمثل ولادة الكون ، لهذا الحكمة الإلهية أختارت أسم فهر ليكون رمز بداية لمراحل قانون الإثنا عشرية ، فإسم فهر كما ذكرنا مصدره الفعل فَهَّر : إجتمع لحمه وتكتل أي له معنى إجتمعت قواه بأكملها . ولهذا سمي (فهر) القريش الأوسط لأنه قضى على الثقب الأسود بشكل نهائي .

وكما ذكرنا أيضا أن أسم قريش كمعنى ، يعبر عن حالتين :

الحالة الأولى : هي أن أسم قريش مصدره من أسم قاتل دابة سمك القرش . وذكرنا أيضا أن دين إسلام محمد صلى الله عليه وسلم يمثل هذه الحالة (قاتل الدابة قريش).

الحالة الثانية : هي أن أسم قريش مصدره من دابة قريش التي تأكل وتهلك جميع من حولها والتي تمثل الثقب الأسود الذي امتص روح آدم وحواء وقطّعها إلى أجزاء عديدة وجعلها كأنها أُصيبت بمرض الجذام والذي رمزه اسم (كنانة ابو الجذام) . وأن تعاليم الدين الإسلامي منذ دخول الأمة الإسلامية في عصور الإنحطاط وحتى اليوم وللأسف تمثل هذه الحالة لذلك كانت نتيجته واضحة تماما فيما حصل بالأمة الإسلامية التي تمزقت إلى أجزاء عديدة تتحارب وتدمر بعضها البعض وكأنها أُصيبت بمرض الجذام .

هذا يعني أن قبيلة قريش تحمل الحالتين معا ، فبعض أهالي قريش من حيث تركيبهم الروحي ينتمون إلى روح الخير العالمية وروح الأسد ، والبعض الآخر تركيبهم الروحي ينتمي إلى روح السوء العالمية وروح الكلب ، ولهذا الحكمة الإلهية في تصميم اللغة العربية فرقت بين النوعين من التكوين الروحي لأهالي قبيلة قريش ، فأعطت مصطلح (عرب) لأتباع روح الخير ، ومصطلح (أعراب) لأتباع روح السوء وروح الكلب . فمصطلح كلمة (عرب) لغويا هم اهالي المدن الذين حاولوا الإستفادة من تقدم العلوم في تطوير حياتهم الإجتماعية ، أما (الأعراب) فهم البدو الذين فضلوا الحياة البعيدة عن التمدن والتنقل من مكان إلى مكان ليعيشوا فقط على خيرات المناطق البرية .

أما كلمة ( عرب) كمصطلح روحي فهي تعني الناس الذين فضلوا الإستقرار في مكانهم كما تفعل النباتات لتأمين حاجاتها ذاتيا ، وإنشغلوا في تطوير العلوم لتساعدهم في تطوير تكوينهم الروحي مع مرور الزمن ليصلوا إلى الصفاء والكمال ، لهذا نجد قبل ميلاد الرسول بفترة طويلة أن العرب قد اتخذوا اليوم السادس من الأسبوع ليكون رمز (يوم العروبة) واسم هذا اليوم هو الجمعة والذي مصدره فعل جمع ، أي أن يوم الجمعة هو رمز جمع وتوحيد حسنات جميع أيام الأسبوع التي قبله ، اما كلمة (الأعراب) كمصطلح روحي فهم أولئك الذين لا يعطون تطورهم الروحي أي أهمية بسبب إنشغالهم طوال حياتهم في التنقل من مكان إلى آخر كما تفعل الحيوانات لتؤمن حاجاتها دون الحاجة للتفكير والبحث ، فمصطلح (الاستعمار) الذي يعني إحتلال بلاد الآخرين وسلب خيراتهم هو في الحقيقة سلوك ناتج من روح السوء التي يحملها رمز الأعراب ، الله عز وجل يذكر سلوكهم الروحي في القرآن الكريم (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٩٨ التوبة) . فما نود أن نقوله هنا أن التكوين الروحي للأمة الإسلامية منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى الآن تتكون من عرب وأعراب ، وأيضا علماء الدين الإسلامي فيهم العرب وفيهم الأعراب ، وللأسف نسبة العلماء المسلمين الأعراب في عصرنا الحاضر كبيرة جدا .

أود أن أقول هنا أن مقالاتي ليس هدفها تكريه المسلم لدينه كما يظن البعض فحاشى الله أن أفعل ذلك ، ولكن هدفها الكشف عن روح الكلب التي دخلت نفوس الكثير من العلماء المسلمين دون أن يعلموا فحولتهم إلى أداة تساعد في تشويه دين محمد صلى الله عليه وسلم فبدلا من أن يساهم الدين الإسلامي اليوم في تحقيق السلام العالمي جعلته يبدو في نظر الأمم الأخرى وكأنه دين متخلف ينمي روح العداوة والوحشية والإنتقام ، يقول صلى الله عليه وسلم " في أصحابي اثنا عشر منافقاً " . وهذا يعني ان روح السوء في كل مرحلة من مراحل قانون الإثنا عشرية تدخل فيها لتعرقل عمل روح الخير ، في الأسطر التالية سنحاول توضيح دور روح الخير العالمية التي رمزها الكائنات النباتية وكذلك الصراع بين روح الأسد مع روح الكلب في أجيال قريش الإثنا عشر .

لنبدأ اولا في توضيح رموز روح الخير العالمية في رموز نسب الرسول، إذا تمعنا جيدا في الأحداث التاريخية التي حصلت في حياة فهر نجد أن معانيها الرمزية تطابق معنى رمز فهر الذي تكلمنا عنه ، ففي زمانه أتى ملك قبيلة حمير بجيشه من اليمن يريد أن يهدم الكعبة لينقل أحجارها من مكة إلى اليمن ليجعل حج الناس عنده ببلاده، فلما علم فهر بذلك جمع رجال قريش ورجال القبائل الأخرى من حوله ، وخرج إليه وقاتله وانتصر عليه . بعد هذا الإنتصار أصبح فهر رئيسا على جميع قبائل التي تسكن مكة .

ملك حمير في هذه الحادثة هو رمز تلك الدابة التي تدعى قريش (كلب البحر) والتي كانت تأكل جميع الدواب الأخرى وفهر هو قاتل تلك الدابة . ملك قبيلة حمير في هذه الحادثة هو رمز هذه الدابة ، فكلمة حمير مصدرها كلمة (الأحمر) أي اللون الأحمر ، لأن أهل هذه القبيلة كانوا يلبسون الحلل الحمر . اللون الأحمر كمعنى رمزي له حالتين :

الحالة الأولى يكون فيها اللون الأحمربمعناه السلبي فيكون رمز غريزة القتل وما ينتج منها من حب العنف والوحشية والتعطش لسفك الدماء ، فمعنى رجل حمر : اللئيم وشر الرجال . في هذه الحالة اللون الأحمر يمثل رمز روح الكلب .

الحالة الثانية اللون الأحمر يكون فيها بمعناه الإيجابي فيكون رمز الدفاع عن الحق والعدالة والحرية سواء كان السلاح المستخدم هنا السيف أو العلوم المادية ، في هذه الحالة اللون الأحمر يمثل رمز روح الأسد . ولهذا نجد أن الشعب الرومي رغم أن بشرتهم بيضاء ولكن العرب كانوا يسموهم الحمر ، لأن اللون الأبيض كان بالنسبة للعرب يرمز للطهارة الروحية ، وكما ذكرنا في مقالات ماضية أن شعوب أوربا أخذت مسؤولية تطوير العلوم المادية ، لهذا فتسمية الشعوب الأوربية بالحمر ترمز إلى أن تكوينهم الروحي هو من روح الأسد . بينما تكوين الشعوب الآسيوية التي ظهرت فيها الديانات العالمية فتكوينهم الروحي من روح الخير العالمية التي رمزها اللون الأخضر والأزرق . فاللون الأبيض يعني الصفاء والكمال ،ولكن تكوين اللون الأبيض يحتاج إلى الألوان الثلاثة : الأخضر والأزرق والأحمر ، فإذا كان اللون الأحمر من روح الكلب عندها ستتحول الألوان الثلاثة إلى ألوان مادية وعندها سيتشكل من هذه الألوان الثلاثة اللون الأسود ، أما إذا كان اللون الأحمر من روح الأسد فعندها ستتحول الألوان الثلاثة إلى ألوان ضوئية وسيتشكل منها اللون الأبيض .

ملك قبيلة حمير أتى من اليمن وعاصمة اليمن هي عدن وأسم (عدن) هو أحد أسماء الجنة ، هذه الحادثة لها معنى رمزي أي أن قوى روح السوء العالمية خرجت مع روح آدم وحواء من الجنة واستخدمت رمزها (اللون الأحمر) ليحل مكان اللون الأحمر الخاص بروح آدم وحواء ، ولكن روح الخير العالمية التي رمزها (فهر) استطاعت تحرير هذا اللون لتستخدمه في الدفاع عن نفسها من روح السوء .

في زمن فهر الذي هو أول جيل من الإثنا عشر والذي يمثل ولادة الكون يحدث انتصار فهر على ملك حمير الذي أراد تدمير الكعبة وسرق حجارتها ، ولكن أيضا في عام ولادة محمد صلى الله عليه وسلم الذي يمثل آخر جيل في الإثنا عشر نجد ايضا تحدث نفس الحادثة حيث يأتي أبرهة الحبشي لتدمير الكعبة ولكن يرسل الله له طير أبابيل ويقضي على أبرهة الحبشي وجيشه . محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي قام بنشر آخر ديانة سماوية ، أي بمعنى آخر هو الذي أتى بآخر صفات التكوين الروحي كما تذكر الآية القرآنية (... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... ٣ المائدة ) ، العلماء المسلمين فسروا كلمة (الإسلام) في هذه الآية بأنها تقصد دين محمد صلى الله عليه وسلم فقط ، لأنهم نظروا إلى (فهر) وكأنه إنسان وشخصية تاريخية لها علاقة فقط في نسب الرسول ، ولكن الحقيقة هي أن (فهر) هو رمز روحي له علاقة بتكوين الكون والإنسانية بجميع أممها ، لهذا فكلمة (إسلام) المقصود بها شيء عام يتعلق بالإنسانية بأكملها وليس شيء خاص يتعلق فقط بدين محمد صلى الله عليه وسلم وأمته . فكلمة مسلم التي مصدرها كلمة (إسلام) مذكورة في العديد من الآيات القرآنية لتؤكد أن معناها يشمل العديد من الديانات التي نشرها الأنبياء من قبل الإسلام . فنجد في القرآن الكريم آية يقول فيها سيدنا نوح "وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ " ، وأية يقول فيها يعقوب عليه السلام " .... إِذْ قَالَ لِبَنِيْهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ ءَابَآئِكَ إِبْرَاهِيْمَ وَإِسْمَاعِيْلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " ، وآية يقول فيها موسى عليه السلام: "وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَـَّما جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ" وإية عن عيسى عليه السلام : "وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِيـِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسلِمُونَ" . إذا تمعنا في سلوك هؤلاء الأنبياء نجد أن جميعهم كان تكوينهم الروحي خالي من غريزة القتل وكانت أيديهم نظيفة من دم أي إنسان ، فقط موسى عليه السلام في بداية شبابه إرتكب جريمة قتل واحدة لذلك نجد في كتب التوراة أن الله عاقبه على فعلته هذه بمنعه من دخول بلاد كنعان أرض الميعاد التي وعد الله قوم موسى بها . من هذه الآيات نستدل على أن الديانات القديمة وكذلك اليهودية والمسيحية هي أجزاء من دين (الإسلام) بمعناه العام ، وأن دين الإسلام الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليس إلا الجزء الأخير من أجزاء (الإسلام) ، وأن هذا الدين بمعناه العام كرمز يعتمد بشكل أساسي على اللون الأخضر والأزرق ، أي أنه يعتمد على روح الخير العالمية التي تمثلها الروح النباتية .

ولكن ما حدث أن التعصب الديني في الكثير من العلماء المسلمين أدى إلى تشويه معاني الكثير من الكلمات العربية ، هذا التشويه كان هدفه محاولة إقناع المسلمين العامة أن دين محمد صلى الله عليه وسلم هو فقط دين المؤمنين وأن بقية الأديان هي على ضلال . فإذا بحثنا في معنى كلمة (إسلام) في جميع المعاجم العربية سنجد لها معنى واحد وهو : الاستسلام والإنقياد والطاعة التامة لأوامر الله بلا أي إعتراض . هذا المعنى لكلمة (إسلام) ليس خطأ ولكنه معنى ناقص ويساعد على تشويه تعاليم الدين الإسلامي ، لأن أي تفسير خاطئ للآيات القرآنية من قِبل العلماء المسلمين سيجعل المسلم يستسلم لمعنى هذا التفسير الخاطئ فإذا كان هذا التفسير من عالم مسلم دخلت فيه روح الكلب سيتحول المسلمون الذين إتبعوا ذلك التفسير إلى أتباع دين روح الكلب وليس دين محمد . وهذا ما حصل فعلا في الأمة الإسلامية وجعل حضارتها تنهار وتدخل في عصور الإنحطاط بسبب التشويه الذي حصل في معنى كلمة (إسلام) .

كلمة (إسلام) على وزن كلمة (إعلام) والمصدر الأول لكلمة (إعلام) هو (علم) ، فمالمصدر الأول لكلمة (إسلام) هي كلمة (سلم) أي السلام ، أهم تعاليم الدين الإسلامي التي يجب أن يهتم بها العالم المسلم هي تنمية عاطفة السلام في نفوس المسلمين لأن الله عز وجل أختار نبيهم محمد ليكون هو رسوله الذي سينشر الدين الجديد وذلك لأن هذا النبي كان إنسانا مسالما وتكوينه الروحي خالي من غريزة القتل ، ولهذا نجد أن أمه كانت من بني زهرة ، فأسم زهرة هو أسم رمزي مصدره كائن نباتي . أما من جهة أبيه فكما تذكر الروايات التاريخية عن أبيه أن عبد المطلب جد الرسول نذر بأنه إذا أنجب عشرة أبناء ، فإنه سينحر أحدهم قربانا لله تعالى عند الكعبة فلما رأى أنه أنجب عشرة أولاد جمع أهالي قريش وأخبرهم بنذره فكان عبد الله والد الرسول هو الذبيح الذي سيقدمه قربانا لله ، وعبد الله كان أحسن أولاد عبد المطلب وأعفهم وأحبهم إليه وإلى أهالي قريش فعندما أتى به عند الكعبة ليذبحه منعته أهالي قريش سيما أخوته وأخواله ، فاستشارهم عبد المطلب بما سيفعل في نذره ، فأشارت إليه امراة أن يقرع بين ابنه عبدلله وبين عشرة من الإبل فإن خرجت على عبد الله يزيد عشرا من الإبل حتى يرضى الله به فإذا وقعت على ابنه مرة أخرى أن يكرر القرعة مرة أخرى ، وأقرع عبد المطلب بين عبد الله وعشرة من الإبل فوقعت القرعة على عبد الله فتابع القرعة مرة ثانية وثالثة وفي المرة العاشرة وقعت على الأبل التي بلغ عددها مائة إبل فذبحها ونجى إبنه عبدالله . هذه الحادثة ليست صدفة ولكن حكمة إلهية لها معنى رمزي أن عبدلله والد الرسول كان تكوينه خالي من غريزة القتل ، لذلك فهو لم يعارض أبيه ولم يحاول الدفاع عن نفسه ، فسلوكه هذا مطابق لسلوك النباتات فهي أيضا لا تقاوم عند قتلها . هذه الحادثة تبين لنا أن التكوين الروحي لمحمد صلى الله عليه وسلم من جهة أمه ومن جهة أبيه أيضا أن تكوينه الروحي كان خاليا من غريزة القتل .

إن إختيار الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ليكون نبي الإسلام يعني أن المعنى العام لكلمة (إسلام) هو إكتساب عاطفة السلام وتطهير النفس من غريزة القتل ، ولكن العلماء المسلمين المزيفين الذين دخلت فيهم روح الكلب ، راحوا وحذفوا معنى السلام من كلمة (إسلام) ليكون معناها فقط (الإستسلام والإنقياد والطاعة) كما هو في سلوك الكلب تماما حيث أن الكلب ينفذ أوامر صاحبه في حراسته والدفاع عنه دون أي تذمر أو معارضة ، روح الكلب عندما تدخل في الإنسان تجعله كائن مسير وليس مخير ،وهذا يتعارض مع تكوين الروحي للإنسان لأن الله قد خلق له عقل يفكر به ليفرق بين الحق والباطل ، لهذا جميع الديانات السماوية تعتبر الكلب روح نجسة ، أما القطة والتي هي من رمز روح الأسد فنجدها عكس ذلك فهي تتحكم بسلوكها أكثر مما يتحكم بها صاحبها ، فلا أحد معصوم عن الخطأ إلا الأنبياء ، لهذا يجب على كل إنسان مؤمن اليوم أن يفكر ويبحث بين الآراء المختلفة ليختار الصحيح منها وأن لا يترك نفسه أن تكون كأحد أفراد القطيع تسير وراء زعيم القطيع أينما ذهب .

المرحلة الثانية ( ٤- كعب ، ٥ - مرة ، ٦ - كلاب) من نسب الرسول هي الجزء الثاني من القسم المادية في قانون الإثنا عشرية والذي تكونت فيه روح الأسد التي رمزها اللون الأحمر، الحكمة الإلهية وضعت رموز في هذه المرحلة لتساعدنا في فهم حقيقة هذه النوعية من التطور ، فهذه المرحلة تبدأ بأسم (كعب) وتنتهي بأسم (كلاب) ، كلمة (كعب) تعني القسم الأسفل من قدم الإنسان ، وكما ذكرنا في المقالة الماضية أن هذا الرمز وضعه الله في شكل خريطة إيطاليا، التي لها شكل قدم وعكسها شاقوليا لها شكل كلب ، فشكل خريطة إيطاليا هو رمز روحي يحوي في داخله روح الأسد وروح الكلب ، فشكل القدم يرمز لروح الأسد ويعني القوة المادية والعلوم المادية ، أما شكل الكلب فيرمز لروح السوء ويعني القوى الإستعمارية والعنف والوحشية ، لهذا نجد أن هذه المرحلة تنتهي بأسم (كلَّاب) ، معنى (كلاب) هو الشخص الذي إستطاع ترويض الكلاب ، أي أن (كلاب) إستطاع أخذ قوة روح الكلب (اللون الأحمر) ليجعلها تعمل لصالح روح الخير العالمية وليس لصالح روح السوء العالمية ، فأسم (كلاب) في الحقيقة هو رمز روح الأسد .

المرحلة الأولى (١ - فهر ٢ - غالب ٣ - لؤي) والمرحلة الثانية ( ٤ - كعب ٥ - مرة ٦ - كلاب) هما القسم المادي من التكوين الروحي للإنسانية وهذا القسم هو بمثابة الآلهة الإغريقية الذكور ، أما المرحلة الثالثة والرابعة فهما القسم الروحي من قانون الإثنا عشرية ، وهذا القسم هو بمثابة الآلهة الإغريقية الإناث . القسم المادي ستكون نتيجتها ظهور شخصية رمز الأسد (كلاب) التي تمثل اللون الأحمر ، ومن القسم الروحي ستظهر شخصية رمز روح الخير والتي تمثل اللونين الأخضر والأزرق ، محمد صلى الله عليه وسلم هو رمز رمز روح الخير أي الأخضر والأزرق ، أما الشخصية الثانية التي تمثل روح الأسد ورمزها اللون الأحمر في الدين الإسلامي ، فحتى نحددها يجب علينا اولا شرح نوعية التطور الذي حصل من الديانة اليهودية إلى الديانة المسيحية .

في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع الموضوع ونذكر أسم الشخص الذي وضعه الله كرمز لروح الأسد ، والشخص الذي قام بدور روح الكلب وكيف استطاع خداع الكثير من علماء المسلمين.

وسوم: العدد 821