خواطر فؤاد البنا 833

حينما يتدخل (السيفُ) لفرض مخرجات (القلم)؛ فإن الأفكار تكون حينها قد خلعت ثيابها الناصعة البياض لترتدي ثياباً قانية الحُمرة؛ مما يخلق قابلية خصبة للنفاق ويزرع بذور الشقاق، فالإكراه أبداً لا يأتي بخير ، ولم يثبت أن القَسْر قد حقًق إيماناً أو صنع يقيناً؛ ولذلك لم تكن الحرية في الإسلام مناط التكليف فقط، بل كانت ثمرة العقيدة وقرينة الشريعة.

***********************************

إن من تجدهم على الدوام في (محاريب المألوف) ستفتقدهم حتماً في (مضامير التجديد)؛ إذ أنّى لمن أدمنوا الراحة في قيعان (التعوّد والتقليد) أن يتحمّلوا مشاق التحليق في آفاق (التجديد والابتكار)؟! وإن على الطامحين للتجديد والإبداع أن يكسروا القوالب الجامدة ويثوروا ضد الأنماط الموروثة، ومن الواجب عليهم أن يخرجوا من شرانق الاعتياد وأن يغادروا مضائق الإلفة، إلى ساحات التفكير الحُرّ والخيال المُحَلّق في آفاق اللامألوف.

***********************************

انعكس التقليد سلباً على شتى زوايا الثقافة الإسلامية وعلى سائر مجالات الحياة المختلفة للمسلمين. وعلى سبيل المثال فإن اللغة العربية هي أغنى لغات العالم، حيث تمتلك القواعد الضرورية لاشتقاق المصطلحات الجديدة وتوليد المفردات المبتكرة، بما يستوعب كل جديد ويواكب كل تقدم. غير أن البيئة التقليدية منعت اللغة من التطور، ذلك أن كل من يحاول الإتيان بمصطلح جديد يُواجَه بسيف السخرية ورُمح المحاربة، حيث يستحيل تقديس منجزات السلف إلى تبخيس لجهود الخلف؛ مما يُبقي المصطلحات القديمة حاكمة على الأوضاع الجديدة، ويحكم على مساحات التغيّر المَرِنة بالتحجًر والجمود !

***********************************

***********************************

وسوم: العدد 833