من يرقي الأمة من هزالها؟

معمر حبار

[email protected]

يعترف صاحب الأسطر، أنه لايحب التطرق للكتابة عن موضوع الراقي والرقية في مجتمع مازال يؤمن بالإنسان الخارق، الذي يمزق الحجب، ويمشي في الماء، ويتسلق الهواء.

والتطرق لموضوع الراقي والرقية، يجلب المتاعب، ويضاعف الأعداء، ويظهر الأحقاد.

والسبب في ذلك، أن الراقي تاجر بامتياز، يتربص الزبائن، بل ألطف الزبائن وأرقها وأضعفها، وهي الشابة الجميلة الصغيرة المقبلة على الحياة، والتي لاتعرف عن الحياة سوى أحلام تركض وراءها ليل نهار، وتريد تحقيقها بأية وسيلة وهما كان الثمن.

والراقي في هذه الحالة، يتربص ثم ينقض، ويعرض عليها خدماته، إذ بالأحلام تنهار، وبالبياض يتلطخ، والعذرية تفتقد، والطفولة البريئة تصاب بالإحباط ويلفظها المجتمع.

نقصد بالراقي في هذه الأسطر، الشخص الذي إتخذ من العبث بجغرافية العذارى لعبة يتسلى بها، وهواية يلهو بها، ووسيلة ينهب بها الجيوب، وغاية يصل عبرها لنويم العقول، والاستيلاء على أعز الكنوز. ومن كان غير  ذلك، فهذه الأسطر لاتعنيه، وليست موجهة له.

بقيت ملاحظة لابد من ذكرها، بأي حق يتعدى الراقي على خصوصية الإنسان والمرأة الصغيرة بالذات، مادام يمكن للمرء أن يقوم بالرقية بمفرده، ولأبنائه وأهله وأفراد أسرته.

المطلوب من الراقي أن يسعى ، وينشر بين أفراد المجتمع، أن الفرد يستطيع أن يرقي نفسه بنفسه، وأن الرقية ليست وظيفة ولا مهنة، يحتكر فرد دون غيره، ويستحوذ بواسطتها على العقول والأعراض، ويكون له النفوذ واليد الطويلة، تمتد للعزيز الغالي، وتحتكر المال والأعمال.

هذه الورقة لاتتطرق لموضوع الراقي الشرعي والراقي غير شرعي، فهذه حرب لاتعنينا إطلاقا، بل تعني أصحابها والمعنيين بها. فليتفاوضوا أو يتقاتلوا فيما بينهم، ويختاروا لأنفسهم الوسيلة التي تطفئ الحرب بينهم، لكن بعيدا عن الضحايا، ودون مزيد من الضحايا.

إن الأمة بحاجة لراقي ، يبعدها عن جن التخلف والتبعية والذل والهوان الذي أصابها، وهذا جن مرئي، يلمسه العادي في المفاوضات، والانقسامات ، والحروب والصفقات، وهو أسهل من جن غير موجود، زعم الراقي أنه أصاب الصغيرة العذراء، فراح يعبث بجغرافيتها، ليمسك به ويطرده، إذ بالجن يبقى إلى الأبد، ليبقى الراقي إلى الأبد بين ثنايا اللطيفة الرقيقة.

من إستطاع من الرقاة، أن يزيل جن القابلية للاستدمار، وجن التقاتل بين المسلمين، وجن الشتم واللعن بين أصحاب القبلة الواحدة، وجن التبعية للبيت الأبيض والدب الروسي .. فهو الراقي الذي يجب أن تتبعه الأمة للخروج من محنتها التي طالت وامتدت ويستحق حينها واجب السمع والطاعة.