خواطر فؤاد البنا 868

يتذرع صنف من الناس دوماً بعوامل خارج ذواتهم لتفسير ما يبدر منهم من شرور وتبرير ما تصدر عنهم من قبائح؛ لدرجة أن أحدهم لو نظر في مرآة ولم تعجبه صورته فإنه سيتهم المرآة بتشويه جماله، ولو رأى ظله أعوجاً فإنه سيحاول تقويم الظل ويبقى هو على مَيله!

************************************

كلما شعر المرء بفساد طويته وقبحه الداخلي؛ سارع إلى تجميل وجهه والعناية بجسمه، معوضاً ذلك النقص عبر تزيين مظهره الخارجي بالملابس الجميلة والمظاهر البرّاقة، وكأنه يحاول إخفاء ما يقبع في الجوانح من قبح، وربما اهتم هذا النوع من الناس بلغتهم وأجادوا لحن القول؛ ولذلك فقد كان المنافقون أكثر الناس اعتناءً بأجسامهم وألسنتهم، لدرجة أن منافقي عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا ينتزعون إعجاب ذائقته الجمالية الرائعة، كما قال تعالى وهو يخاطبه عليه السلام: {وإذا رأيتَهم تُعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم..}، كنايةً عن جمال الأجسام وفصاحة الأقوال!

************************************

كلما شعر المرء بفساد طويته وقبحه الداخلي؛ سارع إلى تجميل وجهه والعناية بجسمه، معوضاً ذلك النقص عبر تزيين مظهره الخارجي بالملابس الجميلة والمظاهر البرّاقة، وكأنه يحاول إخفاء ما يقبع في الجوانح من قبح، وربما اهتم هذا النوع من الناس بلغتهم وأجادوا لحن القول؛ ولذلك فقد كان المنافقون أكثر الناس اعتناءً بأجسامهم وألسنتهم، لدرجة أن منافقي عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا ينتزعون إعجاب ذائقته الجمالية الرائعة، كما قال تعالى وهو يخاطبه عليه السلام: {وإذا رأيتَهم تُعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم..}، كنايةً عن جمال الأجسام وفصاحة الأقوال!

************************************

يتولى الربيع العربي حيثما حل، تقوية أواصر المواطنة وتمتين جسور الأخوة بين أبناء الوطن الواحد، بكافة طوائفهم ومذاهبهم وتياراتهم وقومياتهم وقبائلهم وأحزابهم ومناطقهم، لأنه ثورة حرية وحقوق تجمع الكل وتضم الجميع، بينما يذهب خريف الدول العميقة والثورات المضادة إلى إثارة هذه العصبيات وتوسيع الفجوات، ويعمد إلى تمزيق أواصر المجتمعات وفَصْم عرى الأوطان؛ من أجل أن لا تُنتقص مصالحهم غير المشروعة، حدث هذا في اليمن وسوريا وليبيا وتونس ومصر، وها هو يحدث في لبنان والعراق على مرأى ومسمع الجميع، حيث اندلعت الثورة في أوساط سائر المكونات ووقفت الطوائف كلها تطالب بحرياتها وحقوقها، بينما تقوم المليشيات الطائفية بإثارة النزعات العصبوية وإحياء النزاعات الطائفية، وتُصوِّر لأبناء طوائفها أن هناك مؤامرة لانتزاع السلطة منها!

************************************

في المجتمع ذي الوعي المرتفع، يتم استثمار كل حدث من أجل توسيع مساحات الوعي، ورفع سقف الحريات، وتعزيز منظومة الحقوق. ومما يروى في هذا الشأن أن الخليفة العباسي المأمون وقف خطيبا ذات يوم فقال: "أيها الناس احمدوا الله فمنذ أن استلمت الخلافة لم ينزل بكم الطاعون"، فوقف أحد المواطنين وقال له بكل شجاعة: "إن الله أرحم من أن يجمع لنا بين الطاعون وبين المأمون"! هذا والمأمون من أفضل من أنجبته أمتنا من الحكام، فماذا كان سيقول ذلك الرجل لو رأى طواعين العصر الذين اغتصبوا مقاعد الحكم وظلوا يوزعون الموت على رعيتهم؟.. فلربما توجّه بخطابه هذه المرة إلى الجماهير وقال: "إن فيروس كورونا عقوبة من الله لكم نتيجة صبركم غير الحميد على هؤلاء الطغاة الذين قتلوا الأحرار ونكّلوا بالمتقين" !

************************************

قال: كلما اتسعت تجاربي أثبتت لي أن بعض ما قرأته في الكتب لم يكن دقيقاً. فقلت له: قراءة الكتب تمنحك معرفة نظرية، وتجارب الحياة تمنحك خبرة عملية، والخبرة أرقى من المعرفة، ذلك أن الأيام تقوم بغربلتها عبر غربال التجارب ولا يبقى في خزائن الخبرات إلا ما ثبتت صحته بعيدا عن الزوائد، ثم ألا ترى أن الله يقول: (ولا ينبئك مثل خبير)؟!

************************************

وسوم: العدد 868