وصايا حياتية: خارج أوكار الإلحاد

وصايا حياتية:

خارج أوكار الإلحاد

صالح أحمد (كناعنه)

حتى تصبح الأفكار عقائد؛ يجب أن تعبر مرحلة الشَّك والتّساؤل، إلى مرحلة التّحقُّق فاليقين..

***

لن تبلغ اليقين بفكرك؛ إذا لم تسبق إليه بروحك.

***

لا وزن لفكرٍ لا يصبح يقينا.. ولا وزن ليقين لا يرتكز إلى العقل... وما الضّلال إلا حالة من التّخبط بين العقل واليقين.

***

واقعك هو عالمك المُدرَك، أما عالمك الحقيقي فهو ما يسمو إليه هدفك، ويرمي إليه سيعيُك، وتتحدى من أجله –وبإرادتك الفاعلة- نفسك.

***

الفكرة بنت الحياة، وهي ككل كائن حي؛ لا تحمل سمة الوجود، حتى يصير لها حيّزٌ مُدرَكٌ في الحياة.

***

بالعقل وحده قد تميّز بين الشّيء وصورته، وبين الحقيقة وانعكاساتها، وبين الواقع ومظاهره... ولكنك أبدًا لن تدرك الجوهر النّابض للحياة؛ إلا إذا تعاضد فيك العقل والنّفس والرّوح.. ففي اتحادها تتجلى مراتب اليقين.

***

لا يتحرر العقل، ولا تنطلق الإرادة، إلا بجوهر الرّوح.

***

ما أنتجه العقل البشري من تكنولوجيا، وما رافقها من نمو مادي، وتطوّر عمرانيّ على مرّ العصور... لم يزد الإنسانية إلا ضياعًا.. لأنه ابتعد بها عن عوالم الرّوح.

***

لا تتحقّق معالم الوجود، ولا تتحقّق معرفة الذّات وكينونتها في الوجود... بجهد العقل والفكر وحده... لأن العقل والفكر مسرحه الطّبيعة والوجود المحسوس والمُدرك.. أما الذّات فمن عوالم الجوهر والرّوح المفارق للمحسوس والمتصوّر...

***

كلما زاد الإيمان؛ تقلّص الشَّك... وأصبحت للحياة ابعادٌ لا يحدها الموت . وكلما قلّ الإيمان؛ تمدّد الشّك واستبدّ.. واتسعت دائرة الضّياع في مدارات الخوف من حياة حدّها الموت.

***

في الثقافة المادية؛ يغدو الموت نهاية... وفي الحياة الرّوحانيّة اليقينيّة؛ يغدو الموت بداية.

***

في الثّقافة الماديّة والفكر المادي؛ يتقزّم الدّور الإنساني، بتلاشي العامل الرّوحاني، فيتحوّل الانسان إلى قطبين: منتِج، ومُستَهلِك.. وبهذا يختفي المعنى الإنساني للحياة.

***

لايزال الإنسان في دور التّسامي والارتقاء؛ في عوالم الرّوح.. أما في عالم المادة؛ فهو لا يخرج من دائرة الفناء.

***

من ظنَّ الجمالَ جسمًا، شكلًا، ومادةً... فهو لم يخرج من دائرة الصّنميّة...

***

لم أجد عدوًا لنفسه أكثر ممن حصر وجوده في دائرة الـ (أنا).. ما جعله يرى بالإنسانية مزرعة رغبويّة..

***

لا يمكن للطبيعة (عالم الأحياء) أن تكونَ مصدَرًا للقيَمِ والأخلاق... لأنّ وجودَها يحمل سرّ فنائها (وإن كان مرحليًا).. ولا يمكن للأخلاق والقيم أن تكون من عوالم المادّة الفانية..

***

إذا تخلّى الإنسان عن الجوهر الرّوحاني للحياة؛ أصبح يقدّر نفسه بقيمة ما يلبس وما يملك وما يأكل... وفي ذلك يطغى لديه الجانب البشري على حساب الجانب الإنساني... بمعنى: يصبح الوجود لديه مقرونًا بانتفاخ الـ (أنا) وتضخّمه.. بمقابل تقزّم الـ (أنت) بل تلاشيه.. وبهذا، يضمحل المفهوم القِيَمي والأخلاقي لديه، ويصبح الخوف من الفناء هاجسه الأكبر، إن لم يكن الوحيد.

***

المجتمعات التي ترى في الحياة عملية إنتاج واستهلاك متصاعدة.. يتحوّل الإنسان فيها إلى آلة لا ينتج عنها سوى الضَجيج، مهما بدا تمدّنها الشّكلي والعمراني.

***

إنّ من أخطر أشكال الدّونية؛ أن تظن أنك لا تقدر على ما يقدر عليه غيرك..

وإنّ من أخطر أنواع العبودية؛ أن تظن أنك لن تملك الحرية إلا إذا اعتنقت فكر غيرك.. أو اتبعت خطواته..

***

مواجهة الحياة وممارستها، والإبداع المخلص الدّؤوب في تطويرها.. يجعل من الموت حقيقة ساذجة باهتة تتقزّم أمام آثارك الباقية مع الحياة.

***

تحلَّ بالشّرف والمروءة والشّجاعة... لتغدو الــ (أنا) حضنًا للــ (أنت).. عندها ستمتلك الرّوح الإنسانيّة الحقيقيّة والسّامية... تلك التي ستجعلك محصَّنًا ضد الفساد بأنواعه... وتلك هي مقاصد الأمر الإلهي..

***

أكثر ما يريح الإنسان؛ ذاته الحقيقية... وأكثر ما يخيف الإنسان؛ ذاته المزيّفة.. تلك التي يخنقها بزيفه.. وبانصهاره في عالم المادة..

***

عندما يخمل العقل تنشط الغرائز... فاحرص أن تكون متيقظ العقل والفكر.. إذا أردت أن لا تكون حيوانا ناطقا...

***

لا قيمة لعلاقة لا تكون جوهرية بذاتها... ولا تجعل من الحقيقة إطارًا لها.. ولا معنى لصداقة لا تصمد في اختبار الصّدق والصّراحة..

  ***

من أدرك حقيقة الحياة وغايتها الإنسانية السّامية.. لا تعود تشغله حقيقة الموت.

***

الماضي والمستقبل كلاهما ملك لغيري.. فلأشغل نفسي إذن ببناء الحاضر المُشرّف ما دمت أعيش فيه.

***

الزّمن هو ذلك العنصر السّحري في حياتنا، والذي يجعل الحديث قديما... والبعيد قريبا.. والصّعب سهلا.. والمحال ممكِنا..

فهل أدركت الآن معنى أن تكون جزءً من الزّمن؟