تفهمٌ إسرائيلي لمخاوفٍ فلسطينية

د.مصطفى يوسف اللداوي

د.مصطفى يوسف اللداوي

[email protected]

يبرر بعض الإسرائيليين عدم توصلهم لاتفاقٍ نهائي مع السلطة الفلسطينية، بأنهم يحرصون على انجازات السلطة، ويخافون على رئيسها من حركة حماس، ذلك أن أي اتفاقٍ نهائي مع السلطة الفلسطينية، فإنه يعني تكرار ما حدث في غزة، وسيؤدي إلى سيطرة حركة حماس على السلطة في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي يقلق الإسرائيليين، ويخيف السلطة الفلسطينية ورئيسها.

فقد اعتبر الجنرال "عوديد تيرة" أن المعطيات الأمنية والسياسية لا تدعم التوصل لإتفاق نهائي بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، وإذا تم التوقيع على الإتفاق رغم عوامل الفشل المرتبطة به، فسيعد ذلك خطأً قاتلاً لهما، ذلك أنّ "محمود عباس" غير معني بإتفاقٍ حالياً، لأنه إذا تم فسيغادر الجيش الإسرائيلي مناطق الضفة الغربية، وهو بذلك سيخسر الحكم سواء عبر الإنتخابات الدستورية، أو نتيجة القوة العسكرية لحركة حماس، فمن المعروف أنها باتت تشكل غالبية في مناطق الضفة، ولن يتمكن الجيش من البقاء هناك لمساعدته في أعقاب ضغط داخلي ودولي، مع أنه ليس الوحيد الخائف من هذه اللحظة.

وأوضح " تيرة" أنّ "إسرائيل" أيضاً غير معنية بالإتفاق حالياً، لأنها تعرف أن "عباس" و"فتح" لا يمثلان الفلسطينيين حتى في مناطق الضفة، لأن معنى أي اتفاق نهائي مع أي طرف، هو ضمان قدرته على فرضه على سكان الضفة وغزة، وهو ما من شأنه أن يغير وجه المنطقة، ولذلك ما الذي يجبرنا على التخلي عما وصفها بـ"الكنوز الجغرافية والأمنية" في الضفة الغربية بدون مقابل.

وأشار إلى أن ذلك سيعد حماقة لـ"إسرائيل"، وسيؤدي الإتفاق فعلياً لسيطرة حماس على الضفة، مما سيحول "تل أبيب" والساحل لمناطق مواجهة كالمدن القريبة من غزة، ولو افترضنا الموافقة على تنازلات لا مسؤولة، فالجانب الفلسطيني لا يمكنه رفض هذا الإتفاق، وتحديداً عقب الضغط الأمريكي، ومع ذلك فلن يكون الإتفاق لأمد بعيد لأن بإنتظار رئيس السلطة مفترق من الأزمات، ومن كل الإتجاهات.

وتعزز أوساط أمنية صهيونية هذه الرؤية، وترى أنّ "عباس" إذا قرر احترام الإتفاق مع "إسرائيل"، فسيؤدي هذا للإطاحة به في وقت قصير، وإن قرر عدم احترامه تحت ضغط من حماس والمجتمع الفلسطيني، فسيؤدي لعودة "إسرائيل" للمناطق، وقد يؤدي لإستقالته، وفي نفس الوقت فإن "إسرائيل" لا تريد الوصول لهذا الوضع، لأنها تعرف أن حماس ستسقط "عباس"، وعلى ضوء فقدانها لمناطق جغرافية هامة، وعمق استراتيجي كبير، نتيجة الإتفاق، فلن تكتفي حماس بالتهديد، بل ستطلق الصواريخ على السهل الساحلي في "إسرائيل".

وأضافت الأوساط الأمنية الإسرائيلية أنّه إذا أرادت حماس مواصلة عملياتها العسكرية، فإنها ستوجه صواريخها بإتجاه العاصمة الإستراتيجية لـ"إسرائيل"، وسيؤدي قصر مسافة الإطلاق بين الضفة و"إسرائيل" لجعل مهمة اعتراض الصواريخ من قبل نظام "القبة الحديدية" ليست بالسهلة، وهو ما يخشى أن يصل إليه كل مواطني "إسرائيل".

لهذا يرى الإسرائيليون أنهم يتفهمون حالة القلق الفلسطينية، ولا يضغطون على السلطة الفلسطينية تقديراً لتخوفاتهم، وحرصاً على منجزاتهم وأهدافهم، فلا يستعجلون التوصل لإتفاقٍ نهائي، قد يضر بمصالح الطرفين معاً، في الوقت الذي يرون فيه أن هذا التأخير يصب في صالحهم، ويحقق أهدافهم، ويمكنهم من خلق وقائع على الأرض جديدة، يصعب على الطرفين تجاوزهما وإن أرادا ذلك.