قبطان السفينة

محمد عميرة – القدس

[email protected]

الربيعُ عَتَببةُ ُ الصيف الخضراء ، وفي الصيف تهاجر الطيور لتقضي فترتهُ في أفريقيا ، لكنّ العرسان في أيامنا هذه يحبـّـذونه في تركيا ، وتنقضي الأيام سريعا في هذين الفصلين الجميلين حيث يمتلآن بالرحلات والسفر والعُمرات والأفراح ومشاهدة المباريات والبرامج المختلفة والأعمال المتباينة .

لفت ناظري مُقارنة حين كنت أتابع مباراة لكرة القدم – هروبا من الأخبار – في أحد الأيام ، وحين شاهدتها مرة أخرى في اليوم التالي فقارنتُ بين المشاهدتين ، ففي المرة الأولى كنتُ أتابع باشتياق وتحفّز وجهل بالنتيحة ، وفي المرة الثانية تابعتها باستمتاع وبعلم ، فتساءلتُ : ما هو الأجمل المشاهدة الأولى أم الثانية ؟ وهل حين شاهدتها في المرة الثانية كنتُ أشاهدُ الماضي أم المستقبل ؟  فقلت : سبحان الله وحده الذي يعلم ما كان قبل أن يكون ويعلم كل حركة قام بها اللاعب تماما كما شوهدت في الإعادة ، وكذلك يعلم افعالنا التي كانت وستكون .

وحبا في العلم والإستكشاف ما زلتُ مولعا أن يتوصل العلم لأشياء  توصلنا خارج زماننا ومكاننا ، ولعلّ ذلك يكون حين تأتي دولة السلام وتنتهي حروب المال والمصالح وحين يكون تفكير الإنسان فوق الشهوة .

حين يتأمل الإنسان ُ السعيد في هذا الكون الفسيح والمستمر في الإتساع منذ الإنفجار الكونيّ الأول فكأنما يتأمل في نفسه حيث يراه في الليل كأفراح الروح في الأعراس المـُـزيـّـنة بكواكب المفرقعات الصامتة وكأنها استعاضت عن موسيقاها بتسبيحاتها  وشعاعها وسِباحتها في أفلاكها .

والإنسان المحزون يرى تلك الكواكب والنجوم معلقاتٍ كدمعات عيون أطفال يرموك زماننا ودمعات أرامل سوريا السفياني .

يكاد الظلم في هذا الزمن يفوق الفهم والوصف والإحتمال ، ويتمنى المرء أن تبتلعه بحار العدم حين يرى أبناء جلدته لا يحركون ساكنا ولا ينتصرون للحق ، بل للباطل يتملقون .

لكن صبرا ً  ... لن يطول عَـوْمُـنا في لـُجة بحر القهر والغموض ، فتلك سارية سفينة قادمة نحونا ، ويبدو أنّ قبطانها ذو عمامة .