هوية نهاري

إبراهيم جوهر - القدس

مرة أخرى (يوم البصل) !  ألا يمكن أن يكون عسل مع البصل ؟!

يومي فقد (هويته) مع التوقيت الشتوي ؛ كانت الشمس قد سبقتني ، ولم أكن بانتظارها هذا الفجر .

هل الشمس هوية النهار ؟ أم النهار هوية الشمس ؟ أيهما وطن الآخر ؟

هل تنمو الهوية وتتكوّن بعيدا عن الوطن ؟ هل الوطن شرط أساس للهوية ؟

صديقي المثقف العنيد (أيمن جبارة) يصر على شرط تحقق الوطن حتى تكون الهوية . لا هوية بلا وطن .

(أيمن ) عاشق اللغة ، والتاريخ ، ونزار قباني هو نفسه الذي نادى أبناءه في المطار ليشهدوا عملية التفتيش المذل الذي يستقبل به المسافرون العرب ويودّعون في المعابر الرسمية . قال لمن يتولّون تفتيشه : ناديتهم ليتأكدوا أن هذه الدولة ليست دولتهم ، وليشهدوا الخوف والتمييز في القرار الذي يصلب الفلسطيني ويهينه في الوقت الذي يمضي الآخرون إلى غاياتهم بيسر .

اليوم قال لي : الهوية تحتاج وطنا حقيقيا لتتكوّن .

هناك وطن معنوي يا أبا نزار . وهناك الهوية التي تكتمل بالوطن ، فهي تسبق بناءه ووجوده . المهم أن لا تضيع هويتنا بين موجات التغريب ، والتخريب ، والعبث . المهم أن لا نسلم أنفسنا إلى التيه ، والضياع . قالها شاعر عراقي من قبل : وطني الحقيقي هو لغتي ...

سؤال الهوية يجدر مناقشته ، أقول لنفسي وهذه الخواطر تتقاطر إلى صفحتي هنا . الصفحة التي حمّلها أصدقائي أمس واليوم ما لا تحتمل ؛

طلب مني صديقي (زكي عويسات) الحديث عن الشباب الطامحين للعمل في ورش البناء والمصالح الاقتصادية بلا تأهيل علمي ، حتى المرحلة الدراسية المدرسية لم تعد تعنيهم .

وقال صديقي (محمد ضمرة) الشاعر المغترب إنه يؤيد شعوري بالاغتراب لأنه لمسه عيانا في الآونة الأخيرة . وأنبأني بتقصير التوجيه والإرشاد . قال : سألت خطيبا من خطباء الجمعة : إلى متى ستبقى تركّز على الدعوة لغضّ البصر وتتناسى ظاهرة رفع الصوت مع أنها ظاهرة منكرة وذكرها الله تعالى بوصف مؤثّر ؟

الأصوات تعلو في الفراغ . الأصوات الفارغة تعلو . الأصوات والفوضى وتغييب العقل من سمات الضياع والبعد عن معنى الهوية في غيابه عن التمثّل الفردي والجمعي .

صديقي الشاعر (لؤي زعيتر) الذي تجرحه الكلمة وتبكيه ،قال : إنك تكتب يوميات الوداع .

من أين أتيت بالمصطلح يا لؤي ؟ هل حقا أنني لا أرى المعنى في الكلمات ؟ أم أنني أتعمّد التعبير عما قاله لؤي ؟!

هو كذلك يا صديقي . الوداع ؛ وداع البيئة التي تحاصر التفتح ، والجمال . البيئة بناسها التي لا ترى في الوجود شيئا جميلا .

أسعى لجمال النفوس ، واكتمال الهوية ، والغيرية التي تضاد ما نحن فيه من أنانية .

الوطن هو الحاضنة للهوية . فماذا أقول ونحن نبرمج لقاءاتنا ومناسباتنا وفق برنامج الآخر القائم في الوطن بحكم الواقع ؟!

اتصلت بي الموظفة المكلّفة بمتابعة الاجتماعات والتنسيق للشأن الثقافي المقدسي لتلغي موعدا تم الاتفاق عليه بعد يومين . لم ننتبه وقت اتفقنا على الموعد لحلول مناسبة دينية (يوم الكيبوريم) التي لا يسمح فيها بالحركة ....

كيف تنمو الهوية في انتظار تحقق الوطن ؟؟

كتب أصدقائي يوميتي هنا . نقلوا توقهم إلى مدادي . كنت معهم في انتظار هوية أدري تفاصيلها وأعشقها .

غدا لن أتأخر عن شهادة هوية النهار .