خاطرة من بقايا ذكريات

خاطرة من بقايا ذكريات

محمد عميرة – القدس

[email protected]

لا أعرف كم مضى من زمن ٍ على مروري برصيف شارع الزهراء وبالقرب من صالة عرض سينما القدس والتي أغلقتها انتفاضة أطفال .

لما مررت بتلك المنطقة في تلك الفترة كانت تجلس على الرصيف امراة تفتح بالمندل لظـّـنها أنها تفتح به بابا حلالا من الرزق .

نادتني : تعال اقترب أحلّ لك عـُـقدة جبينك .

لم أعبأ بها وبما تعمل بقدر ما لفت نظري الذي لفت نظرها لي ونادتني من أجله .

كنتُ أسير وحيدا سارحا ، ونظرت في الزجاج ... حقـّـا ً إنني مقطب الجبين .

لكنني بعد سنوات حين تذكــّـرتُ ما ذكرتُ تساءلتُ متفلسفا ً إن كانت " المرأة " تستطيع تغيير أمـّـة .

               

نافذة على الحديقة

حين يقترب من شاطىء بحر الفلسفة يـُـغريه ِ بركوبه فيفعل ، ويـُـشير لظلـّــه ِ بمجداف الذ ّكرى كيما ينتبه َ فيستمع َ ، فهو أكثر من يفهمه ، وهو معه طيلة النـّـهار ، وحتى في الليل على ضوء مصباح ... على ضوء شمعة ... على ضوء نار المدفأة التي وقودها تعبٌ وحطبٌ وحبّ ٌ .

قال : مرّ على مرورك بحديقة الزهور الملوّنة أكثر من عقدين ، وقد لبثتَ في تلك الحديقة شهورا قليلة ، فما بالها ما برحت ْ تلك الروائح الزكيّة عالقة ً في ذهنك طوال تلك السنين .

قلت : بربـّـك من ألقى نظرة من نافذة كوخ الأحلام على الجنـّة ِ ورآها وشمّ ريحانها كيف ينساها ؟ وتقول لي أنها سنين َ بعيدة وأراها كأنها البارحة ما زالت فيّ بارحة !

قال : لكنّ الأيام ولدَتْ لك َ حـَدَثـَا ً وراء حدث ٍ وسيـّارة الزمن ذات الدفع الرباعي ابتعدتْ كثيرا عن تلك الحديقة !

قلت : أجل ، وهذا ما يحيـّـرني إذ يراها الناس ابتعدت وأراها توقفت في مرآب الحديقة ، ربما يشبه هذا القطار النـّـسْبيّ !

ثم نظرنا للقمر وقلنا معا ً : عجبا ً ... إنهما زمنين في زمن ٍ واحد ، فسبحان الله الواحد .