خاطرة

نسرين جرار

ما إن تتجدد الحياة فينا كل صباح، وننهض من أحلامنا للواقع، حتى تبدأ مكابدة المشاق، ويتقاطر الناس طلباً للرزق؛ أملاً في إشباع أفواهٍ صغيرةٍ لما تدرك بعدُ معنى خَلْق الإنسان في كَبَد، وبين معاناةٍ ومشقة تولد الأرزاق وتُطعم الأفواه؛ فهي مقسّمة وسينالها الساعي وراءها وإن كانت في كبد حوتٍ في عُرض محيط.

 وعندما يرخي الليل سدوله يأوي كل من أنهكه تعب البحث عن قوته وقوت عياله إلى سرير الأحلام، فإما أن تكون الأحلام تكراراً لواقعٍ مُضنٍ، أو أن تكون آمالا وأمنيات عجز الواقع عن تحقيقها فتصير أضغاث أحلام.

 نتمنى كثيراً أن تسير أحلامنا وفق أهوائنا؛ حتى نعيش ما نحب حتى وإن كان في حلم ...! فنلجأ لأحلام اليقظة لنرسم فيها حياة نلونها بكل الألوان الزاهية، فنعيش الانسجام .. والحب .. والفرح.. والأمان، لكن .... سرعان ما نفوق على ألم وخز أشواك الحياة.

 وما بين حقيقة وحلم، وصحةٍ وسقم، وما بين ألم وفرح، ولقاءٍ وفراق، تتفتح زهرةُ بين الأشواك، فتدغدغ فينا الأمل وتحيي في قلوبنا التفاؤل، والنفس المتفائلة تتذوق الشهد وإن كان ممزوجاً بالحنظل، وترى الجمال في الورد وإن لفته الأشواك، وتتلمس النور وسط الظلَم، وتحب الحياة رغم قسوتها .....